بعد العقوبات الأمريكية على الفياض: الموالون لطهران في دائرة الخطر

بعد العقوبات الأمريكية على الفياض: الموالون لطهران في دائرة الخطر


14/01/2021

فوجئت الأوساط السياسية العراقية بقرار وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، في خطوة تصعيدية جديدة من قبل واشنطن ضدّ حلفاء إيران داخل العراق.
القرار الأمريكي الأخير وصفته السلطات العراقية بـ "المفاجئ وغير المقبول"، في حين وقفت مختلف القوى الشيعية الموالية لطهران، بما فيها جماعة الحوثي،  خلف رئيس الحشد، الذي عدّ القرار "إساءة للعراق والعراقيين". 

ويرى مراقبون محليون؛ أنّ معاقبة الفياض تأتي باعتباره جزءاً من منظومة متورطة بالانتهاكات التي طالت احتجاجات تشرين العراقية، مؤكدين أنّ الإدارة الأمريكية لن تتجاهل مستقبلاً الشخصيات التي تهدّد مصالحها داخل المنطقة.  

رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في كلمة له خلال الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أبومهدي المهندس 

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية، مساء الجمعة الماضي، عقوبات على الفياض، تشمل مصادرة جميع ممتلكاته ومصالحه الشخصية الموجودة في الولايات المتحدة، وحظر أيّ كيانات يمتلك 50% من حصتها، أو يمتلكها هو وآخرون، بشكل مباشر أو غير مباشر، فضلاً عن اتهامه بتسهيل شنّ هجمات "إرهابية". 
وقالت الوزارة؛ إنّ رئيس الحشد كان جزءاً من خلية أزمة تتألف من قادة ميليشيات الحشد الشعبي، التي تشكّلت في أواخر عام 2019، لقمع الاحتجاجات في البلاد بدعم من الحرس الثوري الإيراني.

مراقبون: الخارجية في موقف الدفاع عن النفس 

مراقبون عراقيون رأوا أنّ بيان الخارجية العراقية بشأن فرض وزارة الخزانة الأمريكية على مسؤول رفيع في الدولة العراقية "محاولة للدفاع عن النفس"، لافتين إلى أنّ السلطات العراقية تخشى فرض عقوبات مستقبلة على شخصيات محسوبة على الدولة العراقية. 

وكانت الخارجية العراقية قد أعربت عن استغرابها من القرار الصادر بحقّ رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، ورأت في بيان أنّ القرار يمثل "مفاجأة غير مقبولة"، مؤكدة أنّها "ستتابع بعناية، مع الإدارة الحالية والجديدة في واشنطن، جميع القرارات الصادرة عن الخزانة الأمريكية بحقّ أسماء عراقية والعمل على معالجة تبعات ذلك". 

الحوثيون ينتقدون العقوبات ضدّ حليفهم في بغداد فالح الفياض.. ومحاولات عراقية لترطيب الأجواء مع الإدارة الأمريكية الجديدة.. والخارجية العراقية: الخبر مفاجئ 
 

ويقول المحلل السياسي جبار نصيف، لـ "حفريات": "الموقف الرسمي العراقي هو بمثابة الدفاع عن النفس"، مبيناً "هنالك توقع في المرحلة القادمة أن تكون عقوبات أيضاً على بعض الشخصيات إن لم تلتزم بتطبيق القوانين العراقية الموثقة بالدستور". 

وعن إمكانية ضغط الحكومة العراقية على واشنطن بشأن قرارتها الأخيرة، أوضح نصيف أنّ "العراق لن يستطيع فعل ذلك؛ لأنّ قرارت الخزانة إلزامية، ولا تطال متورطين عراقيين فقط، بل شخصيات دولية، كما في تركيا وإيران، ولم نسمع أنّ هناك عقوبات قد تمت إزالتها". 

الفياض يخرج عن صمته: القرار إساءة للعراق 

من عادة رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، الابتعاد عن الصدامات الإعلامية مع خصوم الداخل العراقي، أو خارجه، لكن هذه المرة خرج، بعد يومين من العقوبات، بتصريح مقتصب أثناء لقائه مسؤولاً أمنياً عراقياً، قائلاً إنّ ما حصل له "إساءة للعراق والعراقيين". 

الفصائل المسلحة الموالية لإيران داخل العراق تخشى الإفلاس خشية تكرار العقوبات المالية على قياداتها

وقال بيان لمستشارية الأمن الوطني؛ إنّ "المستشار، قاسم الأعرجي، زار هيئة الحشد الشعبي والتقى رئيسها فالح الفياض"، مبيناً أنّه "جرى خلال اللقاء بحث آخر المستجدات السياسية والأمنية، والتأكيد على وحدة الموقف، والتعاون والتنسيق المشترك بين مستشارية الأمن القومي وهيئة الحشد الشعبي، في مجال تعزيز الأمن والحفاظ على البلد والمواطن".
وأبدى الفياض، بحسب البيان، "سعادته باللقاء، مثمّناً موقف الأعرجي، بخصوص قرار الخزانة الأمريكية الأخير"، مؤكداً أنّ "القرار يمثّل إساءة للعراق والعراقيين".

المحلل السياسي جبار نصيف لـ "حفريات": الموقف الرسمي العراقي بمثابة الدفاع عن النفس ومن الممكن شمول قيادات عراقية بعقوبات جديدة  

وكان مستشار الأمن الوطني العراقي، قاسم الأعرجي، أول المعلّقين على قرار الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على الفياض، وقال عبر حسابه بتويتر؛ إنّه "قرار خاطئ". وبعدها استقبل السفير الأمريكي في العراق، ماثيو تولر، وأبلغه رفضه للعقوبات الأمريكية الأخيرة، وأكّد أنّه "يجب على الخزانة الأمريكية تصحيح خطئها بحقّ شخصية حكومية، ليس من الصحيح أن تكون ضمن قوائم العقوبات"، بحسب بيان له.

"رئيس الحشد لا يسيطر على فصائله"

من جانب آخر، قال محللون سياسيون؛ إنّ فرض الإدارة الأمريكية لعقوبات على رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، متوقَّعة؛ كونه لم يلزم فصائل الحشد بالقانون العراقي وباحترام الدولة العراقية

اقرأ أيضاً: هل تصنف أمريكا "الحشد الشعبي" منظمة إرهابية؟

جابر زنكنة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السليمانية، أكّد أنّه "من المتوقع ان تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات مالية تطال أذرع إيران في العراق والمنطقة"، مضيفاً لـ "حفريات"؛ أنّ "الفياض قد وضع نفسه على المستوى الشخصي في موقف حرج جداً، لأنّه لم يلزم الفصائل الشيعية المنضوية بالحشد الشعبي بالمادة التاسعة/ ب من الدستور العراقي، التي تحظر تشكيل أيّة ميليشيات". 

الأعرجي برفقة الفياض لدى زيارة الأول مقر هيئة الحشد الشعبي في بغداد

وأشار زنكنة إلى ازدواجية تعامل فصائل الحشد الشعبي داخل العراق، وقال إنّ "الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي، تتبرأ بين حين وآخر من استهداف السفارة الأمريكية في بغداد، لكنّها في الوقت ذاته تصف من يقوم بقصف أرتال التحالف الدولي بالمقاومة". 

أما المحلل السياسي خالد الكعبي، فقد أوضح لـ "حفريات"؛ أنّ "وزارة الخزانة الأمريكية، توجه العقوبات وفق نقطتين أساسيتين، الأولى: القانون الذي صدر عام 2017، والذي يقول إنّ الوزارة من حقّها فرض عقوبات على الفصائل التي تستهدف مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، والنقطة الثانية: هي معاقبة مَن تورّط بانتهاكات حقوق الإنسان". 

الحوثي يدخل على خطّ الإدانة 

ودانت مختلف القوى الشيعية الموالية لإيران، القرار الأمريكي الأخير بحقّ الفياض، لكنّ الإدانة هذه المرة تعدّت العراق إلى اليمن، حيث مناطق تواجد حركة جماعة "أنصار الله الحوثي" هناك. 

وقالت الجماعة في بيانها: إنّ "العقوبات على رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، خطوة عدائية تضاف إلى سجل أمريكا الأسود تجاه العراق وشعبه"، وأضافت: "إننا على ثقة بأنّ تلك العقوبات لن تؤثر في إرادة الشعب العراقي، الساعي إلى تحرير وطنه وإخراج قوات الاحتلال من بلده، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تنصرف إلى أزماتها الداخلية".

اقرأ أيضاً: في ذكرى مقتل سليماني: الحشد الشعبي يهدد وسط تظاهرات لعناصره

أما كتلة تحالف الفتح، التي يتبعها الفياض، فقد وصفت القرار بأنّه "طفولي وطائش"، ووصفت رئيس هيئة الحشد بأنّه "شخص وطني"، مضيفة أنّ "هذه العقوبات ستزيد من قوة الحشد وقيادته أكثر".

وفي نهاية 2019، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على ثلاثة من قادة الفصائل العراقية، بسبب اتهامات بفتح النار على الاحتجاجات.
 وقالت وزارة الخزانة الأمريكية حينها: إنّ "الثلاثة هم: ليث الخزعلي، وشقيقه قيس الخزعلي، القياديان في حركة عصائب أهل الحق، وحسين فالح اللامي، مسؤول الأمن في قوات الحشد الشعبي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية