تعريف جديد للتطرّف.. هل تبدأ بريطانيا مساراً جدياً لمكافحة الإخوان؟

تعريف جديد للتطرّف.. هل تبدأ بريطانيا مسار جدياً لمكافحة الإخوان؟

تعريف جديد للتطرّف.. هل تبدأ بريطانيا مساراً جدياً لمكافحة الإخوان؟


17/03/2024

لاقى قرار بريطانيا القاضي بإدراج جماعة الإخوان الإرهابية على قائمة التطرف اهتماماً كبيراً لدى كبرى وكالات أنباء العالم والصحف الدولية والمواقع المحلية، إذ تناقلته وسائل الإعلام على نطاق واسع مشيدة بهذه الخطوة المهمة، ضمن جهود الدولية في محاربة الإرهاب ومواجهة تمدد جماعات الإسلام السياسي وفي القلب منها تنظيم الإخوان المسلمين، وجرائمهم التي لا تنتهي.

بالتوازي، أشاد خبراء في الحركات الإسلامية حول العالم بهذا القرار، مرجحين أن يواجه تنظيم الإخوان ضغوطاً صعبة في داخل أوروبا تتعلق باستمرار القيود والضوابط على نشاطه وتجفيف مصادر تمويله بدأت قبل سنوات من النمسا ثم فرنسا وأخيرا بريطانيا التي يعتبرها التنظيم معقله الرئيسي.

وفي تفاصيل القرار، وضعت بريطانيا، الخميس، جماعة الإخوان على رأس قائمة التطرف وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرف، في ارتباط مباشر بحركة حماس وحرب غزة والانشقاقات المجتمعية الناتجة عنها، وما كشفت عنه الاحتجاجات الأخيرة من شعارات معادية للسامية.

ويهدف التعريف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأنّه "سم" للديمقراطية، محذراً من "زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء".

 

أشاد خبراء في الحركات الإسلامية حول العالم بهذا القرار مرجحين أن يواجه تنظيم الإخوان ضغوطاً صعبة في داخل أوروبا تتعلق باستمرار القيود والضوابط على نشاطه وتجفيف مصادر تمويله

 

وكانت لندن تعرف التطرف بأنّه "معارضة صريحة أو فعلية لقيمنا الأساسية" مثل الاحترام المتبادل والتسامح، وهو التعريف الذي سمح لجماعة بتجذير حضورها في بريطانيا عبر أشكال مختلفة، منها النشاط السياسي الذي لا يتعارض مع توجهات الحكومة والأنشطة الشبابية والمنظمات الجامعية.

وتحظر بريطانيا بالفعل جماعات تقول إنها متورطة في الإرهاب، ويعد دعم هذه المنظمات أو الانضمام إليها جريمة جنائية، وتعتبر حركة حماس من بين 80 منظمة دولية محظورة.

تقييد حركة التنظيم

في السياق، أشارت شبكة "سكاي نيوز" إلى أنّ القرار البريطاني سيترك أثراً كبير على الجماعة، وأنّ هذه الخطوات ستؤدي لتقييد حركة التنظيم داخل أوروبا، مشيرةً إلى أنّ هذا التأثير سيكون بتقييد إضافي لحركة التنظيم التي تأثرت بشكل كبير منذ عام 2020 مع انتشار كوفيد ومنع التجمعات داخل المساجد الأمر الذي أثر بدوره سلبا على حركة جمع التبرعات لصالح التنظيم.

رئيس الوزراء البريطاني: "زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء"

كما ستتأثر الاعتمادات المالية للتنظيم بشكل سلبي إلى حد كبير فضلاً عن ذلك نجحت المواجهات الأمنية في عدة دول أوروبية مثل العملية رمسيس في النمسا.

ووفقاً لما نقلته "سكاي نيوز" عن سامح إسماعيل الأكاديمي والباحث المختص بشؤون الإسلام السياسي والإرهاب، فسيؤدي ذلك إلى السيطرة على الأذرع الدينية للإخوان وتقليص مصادر التمويل فضلاً عن مراقبة المساجد التي يعتبرها الإخوان بؤر انتشار أساسية.

من جانبه، يرى الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية والتطرف العالمي منير أديب، أنّ لندن تدفع فاتورة رعايتها للجماعات المتطرفة، وقد سبق واحتضنت كل الجماعات الإرهابية وسمحت لها بالإقامة على أراضيها، "رغم علمها بأنها ضد الديمقراطية".

 

يرى خبراء في تيارات الإسلام السياسي أنّ التعريف الجديد سيؤدي نظرياً إلى محاصرة أنشطة الإخوان المسلمين والحد من تأثيرهم على الجالية والترويج لأفكار متطرفة

 

وأوضح أديب، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنّ بريطانيا دأبت على "توفير ملاذات آمنة للإخوان ولكل الجماعات المتطرفة، وسمحت بأن تكون عاصمتها مقر مكتب التنظيم الدولي، وكذا مقر قيادات السلفية الجهادية وجماعة الجهاد وغيرها من التنظيمات الإرهابية المتطرفة، رغم علمها بخطورة تلك الجماعة على سلامة المجتمعات".

وتابع: "اليوم اكتشفت أن رعايتها لتلك الجماعات سيصيبها من الداخل، وأنّها (الجماعات الإرهابية) قادرة على بث روح الكراهية ورفض قيم الديمقراطية، وأن سياسة غض الطرف عن أنشطة الإخوان، تقيد يدها تشريعياً وأمنياً في كبح التطرف والتطرف المضاد".

بريطانيا كانت ملاذاً آمناً للإخوان

ويرى خبراء في تيارات الإسلام السياسي أنّ التعريف الجديد سيؤدي نظرياً إلى محاصرة أنشطة الإخوان المسلمين والحد من تأثيرهم على الجالية والترويج لأفكار متطرفة، التي غزت العواصم الأوروبية التي مثلت على مدار العقود الماضية منذ عام 1960، ملاذاً آمناً لنشاط التنظيم في مقدمتها لندن، التي تأوي عدد كبير من قيادات التنظيم الدولي للإخوان وتحتضن أنشطة التنظيم ومقره العالمي، وفي سويسرا أيضاً يواجه التنظيم إجراءات متلاحقة لمحاصرته، يتعلق الجانب الأكبر منها بتتبع الأنشطة المالية ومصادر التمويل.

وتؤكد دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أنّ الإخوان المسلمون يرتبطون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح، التي ترتبط بأمور سياسية وأمنية واجتماعية، جعلت لهم أهمية كبرى لدى الحكومات المتعاقبة، ويتم ذلك من خلال نظام مؤسسي محكَم، حيث يشمل منظومة من الجمعيات، وصلت إلى ما يقارب (60) منظمة داخل بريطانيا. 

منير أديب: لندن تدفع فاتورة رعايتها للجماعات المتطرفة

وقد تنامى حجم الاستثمارات المباشرة والغير مباشرة لجماعة الإخوان في بريطانيا. وتشير التقديرات إلى أنّ تنظيم الإخوان المسلمون يمتلك ثروات مالية تتراوح بين (8 – 10) مليارات دولار. وقد حصلت شركات الإخوان المسلمون ومؤسساتها على الوضع القانوني، ويرجع ذلك إلى تخوف بريطانيا من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السري لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها.الإخوان المسلمون ـ بريطانيا قاعدة الجماعة ومركزاً لعملياتها في أوروبا.

واجهات الإخوان في بريطانيا

وبحسب صحيفة تلغراف فهناك حوالي (60) منظمة داخل بريطانيا، ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين وجماعات الاسلام السياسي بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، بل وقنوات تلفزيونية، ومن أبرز هذه المؤسسات:

– الرابطة الإسلامية في بريطانيا(MAB): تمثل أبرز كيانات الإخوان بالمملكة وأسسها كمال الهلباوي، عضو سابق في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين المصري، والمتحدث الرسمي السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب الذي انشق فيما بعد عن الجماعة ، وتضم قيادة حزب (MAB) قيادات إخوانية مثل عزام التميمي ، الناشط السابق في جبهة العمل الإسلامي (الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية). محمد صوالحة ، العضو السابق في حماس. وأسامة التكريتي نجل زعيم الفرع العراقي لجماعة الإخوان المسلمين.

 

الإخوان المسلمون يرتبطون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح التي ترتبط بأمور سياسية وأمنية واجتماعية جعلت لهم أهمية كبرى لدى الحكومات المتعاقبة

 

– منظمة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا: مؤسسة إسلامية بارزة ، مرتبطة بشكل وثيق بشبكة الإخوان المسلمين، ولها فروع في أكثر من (20) دولة. تمتعت بقدر كبير من الوصول إلى المسؤولين الحكوميين البارزين. اذ تضمنت فعاليات الإغاثة الإسلامية خطابات للأمير تشارلز . كما أصبحت هيئة الإغاثة الإسلامية أول جمعية خيرية إسلامية متخصصة تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية لمشاريع في القارة الأفريقية عام 1994. وفي عام 2012، أغلق العملاق المصرفي السويسري UBS حسابات الإغاثة الإسلامية و “منع التبرعات القادمة من عملائه إلى المؤسسة الخيرية” ، حسبما ورد، بسبب مخاوف من تمويل الإرهاب. بعد أربع سنوات ، فعل  HSBC  الشيء نفسه.

– المجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB) : أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، وهى منظمة جامعة لأكثر من (500) مؤسسة إسلامية منتشرة في جميع أنحاء بريطانيا، وفي عام 2009 قررت بريطانيا وضعها تحت الرقابة على خلفية دعمها لعمليات العنف، ذا تايمز ديسمبر 2015.

منظمة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا: مؤسسة إسلامية بارزة ، مرتبطة بشكل وثيق بشبكة الإخوان المسلمين

– الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية: أسسه عصام يوسف في التسعينيات يمتلك  الصندوق (11) فرعا في بريطانيا . دخل الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية ضمن التصنيف الذي أطلقته الحكومة البريطانية في 2017؛ حيث اعتُبر كجزء من البنية التحتية لفرع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في بريطانيا. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث وجهت وزارة الخزانة الأمريكية أصابع الاتهام إليه واعتبرت أن الصندوق ما هو إلا كيان إرهابي أنشئ لتقديم الدعم المالي لحركة حماس كما ذكرت صحيفة ذا تايمز في 5 أغسطس 2019. فيما قرر بنك “HSBC” وقف التعامل بالحوالات البنكية المجدولة من المتبرعين لصالحه  ابتداء من 17 مايو 2020.

– مؤسسة قرطبة  (TCF):هي مؤسسة فكرية شرق أوسطية تأسست مؤسسة قرطبة عام “. ويديرها أنس التكريتي ، المتحدث الرئيسي باسم لوبي جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا ، رغم أنه يدعي أنه ليس عضوا فيها.  وفي شهر أغسطس 2014، أغلق بنك أتش أس بي سي (HSBC) الحساب المصرفي لأنس التكريتي فضلاً عن حسابات أقاربه ومؤسسة قرطبة حسبما جاء في الجارديان .

تقارير الاستخبارات البريطانية حول الإخوان

هذا ونقلت دراسة للمركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات عن وثيقة  تضمنت مراجعة هامة لبرنامج “بريفينت” الحكومي  (Prevent) لمكافحة التطرف في بريطانيا، في  29 ديسمبر 2022  أنّ أموال دافعي الضرائب البريطانيين استخدمت “لتمويل جماعات تروّج للتطرف، بالكشف عن شخصيات بارزة تعمل في منظمات يموّلها برنامج “بريفينت” (Prevent) لمكافحة التطرف، يشتبه بأنّها دعمت حركة “طالبان”، ودافعت عن جماعات متشددة محظورة في المملكة المتحدة، واستضافت دعاة يروّجون “خطاب كراهية”.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية