صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان... كيف يرسم مساراتها المستقبلية؟

صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان... كيف يرسم مساراتها المستقبلية؟


04/04/2022

اتّسمت غالبية الصراعات التي توالت على جماعة الإخوان عبر تاريخيها بأنّها "جيلية"، حدث معظمهما في ضوء التفاوت الفكري والحركي للأجيال المتعاقبة داخل الجماعة، وقد حرصت الجماعة على مدار نحو (90) عاماً على إخفائها والترويج لها باعتبارها نوعاً من الحراك داخل التنظيم، يعكس مدى الحرّية الممنوحة لأعضائه، وفي الواقع حسمت كافة تلك الصراعات لصالح الجيل الأكبر سنّاً.

وبحسب ما أورده الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب مصطفى زهران في دراسته المنشورة بمركز تريندز للبحوث والاستشارات تحت عنوان: "صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين... تاريخية الأزمة ومساراتها المستقبلية": "تسهم الأحداث المهمّة بقدر كبير في صناعة الظاهرة ورسم ملامحها وتحديد توجهاتها وفق سياقاتها المنتجة لها".

عوامل ذاتية وسياقات خارجية

وقد أوردت الدراسة أنّه "في تناول جماعة الإخوان المسلمين وصراعاتها الجيلية على امتداد تاريخها وأطواره التكوينية، لا يمكن النظر إليه والتعامل معه دون ربط هذه الأحداث الكبرى من سياقات سياسية ومجتمعية محلية وإقليمية ودولية من جهة، ومتلازمة الصراع التي رافقتها منذ تأسيسها على يد حسن البنّا 1928 إلى يومنا هذا، بعضها ببعض، من جهة أخرى.

 

وقدّم الباحث خلال دراسته قراءة معمّقة لأزمة الصراع المحتدم داخل الجماعة وتداعياتها والعوامل المؤثرة فيها وأسبابها، وأيضاً مآلاتها المستقبلية، في ضوء العوامل التاريخية التي طالما أثرت في هيكل التنظيم وبنيته، وشكّلت جزءاً من إيديولوجيته، ومساره الحركي في الماضي والحاضر.

اقرأ أيضاً: مؤتمر الإخوان في تركيا: هل من جديد غير الفضفضة؟

وتناول "زهران" صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين منذ بداياتها حتى انتقال الصراع الآن إلى دول خارج مصر، وتأثير هذا الصراع على تماسك الجماعة، وهل سيؤدي الصراع إلى انتهاء الجماعة وأفولها، أم ما زالت تمتلك القدرة على احتواء الأجيال الجديدة وإدخالها تحت عباءتها مرّة أخرى؟."

قدّم الباحث خلال دراسته قراءة معمّقة لأزمة الصراع المحتدم داخل الجماعة وتداعياتها والعوامل المؤثرة فيها وأسبابها، وأيضاً مآلاتها المستقبلية

ووفق الدراسة: ذهب الكثير من الباحثين والدارسين في حقل العلوم الاجتماعية نحو دراسة قضية الصراع بين الأجيال داخل الإخوان، ودأبوا في سياق ذلك على إطلاق تسميات وتوصيفات عدة عليها، كان من بينها، على سبيل المثال لا الحصر: جيل الستينيات، والسبعينيات، والتسعينيات، وجيل الوسط، والإصلاحيون، والمحافظون، وغيرهم.

اقرأ أيضاً: في ذكرى تأسيس جماعة الإخوان: احتفاء يعمّق الانشقاق

وأوضح الباحث المصري المختص في الإسلام السياسي أنّه قدّم من خلال الدراسة معالجة مختلفة في سياق تناوله لقضية الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين، ترتبط بشكل كبير في تقسيم له بالأحداث المهمّة السياسية على وجه الدقة، وتبحث في العوامل المختلفة التي أدت إلى تغذية الصراع أو تخفيفه في مراحل مختلفة من عمر التنظيم.

4 مراحل من الصراعات

وأضاف: "وفق تلك الرؤية، تمّ تقسيم صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين إلى (4) أجيال جاءت على النحو التالي: (الجيل الأول: من الملكية إلى الجمهورية والحكم الناصري، الجيل الثاني: جيل المرحلة الساداتية والعمل الطلابي في الجامعات، الجيل الثالث: جيل الثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية، ونظام مبارك، والجيل الرابع: مخاضات الـ 25 من كانون الثاني (يناير) 2011 وإفرازات الـ 3 من تموز (يوليو) 2013."

الإصلاحيون والمحافظون

وتابع الباحث: "كان من الطبيعي أن نبحث في سياق هذه التراتبية الجيلية عن أهمّ الظواهر التي تمخضت عن هذا الصراع، من ثنائية المحافظين والإصلاحيين وظاهرتي المدونين الشباب والكتائب الإلكترونية، وتجربة حزب الوسط، وأخيراً ظاهرة الإخوان المنشقين، وعرجنا إلى تناول معضلة الشباب وإشكاليتهم داخل جماعة الإخوان المسلمين، ثم اختتمنا هذا العمل بالحديث عن اللجوء إلى العنف والراديكالية داخل الجماعة، التي برزت بشدة عقب أحداث 3 تموز (يوليو) 2013، وذروة ما وصل إليه الصراع بين الفرقاء داخل جماعة الإخوان المسلمين."

ويدلل الباحث على أنّ ظاهرة الصراع الجيلي كانت أقوى من التصور السائد بأنّ قوة الجماعة تتمثل في قدرتها على احتواء المتذمرين والساخطين والراغبين في التغيير داخلها، وهو التطور الذي دفع المؤلف للتنبّؤ باقتراب أفول جماعة الإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون وإيران وتجليات الانتهازية السياسية

ويستخلص الباحث في دراسته أنّ أهمّ التحولات التي نجمت عن صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين الذي ظهر إلى العلن بقوة مع أحداث 25 كانون الثاني (يناير) 2011، وما تلاها من عزل مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013، هو انتقال ثقل الجماعة ومركزها للمرّة الأولى من القاهرة إلى كلٍّ من لندن وإسطنبول، ممّا يعني مزيداً من تهميش الجغرافيا المصرية في ملف الجماعة.

الدراسة: أهمّ التحولات التي نجمت عن صراع الأجيال داخل الجماعة الذي ظهر إلى العلن بقوة مع أحداث 25 كانون الثاني 2011، وما تلاها من عزل مرسي في 3 تموز 2013

وقد احتدم الصراع بين قيادات جماعة الإخوان منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويحاول كلّ طرف منهما حسم النتائج لصالحه، ويصفه الخبراء والمراقبون بأنّه أحد أخطر الصراعات "الجيلية" داخل جماعة الإخوان، وعلى مدار  تاريخها الذي تجاوز (90) عاماً.

اقرأ أيضاً: كيف يساهم "الإخوان" في تأييد الغرب والتحشيد ضدّ روسيا؟

ويبدو الصراع الداخلي بين جبهتيه؛ بقيادة إبراهيم منير في لندن، ومحمود حسين في إسطنبول، بأنّه الفصل الأخير في مسيرة التنظيم الممتدة لنحو (9) عقود، وبالرغم من كونه صراعاً ممتداً لمدة تجاوزت الـ(8) أعوام، إلّا أنّ العام الماضي شهد تطوراً كبيراً في احتدام الصراع وبلوغه ذروته، بعدما أعلن حسين ومجموعته قرار عزل القائم بأعمال المرشد في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بعد أيام من قراره تحويل الأول ومعه (6) من قيادات مكتب الإرشاد للتحقيق، وفصلهم من مناصبهم، وإلغاء منصب الأمين العام، بحسب تقرير سابق لـ"حفريات".

ويصف المراقبون بوجه عام الصراع الراهن داخل الإخوان بأنّه "سابقة تاريخية" لن تنتهي قريباً، وستؤدّي إلى نسف الهيكل التنظيمي للجماعة نهائياً، ويتوقع الخبراء أن تلجأ الجماعة إلى تحويل نفسها إلى تيار عام لتفادي الاندثار النهائي والتلاشي، بعد أن فشلت كافة مبادرات الصلح التي أطلقتها قيادات الجماعة، وأبرزهم يوسف ندا ويوسف القرضاوي، في احتواء الأزمة ووقف التصعيد بين الجبهتين.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية