شروق شمس تونس وغروب "الإخوان"

شروق شمس تونس وغروب "الإخوان"


03/10/2021

سالم حميد

أخبار مبهجة من تونس الخضراء، حيث ولأول مرة يتم تكليف امرأة بمنصب رئاسة الحكومة، في فترة حساسة من تاريخ البلاد، حيث تحتاج «نجلاء بودن» إلى اختيار أعضاء حكومتها بعناية وبدون أي تدخلات أو ضغوطات، لكن الجزء المشرق هو عدم وجود معوقات كبيرة، حيث إن جماعة «الإخوان» المتمثلة بـ«حزب النهضة» شبه مشلولة بحكم واقع تجميد عمل البرلمان الذي كان يعيق تنفيذ قرارات مصيرية واستحقاقات تسهم في إنقاذ البلاد، إذ كان لسيطرة راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»، على البرلمان، أثر سيء تسبب في عدم قدرة مؤسسات البلاد على العمل بشكل طبيعي، كما رهن مصالح تونس لصالح أجندات خارجية ومصالح أحزاب إخوانية.

وقد كان لقرار الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد البرلمان وإقالة الحكومة السابقة دور كبير في إنقاذ تونس وإنهاء سيطرة الأحزاب الفاسدة، حيث لجأ سعيد للدستور من أجل إنهاء تلك الحالة السياسية والانطلاق نحو تونس جديدة متجددة. هذا الحراك الذي نجم عنه تكليف رئيسة حكومة تقود التصحيح في مسار عمل الحكومات التونسية، لاقى تأييداً شعبياً وحزبياً واسعاً، على الرغم من مساعي «حزب النهضة» للحشد ضد هذه الخطوات، إلا أن محاولاته فشلت. وهنا يحضرني ما نشره راشد الغنوشي من صور مفبركة أو معدلة لمتظاهرين «إخوان»، ليظهر كما لو أن هناك أعداداً كبيرة ترفض قرارات سعيد، فيما جاء الرد من الشارع التونسي الذي خرج محتفلاً بقرارات سعيد الهادف للحفاظ على الدولة التونسية في المقام الأول. «الإخوان» الذين تلقوا ضربةً قاصمةً تكللت بحملة استقالات جماعية من الحزب، وبينهم قيادات أصابهم الملل من حالة الفساد والديكتاتورية المطلقة داخل هذه الحركة التي لطالما لفقت الاتهامات لخصومها بذلك.

لكن يبدو أن السحر انقلب على الساحر، حيث إن هذا الحزب أصبح في مهب الريح، خاصة أن هناك رغبة في الانقلاب على هذا الحزب وتشكيل حزب وسطي يخرج نهائياً عن عباءة «الإخوان» بعد أن فشلوا في قيادة العملية السياسية في تونس، ثم فشلوا فيما تبقى لهم وهو رئاسة البرلمان، وبعد أن حاكوا المؤامرات ضد البلاد، وعملوا على تقويض كل الجهود من أجل إخراج تونس من أزمتها الاقتصادية وحتى الصحية في ظل جائحة كورونا، وما ترتب على ذلك من كشف لعمليات الفساد غير المسبوقة. يبدو أن الصورة القادمة من تونس تشير إلى ضرورة إجراء تعديلات في الدستور التونسي، وهنا نتحدث عن دستور 2014، وهذا يحتاج إلى قرار من الرئيس، وإلى دعم كبير وإيضاح لفوائد هذا التعديل، وكيف سيسهم في تعزيز الحياة السياسية وعدم السماح بعودة البلاد إلى الوراء، والأهم هو تعزيز الديمقراطية وفق مواد دستورية سليمة تمنع تضارب عمل السلطات في البلاد.

أما الادعاء حول محاولة سعيد الاستئثار بالسلطة، فهذه مجرد اتهامات باطلة يحيكها «الإخوان» والداعمون لهم، حيث انطلقوا في حملات ضد قرارات سعيد تهدف إلى التأثير على الشارع التونسي الذي لطالما فاجأنا بوعيه وإدراكه لواقع الحال وكشفه لجميع المؤامرات التي تحاك ضده.

مستقبل تونس لا بد أن يكون مشرقاً فمن يتحلون بالروح الوطنية والولاء لبلدهم كثر، وعلى الرغم من حالات الفساد الكثيرة فإن الرئيس أعلنها صريحة: الحرب ضد الفساد والمفسدين في المجالين الاقتصادي والسياسي. هناك نواب فاسدون وهناك من يستفيد من هذا الواقع الذي يدفع البلاد نحو الوراء، لكن حالة الوعي لدى بعض القيادات لا بد أن تسهم في تحجيم الفساد وكشف المفسدين ونقل تونس إلى مرحلة جديدة مشرقة.

عن "الاتحاد" الإماراتية

الصفحة الرئيسية