تونس وليبيا: آثار ومخطوطات للبيع.. ما القصة؟

تونس وليبيا: آثار ومخطوطات للبيع.. ما القصة؟


30/12/2020

كشفت الأجهزة الأمنية التونسية ملابسات ضبط لوحة فنية مجسدة على صفيحة من الفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة مهربة من ليبيا بحوزة تونسي كان ينوي بيعها.

وحسب مصدر أمني تونسي نقل عنهم موقع "مرصد مينا"، فإنّه وعلى إثر ورود معلومات الجهات المختصة حول عملية بيع لوحة فنية مجسدة على صفيحة من الفضة ومرصعة بأحجار كريمة،  تم نصب كمين محكم أفضى إلى حجز اللوحة وفي انتظار عرضها على الجهات المختصة لتحديد قيمتها.

وأضاف المصدر أنه وبعد استشارة النيابتين العموميتين بسوسة 2 وتونس 1 أذنتا بالاحتفاظ بالمظنون فيهم على ذمة الأبحاث وذلك من أجل توجيه تهم تتعلق بـ"الاتجار بالآثار".

 

الأجهزة الأمنية التونسية تضبط لوحة فنية مجسدة على صفيحة من الفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة مهربة من ليبيا

ووفق الأبحاث الأولية، فإنّ اللوحة المذكورة قد تم تهريبها من ليبيا، ويرجّح أن تكون أثرية.

يذكر أنّ ليبيا تمتاز بتنوع وثراء الإرث الإنساني والحضاري عبر تاريخها، ما يجعلها مطمعاً لمهربي وتجار الآثار حول العالم، في ظل أوضاع أمنية غير محكمة.

في المقابل تسعى تونس إلى الحفاظ على التراث اليهودي، المهدد بفعل عمليات نهب وتهريب طالت قطعاً أثرية عبرية مهمة ونادرة في تونس ومن ليبيا، تعد شاهداً على تاريخ اليهود في شمال أفريقيا، وهي قضية كانت تُعتبر من المواضيع المسكوت عنها قبل ثورة 2011.

ويتسابق وسطاء تونسيون لاقتناء المخطوطات التي يطرحها ليبيون للبيع على شبكات التواصل الاجتماعي في تحد لكل القوانين. ويتعرض قطاع الآثار في ليبيا، التي ترتبط مع تونس بحدود برية مُشتركة، لاعتداءات مُتنوعة منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011، بحسب ما أكد علماء آثار ومصادر رسمية. وكمؤشر على حجم الظاهرة، تنشر السلطات التونسية مرات عدة في السنة، بيانات عن المضبوطات تدعم بعضها بصور.

وتتمثل المضبوطات في مخطوطات مُختلفة الأحجام تضم عشرات الصفحات، نُسخت بماء الذهب أو الحبر الأسود ولُصفت أجزاؤها بأمعاء شاة أو ثور، ما يتطلب عملاً مُضنياً.

ومن بين القطع الأثرية المهربة من ليبيا توجد أناشيد دينية وأدعية وحكم وزخرفة هندسية ونباتية وحيوانية وتجسيمات إنسانية نادرة وأبراج.

وسطاء تونسيون يتسابقون لاقتناء المخطوطات التي يطرحها ليبيون للبيع على شبكات التواصل الاجتماعي

ففي نهاية تشرين الأول (أكتوبر) مثلاً، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن حجز مخطوطتين باللغة العبرية يتجاوز طول الواحدة منهما عشرة أمتار في ولاية نابل بالشمال الشرقي التونسي، تبين لاحقاً أنهما تتضمنان أجزاء من التوراة تعود إلى بداية القرن العشرين.

كما أعلنت ضبط نُسخة من التوراة محفوظة بالكامل، نُسخت بخط اليد بحبر خاص على جلد ثور يبلغ طوله 37 متراً، واحتوت على كامل أجزاء التوراة بأسفارها الخمسة. ووُصفت هذه النسخة بأنها لافتة وفريدة من نوعها في العالم، وسعت أطراف أجنبية، لم تفصح السلطات التونسية عنها، إلى شرائها العام 2017.

ومن بين المضبوطات أيضاً 6 مجلدات ومخطوطات عبرية قديمة، حاولت شبكة اتجار بالآثار تنشط بين تونس العاصمة وبنزرت بالشمال التونسي وليبيا، بيعها لقاء 1,5 مليون دينار تونسي (470 ألف يورو)، حسب ما كشفت عنه وزارة الداخلية التونسية مطلع 2019. وشملت المحجوزات أثاثاً جنائزياً وكتباً دينية وسواها.

ويعود تاريخ غالبية القطع المنهوبة إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإلى الفترة الوسيطة. وهي محفوظة في مخازن يُشرف عليها المعهد الوطني للتراث في انتظار أن ينهي القضاء التونسي النظر فيها.

وجبت الإشارة إلى أنّ الفوضى الأمنية، طالت ثقافة وتراث هذا البلد، إلى درجة أصبحت معها آثارها التاريخية مصدراً للتربح رغم أنّها جريمة يعاقب عليها القانون. وقد تم الإعلان عن ضبط عشرات القطع الأثرية في دول الجوار الليبي في طريقها للتهريب إلى أسواق عالمية لبيع الآثار. وقد كشف أخيراً عن عصابة مكونة من تونسيين وليبي، جرى ضبطهم في تونس أثناء تهريب قطع أثرية ومخطوطات تقدر بملايين الدولارات. قبل ذلك، ألقت السلطات الجزائرية القبض على مهرب آثار ليبي، كان يتجه عبر الحدود بكمية من القطع لإيصالها إلى بعض التجار.

ومن بين تلك المواقع والصفحات، نجد صفحة "بيع وشراء أراض وعقارات وتحف نادرة في ليبيا". واشتهرت هذه الصفحة بين تجار ومهربي الآثار لتقفل لاحقاً بعد موجة انتقادات واسعة أطلقها ناشطون ليبيون. لكن من كان يتخذها مساحة للإعلان عن بضاعته تحول إلى منصات إعلان أخرى تعج بها شبكات التواصل.

وعلى مواقع الإنترنت يشتهر موقع “سوق ليبيا المفتوح” بمشاركته في هذه التجارة غير القانونية إذ يسمح للمهربين بعرض بضائعهم وترك عناوينهم وأرقام هواتفهم وصور لعينات الآثار التي يرغبون في بيعها، فتجري المزايدة على سعر القطعة الأثرية المعروضة من خلال التعليقات.

وكدلالة على انتشار بيع الآثار، تعرض بعض صفحات الإنترنت بيع آلات التنقيب، وأهمها أجهزة الكشف عن المعادن التي تكشف عن وجود الذهب والمسكوكات.

من أشهر قطع الآثار الليبية التي بقيت قيد التداول والمزايدة بين المهربين والمهتمين بجمع النوادر، مخطوط لكتاب ديني يهودي لا يعرف تاريخ كتابته، وقد عرض على أغلب منصات الإعلان عن بيع الآثار وسط حديث متزايد عن وجوده لدى مهرب آثار بجبل نفوسة، غرب ليبيا.

وعلى مستوى الموجودات الأثرية، عرض تجار عشرات القطع من مصابيح وتماثيل وجرار، وأنواعاً من المسكوكات التي تعود إلى فترات ليبية قديمة ضمن العهد الإغريقي في شرق البلاد، والروماني في غربها، والعهد العثماني أيضاً.

على الصعيد الرسمي، فإنّ مصلحة الآثار هي الجهة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن الآثار في ليبيا. وكغيرها من مؤسسات البلاد منقمسة على نفسها بين إدارتين تبعاً لحكومتي البلاد في طرابلس والبيضاء.

الصفحة الرئيسية