عقيدة أردوغان: دولة الجنود والجواسيس هي تركيا الحديثة

عقيدة أردوغان: دولة الجنود والجواسيس هي تركيا الحديثة


13/02/2021

لم يكن قرار أردوغان وضع كل قدرات بلاده خلف أذربيجان مراهنا على انتصار عسكري وحضور امني واستخباري هو المغامرة الأولى على صعيد السياسة الخارجية التركية بل كان ذلك امتدادا لنزعة لاهوادة فيها مهما كانت نتائجها وتبعاتها، انها تركيا الحديثة، دولة الثنائي الذي يكمّل بعضه بعضاً، الجنود والجواسيس.

في حينه كانت السياسة الخارجية الاردوغانية يجري اختبارها، كانت هنالك مطالبات غربية بوقف إطلاق النار بعد كل تلك المعارك التي اندلعت في خريف العام الماضي.

 كان هذا أحدث مظهر للنزعة الأردوغانية في تعاملها مع القوى الفاعلة على صعيد السياسة الخارجية، بحسب ما يقول الكاتب سيمون كير في مقال موسع في موقع إيمينيترا.

على مدى السنوات الخمس الماضية، شن رئيس الوزراء أردوغان عمليات عسكرية شملت اجزاء من سوريا وشمال العراق، وأرسل قوات إلى ليبيا واشترك في مواجهة بحرية مع اليونان مستعرضا تكتيتك الجنود في الميدان لتحقيق أهداف سياسية.

في الأسابيع الأخيرة، قال أردوغان إنه "سوف يفتح صفحة جديدة" بعد تقبله هزيمة صديقه دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية واضطراره لمواجهة الواقع والتعامل مع الصعوبات الاقتصادية المتزايدة في تركيا.

لكن السؤال الذي يطرح هو، هل ان أردوغان مستعد أو قادر على تقديم تنازلات بشأن القضايا التي ترتبط بعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتحركات تركيا في الشرق الأوسط ، أم أن كلمات الدعوة الى المصالحة وفتح صفحة جديدة ستكون خطوة حقيقية فاعلة سوف نرى ثمارها قريبا.

في هذا الصدد، قال دبلوماسي أوروبي: "تصريحات اردوغان كانت شيئا بسيطا فعلته تركيا ويمكن اعتباره غصن زيتون، لكن لا شيء عملي".

سعى الرئيس التركي البالغ من العمر 66 عاما، والذي تولى السلطة في عام 2002، منذ فترة طويلة إلى الحصول على موقع ذي رؤية لـ "جعل تركيا عظيمة مرة أخرى" في الداخل والخارج، على حد تعبير المؤرخ سونر كاجابتاي.

ومع ذلك، يقول محللون إن المحاولة الانقلابية في عام 2016 كانت بداية علاقة جديدة غير ايجابية مع الغرب وذلك ما جعل أردوغان أكثر تشككا من الغرب، مما أجبره على الاقتراب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتشكيل تحالفات سياسية جديدة في الداخل، مما يسمح له بسيطرة غير مسبوقة على الدولة التركية وأن يطلق الى الخارج اذرع تركيا العسكرية والمخابراتية.

في خطاب ألقاه بعد ثلاثة أشهر من محاولة الانقلاب، قال أردوغان إنه لن ينتظر بعد الآن الأعداء والخصوم "ليقرعوا الباب". وبدلاً من ذلك، فإن تركيا "تذهب إلى أي مكان يبنون فيه منزلا، ويجدونهم ويهدمونه على رؤوسهم".

وعلى الرغم من أن أردوغان يلعب أساسا دورا دينيا محافظا من خلال ترسيخ نفسه كقائد في العالم الإسلامي، إلا أنه وفي نفس الوقت لا يفرط بالقوميين ولا يتردد من التحالف معهم.

ويحذر دبلوماسيون ومحللون من أن هذه الاستراتيجية التي انتهجها اردوغان تحمل مخاطر كبيرة على الاقتصاد وعلى علاقات تركيا مع القوى الإقليمية والدولية.

قبل عشر سنوات، كانت السياسة الخارجية لتركيا تتمثل في "صفر مشاكل مع الجيران" ، لكن المحللين الأتراك يمزحون الآن بأن الشعار الجديد هو "صفر جيران خالين من المشاكل".

وصف منتقدو سياسة أردوغان الخارجية بأنها "عثمانية جديدة" فيما رؤية اردوغان تمتد على شكل امبراطورية تمتد إلى جنوب أوروبا وغرب آسيا وشمال إفريقيا وتعبرعن روح الجمهورية الحديثة وركناها العسكر والاستخبارات.

يقول المسؤولون الأتراك إن بلادهم تحمي مصالحها ببساطة. "عندما تتدخل فرنسا ، فهي فقط فرنسا. قال أحدهم "لا أحد يسميهم نابليون".

قال سينم أدار، الباحث في المعهد الألماني للأمن الدولي في برلين: "لا أعتقد أن تركيا لم تكن معزولة للغاية في تاريخها كما هي الان". ويضيف ان"خطوط المواجهة للبلدان المتنازعة مع تركيا آخذة في التوسع".

أعطت محاولة الانقلاب عام 2016 وعمليات التطهير اللاحقة لأردوغان مزيدا من السيطرة على الجيش.

كما شكل تحالفا انتخابيا مع حزب الحركة القومية، حيث تبنى نظرة يمينية متشددة بشأن الأمن القومي، وخاصة ضد الانفصالية الكردية.

"لديهم فكرة مماثلة الإسلاميون والقوميون، هي أن تركيا يجب أن تنهض. قال إيفرين بالتا، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة أوزيجين في اسطنبول، "إنها تحتاج إلى زيادة قوتها". يشارك كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هذه الفكرة الأساسية بأن تركيا تتعرض للهجوم من الداخل والخارج. "

في الوقت نفسه ، أدى الانتقال إلى النظام الرئاسي في عام 2018 إلى إضعاف دور وزارة الشؤون الخارجية في البلاد، وهنا ينتقد الكثيرون ما يسميه سفير سابق حالة إدمان أردوغان "الجنود والجواسيس" بدلاً من الدبلوماسية والتعاون والإنفتاح واحترام الحقوق والحريات والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وتأكيدا على دولة الجواسيس فإن من النادر أن يُرى أردوغان في الرحلات الخارجية بدون مدير المخابرات هاكان فيدان ووزير الدفاع خلوصي أكار.

ودليل آخر على النهج العنيف، طالب أردوغان، بعلاج نفسي" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومقارنة الحكومة الألمانية بالنازيين. وكل ذلك كان الاوروبيون يسمعونه على مضض، اتهم دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي القادة الأتراك بالتصرف مثل "المتنمرين في فناء المدرسة".

انعكس سعي أردوغان لجعل تركيا قوة إقليمية في التوسع الدراماتيكي لعلاقات تركيا الدبلوماسية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية من خلال التجارة والمساعدات، لكن السؤال هو، هل حقق اردوغان المهمة.

في وسط ذلك تضاءلت آمال البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بسبب عدم الثقة والحقد من كلا الجانبين وإمعان اردوغان في استعراض القوة العسكرية.

في الوقت الحالي، أوروبا في أمس الحاجة إلى مراجعة ملف حقوق الإنسان في البلدان التي لا تزال من الناحية الفنية مرشحة للانضمام إلى الكتلة.

واشنطن غاضبة من قرار أردوغان شراء نظام دفاع جوي من طراز S-400 من روسيا، مما تسبب في العقوبات الأمريكية التي طال انتظارها.

العلاقة بين تركيا والشركاء الجدد ليست بسيطة اطلاقا. علاقته مع بوتين معقدة وغالبا ما تكون محبطة.

مع ذلك ، حقق أردوغان بعض النجاح. لقد غيّر الدعم التركي مسار الحرب الأهلية في ليبيا. في ناغورنو كاراباخ ، كشف دعم أنقرة لأذربيجان حدود النفوذ الروسي في القوقاز وفي كل ذلك كان استعراض الجنود ومن خلفهم الجواسيس هو المقوم الأساس للعقيدة الأردوغانية التي يراها العالم وهي مفضوحة تماما بينما يظن أردوغان أنها تحقق المعجزات وما ذلك الا محض خيال أردوغاني محض.

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية