قادة حماس يتحدون إسرائيل: هل الحرب قدر المنطقة؟

قادة حماس يتحدون إسرائيل: هل الحرب قدر المنطقة؟

قادة حماس يتحدون إسرائيل: هل الحرب قدر المنطقة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
10/09/2023

أدخلت موجة العمليات المتصاعدة ضد المستوطنين والجنود الإسرائيليين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية ومدينة القدس وتطور الأدوات القتالية لدى فصائل المقاومة، الحكومة الإسرائيلية في أزمة سياسية داخلية كبيرة، بعد تصاعد الانتقادات من قبل أحزاب المعارضة من حالة التراخي من قبل المؤسستين العسكرية والأمنيّة، مع تصاعد موجة العمليات وتدهور الأوضاع الأمنيّة، وفقدان الأمن لأكثر من 700 ألف مستوطن يعيشون في مختلف مناطق الضفة الغربية. وتنذر التهديدات المتبالدة بين قوى الصراع بجر المنطقة مجدداً إلى الحرب.
وتعيش الضفة الغربية فترة ساخنة بعد هدوء طويل، حيث أدت سلسلة العمليات منذ بداية العام الحالي إلى مقتل 36 جندياً ومستوطناً، ومع استمرار موجة العمليات يواصل الجيش الإسرائيلي تهديداته بشن عمليات اغتيال ضد قيادات بارزة في المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة والخارج، حيث حدد الجيش قائمة بأسماء أبرز القادة ممن تصفهم بالمحرضين على عمليات القتل ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية، في حين ترسل حماس ومحور المقاومة في لبنان وسوريا رسائل نارية إلى إسرائيل، تهدد من خلالها بتوجه المحور إلى معركة شاملة حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ عمليات اغتيال ضد قادة المقاومة الفلسطينية. 
إسرائيل تضييق على غزة
وتتوعد إسرائيل حركة حماس بتوجيه ضربة قاسية ضد قادتها، بعد أن أعلن الجناح المسلح للحركة كتائب القسام وقوفه خلف العمليات في الضفة الغربية، والتحريض والدفع نحو تنفيذ مزيد من العمليات المسلحة من قبل عناصر تابعين للكتائب في الضفة الغربية، في حين قررت السلطات الإسرائيلية فرض جملة إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، بدءاً بوقف تدفق العمال من قطاع غزة إلى إسرائيل، وصولاً إلى منع تصدير البضائع والسلع من غزة إلى الخارج، بعد ادعاء الجيش كشف مواد متفجرة وقطع سلاح، كانت مخبأة داخل بضائع معدة للتصدير من غزة إلى الضفة الغربية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري بين غزة وإسرائيل.

تتوعد إسرائيل حركة حماس بتوجيه ضربة قاسية ضد قادتها
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوجه تهديدات نارية ملمحاً إلى عودة الجيش إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة فصائل المقاومة قريباً، حيث رسم نتنياهو شكل العملية العسّكرية التي ينوي الدخول بها في قطاع غزة، وحدد سياسة الاغتيالات عنواناً لها، وقد جعل نائب رئيس المكتب السّياسي لحركة حماس صالح العاروري المقيم في لبنان هدفاً رئيساً له، حين قال "سنقتل من يموّل العمليات ضدنا ومن ينظمها أو يقف خلفها، الذين يقودون موجة العنف ضد إسرائيل سيدفعون الثمن غالياً".
حماس تستفز إسرائيل
وأمام كثافة التهديدات الإسرائيلية، اتجهت حماس إلى الرد بتكثيف وتيرة إطلاق دفعات من الصواريخ التجريبية ذات المديات البعيدة والرؤوس التي تحمل قوة تفجيرية كبيرة تجاه بحر غزة، عدا عن تفعيل التظاهرات والمواجهات الشعبية بالقرب من السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل، إضافة إلى التقاط صور لقائدها العسّكري صالح العاروري وهو يلبس زياً عسّكرياً ويضع بندقية أمامه، في تحدٍ واضح لإسرائيل بأنّ سّياسة الاغتيالات لن تجدي نفعاً.

صور القائد العسكري لحماس صالح العاروري وهو يلبس زياً عسّكرياً ويضع بندقية أمامه، تحدٍ واضح لإسرائيل بأنّ سّياسة الاغتيالات لن تجدي نفعاً


الكاتب الإسرائيلي "أليئور ليفي" يقول، نتنياهو استفز حماس وجملة واحدة منه دفعت الحركة إلى إطلاق سلسلة من التهديدات، عندما قال إنّه سيقضي على من يقف وراء إرسال أشخاص لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل، وسيعجل هؤلاء الأشخاص يدفعون كامل الحساب، مضيفاً بسبب هذه التهديدات سيعود التوتر بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، ومستوى التهديدات يتصاعد من جانب قيادة حماس، ومن غير المستبعد أن نستيقظ على نار الصواريخ من قطاع غزة، وكل المؤشرات تأخذنا إلى ذلك الخيار.
إسرائيل غير معنية
في تعقيب له على ذلك، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور هاني العقاد إنّ "إسرائيل تخشى من الدخول في مواجهة مع غزة حالياً، خوفاً من التورط في معركة طويلة وغير محسوبة، خاصة وأنّ قدرات حماس العسّكرية تعاظمت بشكل كبير بفضل الخبرات التي قدمتها إيران لها، عدا عن تطور علاقات الحركة مع محور المقاومة في لبنان وسوريا، فإسرائيل ستذهب إلى خيار بقاء غزة هادئة حتى لو بدفع رشوة سّياسية ما عن طريق طرف آخر، لتفادي التورط في معركة على جبهات عدة".
 وأشار العقاد في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ موجة العمليات في الضفة الغربية سوف تستمر وبوتيرة عالية، وخاصة في جنين ونابلس وطولكرم وباقي والمخيمات، لأنّ حماس بدأت بتنفيذ استراتيجية جديدة وهي تحرير الضفة الغربية بدعم من المحور، وبذلك سيلجأ الجيش إلى مواجهة هذا السيل من العمليات بتنفيذ حملات محدودة وحادة وسريعة، لاعتقال مطلوبين أو اغتيالهم حسب ما تسمح به ظروف العمليات".

الباحث جهاد ملكة لـ"حفريات": أمريكا لا ترغب بدخول إسرائيل بمواجهة ولم تعطِ الضوء الأخضر لذلك وتحاول الضغط على الوسطاء المعتمدين لفرض الهدوء


ولفت إلى أنّ "واقع الجيش الإسرائيلي في تصدع، خاصة وأنّ القوات الجوية التي يعتمد عليها الجيش في أي عملية، يرفض المئات من الضباط والأفراد الالتحاق بالتدريبات أو الخدمة في صفوف الاحتياط، علاوة على حالات الإرباك في العديد من الوحدات والتشكيلات الأخرى، احتجاجاً على خطة إصلاح القضاء".
ولا يستبعد العقاد أن تبدأ فصائل المقاومة "بشن ضربات صاروخية ولو على غلاف غزة، في حال تمادى الجيش في تنفيذ عمليات كبيرة وقوية في مدن الضفة الغربية واستشهد على إثرها مقاومون، فغزة لن تصمت بعد الآن ويبدو أنّ حالة التضييق التي تمارسها السلطات الإسرائيلية على غزة، ستدفع حماس إلى التصعيد للضغط على الوسطاء لإجبار إسرائيل بتخفيف الحصار عن قطاع غزة". 

هاني العقاد: إسرائيل تخشى من الدخول في مواجهة مع غزة حالياً
وبين أنّ "تهديدات نتنياهو لا يمكن تجاهلها، فعلى المقاومة أن تأخذها على محمل الجد، فإنّ لم تنفذ هذه التهديدات في الوقت الحاليّ، يمكن أن تنفذ في المستقبل، وعلى ما يبدو أنّ وراءها غرضاً سياسياً، وهو محاولة تسكين حالة التحريض على حكومته، التي فشلت حتى الآن في تحقيق حالة أمن وهدوء للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وباتت حالة الأمن المنشود في الضفة مستحيلة التحقيق".
قدرات حماس تقيّد إسرائيل
بدوره، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي جهاد ملكة إنّ "إسرائيل لا تجازف بالدخول حالياً في مواجهة عسّكرية، والوضع الداخليّ الذي تمر به لا يسمح  لها بمواجهة تطوير حماس لقدراتها المسلحة، أو حتى أي من جبهات المحور، لأنّ هذا أصبح من الماضي ولأنّ حماس لا تمتلك  جيشاً تقليدياً ولا قواعد عسّكرية ظاهرة، بل إنّ عناصرها غير مكشوفين تماماً كما يعمل حزب الله في لبنان، وهذا يصعب على إسرائيل إمكانية تحقيق تصفية كاملة لرؤوس المقاومة".
وأوضح لـ"حفريات" أنّ "أمريكا لا ترغب بدخول إسرائيل بمواجهة ولم تعطِ الضوء الأخضر لذلك وتحاول الضغط على الوسطاء المعتمدين في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لفرض الهدوء، خاصة وأنّ واشنطن تواصل دعم التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية، وبالتالي نتنياهو يحاول عدم ازعاج السعودية من إقدامه على فعل عسكري على غزة، يواجه بتنديد وغضب عربي ودولي ويفشل بذلك كل مخططاته".
ولفت إلى أنّ "سياسات الحكومة اليمينيّة المتطرفة ضد الفلسطينيين، من خلال تسريع وتيرة الاستيطان وفرض مزيد من القيود على الأسرى، من شأنّ ذلك أن يرفع درجة التوتر بين حماس وإسرائيل وصولاً إلى مواجهة واسعة، خاصة وأنّ حماس تريد حرف الأنظار عن الهدوء الذي تفرضه في غزة، وتقدم لنفسها أنّها المدافعة عن الفلسطينيين في مدن وقرى الضفة الغربية، في ظل الاقتحامات المتكررة وتقاعس أجهزة السلطة عن التصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة".
يذكر أنّ وفداً أمنيّاً مصرياً قد أجرى سلسلة زيارات إلى العاصمة اللبنانيّة بيروت الأسبوع الماضي، التقى خلالها مع مسؤولين في حركتي حماس والجهاد في بيروت، بهدف خفض التوتر سواء على الحدود اللبنانيّة أو في الضفة الغربية، وسبق الزيارة وصول وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان إلى بيروت، وهذه الزيارة أثارت مخاوف واشنطن من زيادة النشاط الإيرانيّ بالمنطقة.

مواضيع ذات صلة:

هل حوّلت حماس مساجد غزة إلى مستودعات للسلاح؟

لماذا استدعت إيران قيادات حماس والجهاد الإسلامي إلى طهران؟

تنامي نفوذ حماس في لبنان... قاعدة أم محطة عبور؟ 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية