عراقيون: أردوغان يؤسّس لإستراتيجية احتلالية لأراضينا

عراقيون: أردوغان يؤسّس لإستراتيجية احتلالية لأراضينا


22/05/2021

لم تكتفِ تركيا بالتدخل العسكري في العراق، بل راحت تحاصر وادي الرافدين عبر ملفّ المياه، بعد أن انخفضت مناسيب نهرَي دجلة والفرات، إثر ملء السلطات التركية "سدّ أليسو" على حساب الحصة المائية للعراق الذي يتغذى نهريه من المنابع التركية. 

ولم يتردّد الرئيس رجب طيب أردوغان، الإثنين الماضي، في الإعلان عن مقتل قياديّ عسكريّ كرديّ داخل الأراضي العراقية، أثناء عملية استخبارية لم تحط بها بغداد علماً.

تركيا تتسابق مع الزمن، و تعّوض تأخرها في نفوذها السياسي مقارنة مع ايران، بتدخل عسكري واضح وصريح ومستفز ومخالف لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية

 ويرى سياسيون ومراقبون عراقيون أنّ سلطة أردوغان تحاول إثبات وجودها في العراق على غرار الدول الأخرى، لافتين إلى أنّ الجار الشمالي لبلادهم لا يقل خطورةً عن الجار الشرقي، في إشارة إلى إيران.

وكان أحدث خرق تركي لسيادة العراق، بداية الشهر الجاري، لدى تفقد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إحدى قواعد بلاده في إقليم كردستان العراق، برفقة رئيس الأركان العامة، وقائد القوات البرية، لترافقها فيما بعد تصريحات لوزير الداخلية، سليمان صويلو، كشف فيها عن نية بلاده تأسيس قواعد عسكرية داخل العراق، وهو ما جعل الأخير يكتفي بالرد عبر الأطر الدبلوماسية.

حرب المياه تعود من جديد
لم يكن انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات داخل الأراضي العراقية، هو الأول من نوعه، بل سبقه ذلك عدة مرات، كان آخرها في عهد حكومة حيدر العبادي (2014-2018)، حينما شرعت تركيا ببناء سد "أليسو" المائي على نهر دجلة، في حزيران (يونيو) 2018، وذلك على حساب الحصة المائية لبغداد.

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يتفقد وحدات الجيش التركي داخل الأراضي العراقية شمال البلاد

وقال وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد، الأحد الماضي؛ إنّ "الواردات المائية القادمة من تركيا لنهري دجلة والفرات انخفضت بمقدار 50%"، مبيناً أنّ "نسبة الضرر تقع عند نهر الفرات بواقع يقترب من نصف المنسوب بسبب تجاوزات الجارة تركيا، وعدم إطلاق الحصص المائية المتفق عليها".
أما الناطق باسم الوزارة، علي راضي، فقد عزا انخفاض الإيرادات المائية خلال هذه الفترة بصورة كبيرة إلى "التوسّع التركي بمشاريع السدود الكبيرة"، وأكّد لـ "حفريات"؛ أنّ وزارته "خاطبت نظيرتها التركية من أجل التوصل إلى حلّ الشحّ المائية، أو تقاسم الضرر في حال التغيرات الطبيعية".

اقرأ أيضاً: الجيش التركي يتعمق أكثر في كردستان العراق
وتابع قوله:  "محافظة ديالى هي أكثر المحافظات تضرراً من بين المحافظات العراقية، وقد عملنا على إطلاق الكميات المائية من خزين نهر دجلة، وفق الحاجة الفعلية لتلك المحافظة"، لافتاً إلى أنّ "الوزارة تعمل على استثمار المياه الجوفية من أجل تخفيف وطأة الشحّ".
ودعا الناطق الرسمي باسم وزارة الموارد المائية إلى "وجوب احترام دول المصب وعدم التعدي على حقوقها، وهذا ما تؤكّده الحكومة العراقية وشخص رئيس الوزراء".

 مكاسب تركيا في العراق
من جهتها، رأت لجنة الزراعة والمياه في البرلمان العراقي، أنّ السلطات التركية تستخدم ملف المياه كورقة ضغط على العراق من أجل الحصول على بعض المكاسب.

اقرأ أيضاً: أزمة المياه في العراق تتفاقم بسبب تركيا.. تفاصيل
وقال عضو اللجنة علي البديري، إن "تركيا بدأت منذ فترة بملء سدّ إليسو مما قلّل من حصة العراق المائية"، مبيناً أنّ "تركيا تحاول استخدام ورقة المياه للضغط على العراق والحصول على بعض المكاسب من خلال السيطرة على أجزاء من الأراضي العراقية وشنّ العمليات العسكرية دون علم الحكومة بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني".

وحذّر البديري من "حصول كارثة ونقص في مياه الشرب بالمحافظات الجنوبية، خصوصاً محافظة البصرة، التي ستكون أكثر عرضة لخطر انقطاع المياه".

جانب من استعراض سرية عسكرية تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي في جبال إقليم كردستان العراق

وانتقد النائب العراقي "عدم جدية تحركات السلطتين التنفيذية والتشريعية لحلّ أزمة المياه التي تعاني منها البلاد منذ سنين طويلة" لافتاً إلى أنّ "اهتمام الحكومة الأول هو النفط، وتنظر لملف المياه بمنظور ثانوي، وليس رئيساً".
مطالبات بمقاضاة تركيا دولياً
ويعتقد مراقبون عراقيون؛ أنّ الحلّ الوحيد لوقف استمرار خرق السيادة العراقية من قبل تركيا، هو اللجوء إلى المحاكم الدولية من أجل إيقاف طموحات "السلطنة الأردوغانية" في العراق، مؤكدين ضرورة مراجعة بغداد لسياستها الخارجية مع أنقرة.

الباحث العراقي حسن الموسوي لـ "حفريات": ضعف الحكومة المركزية العراقية سهّل على نظيرتها التركية، التعدّي على سيادة العراق وأراضيه، دون تنسيق مشترك بين الجانبين

ويدعو حسن الموسوي، الباحث في شؤون العلاقات الدولية بجامعة الكوفة، إلى "تفسير سلوكيات الجيش التركي وحكومته تجاه العراق عبر الاطلاع على سياسة الحزب الحاكم وأفكاره، وطموحات قادته، لا سيما أردوغان، الحالم بالسلطنة"، مبيناً أنّ "الحديث الدائر عن قرب انتهاء معاهدة لوزان، عام 2023، يدفع ببعض المحللين إلى الاعتقاد بأنَّ السياسة التركية التوسعية وتجاوزاتها على سيادة دول مثل العراق وسوريا هي نتيجة لإيمان الأتراك بأنّه بعد انتهاء معاهدة لوزان يحقّ لهم العودة إلى الوضع الذي كان قبل هذه المعاهدة".

ويضيف لـ "حفريات"؛ أنّ "ضعف الحكومة المركزية العراقية سهّل على نظيرتها التركية، بقيادة حزب العدالة والتنمية، التعدّي على سيادة العراق وأراضيه، دون تنسيق مشترك بين الجانبين".

انخفاض منسوبَي مياه نهرَي دجلة والفرات يهدد الاقتصاد الزراعي الخاص والمستوى الحياتي العام
ودعا الموسوي إلى "مواجهة السلوك التركي العدائي وغير المبرَّر من خلال لجوء العراق إلى القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية ومن خلال منظمة الأمم المتحدة، وكذلك إعادة النظر في طبيعة السياسة الخارجية حيال تركيا".
عراقيون : أنقرة تخطّط لإستراتيجية احتلالية لأراضينا

ولم يبتعد الكاتب العراقي، جواد الهنداوي، كثيراً عن رأي الموسوي، في تحليل الأبعاد الإستراتيجية لتركيا داخل العراق، والاختراق المتواصل لسيادة بلاده بحجة محاربة عناصر "العمال الكردستاني التركي" داخل الأراضي العراقية.

اقرأ أيضاً: العراق: الاغتيال برصاصة في الرأس لمن يهتف: إيران برّا برّا

وكتبَ في مقالٍ له؛ أنّ "تركيا تتسابق مع الزمن، و تعّوض تأخرها في نفوذها السياسي مقارنة مع ايران، بتدخل عسكري واضح وصريح ومستفز ومخالف لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية"، مبيناً أنّ "زيارة وزير الدفاع التركي لقاعدة عسكرية تركية في اقليم كردستان، وتفقده لجنود القاعدة، وتصريحاته، التي تستهين بالدولة الاتحادية وبحكومة الإقليم، لا تشكّل فقط خروقات لسيادة العراق وكرامته، وإنّما تؤسس لإستراتيجية عدائية واحتلالية طويلة الأمد لأراضينا".

اقرأ أيضاً: نائب وزير الدفاع السعودي في العراق... وهذه دلالات الزيارة

وانتقد الدبلوماسي العراقي السابق "الصمت العربي والدولي على التجاوزات العسكرية التركية في المنطقة، عاداً ذلك الصمت "تشجيعاً لها بالتمادي"، مطالباً بضرورة "تحرك دبلوماسي عراقي تجاه الدول العربية لتبني موقف عربيّ موحّد، مستنكراً التدخل ومطالباً تركيا بالانسحاب من العراق".

الدفاع التركية: قتلنا 68 متمرداً داخل العراق
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، مؤخراً، ارتفاع حصيلة قتلى حزب العمال الكردستاني إلى 68 عنصراً خلال عمليتَي "مخلب الصاعقة"، و"البرق"، شمال العراق، وكلا العمليتين العسكريتين أطلقتهما تركيا، في 23 نيسان (أبريل) الماضي، بعد هجوم "للعمال الكردستاني" على قاعدة عسكرية تركية داخل العراق.

لقطة لنهر دجلة الذي يشق العاصمة بغداد بين قضائي الكرخ والرصافة

وتعد محافظة دهوك أكثر المحافظات الشمالية تضرراً من القصف التركي جراء تواجد قواعد عسكرية حزبية لـ "العمال الكردستاني" أعلى جبالها، ودائماً ما يعاني سكان المحافظة من العمليات العسكرية لتركيا ضدّ معارضيها الأكراد الذي يتخذون من جبال كردستان العراق مقراً لهم.
ويتواصل القصف التركي على مناطق متفرقة من محافظة دهوك منذ نحو 20 عاماً حيث تقول أنقرة؛ إنّها تستهدف مواقع الانفصاليين، لكنّ العمليات التركية أودت بحياة 33 مدنياً خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى جانب الأضرار المادية.
وأعلنت الإدارة المحلية لقضاء العمادية في دهوك، الأسبوع الماضي، هجرة السكان المحليين لمنازلهم في أكثر من 13 قرية داخل القضاء، جراء القصف المتبادل بين حزب العمال والقوات التركية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية