خيمتان تستدرجان إسرائيل للحرب: هل حنّ حزب الله لدخان القذائف؟

خيمتان تستدرجان إسرائيل للحرب: هل حنّ حزب الله لدخان القذائف؟

خيمتان تستدرجان إسرائيل للحرب: هل حنّ حزب الله لدخان القذائف؟


20/07/2023

يرى محللون عسكريون إسرائيليون أنّ قيام حزب الله بإنشاء جدار إسمنتي وإرسال عناصر مسلحة إلى الأراضي الإسرائيلية، أو ما يعد معسكراً مكوناً من خيمتين، يؤدي إلى تقليص هامش الخطأ للحلول الدبلوماسية، وزيادة تآكل مصداقية النظام الأمني الحدودي ما بعد عام 2006، كما أنه ينذر بانزلاق التوتر في جنوب لبنان إلى حرب بين إسرائيل وحزب الله.

فهل حنّ حزب الله لدخان القذائف؟ وهل تكون الحرب خلاصاً لحزب الله وإيران من الأزمات السياسية؟

يقول محلل الشؤون العسكرية في موقع "والاه" الإسرائيلي أمير بوحبوط إنّ "حجم النيران التي سيطلقها حزب الله باتجاه الجبهة الإسرائيلية (في حال نشوب مواجهة) لن يترك خياراً للمستوى السياسي سوى إصدار الأوامر من اليوم الأول لإرسال قوات برية من الجيش النظامي وجيش الاحتياط إلى داخل لبنان، من أجل السيطرة على مواقع إطلاق الصواريخ الكثيرة".

استفزاز صريح

وفي 21 حزيران (يونيو) الماضي أفادت بعض التقارير بأنّ عناصر مسلحة من حزب الله نصبت خيمتين على "الأراضي الإسرائيلية". وامتنع "جيش الدفاع الإسرائيلي" في البداية عن الإعلان عن هذا الانتهاك من أجل منح حزب الله فرصة "للتراجع" بهدوء. كما استخدم المسؤولون الإسرائيليون القنوات السياسية مع الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة لتوضيح أنه سيتم إزالة الخيمتين بالقوة إذا لم يتم إخلاؤهما، بينما أكدوا أنّ إسرائيل لا تريد الحرب، وستسمح بأن تأخذ الدبلوماسية مجراها، وفق صحيفة "العرب" اللندنية.

وفي لبنان حذّرت صحيفة "الأخبار" التابعة لحزب الله من أنّ "أي عمل إسرائيلي لإزالة الخيمتين سيؤدي إلى اندلاع حرب".

أفادت بعض التقارير بأنّ عناصر مسلحة من حزب الله نصبت خيمتين على "الأراضي الإسرائيلية"

وسعت إسرائيل إلى كبح جماح الاستفزازات التي يمارسها الحزب، من دون التسبب بتدهور الأوضاع ونشوب حرب شاملة، إلا أنّ نهجه المدروس - إلى جانب النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة - لم يؤدّ سوى إلى تشجيع عدوان حزب الله ودعوة بيروت إلى الإبهار، كما كتب العميد (احتياط) أساف أوريون، الرئيس السابق لـ "القسم الاستراتيجي في مديرية التخطيط" التابعة لـ "هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي، في الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في الرابع عشر من الشهر الجاري.

حزب الله ليس مهتماً ببدء حرب

ومع أنّ إسرائيل تُقدّر أنّ حزب الله ليس مهتماً ببدء حربٍ في الوقت الحالي، بحسب أوريون، إلّا أنّ كبار المسؤولين في "جيش الدفاع الإسرائيلي" حذّروا مؤخراً من ازدياد ميل الجماعة إلى التحديات التي قد تؤدي إلى حدوث تصعيدٍ غير مقصود (على سبيل المثال، القصف في آذار/مارس بالقرب من مجيدو؛ وإطلاق الصواريخ في نيسان/أبريل من قبل خلايا "حماس" في جنوب لبنان). وبين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس، وفي منطقة "جبل دوف/شبعا"، تم الإبلاغ عشرات المرات عن وجود نشطاء عسكريين من "حزب الله" بالقرب من موقع محلي للمراقبة تابع لـ "الأمم المتحدة" (OGL-SO3)، الذين كانوا يعبرون "الخط الأزرق" من حينٍ إلى آخر.

المحلل السياسي اللبناني نبيه عواضة: هناك عملية إشغال لإسرائيل تجري على طول الشريط الحدودي، مرتبط بسعي لبنان للاستفادة من تآكل نظرية الردع لدى الإسرائيليين

وفي غضون ذلك، أشار مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى أنّ نشطاء حزب الله بنوا خيمة على بُعد نحو ثلاثين متراً داخل الأراضي الإسرائيلية في 8 نيسان (أبريل)، بالقرب من مركز "الأمم المتحدة" SO3. وفي وقتٍ لاحقٍ، ألقى "جيش الدفاع الإسرائيلي" منشوراتٍ في المنطقة لتحذير الأفراد من عبور الحدود. لكن في 30 أيار/مايو، نُصبت خيمة أخرى على مسافة خمسةٍ وخمسين متراً داخل إسرائيل. ووفقاً لبعض التقارير، يعتقد مسؤولون في "جيش الدفاع الإسرائيلي" أنّ كلا الخيمتين نصبهما نشطاء ميدانيون دون علم قادتهم. وعلى أي حال، أعلنت بعد ذلك وسائل إعلام وشخصيات بارزة تابعة لـحزب الله أنّ الخيمتين تقعان في الأراضي اللبنانية المحتلة. ولاحقاً أفادت بعض التقارير أنه تم إخلاء إحدى الخيمتين، لكنّ المتحدثين باسم حزب الله زعموا أنّ كلا الخيمتين لا تزالان في مكانهما وستُضاف إليهما بنًى أخرى حسب الضرورة.

وفي 12 من الشهر الجاري، حين صادفت الذكرى السنوية لحرب عام 2006، حاول نشطاءٌ من حزب الله تخريب السياج وإضرام النيران بالقرب من التجمعات الحدودية الإسرائيلية، مما دفع "جيش الدفاع الإسرائيلي" إلى تفريقهم، كما يذكر المقال في موقع معهد واشنطن. وأكد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله أنّ أي هجومٍ على خيمتَي شبعا لن يمرّ من دون الرد عليه، ووجّه المقاتلين إلى الرد على أي اعتداء إسرائيلي. كما جدد مطالبته إسرائيل بالانسحاب من النقاط اللبنانية المحتلة على طول الحدود. وفي غضون ذلك، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من الاستفزازات الخطيرة، مؤكداً استعداد إسرائيل للتصرف حسب الحاجة.

 إسرائيل تُقدّر أنّ حزب الله ليس مهتماً ببدء حربٍ في الوقت الحالي

ومن الصعب، بحسب الجنرال الإسرائيلي أساف أوريون، تجاهل التشابه بين التطورات الناشئة في "جبل دوف/شبعا"، واتجاه حزب الله الأوسع نطاقاً نحو ممارسة المزيد من العدوان العلني والتمتع بالثقة الزائدة، والتهديدات التي وجهها الحزب في العام الماضي لدعم المطالب البحرية للبنان. ففي ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، تطوّرَ الوضع التكتيكي (إطلاق طائرات بدون طيار في عام 2022؛ ونشر الخيام والمسلحين على طول "الخط الأزرق" في عام 2023) تدريجياً إلى أن برزت محاولة سياسية لبنانية لانتزاع تنازلات حدودية من إسرائيل تحت التهديد بالتصعيد. ويتمثل الخطر الأشد الناشئ عن الوضع الحالي في حدوث تصعيدٍ ينتج عن سوء التقدير ويؤدي إلى الحرب - وهو سيناريو قد ينفجر بسبب هجمات إضافية لحزب الله، أو إزالة إسرائيل للخيمتين بالقوة.

سياسة حافة الهاوية

وإذا استمر وجود الجماعة في الأراضي الإسرائيلية، كما هو مرجح حالياً بشكل متزايد، يجب على إسرائيل، وفق أوريون، أن تستعد للتخلص منه في الوقت الذي تختاره، وتستعد للتصعيد المحتمل إذا عارض حزب الله بقوة عملية الإزالة أو قام بأي عدوان آخر. وبهدف إضعاف سياسة حافة الهاوية التي قد يمارسها الحزب، يجب على إسرائيل أن تسعى إلى زعزعة ثقة الجماعة في توقع الشكل الذي ستتخذه عمليات "جيش الدفاع الإسرائيلي". وفي الوقت نفسه، يجب إنجاز عملية بناء الجدار بالقرب من "جبل دوف"، وتحديد "الخط الأزرق" بوضوح في الأقسام الخالية من العوائق.

ويرى خبراء لبنانيون أنّ إسرائيل غير معنية بالتصعيد في الوقت الحالي، لا سيما في ظل ما تواجهه من أزمات داخلية، ومع الخسائر التي يتكبدها المحور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، لكنهما أكدا إمكانية تدهور الأوضاع والوصول لمواجهات مسلحة.

المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بوحبوط: حجم النيران التي سيطلقها حزب الله باتجاه الجبهة الإسرائيلية لن يترك خياراً سوى إرسال قوات برية إلى داخل لبنان

واعتبر المحلل السياسي اللبناني، والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، نبيه عواضة، أنّ هناك عملية إشغال لإسرائيل تجري على طول الشريط الحدودي، مرتبط بسعي لبنان للاستفادة من تآكل نظرية الردع لدى الإسرائيليين من أجل استعادة نقاط حدودية محط نزاع.

وبحسب حديثه لموقع "سبوتنيك"، هناك 13 نقطة حدودية متنازع عليها، بينها 7 نقاط حولها تأكيد بشرعية لبنان بالسيطرة عليها، أما باقي النقاط فـ"ملتهبة" سياسياً ودبلوماسياً، ويمكن أن تؤسس لاشتباك من نوع آخر نشاهد بوادره في التحول حول ما يجري اليوم على الحدود.

من جهته، قال الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني علي عبدو إنّ "المقاومة كانت تقوم قديماً بعمليات عسكرية على إسرائيل، أما اليوم فقد تغيرت قواعد الاشتباك حيث إنّ المقاومة، كما أبلغ "سبوتنيك" أصبحت قادرة على الدخول ليس فقط إلى قرية الغجر "بل إلى عمق فلسطين المحتلة، وأي تصعيد إسرائيلي سيغير الكثير من المعادلات وإسرائيل تعي هذا الموضوع جيداً".

مواضيع ذات صلة:

المسكوت عنه في جولة المواجهة الأخيرة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي

إسرائيل وإيران وحماس وطالبان... تناقضات أردوغان حاضرة بقوة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية