تونس تراجع فترة حكم الإخوان... موظفو البرلمان تحت المجهر

تونس تراجع فترة حكم الإخوان... موظفو البرلمان تحت المجهر

تونس تراجع فترة حكم الإخوان... موظفو البرلمان تحت المجهر


20/11/2023

إلى جانب قضايا الإرهاب، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، والاغتيالات السياسية، والتورط في قضايا فساد مالي، تلاحق حركة (النهضة) الإخوانية تهم أخرى تتعلق بإغراق البرلمان بوظائف وهمية تزيد على النصاب المعقول، وذلك في إطار محاولة السيطرة على المجلس التشريعي، وعلى بقية مفاصل الدولة بعد 2011.

هذه التهم أثارها قرار البرلمان التونسي بإحالة ملفات انتداب نحو (120) موظفاً إلى لجنة التدقيق في الانتدابات الحكومية، الذي خلف جدلاً سياسياً واسعاً حول طريقة انتدابهم في تلك الوظائف، وهل أنّ منظومة الحكم السابقة التي تزعمتها حركة (النهضة) هي المسؤولة؟

موظفو البرلمان تحت التدقيق

وقد أكّد مساعد رئيس مجلس نواب الشعب في تونس المكلّف بالتصرّف العام فاضل بن تركية أنّ البرلمان أحال (120) ملفاً لموظفين به إلى لجنة التدقيق في التعيينات. وأضاف أنّ رئيس المجلس إبراهيم بودربالة راسل رئاسة الحكومة لتكليف لجنة للتحقيق في جميع ملفات البرلمان.

واعتبر بن تركية أنّ الميزانية المخصصة لمجلس نواب الشعب المقدرة بـ (38553) ألف دينار (12378.57 ألف دولار)، "ضعيفة جداً، ولا تمثل أكثر من 1 في الألف من ميزانية الدولة".

من جهته، قال رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة: إنّ "عدد موظفي البرلمان يُقدّر بـ (400) موظف، في حين أنّه تمّ إعلامي بأنّ البرلمان لا يحتاج إلا إلى (200) موظف". وتابع بودربالة أنّ بقية الموظفين هم موظفو مجلس المستشارين سابقاً ووزارة حقوق الإنسان، موضّحاً أنّه سيتم تقييم حاجة البرلمان من الموظفين لتتم إحالة البقية إلى مجلس الجهات والأقاليم.

 رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة: عدد موظفي البرلمان يُقدّر بـ (400) موظف، في حين أنّه تمّ إعلامي بأنّ البرلمان لا يحتاج إلا إلى (200) موظف

وأكّد بودربالة التخلّي عن تجديد سيارة رئيس البرلمان، نظراً لأنّ "رئيس الجمهورية أبلغ الحكومة بأنّه لا يمكن تجديد أسطول سيارات المؤسّسات التابعة للحكومة".

وأعلنت مساعدة الرئيس المكلّف بشؤون النواب عواطف الشنيتي أنّها ستستقيل من مهمتها هذه إثر الانتهاء من المصادقة على مشروع الميزانية "لعدم قدرتها على أداء هذه المهمة، ولما واجهته من انتقادات".

انطلاق عملية التدقيق... والداخلية أوّلاً

وانطلقت لجان التدقيق في التعيينات خلال "العشرية السوداء بالعمل في تونس، وتتكون لجنة قيادة عمليات التدقيق من رئيس الحكومة ورؤساء الهيئات الرقابية الحكومية و(3) قضاة، وتتولى بدورها تكليف لجان تدقيق تنهي أشغالها في أجل شهرين منذ مباشرتها لمهماتها.

وكانت أولى الوزارات التي انطلقت في عمليات التدقيق هي الداخلية التي تُعدّ من أكثر الوزارات التي تم إغراقها بالمنتفعين ممّا يسمّى بـ "العفو التشريعي العام" خلال العقد الماضي.

تلاحق حركة (النهضة) الإخوانية تهم أخرى تتعلق بإغراق البرلمان بوظائف وهمية تزيد على النصاب المعقول، وذلك في إطار محاولة السيطرة على المجلس التشريعي.

وفي الآونة الأخيرة، شدد سعيّد على ضرورة البدء بمراجعة كل الانتدابات التي تمّت خلال العشرية السابقة، ضمن جهوده لتطهير مؤسسات الدولة من "الانتدابات العشوائية".

ويهدف قانون مراجعة التعيينات في المؤسسات الحكومية إلى مراجعة التعيينات التي تمّت بناء على "الولاءات والشهادات المزيفة".

الحكومة تراجع فترة حكم الإخوان

وكانت الحكومة التي يرأسها أحمد الحشاني قد أعلنت عن تشكيل لجنة وطنية للتدقيق في ملفات الانتداب التي عرفتها الإدارة التونسية من كانون الثاني (يناير) 2011 إلى تموز (يوليو) 2021، وذلك بعد أن تسربت شكوك بأنّ عدداً من الأحزاب السياسية التي تزعمت المشهد السياسي التونسي بعد 2011 أغرق الإدارة بالانتدابات العشوائية مع إمكانية تزوير عدد من الشهادات الجامعية للحصول على تلك المناصب، علاوة على إعادة آلاف المفصولين عن العمل إلى سالف نشاطهم ضمن قانون العفو التشريعي العام، ومعظمهم منتمون إلى حركة (النهضة) التي يتزعمها راشد الغنوشي.

كانت حكومة الحشاني أعلنت تشكيل لجنة للتدقيق في ملفات الانتداب التي عرفتها الإدارة التونسية من (يناير) 2011 إلى (يوليو) 2021

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن إجراءات لتأمين عملية التدقيق في الآلاف من الوظائف بالقطاع العام ومؤسسات الدولة منذ 2011 حتى تاريخ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد التدابير الاستثنائية في البلاد.

التدقيق يشمل رئاسة الحكومة ومختلف الوزارات والدواوين

وتسعى الحكومة للتأكد من سلامة الملفات التي جرى على أساسها الانتداب، في "رسالة مبطنة إلى عدد من الأطراف السياسية والنقابية المتهمة باستغلال النفوذ والسلطة خلال الأعوام الـ (10) الماضية، لتعيين عدد من الموالين لها في الإدارات والوظائف الحكومية".

وتشمل عمليات التدقيق آلاف الوظائف في رئاسة الحكومة ومختلف الوزارات والدواوين الحكومية والمنشآت العمومية والبنوك المملوكة للدولة، وهو ما يعني التدقيق في ملفات عشرات الآلاف من الموظفين والتأكد من سلامة عمليات انتدابهم.

البرلمان أحال (120) ملفاً لموظفين به إلى لجنة التدقيق في التعيينات.

وقد صدر في الجريدة الرسمية بعدد 22 أيلول (سبتمبر) 2023 أمر يتعلق بإجراء تدقيق شامل في الانتدابات والإدماج في الوظيفة العمومية والهيئات والمنشآت والمؤسسات العمومية والشركات ذات المساهمة العمومية وسائر الهياكل العمومية الأخرى، وذلك من 14 كانون الثاني (يناير) 2011 إلى 25 يوليو (تموز) 2021.

وينص الأمر على تشكيل لجنة قيادة لعمليات التدقيق تضم رئيس الحكومة ورؤساء الهيئات الرقابية العمومية و(3) قضاة، وستتولى بدورها تكليف لجان تدقيق تنهي أشغالها في أجل شهرين منذ مباشرتها لمهماتها.

الإخوان تحت المجهر

وترسم معلومات أفرجت عنها سلطات التحقيق التونسية خلال الأعوام الماضية طبيعة عمل الجهاز السري للإخوان، الذي يضم جهازاً استخباراتياً داخل الدولة يتألف من (21) ألف عنصر دمجوا في الإدارة التونسية بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، وأخذوا موقعاً في وظائف حساسة.

كانت النيابة التونسية قد أعلنت في 2019 فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة جهازاً سرياً أمنياً موازياً للدولة

وكانت النيابة التونسية قد أعلنت في 2019 فتح تحقيق في معلومات تفيد بامتلاك حركة النهضة جهازاً سرياً أمنياً موازياً للدولة، واتهم هذا الجهاز بضلوعه في اغتيال بلعيد والبراهمي.

وقد أشارت دراسة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية إلى أنّ نحو (6) آلاف و(839) من المنتفعين بالعفو التشريعي العام، وغالبيتهم من قيادات حركة (النهضة) وقواعدها، تم انتدابهم عشوائياً في الوظيفة العمومية بعد عام 2012 من دون إجراء مناظرة.

وتم إقرار العفو التشريعي العام بعد فترة وجيزة من إطاحة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي خلال حكومة محمد الغنوشي الثانية، وتم البدء عملياً في تطبيقه بعد عام 2013 عندما تمكنت حركة (النهضة) من الحكم.

وفي تصريح سابق لوزير الوظيفة العمومية والحوكمة السابق عبيد البريكي، قال: إنّ عدد المنتدبين في الوظيفة العمومية قفز من (330) ألفاً خلال عام 2010 إلى أكثر من (630) ألفاً، أي إنّ إجمال الانتدابات لتلك الفترة يناهز ما تم انتدابه في تونس منذ عام 1956 تاريخ الاستقلال إلى عام 2010.

مواضيع ذات صلة:

حركة النهضة الإخوانية تجدد الثقة في الغنوشي وتزيح التيار المعارض.. ما التفاصيل؟

الجهاز السري لحركة النهضة التونسية.. هل تكشف التحقيقات ما أخفاه الإخوان لسنوات؟

عقد من الخطايا... حركة النهضة فشلت في أخونة المجتمع وأخفقت في حكم البلاد



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية