حلويات رمضان.. من قصص تاريخية إلى أطباق تبهج الصائم

الكنافة والقطايف وبهجة الصيام في شهر رمضان

حلويات رمضان.. من قصص تاريخية إلى أطباق تبهج الصائم


09/04/2023

بمجرد أن تبدأ الأيام الأولى من شهر رمضان، يتجه المصريون إلى محلات الكنافة والقطايف، فقد أصبحت تلك الحلوى من أهم الطقوس والعادات المرتبطة بهذا الشهر الكريم، وعلى الرغم من تعاقب الأجيال في مصر عبر العصور، لم تنقطع تلك العادة، وظلّت تلك الحلوى مرتبطة بالشهر الفضيل.

ولا يقتصر ذلك على مصر، حيث يمكن ملاحظة النمط نفسه في بلاد الشام، إلى الحدّ الذي تتقاطع فيه الروايات، والتي يجمع بينها الشعور بالبهجة في استقبال شهر الصوم.

الأصل التاريخي لحلوى شهر رمضان

تشير إحدى الروايات التاريخية أنّ أحد صناع الحلويات في بلاد الشام اخترع الكنافة خصيصاً بطلب من طبيب الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، عندما كان والياً على الشام، بعد أن اشتكى لطبيبه من الجوع في نهار رمضان، فأوصى الطبيب بمكوناتها لمنع جوع الخليفة، ومن ثمّ ارتبطت الحلوى باسمه، وسمّيت "كنافة معاوية".

بعض الروايات الأخرى تقول إنّ المصريين عرفوا الكنافة قبل أن تظهر في بلاد الشام، وأنّها ظهرت لأول مرة في العصر الفاطمي، عندما دخل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة في شهر رمضان المبارك، وعندما خرج بعد الإفطار ليحييه الناس، قدموا له هدايا منها الكنافة، التي نقلها التجار بعد ذلك إلى بلاد الشام، ثم أصبحت من العادات الرمضانية عبر العصور التاريخية المختلفة.

أصبحت الكنافة حلوى مصرية تقليدية

وتجمع غالبية الروايات التاريخية على أنّ العالم العربي كان بوتقة تنصهر فيها العصور، بوصفه يمثل مفترق طرق للحضارات والثقافات والمأكولات، ويعود ذلك إلى موقعه الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب، وتأثره بالإمبراطوريات المتعددة، مثل الرومانية والفارسية والعثمانية، ويتجلى كل هذا الزخم الحضاري في مشهد الحلوى الرمضانية الكلاسيكية في الشرق الأوسط، والتي سرعان ما انتشرت في المحيط الإسلامي، ومع الانتشار الواسع تنوعت الروايات التاريخية حول أصلها.

تقليد تاريخي مستمر

مع مرور الزمن، أصبحت الكنافة حلوى مصرية تقليدية، تصنع عن طريق سكب عجين سائل بشكل دائري، من خلال مصفاة على شكل كوب، على سطح فرن مستدير، وتتكون الكنافة والقطايف من خليط من الطحين والماء والحليب المجفف ومواد أخرى.

تؤكد إحدى الروايات التاريخية أنّ أحد صناع الحلويات في بلاد الشام اخترع الكنافة خصيصاً بطلب من طبيب الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، عندما كان والياً على الشام

أمّا القطايف، فلم يتم حتى الآن تحديد أصلها، بناء على مراجع تاريخية موثقة، تدل على نشأتها وارتباطها بشهر رمضان الكريم. حتى الروايات التاريخية التي تتحدث عن تاريخ ظهورها تناقض بعضها البعض. ويؤكد البعض ظهورها في العصر الفاطمي، ويقول آخرون إنّها ظهرت في العصور المملوكية والأموية والعباسية المبكرة. علاوة على ذلك، فإنّ لفظة "قطايف" لم يشر أحد إلى معناها، أو حتى السبب من وراء تلك التسمية، رغم أنّ البعض يعتقد أنّ سبب تسمية هذا الاسم يعود إلى كونها تشبه المخمل.

ويزدهر البيع خلال شهر رمضان، حيث لا يوجد منزل يخلو من الكنافة أو القطايف خلال الشهر الكريم. وعلى الرغم من صمود الكنافة المصنوعة يدوياً، إلّا أنّ الكنافة المصنوعة آلياً أصبحت أكثر شيوعاً؛ لأنّها خالية من ملامسة أيدي البشر، كما أنّ صناعتها أكثر سرعة وأقل وقتاً.

 البعض يعتقد أنّ سبب تسمية "القطايف" بهذا الاسم يعود إلى كونها تشبه المخمل

ولا يقتصر الأمر على الكنافة والقطايف، فهناك الحلوى المسماة أم علي، والتي يرجع تاريخها إلى سلاطين المماليك، وبالتحديد إلى عصر شجرة الدر، ملكة مصر في القرن الـ (13)، وزوجة الحاكم عز الدين أيبك، التي أمرت بقتل زوجها. وانتقاماً، نجحت زوجة أيبك الأخرى، أم علي ، في اغتيال شجرة الدر، وطلبت أم علي من الطهاة إعداد أشهى الحلويات، وتوزيعها في جميع أنحاء مصر، تخليداً للثأر.

لا يقتصر الأمر على الكنافة والقطايف، فهناك الحلوى المسمّاة أم علي، والتي يرجع تاريخها إلى سلاطين المماليك، وبالتحديد إلى عصر شجرة الدر

وتتنوع الحكايات، في محاولة لمعرفة السر وراء استمرار هذا التقليد الرمضاني، لكنّها كلها تؤكد على امتنان الصائمين وفرحتهم باستقبال الشهر الكريم، بالزينات والفوانيس والحلوى الشهية، يشاركهم في ذلك المسيحيون أيضاً، حيث أصبحت التقاليد الشعبية متجاوزة للاختلاف في الدين، فكلها تسعى نحو توطيد أواصر المحبة والسلام الاجتماعي.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية