رغم حادثة العوجا: إسرائيل حريصة على علاقتها مع مصر

رغم حادثة العوجا: إسرائيل حريصة على علاقتها مع مصر

رغم حادثة العوجا: إسرائيل حريصة على علاقتها مع مصر


كاتب ومترجم فلسطيني‎
13/06/2023

 

تواصل الأجهزة الأمنيّة والمؤسسة السّياسية في إسرائيل، التحقيق والعمل على كشف تداعيات العملية التي نفذها أحد الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل، وذلك بعدما اعترف مسؤولون أمنيّون بفشل الأجهزة الأمنيّة والاستخباراتية ذات العلاقة بحماية الحدود، واعتبروها إخفاقاً خطيراً من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من عمليات شبيهة، في وقت لم تدرج الحدود المصرية منذ أعوام طويلة ضمن أي حديث عن تصعيد وتوتر أمني، إذ إنّ الهدوء يسود المنطقة منذ سنوات.

وبالرغم من وصف الأوساط الأمنيّة والسّياسية في إسرائيل العملية التي أدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة رابع بـ"الصعبة"، إلا أنّ إسرائيل تحرص على الحفاظ على علاقات هادئة مع مصر من دون إحداث أي خلل لعملية السلام، وامتنعت عن تخريب العلاقات وتعاملت بإيجابية مع الحادثة، وقامت بتسليم جثمان منفذ العملية إلى الجانب المصري دون إبداء أي شروط مسبقة.

الكاتب الإسرائيلي أور هلر، قال إنّ الحدث الذي وقع على الحدود مع مصر لم يمس بالعلاقات الاستراتيجية بين مصر وإسرائيل، كما أنّه لن يتسبب بضرر حول التعاون الاستراتيجي بين الجيشين، والمرحلة القادمة ستشهد تعاون يتجاوز مسألة تأمين الحدود، مضيفاً أنّ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان قد طلب في وقت سابق، مساعدة سلاح الجو الإسرائيليّ من أجل محاربة التنظيمات المتشددة في سيناء، وهذا يأتي في سياق عمل مصر على حفظ الأمن والسلام.

عدم تخريب العلاقات

أما عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فقد وصف واقعة مقتل الجنود الثلاثة بالمؤلمة والصعبة، لكن طالب منذ اللحظات الأولى لوقوع حادثة قتل الجنود الإسرائيليين بلاده بعدم تخريب العلاقات المصرية الإسرائيلية، باعتبار مصر أفضل وأقوى الجيران لإسرائيل، وتربطنا معها علاقات دافئة مع مرور السنوات.

هاني سليمان: امتناع إسرائيل عن تخريب العلاقات يعود لاعتبارات ومن أبرزها خط العلاقات المستقر بين الطرفين منذ ما يقارب من 50 عاماً

ويتخوف الإسرائيليون بعد الحادثة المفاجئة من فتح جبهة جديدة على طول الحدود مع مصر وتكرار مثل الحادثة على الحدود مع الأردن، وهذا يهدد أمن واستقرار البلاد ويستنزف قدرات الجيش، الذي يعمل على جبهة الجنوب والشمال بشكل كامل، في حين يرى قادة بارزون في الجيش الإسرائيليّ، أنّ اخفاقات كبيرة في منظومة الدفاع في المنطقة أدت إلى نجاح عملية العوجا، ومنها طول الحدود المصرية وإدارة العديد من النقاط الأمنيّة من قبل رجال الشرطة وليس الجنود، وذلك وفق اتفاقية "كامب ديفيد" التي تمنع دخول الجيش إلى سيناء باعتبارها منطقة منزوعة السلاح.

هناك لقاءات موسعة وغير معلنة تجري بين قادة عسكرييّن من كلا الطرفين من تحت الطاولة في أعقاب حادثة الجندي المصري، كونها كانت صعبة على الإسرائيليين

في تعليقه على ذلك يقول الكاتب المختص في الشأن العربي والدولي هاني سليمان إنّ "امتناع إسرائيل عن تخريب العلاقات يعود لاعتبارات ومن أبرزها، خط العلاقات المستقر بين الطرفين والممتد منذ ما يقارب من 50 عاماً، وهي في مجملها مقبولة وجيدة وفكرة تعكيرها لم يكن اختيار سهل بالنسبة للإسرائيليين".

وأشار سليمان في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "مصر ومنذ الحادثة اعلنت في موقف رسمي عن التزامها بالتعاون في التحقيق مع إسرائيل، وأبدت مرونة وتعاوناً كبيرين، وأنها على استعداد للتنسيق بشكل مشترك مع إسرائيل. وردة الفعل المصرية هذه كانت متناسبة ومحترمة، تنم عن دولة لديها مسؤولية وتعي مسؤولياتها تجاه العلاقات مع الدول المجاورة".

التفاصيل مجهولة

وأوضح أنّ "طبيعة الحادثة لا تزال مجهولة، وهذا ما يجبر إسرائيل على عدم فعل أيّ شيء، فحتى هذه اللحظة لا يملك الجانب المصريّ ولا حتى الاسرائيليّ أي تفاصيل واضحة عن سبب للحادثة يدين الجانب المصريّ، سواء كانت الحادثة عملاً فردياً أو منظماً، أو كانت هناك بالفعل عملية تهريب في المكان، لكن التفسيرات المتنوعة وعدم التوصل إلى نتائج واضحة، يدفع الإسرائيليين إلى اتخاذ تدابير أمنيّة، وإعادة تعزيز التعاون الأمنيّ مع مصر لمنع تكرار مثل الحادثة".

الباحث جهاد ملكة لـ"حفريات": إسرائيل تعتبر مصر أحد أهم الدول التي تشكل صمام أمان لها في المنطقة، باعتبارها مفتاح للقضية الفلسطينية، وتمتلك أدوات التأثير الدبلوماسية 

ويعتقد الباحث المصري أنّ "هناك لقاءات موسعة وغير معلنة تجري بين قادة عسكرييّن من كلا الطرفين من تحت الطاولة في أعقاب الحادثة، كونها كانت صعبة على الإسرائيليين الذين استنكروا ونددوا بشكل غاضب بالحادثة، وهذه الاجتماعات قد ينتج عنها ضوابط أمنيّة متمثلة في تركيب كاميرات على الحدود، وربما يكون هناك حديث عن تعويض مادي".

مصر صمام الأمان لإسرائيل

من جهته، أكد الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي جهاد ملكة أنّ "إسرائيل تعتبر مصر أحد أهم الدول التي تشكل صمام أمان لها في المنطقة، باعتبارها مفتاح للقضية الفلسطينية، وتمتلك أدوات التأثير الدبلوماسية، وذلك من خلالها عملها المتواصل كوسيط بين حماس والفصائل الأخرى وإسرائيل، ودورها القوي في الوساطة خلال الأزمات والحروب، ولذلك تحرص على استمرارية التعاون المستمر معها والإبقاء على علاقات هادئة ومستقرة حفاظاً على أمنّها القوميّ".

جهاد ملكة: إسرائيل تعاني من انزلاق أمنيّ خطير محتمل على الجبهة الشمالية وكذلك على جبهة الجنوب

وبيّن ملكة في حديثه لـ"حفريات" أنّ "إسرائيل تعاني من انزلاق أمنيّ خطير محتمل على الجبهة الشمالية وكذلك على جبهة الجنوب، كما أنّها منشغلة بشكل كبير في الوقت الحاليّ بالملف النووي الإيرانيّ، واستعداداتها المتواصلة لشن هجمات على المفاعلات النووية الإيرانيّة، في ظل الاستفزازات المتواصلة على الجبهة الشمالية، لذلك لا ترغب إسرائيل بأيّ تعكير للعلاقات مع مصر".

الصدام سيزيد من الهجمات

ولفت إلى أنّ "أيّ خطوة صداميّة من قبل إسرائيل كرد على الحادثة، ربما تدفع بمزيد من العمليات الفردية من قبل أفراد الجيش المصري على طول الحدود، وخاصة وأنّ المصريين يعتبرون إسرائيل العدو الأول لهم وللدول العربية، وأيّ محاولة لتهديد الأمن المصري ستواجه بعمليات انتقامية أوسع".

وأضاف ملكة أنّ "الإسرائيليين يدركون جيداً أنّ من مصلحتهم عدم تعكير العلاقات الدافئة التي تقيمها الدولة مع جيرانها، من أجل ضمان استقرار الوضع الأمنيّ على الحدود، واجبار الدول بالالتزام بمسؤولياتها وفق الاتفاقيات الموقعة معها".

مواضيع ذات صلة:

بعد القمة العربية.. كيف تنظر إسرائيل لإيران؟

تآكل قوة ردع الجيش الإسرائيلي تجاه غزة تعمق الخلافات

هل إسرائيل على موعد مع مواجهة في ساحات متعددة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية