بالأرقام... التوسع الإيراني في سوريا عام 2021

بالأرقام... التوسع الإيراني في سوريا عام 2021


29/12/2021

واصلت إيران وميليشياتها  توسيع نفوذها في مناطق مختلفة في سوريا رغم الاستهدافات الجوية المتكررة من التحالف الدولي واسرائيل. 

ويسلط "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في التقرير الآتي الضوء على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال العام 2021.

الخسائر البشرية  في الاستهدافات الجوية والبرية

لا شك بأن التمدد والتغلغل الإيراني اللامتناهي ضمن الأراضي السورية له ضريبة تعيها إيران والميليشيات التابعة لها جيداً، أبرزها الاستهدافات الصاروخية جواً وبراً لمواقع ومراكز ونقاط ومقرات وآليات ومستودعات للذخيرة تابعة جميعها للميليشيات الإيرانية، وقد تمكن المرصد  من توثيق مقتل 161 من تلك الميليشيات في سوريا خلال العام 2021، توزعوا على النحو التالي:

- 13 قتيلاً في استهدافات أرضية جرت عبر عبوات ناسفة وألغام وصواريخ موجهة يقف خلفها مجهولون.

- 49 قتيلاً باستهدافات جوية من الطيران الأميركي والطائرات المسيرة التابعة للتحالف.

- 99 قتيلاً في استهدافات صاروخية جواً وبراً من قبل الجانب الإسرائيلي.

وقد تمكنت الضربات الإسرائيلية من تدمير وإصابة 70 هدفًا للميليشيات التابعة لإيران، في حين تم تدمير  23 هدفاً على الأقل في القصف الجوي الأميركي وضربات المسيرات التابعة للتحالف.

بدورها، تقوم الميليشيات التابعة لإيران بعمليات إعادة انتشار في مناطق نفوذها بشكل دوري تخوفاً من الاستهدافات المتكررة التي تتعرض لها تلك من الجانب الإسرائيلي بالدرجة الأولى وقوات التحالف الدولي بدرجة أقل، وتتمثل عمليات إعادة الانتشار بتبديل مواقع ونقاط وقوات.

ولم تقف الميليشيات التابعة لإيران مكتوفة الأيدي حيال تلك الاستهدافات الجوية، فقد قامت بتاريخ 28 حزيران (يونيو)، بإطلاق قذائف صاروخية سقطت في حقل العمر النفطي ومساكن الحقل بريف دير الزور الشرقي والذي تتخذه القوات الأميركية قاعدة عسكرية لها، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية واحتراق سيارات كانت في الموقع المستهدف. وفي سياق ذلك، استهدفت مدفعية التحالف الدولي المتمركزة في المدينة السكنية العمالية بحقل العمر النفطي مواقع المليشيات الإيرانية في مدينة الميادين بريف دير الزور.

وفي 30 حزيران (يونيو)، جددت قوات التحالف الدولي قصفها الصاروخي على مواقع الميليشيات الإيرانية في بادية الميادين غربي دير الزور، وردت الميليشيات في الرابع من تموز باستهداف حقل العمر النفطي، وفي 10 تموز (يوليو) استهدفت الميليشيات بصاروخ حقل كونيكو للغاز الذي تتخذه قوات التحالف الدولي قاعدة عسكرية لها في ريف دير الزور الشرقي، وفي اليوم الذي تلاه أطلقت صاروخ محلي الصنع على قاعدة حقل العمر النفطي وهي أكبر قاعدة للتحالف الدولي في سوريا.

ومع نهاية شهر آب (أغسطس) سقطت قذائف صاروخية في حقل غاز كونيكو قرب القاعدة الأميركية، مصدرها مناطق سيطرة المليشيات الموالية لها في بلدة خشام، فيما حلقت طائرات التحالف الدولي في أجواء المنطقة بعد سقوط القذائف.

ولم تقتصر الاستهدافات المتبادلة تلك على منطقة غرب الفرات، بل امتدت إلى عمق البادية السورية وتحديداً منطقة الـ55 عند مثلث الحدود السورية -العراقية- الأردنية. و شهدت قاعدة التنف العسكرية التابعة للتحالف في 20 من شهر تشرين الأول (أكتوبر) انفجارات نتيجة قصف من طائرات مسيرة إيرانية على البوفيه ومسجد ومستودع للمواد الغذائية داخل قاعدة التنف، في استهداف هو الأول من نوعه للقاعدة العسكرية هناك.

الاستحواذ الإيراني الكامل على غرب الفرات

  ويستعرض المرصد ملفات عدة شهدتها منطقة غرب الفرات خلال العام 2021 بمختلف الجوانب:

الملف العسكري وتأثيره على التاريخ السوري

واصلت الميليشيات التابعة لإيران استقدام الأسلحة والذخائر من مناطق نفوذها في العراق إلى منطقة غرب الفرات، وعادة ما يتم إدخال شحنات الأسلحة على متن شاحنات خضار وفاكهة كنوع من أنواع التمويه خشية من الاستهدافات، فيما واكب المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر مصادره الخاصة، تدفق الشحنات خلال العام 2021، حيث وصلت أكثر من 31 شحنة من الأسلحة، تضم ذخائر وأسلحة متوسطة وخفيفة بالإضافة لصواريخ متوسطة المدى إيرانية الصنع.

وتشير معلومات المرصد السوري الى أن تلك الشحنات يتم تخزينها في 3 مناطق رئيسية فور وصولها إلى غرب الفرات، جميعها في منطقة الميادين بريف دير الزور الشرقي، وهي منطقة المزارع أكبر تجمع للميليشيات الإيرانية غرب الفرات، وفي منطقة آثار الشبلي بمحيط الميادين، وداخل قلعة الرحبة الآثرية في محيط الميادين أيضاً. ووفقًا لمعلومات المرصد السوري، فإن تنظيم "داعش" كان يعمل على تخزين أسلحته تحت الأرض في سراديب وأقبية القلعة إبان سيطرته على المنطقة، وهو ما تستغله الآن الميليشيات الموالية لإيران وتعاود فعل التنظيم، خوفاً من الاستهدافات المتكررة لمواقعها ومراكز تخزين أسلحتها وذخائرها.

كما أن الشحنات المستقدمة من قبل الميليشيات الإيرانية، لا تبقى جميعها في مناطق تخزينها غرب الفرات، بل يتم نقل دفعات منها بين الحين والآخر إلى مناطق سورية أخرى تتواجد ضمنها الميليشيات التابعة لإيران، وأبرزها بادية الرقة وبادية حمص الشرقية والحدود السورية - اللبنانية في ريف دمشق، ومقابل مناطق نفوذ قسد شرقي حلب، وقبالة مناطق سيطرة التحالف الدولي شرق الفرات.

وفي مطلع آب (أغسطس) نصبت الميليشيات رادارا لكشف الطيران ضمن منطقة المزارع وأشرف خبراء عسكريون من الجنسية الإيرانية على عمليات تركيبه وتشغيله ضمن المنطقة، وفي تشرين الأول (أكتوبر)، أجرت الميليشيات دورة تدريبية على استخدام الطائرات المسيَرة لمنتسبين محليين بصفوفها في الميادين وتحديداً في منطقة المزارع وذلك بإشراف ضباط من الجنسية الإيرانية.

الأطفال والنساء في دائرة الخطر الإيراني

تقوم الميليشيات الموالية لإيران بنشر الثقافة الإيرانية وطقوس الطائفة الشيعية. وقامت ميليشيا "أبو الفضل العباس" بالنصف الثاني من العام 2021، بتكليف  نساء من عوائل عناصر الميليشيا في الميادين، بالتواصل مع الفتيات والنساء في المنطقة وإقناعهن باعتناق المذهب الشيعي والخضوع لدورات عقائدية وتعريفية حول المذهب ضمن المراكز الثقافية، وسط تقديم مساعدات غذائية لهم.

وأعلنت الميليشيات التابعة لإيران في الربع الأخير من العام عن حاجتها لممرضات وآنسات للعمل ضمن المستشفيات والروضات الخاضعة لسيطرتها، براتب مغرٍ يصل إلى 300 ألف ليرة سورية شهريا، بعد إخضاع النساء لدورات تدريبية ممولة بشكل كامل من قِبل إيران.

في حين تستقطب الميليشيات الإيرانية الأطفال بطرق مختلفة، عبر النشاطات الدعوية والثقافية والترفيهية التي يقوم بها المركز الثقافي الإيراني والمراكز الدعوية للميليشيات التي تنشط في المدارس الابتدائية والإعدادية والحدائق العامة والأسواق وأماكن الرحلات الترفيهية التي تقوم بها العوائل.

وتلقى تلك المراكز اقبالًا من قبل هؤلاء الأطفال، وخاصة الذين سبق وكانوا ضمن تنظيم "داعش" تحت مسمى “"أشبال الخلافة"، في حين يدفع الأهالي أطفالهم للانتساب إلى تلك الميليشيات. 

ملف الإنتهاكات

وتصادر الميليشيات التابعة لإيران أملاك المدنيين من منازل ومحلات تجارية وأراضٍ زراعية، فضلاً عن تحويل الكثير من الممتلكات إلى مستودعات لتخزين السلاح ومواقع ونقاط عسكرية، بالإضافة لتغيير أسماء كثير من المنشآت إلى أخرى تتناسب مع الفكر الشيعي.

سطوة كبيرة على مساحات واسعة في دمشق وريفها

تواصل إيران وبشكل غير معلن اللعب على ديموغرافية المناطق السورية، ولعل ما يحدث في دمشق وريفها خير دليل على ذلك، ففي الغوطة الشرقية يواصل تجار يتحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، وهم يتبعون بشكل مباشر إلى ميليشيا "لواء العباس" المحلية الموالية للقوات الإيرانية والتي تعمل تحت إمرتها، شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية، عبر أبو ياسر البكاري الذي سبق له واشترى الكثير من العقارات في مناطق متفرقة من الغوطة الشرقية.

وبحسب مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عملية الشراء تركزت خلال العام 2021، في مناطق  سقبا - جسرين - كفربطنا - بيت سوا - حمورية - زبدين – دير العصافير – حتيتة التركمان – المليحة حيث اشتروا مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمنازل والمطاعم والمنتزهات والتي تضررت بفعل العمليات العسكرية في وقت سابق، كما اشتروا نحو 100 منزل في مدينة المليحة، بعض منها مدمرة بشكل شبه كامل.

ولم تكتف  الميليشيات بشراء العقارات -منازل ومحال تجارية-، لتنتقل خلال الثلث الأخير من العام إلى شراء الأراضي الزراعية بشكل كبير.

و تتواصل سطوة الميليشيات التابعة لإيران على المناطق السورية الواقعة قرب وعند الحدود السورية – اللبنانية في ريف العاصمة دمشق، ولاسيما من قبل ميليشيا "حزب الله اللبناني" الذي يتزعم المنطقة ويتسيدها بالطول والعرض، وتتمثل هذه السطوة بعمليات شراء الأراضي الواقعة على الشريط الحدودي بين البلدين، من  الميليشيات الأجنبية التابعة لإيران على الرغم من القانون السوري الذي يمنع ذلك، وقد تمكن المرصد السوري  من إحصاء شراء تلك الميليشيات لأكثر من 540 قطعة أرض في منطقة الزبداني ومحيطها منذ مطلع العام 2021، بالإضافة لشراء أكثر من 650 أرض في منطقة الطفيل الحدودية التي باتت توصف بـ "قرية الهيبة" الاسطورية في إحدى المسلسلات السورية، ويتزعمها شخص سوري مقرب من قيادات حزب الله اللبناني يدعى (ح.د).

وفي السياق ذاته، تتواصل أيضاً، عمليات مصادرة الشقق الفارهة واليلل في منطقة بلودان ومناطق قربها.

استيطان في مدينة وريف حلب

لا تزال الأحياء الشرقية لمدينة حلب التي هُجر الكثير من أهلها قبل سنوات، تتصدر المشهد من حيث استملاك الميليشيات الموالية لإيران للعقارات فيها من منازل ومحال تجارية، خلال العام 2021، وذلك في إطار عمليات التغيير الديموغرافي الممنهجة، ونذكر من هذه الأحياء المرجة وباب الحديد والميسر وأحياء حلب القديمة.

كما تعمل الميليشيات الإيرانية في الوقت نفسه على توسيع حاضنتها الشعبية في حلب عبر استقطاب شيوخ ووجهاء العشائر،

في حين باتت تجارة المخدرات وبيع الحشيشة ظاهرة علنية في أحياء مدينة حلب، حيث تصاعدت عملية إدخالها بشكل كبير خلال العام 2021، وبيعها للشبان والفتية عبر وسطاء سوريون تقوم قادة الميليشيات الموالية لإيران بحمايتهم وتسهيل عمليات الترويج في الأحياء

وبالانتقال إلى الريف الحلبي، ، تم تجنيد أكثر من 2400 رجل وشاب لصالح الميليشيات الإيرانية بقيادة لواء فاطميون الأفغاني منذ مطلع العام 2021، وتتركز عمليات التجنيد في مناطق مسكنة والسفيرة ودير حافر وبلدات وقرى أخرى شرقي حلب، والتي تتم عبر عرابين ومكاتب تقدم سخاء مادي.

الميليشيات التابعة لإيران تعيث فساداً في حمص 

بدأت جمعية "خيرية" في الثلث الأول من العام 2021، بالعمل على استقطاب الشبان من أبناء مدينة حمص والمقيمين فيها من مختلف المحافظات، وإغرائهم برواتب شهرية لتجنيدهم عسكرياً لصالح الميليشيات الموالية لإيران، حيث تكمن مهمة المجندين بحماية وحراسة خط النفط التابع للإيرانيين والممتد من العراق إلى حمص، ويقومون بحماية الخط من الحدود السورية – العراقية وصولاً إلى محافظة حمص، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فقد جرى تجنيد نحو 500 شاب خلال العام 2021.

مساعي لتثبيت النفوذ في شمال شرق سوريا

في الوقت الذي كانت فيها فيه الميليشيات الموالية الإيرانية متمثلة بميليشيا لواء فاطميون الأفغانية تصعد من عمليات التجنيد في كل من مدينتي الحسكة والقامشلي، وتمكنت في الثلث الأول من العام 2021 من تجنيد 710 شخصاً في القامشلي والحسكة، 315 منهم من عناصر وقيادات في الدفاع الوطني، بينما 395 من المدنيين وأبناء العشائر، تعرضت الميليشيات لضربة كبيرة في نهاية شهر نيسان (أبريل)، تمثلت بإنهاء تواجد قوات الدفاع الوطني في القامشلي وطردهم منها على يد قوى الأمن الداخلي "الأسايش"، إلا أن الميليشيات سرعان ما تجاوزت الضربة وعادت إلى التحرك بسرعة، وقامت بشراء عشرات العقارات ضمن مناطق نفوذ النظام السوري في مدينة الحسكة.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن عملية شراء العقارات تتزامن مع محاولات مستمرة لاستقطاب مزيد من الشبان والرجال في المدينة لا سيما من قوات الدفاع الوطني، عبر إغراءات مادية يتم تقديمها، وتم نقل جميع المجندين إلى منطقة غرب الفرات، بينما يتواجد الإيرانيون و"حزب الله" في نقطتين بالقامشلي إحداها بمطار القامشلي والأخرى بجانب سكة القطار جنوب المطار، ويبلغ عددهم نحو 10 أشخاص، مهمتهم استشارية وتنظيمية، يفرضون سلطتهم على تشكيلات الأمن العسكري والدفاع الوطني وأنصار أمن الدولة وأنصار الأمن العسكري.

وبالانتقال إلى الرقة، يتواصل التغلغل الإيراني وتم شراء أكثر من 135 عقاراً على الأقل خلال العام 2021، وذلك في معدان ومحيطها وبلدات وقرى.

جيش كامل تحت الجناح الإيراني

يشير المرصد السوري  الى أن تعداد الإيرانيين والميليشيات الموالية لها من الجنسية السورية وجنسيات غير سورية على الأراضي السورية يفوق 65500 ألف شخص، وهو رقم ضخم جداً يضاهي تعداد جيوش الكثير من البلدان.

عن "النهار" العربي

الصفحة الرئيسية