خطورة فكر الإخوان المسلمين على المجتمعات الإسلامية

خطورة فكر الإخوان المسلمين على المجتمعات الإسلامية

خطورة فكر الإخوان المسلمين على المجتمعات الإسلامية


30/12/2023

إنّ من أخطر ما فعله (الإخوان) في العالم الإسلامي في العقود الماضية هو تغيير مفهوم الدين البسيط والجميل، من محبة الله ومساعدة الآخرين إلى إيديولوجيا تفهم الدين بحرفية تحبط العقل والضمير، وتجعل الطقوس الحركية أو أداء العبادات أهم من نقاء القلوب.

من هنا بدأت خطورة الفكر الإخواني على المجتمعات المسلمة تتجلى، خصوصاً أنّهم استطاعوا إلى حدّ ما تغيير شكل بعض المجتمعات ومفرداتهم اللغوية واحتفالاتهم الشعبية وأحياناً اهتماماتهم، واستندوا في ذلك إلى تمشٍ مدروس جيداً، إذ يكتفون بالدعوة والمشاركة، وبمجرد وصولهم إلى درجة كافية من القوة يظهرون مبدأ "المغالبة" (بالقوة)، ثم "التمكين" أي السيطرة المطلقة على الشعوب.

خطورة فكرهم على المجتمعات الإسلامية حذّر منها الكاتب حمد بن إبراهيم العثمان في قراءة تحليلية بعنوان "خطورة فكر الإخوان المسلمين على المجتمعات الإسلامية"، نُشرت على موقع (الإسلام العتيق).

عسكرة المجتمع المدني

يشير الكاتب إلى أنّ الإخوان المسلمين أحكموا التنظير على وجه لو التزمه المسلم ما صار مسلماً إلا في فئتهم، فإنّهم إذا قالوا لا توجد جماعة للمسلمين اليوم، ويجب على المسلم الانضمام لحزبهم وإلا أثم، فقد حصل مرادهم، وخرج الناس من سعة الجماعة إلى ضيق حزب الإخوان المسلمين.

وشدّد الكاتب على أنّ الإخوان المسلمين ليسوا جماعة المسلمين لا شرعاً ولا قدراً، وأنّهم ليس لهم ملك ولا سلطان، فليسوا ولاة أمر المسلمين وليسوا الجماعة، مستنداً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا، وإن تأمَّر عليكم عبد حبشي"، فمن ليس له إمرة، واضح أنّه ليس من ولاة أمور المسلمين.

ويعتبر حمد بن إبراهيم العثمان أنّ الأحزاب الدعوية مجرد دعاة إلى الله لا أمراء ولا ولاة، فلا يجوز لهم طلب بيعة ولا عهد ولا سمع ولا طاعة من أحد، وأنّهم متربصون بالحكم، مفارقون للجماعة، نسيج وحده، يتصرفون على اعتقادهم أنّهم حكومة، لافتاً إلى أنّ واجبهم كان الدخول في الجماعة ظاهراً وباطناً حقاً وصدقاً، لا كما يقول د. جاسم المهلهل الياسين: "إمارة القافلة"، ولا كما يقول محمد أحمد الراشد عن حزبه الإخوان المسلمين: "موطن اتخاذ القرار، واختيار الخطة والأسرار".

إنّ من أخطر ما فعله (الإخوان) في العالم الإسلامي في العقود الماضية هو تغيير مفهوم الدين البسيط والجميل

القراءة أكدت أيضاً أنّ الدعوة إلى الله من إقامة الدروس والمحاضرات وتوزيع الصدقات والزكوات طاعة، إذا قصد به وجه الله، وسلمت من البدع، أمّا مفارقة الجماعة بحزب ونسيج خاص وطلب الإمارة والبيعة لأنفسهم، واعتقاد ألّا جماعة للمسلمين، فهذا هو مقدمة الخروج، فالواجب على الدعاة جميعاً الإصلاح ضمن الجماعة، والنقص لا يسلم منه أحد.

مصانعة الحركة لدول الكفر والتودد إليهم وتقديم أنفسهم على أنّهم خيار حاضر للحكم متى ما أراد الغرب إيصالهم لسدة الحكم باتت بوادره واضحة.

مفهوم الجماعة واضح كما سبق في كلام شيخ الإسلام، إذ قال الطبري، رحمه الله، مبيناً معنى الجماعة: "الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره"، وقال الحافظ بن عبد البر، رحمه الله: "المقصود الجماعة على إمام يُسمع له ويُطاع".

الطاعة الحركية وكتائب الذبيح

وبعد أن ظهر جلياً أنّ حزب الإخوان المسلمين ليس له أيّ ولاية شرعية ولا قدرية، نبّه الكاتب إلى أنّهم والحال هذه يطلبون من أتباعهم السمع والطاعة فوق ما هو من حق ولاة الأمر، وهذا يدلك على أنّه التزام حزبي، لا انقياد شرعي.

واستند إلى قول يوسف القرضاوي وهو يتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين منتقداً ضعف عنايتهم بالعلم الشرعي: "وربما ردّ بعض الناس ذلك إلى عيب في الجماعة، هو: ضعف الاهتمام بالجانب الثقافي أو العلمي أو الفكري فيها، حتى شيخنا البهي الخولي عندما وجهنا في "كتيبة الذبيح" كان أكبر همّه التوجيه الروحي والسلوكي، وهو مهم ولا شك، ولم يكن همّه التكوين العلمي أو الثقافي، ولذا لم يوجهنا إلى أيّ كتاب نقرؤه، أو يكلفنا بأيّ شيء علمي نقوم به، كانت الفكرة المسيطرة: أن يدربنا على "السمع والطاعة"، فعلينا أن نقول لقادتنا ما قال إسماعيل لأبيه: {يا أبت افعل ما تؤمر}، فهو يريد جنوداً مطيعين، أكثر ممّا يريد دعاة مثقفين".

الإخوان المسلمون ينادون على أنفسهم بالتزكية، وهم في مقام يرون مرشدهم العام (حسن البنا) أفضل من الصحابة

القرضاوي طبعاً يشير إلى قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {يا بني إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [الصافات: 102].

فإذا كان الأمر عند الحركة "لا ولاء لأيّ حكومة"، كما قال البنا، والولاء لهم، والطاعة لهم وفق قول إسماعيل عليه السلام: {يا أبت افعل ما تؤمر}، فقد تقوّض النظام، ولم يبقَ إلا الحركة، والله المستعان.

ميكافيلية الحركة

يذهب كاتب المقال التحليلي إلى أنّ مصانعة الحركة لدول الكفر والتودد إليهم وتقديم أنفسهم على أنّهم خيار حاضر للحكم متى ما أراد الغرب إيصالهم لسدة الحكم باتت بوادره واضحة، وأنّ دلالات هذا اللحن الحركي معلومة، فلهم اجتماعات خاصة مع رؤساء الغرب، وقبولهم لوزارتين في أول حكومة صنعها الأمريكان في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين معلوم.

العلماء الصادقون العارفون بحقيقة حركة الإخوان المسلمين يذكرون من لحن الحركة تعاملهم المشبوه مع اليهود، وتلقيهم المساعدات المالية للقيام بعمليات إجرامية.

الكاتب جزم بتعاون الإخوان المسلمين مع إيران، التي استغلت مسارعة الجماعة إليها في اختراق مجتمعاتنا وتصدير عقيدتهم والتوطئة للهيمنة المستقبلية، مستنداً في ذلك إلى خروج الحوثيين على الجماعة في اليمن!.

والصنيعة الإيرانية في لبنان (حزب الله) مثال صارخ لحكومة الظل والاختراق على الأساس الطائفي، فهي نسيج وحده لطائفة واحدة، كما أنّ إيران لا تدعم فلسطين إلا لتهيمن عليها مستقبلاً وتصدّر عقيدتها، وأحداث غزة خير برهان على ما نقول.

فإيران اختارت التفرج على غزة طوال عدوان اليهود عليها، مع امتلاكها ترسانة مهولة من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والغواصات النووية، والطائرات المقاتلة، وأصناف الأسلحة الأخرى المتنوعة التي تقصد إيران من ورائها الهيمنة على الخليج لذلك يطالبون بالبحرين.

فإيران طوال تاريخها لم تدعم فلسطين، والآن لما سارعت إليها حماس، دعمتهم لتصدّر ثورتها إلى فلسطين، وليكون لها موطئ قدم لنشر عقيدتها.

هذا الدعم الإيراني، بحسب المقال، في الحقيقة عود على الفتح العمري بالنقض. فكيف ننسى أنّ فلسطين أدخلها في الإسلام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وحكومة إيران تكفّره؟!!.

كفى معاندة للحق... أبرئوا الذمة

الإخوان المسلمون، وفقاً للمقال المنشور، كَفَّروا الولاة والشعب والوالدين، وأراقوا الدماء باغتيالاتهم الفاجرة، وكان واجبهم تصحيح الأخطاء، والتوبة من التكفير الذي حكينا شهادة الإخوان أنفسهم عليه، لتبرأ ذمتهم أمام الله، لكن مع الأسف تنظيم الحركة وقيادته اختاروا معاندة الحق والإصرار على الباطل.

فقد نشرت صحيفة (الوطن) عن الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر محمود عزت قوله: "في عام 2005 أثيرت قضية كتابات سيد قطب، سواء من خلال بعض التصريحات لعدد من الإخوان أو في المقالات التي كان يكتبها عدد آخر بل حتى من مذكرات شخصية من عدد من الإخوان، فيها أنّ هنالك كلاماً للأستاذ سيد يكفر فيه المجتمع باعتباره مجتمعاً جاهلياً، وأنّ هذا الكلام كان له تأثير على جماعات أخرى غير الإخوان أدت إلى انتهاجها منهج العنف، وعندما ناقش مكتب الإرشاد هذه القضية قرر إحالتها لقسم التربية، حيث أنّه القسم المهتم بفكر الجماعة، وللإخوان الذين عاصروا سيد قطب، وخاصة الذين تعاملوا معه بشكل مباشر، وبعد دراسة مستفيضة للموضوع وافق مكتب الإرشاد، وأعلن المرشد العام محمد مهدي عاكف موقف الجماعة، حيث قال: إنّ كلام سيد قطب لم يخرج عن فكر الإخوان".

لحن النقاء الحركي

يلفت الكاتب إلى أنّ الإخوان المسلمين ينادون على أنفسهم بالتزكية، وهم في مقام يرون فيه مرشدهم العام (حسن البنا) أفضل من الصحابة، ومع هذا الغلو في تزكية أنفسهم فإنّه ما إن يخالفهم مخالف في عقائدهم ومناهجهم المخالفة للكتاب والسنّة إلا ابتدروه بالسب والثلب، وسبب ذلك يرجع إلى نقص دينهم وضعف إيمانهم، وانحطاطهم الأخلاقي.

ولأنّ الإخوان مبتدعة، لا تسعفهم أدلة الكتاب والسنّة إلى إقامة أركان بدعهم، فيفزعون إلى السب، وفق الكاتب.

والإخوان المسلمون عدوانهم بالسب والثلب والطعن لم يقتصر على مخالفهم فقط، بل مالوا على الشعوب الإسلامية فضلاً عن الولاة تكفيراً وتبديعاً وتفسيقاً، فسيد قطب يصف المجتمعات الإسلامية كلها بـ "الجاهلية"، والغريب أنّه أطلق هذه الأحكام في "الستينات" يوم كانت المجتمعات الخليجية غاية في التدين والصلاح.

والغريب أنّ قيادة "الإخوان" التي يفترض فيها أن تكون صفوة الجماعة تفاخر في كتبها بمعاصيها كتضييع صلاة الجمعة والعصر على التوالي من أجل "السينما"، بحسب المقال، وتفاخر باللعب واللهو في المراقص، ثم يميلون وهم بهذه الصفة على المجتمع وكل من يخالفهم بالسب واللمز والغمز والطعن، وكان واجبهم لو ابتلوا بشيء من المعاصي أن يستتروا.

مواضيع ذات صلة:

الإخوان المسلمون: عكس التيار في تونس وانتهازية في المغرب واستقالة مدوية في موريتانيا

الإخوان المسلمون: حصار في تركيا ومسيرة للعنف في ماليزيا ومناوشات في المغرب

الإخوان المسلمون: تفجير المشهد في المغرب واحتجاجات في اليمن وسرقة الأراضي في غزة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية