بماذا يوصي قادة فلسطينيون لحماية الأسرى الفارين من الاعتقال؟

بماذا يوصي قادة فلسطينيون لحماية الأسرى الفارين من الاعتقال؟


08/09/2021

أكد سياسيون ومحللون فلسطينيون أنّ العملية البطولية التي قام بها ستة من الأسرى هربوا من معتقل جلبوع والذي يعد من أكثر السجون تحصيناً، تمثّل تحدياً واضحاً للتعقيدات الأمنية الإسرائيلية، وتؤكد توق الفلسطينيين الأبدي للحرية. وقدم هؤلاء عدداً من الدعوات الاحترازية لحماية الأسرى وتجنيبهم الاعتقال.

وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، وليد العوض لـ "حفريات" إنّ "نجاح ستة أسرى بالفرار من سجن جلبوع يحمل عدة دلالات مختلفة أهمها إصرار الأسرى الفلسطينيين على نيل الحرية، وكسر قيود السجان الإسرائيلي، مهما بلغت التحصينات والإجراءات المشددة التي تتخذها مصلحة السجون في داخل المعتقلات الصهيونية، ولإيصال رسالة مفادها أنّ الأسرى لا يمكن أن يبقوا داخل الزنازين والمعتقلات التي تفتقر لأدنى مقومات الكرامة الانسانية، ويعاني الاسرى فيها من ظروف قاسية غير إنسانية".

عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، وليد العوض

ولفت العوض إلى أنّ "الإصرار والعزيمة لدى الأسير الفلسطيني تفوقان دوماً كافة التوقعات لنيل الحرية، حتى جاءت عملية فرار الأسرى لتكسر قيد السجان الصهيوني بالقوة"، موضحاً أنّ "هذه العملية لم تكن الأولى للهروب من سجون الاحتلال بل سبقها العديد من العمليات والتي كان من أبرزها ما تعرف بعملية الهروب الكبير والتي وقعت في سجن غزة المركزي خلال العام 1987، وهي العملية التي كان لها دور بارز في كسر إرادة السجان، وانتصار إرادة الأسرى".

اقرأ أيضاً: سجن جلبوع: حفروا الحديد بأظافرهم

نجاح هذه العملية من شأنه، بحسب القيادي الفلسطيني، رفع الروح المعنوية لبقية الأسرى في داخل السجون، الأمر الذي يفتح الباب لأن يقوم العديد منهم "بتكرار هذه التجربة ومحاولة انتزاع حريتهم، من خلال الاستفادة من خبرات الأسرى الذين نجحوا في الفرار من المعتقلات خلال السنوات السابقة".

عقوبات متواصلة

وحول ما إذا كان هروب الأسرى من معتقل جلبوع سيدفع للجوء مصلحة السجون إلى ارتكاب المزيد من الإجراءات العقابية بحق الأسرى ومحاولة الانتقام منهم، بيّن العوض أنّ "الإجراءات والعقوبات الإسرائيلية بحق الأسرى متواصلة وتتنوع بين الحرمان من العلاج، والتفتيش العاري، والعزل الانفرادي وغيرها من الانتهاكات المستمرة التي دفعت بالأسرى للبحث عن وسائل أخرى لكسر قيدهم، فكلما اشتد القمع ازداد البحث عن الحرية".

تحقق الشرطة الإسرائيلية في احتمالية أن يكون بعض السجانين على علاقة ودراية بعملية هروب الأسرى الستة

ودعا العوض كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية إلى "احتضان الأسرى الفارين، واتخاذ كافة التدابير الاحترازية اللازمة لحمايتهم، وذلك من خلال إزالة كاميرات المراقبة من الطرقات، وتجنب الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أية معلومات تتعلق بهؤلاء الأسرى، بالإضافة إلى ضرورة قيام الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بأن تكون حاضنة لهم، حتى لا يتم اعتقالهم مرة أخرى، لكي يستطيعوا الاستمرار في حياتهم".

من جهته، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني إنّ العملية البطولية التي قام بها الأسرى دليل على أنهم تواقون للحرية والانتصار على السجان".

عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني

وأكد دلياني لـ "حفريات" أنّ "ما جرى يؤكد على صلابة الإرادة الفلسطينية وتحديداً لدى الأسرى الذين يعبرون بشكل يومي عن صمودهم في وجه الإجراءات التعسفية التي تنتهجها مصلحة السجون بحقهم، وهو مؤشر إلى أنّ الشعب الفلسطيني مستعد أن يتجاوز كافة المعيقات في سبيل الحرية"، مبيناً أنّ "ما حدث هو حق وليس هروب، وذلك لكون اعتقال الأسير أمراً غير قانوني وفق القانون الدولي، وأنّ ما يجرى بحقهم في داخل المحاكم العسكرية الصورية يدفعهم للجوء للعديد من المحاولات للفرار من السجون، التي تنتهج بحقهم سياسة القمع والتنكيل".

صفعة كبيرة وموجعة

دلياني لفت إلى أن "انتزاع الأسرى لحريتهم بهذه الطريقة البطولية يمثل صفعة كبيرة وموجعة لمصلحة السجون الصهيونية، لفشلها الذريع في الكشف عن هذه العملية رغم عمليات التفتيش المستمرة واليومية لزنازين الأسرى، بالإضافة إلى الحراسة المشددة وكاميرات المراقبة الدقيقة التي تغطي مساحات واسعة، إلا أن كل ذلك لم يمنع تمكن ونجاح الأسرى من الفرار خارج أسوار المعتقل، لتنتصر العزيمة الفلسطينية على الإرادة الصهيونية"، موضحاً أنّ "الأيام المقبلة ستحدد مدى نجاعة أو فشل المنظومة الأمنية الصهيونية".

وأوضح عضو المجلس الثوري أنّ "المطلوب حالياً هو احتضان هؤلاء الأسرى وتوفير الحماية اللازمة لهم باعتباره واجب وطني على كل فلسطيني، في ظل التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال والذي بوجهه الحالي من شأنه التأثير على الحاضنة الشعبية الفلسطينية".

قيادي فلسطيني لـ"حفريات": يجب احتضان الأسرى الفارين، واتخاذ كافة التدابير الاحترازية اللازمة لحمايتهم، وإزالة كاميرات المراقبة من الطرقات، وتجنب الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ويتوقع أن تزداد محاولات الفرار من السجون الإسرائيلية، بعد أن تمكن ستة أسرى فلسطينيين في 6 أيلول (سبتمبر) من انتزاع حريتهم والفرار من معتقل جلبوع شديد الحراسة، بواسطة نفق تم حفره في داخل زنزانتهم، ليشكل ذلك أحد أهم الأساليب الدفاعية والنضالية التي يبتكرها الأسرى للتحرر من الأسر.

وذكرت القناة العبرية 12 التي وصفت العملية بـ"الخطيرة"، أنّ موظفي مصلحة سجون الاحتلال اكتشفوا فقدان عدد من الأسرى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وأن مصلحة السجون اكتشفت النفق بعد ساعة من فقدان الأسرى، مشيرة إلى أنّ حفر النفق كان من غرفة المرحاض، وتمكن الأسرى من الخروج عبر خط الصرف الصحي، في داخل الجناح رقم (2) الذي يقع قرب السياج الخارجي لسجن جلبوع.

ويقع سجن جلبوع شمالي فلسطين المحتلة، وأنشئ بإشراف خبراء إيرلنديين وافتتح عام 2004 بالقرب من سجن شطة في منطقة بيسان، ويعد السجن ذا طبيعة أمنية مشددة جداً، ويوصف بأنه السجن الأشد حراسة، ويحتجز الاحتلال فيه أسرى فلسطينيين يتهمهم الاحتلال بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948.

 قلعة من الإسمنت المسلح والفولاذ 

ويعد السجن قلعة حصينة أٌقيمت من الأسمنت المسلح والفولاذ، ويحاط بجدار ارتفاعه تسعة أمتار، ويوجد في أعلاه صاج مطلي وذلك كبديل عن الأسلاك الشائكة التي توجد عادة في جميع السجون، وقد نصب على جميع نوافذ السجن قضبان مصنعة من الحديد والإسمنت، فيما تم إدخال "عنصر سري " تحت أرضية السجن، ولا يسمح بالحفر، وإن تم إخراج جزء من الباطون الذي يغطي أرض السجن يتحول لون أرضية الغرفة إلى لون آخر يشير إلى محاولة حفر خندق.

انتزاع الأسرى لحريتهم بهذه الطريقة البطولية يمثل صفعة كبيرة وموجعة لمصلحة السجون الصهيونية

 ومع بداية افتتاحه تم نقل مجموعة من الأسرى التي تعتبر من النواة الصلبة للأسرى من كافة السجون مكونة من 70 أسيراً من مختلف التنظيمات ضمن مخطط إسرائيلي يستهدف عزل النشطاء من الأسرى في هذا السجن الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة ومعقدة.

وكان المعلق الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان قد قال في تغريدة على تويتر "كما هو الحال في الأفلام، هذه ليست المرة الأولى، في تموز (يوليو) عام 1958 اندلعت ثورة عنيفة من قبل السجناء في السجن، هرب 66 سجيناً، وقتل 11 وحارسان آخران، ومن ثم تم القبض على الجميع؛ عام 2014، حفر سجناء أمنيون نفقاً، لكن تم كشفه وإحباط محاولة الهروب".

اقرأ أيضاً: بعد فراره ورفاقه من سجن جلبوع.. ماذا تعرف عن زكريا الزبيدي؟

واعتبرت حركة حماس في بيان لها أنّ تمكن الأسرى من تحرير أنفسهم رغم كل الإجراءات والتعقيدات الأمنية عمل "بطولي شجاع وانتصار لإرادة وعزيمة أسرانا الأبطال"، في حين قالت حركة الجهاد الإسلامي، إنّ "انتزاع الحرية شكلت عملاً بطولياً كبيراً، وأحدثت هزة شديدة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية".

ووفقاً لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فقد بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين القابعين بداخل السجون الإسرائيلية 4 آلاف و850 أسيراً، من بينهم 225 أسيراً من الأطفال، و43 أسيرة فلسطينية، 540 أسيراً يواجهون الاعتقال الإداري، والذين لم تصدر بحقهم السلطات الإسرائيلية أي لائحة اتهام، ولم يتم تقديمهم للمحاكمات العسكرية، فيما يقضي 547 أسيراً أحكاماً بالسجن المؤبد.

وتشهد عملية الفرار البطولية تطورات متلاحقة على مدار الساعة، إذ تحقق الشرطة الإسرائيلية في احتمالية أن يكون بعض السجانين في سجن "جلبوع" على علاقة ودراية بعملية هروب الأسرى الستة.

تشهد عملية الفرار البطولية تطورات متلاحقة على مدار الساعة

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية "كان" بأنّ قسم التحقيق مع السجانين التابع لوحدة "لاهاف 433" يفحص إمكانية ضلوع بعض السجانين بالعملية، فيما قال موقع "واللا" إنه يجري فحص إن كان هناك عناصر من السجانين في سجن "جلبوع" قاموا بمساعدة الأسرى الستة على الهرب.

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنّ "هناك احتمالية لمشاركة خارجية، وهذا يؤكد أنّ هناك فشلاً على مستوى أجهزة الأمن".

والأسرى الستة الذين تمكنوا من الهرب هم زكريا زبيدي، ومناضل يعقوب انفيعات، ومحمد قاسم عارضة، ويعقوب محمود قدري، وأيهم فؤاد كممجي، ومحمود عبد الله عارضة.

وكانت مصلحة السجون قد صنفت الأسرى الستة الهاربين بأنهم "بمستوى خطورة مرتفع"، ووصفت ثلاثة منهم بأنّ احتمال فرارهم من السجن مرتفع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية