تعريف "الإسلاموفوبيا" خطوة لمعالجتها

تعريف "الإسلاموفوبيا" خطوة لمعالجتها


02/02/2021

محمد زهير

على مدى السنوات القليلة الماضية، شهدت المملكة المتحدة ارتفاعاً في ظاهرة «الإسلاموفوبيا» بمعدل مقلق. ففي عام 2011، دقت سعيدة وارسي، الرئيسة السابقة لحزب المحافظين وأحد كبار السياسيين المسلمين في البلاد، جرس الإنذار عندما أكدت أن العنصرية ضد المسلمين أصبحت طبيعية.

ولسوء الحظ بالنسبة لها وللمجتمع المسلم البريطاني الأوسع، سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ. ففي عام 2020، أرسل المجلس الإسلامي في بريطانيا ملفاً يتضمن 300 ادعاء بالإسلاموفوبيا ضد رئيس الوزراء بوريس جونسون، وأعضاء حزب المحافظين، إلى لجنة المساواة وحقوق الإنسان.

وكانت هذه هي المرة الثانية التي ناشد فيها المجلس الإسلامي البريطاني هيئة مراقبة المساواة لبدء تحقيق رسمي في الحزب الحاكم ولكن دون جدوى. وفي ديسمبر الماضي، أفادت الأنباء بأن المدعو علي إمداد، من منطقة The Great British Bake Off تعرض لإساءات معادية للإسلام عندما استقل الحافلة عائداً إلى المنزل، وعندما حاول التحدث للدفاع عن نفسه، هدده سائق الحافلة بإنزاله فوراً.

ولا تحظى «الإسلاموفوبيا» بالاعتراف نفسه على غرار المصطلحات ذات الصلة، مثل العنصرية، ربما لأنه لم يتم الاعتراف بها إلا في الخطاب السياسي بطريقة ذات مغزى، على مدار العشرين عاماً الماضية. وفي الواقع، وعلى الرغم من العديد من الجهود البارزة، بما في ذلك جهود المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب (APPG) بشأن المسلمين البريطانيين في عام 2018، لا يوجد حتى الآن تعريف مقبول عالمياً ل«الإسلاموفوبيا».

ويبلغ عدد قاطني المملكة المتحدة من المسلمين أكثر من 3.4 مليون شخص؛ أي ما يقرب من 5% من إجمالي سكانها. ويجسد المجتمع المسلم البريطاني تنوعاً هائلاً في اللغة والثقافة والوضع الاجتماعي والاقتصادي، إلى جانب مجموعة متنوعة من الممارسات الإسلامية، ولكن على الرغم من وجودهم في البلاد منذ القرن السادس عشر، لا يزال المسلمون يُعاملون غالباً على أنهم «الآخر».

لقد سلطت الأضواء على «الإسلاموفوبيا» في المملكة المتحدة في سبعينات القرن الماضي بسبب أزمة نفط «أوبك» التي شهدت خلطاً بين العرب والمسلمين، واعتبر كلاهما تهديداً لاقتصاد بريطانيا وحضارتها. وبعد نشر رواية سلمان رشدي ل«الآيات الشيطانية» في عام 1988، وتعبير المسلمين عن غضبهم في جميع أنحاء العالم من خلال فتوى دينية للزعيم الإيراني آية الله الخميني تبيح قتله، ازدادت ظاهرة «الإسلاموفوبيا» سوءاً.

في الوقت نفسه، دفعت قضية رشدي  وتهميش المسلمين المصاحب لها  العديد من الشباب المسلمين في البلاد إلى التجمع حول هوية إسلامية، ما أدى بدوره إلى مزيد من الرفض من قبل المجتمع البريطاني الأوسع. 

على الرغم من أن قوانين الأعراق في البلاد توفر الحماية القانونية لمجتمعات السيخ واليهود على أساس هويتهم العرقية/الإثنية، فقد تم استبعاد المسلمين البريطانيين؛ لأن «المسلمين يضمون أشخاصاً من دول وألوان عديدة، ويتحدثون العديد من اللغات والقاسم المشترك الوحيد بينهم هو الدين والثقافة الدينية».

وحتى بعد عقود من الزمان، لم تعد التشريعات البريطانية المناهضة للعنصرية كافية للتعامل مع استهداف المسلمين من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة، باستخدام أشكال أكثر دقة من التحيز والتمييز. 

وقبل أن يصبح رئيساً للوزراء، قارن بوريس جونسون النساء اللواتي يرتدين البرقع ب«صناديق البريد» و«لصوص البنوك». وعلى الرغم من ارتفاع حوادث الخوف من الإسلام بنسبة 375% في الأسبوع الذي تلا تعليقاته، أظهر تحقيق داخلي أجراه المحافظون أنها تعليقات «محترمة ومتسامحة».

وليس السياسيون اليمينيون فقط هم من يحرضون على «الإسلاموفوبيا». ففي حين كانت هناك تغطية واسعة النطاق لوجود «الإسلاموفوبيا» في حزب المحافظين، فإن حزب العمل الذي يعتبر أكبر حزب سياسي مناهض للعنصرية في البلاد، ظهر أيضاً في الأخبار لأسباب سيئة.

وما سيساعد في إظهار أن «الإسلاموفوبيا» يمكن التسامح معها لفترة أطول، هو أن تأخذ لجنة المساواة وحقوق الإنسان في الاعتبار مخاوف المجتمع المسلم، وتطلق تحقيقاً في حزب المحافظين بنفس الطريقة التي حققت بها في معاداة السامية في حزب العمال. 

ويجب أن يحدث هذا عاجلاً وليس آجلاً. فقد عانى المسلمون البريطانيون بالفعل طويلاً.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية