قانون ضدّ الانفصالية الإسلامية: المرشد العام للإخوان يتحدّى إيمانويل ماكرون

قانون ضدّ الانفصالية الإسلامية: المرشد العام للإخوان يتحدّى إيمانويل ماكرون


15/10/2020

عثمان تز غارت

أثار خطاب الرئيس الفرنسي أخيرا والذي ألقاه يوم الجمعة الثاني من أكتوبر بأحد أحياء ضاحية باريس التي تعدّ أكثر المقاطعات الفرنسية من حيث عدد المهاجرين العرب والمسلمين، ووصف في خطابه الإسلام بالانعزالية وأنّه يعيش اليوم أزمة عالمية كثيرا من الردود سواء من المفكرين الفرنسيين أو الغربيين          أو من المسلمين  وخاصّة من رموز الفكر الإخواني إمّا عبر مقالات وتصريحات أو عبر بيانات مندّدة اخذت شكلا خطابيّا تحوّل هو في ذاته إلى حجّة عليها لاتّهامها بعدائها للجمهورية و استعمالها أسلوبا قائما على التهديد الضمنيّ.

ولكن يبقى السؤال المطروح: هل زلّ لسان الرئيس الفرنسي فسقط في الخلط بين الإسلام وممارسته؟ أم قصد ذلك لتحويل وجهة نظر العالم إليه، أو أراد من وراء ذلك بعث رسالة للرئيس التركي الحامي الجديد للإسلام حتّى يردّ على تحدّيه؟ أم كانت غاية الرئيس الفرنسيّ تحريك صفائح جماهير النّاخبين من الفرنسيين ومحاولة سحب البساط من اليمين، وهو الّذي يجد معارضة شديدة من الفرنسيين تهدّد برحيله مع انتهاء مدّته الرئاسيّة؟   وفي هذا المقال المنشور في مجلة “ماريان” الفرنسية عدد 16 أكتوبر الجاري، يردّ الصحفي عتمان تزغازت على بيان المرشد الأعلى للإخوان المسلمين.

وجّه، إبراهيم منير، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، والذي ترأس منذ عام 1982 “المنظمة الدولية” للإخوان، تهديدات ضمنية لفرنسا، متهمًا ماكرون بـ “عدم احترام” ملياري مسلم “وأكّد من جانبه سموّ أحكام الله على قوانين الجمهورية. وجاء موقفه هذا ردًا على خطاب إيمانويل ماكرون حول الانفصالية الإسلامية. وأصدر القائم بأعمال المرشد العام للإخوان بيانًا شديد اللهجة، على شكل رسالة موجهة إلى الرّئيس ماكرون والشعب الفرنسي. كُتب على ورقة تحمل الأحرف الأولى من اسم جماعة الإخوان المسلمين وشعارها بتاريخ 5 أكتوبر 2020، وقد أضيف إليه شعار غير معتاد في أدبيات الإخوان: ” نحن نحمل الخير للعالم”، وينتقد الخطاب حول الانفصالية -توجيه ماكرون اتهامات للإسلام والإخوان المسلمين وافتقاره “للدقّة حتى من وجهة نظر علمانية” وعدم احترام “مشاعر أكثر من ملياري مسلم”. ووصف خطاب ماكرون بأنّه يتعارض مع “الحقائق العلمية والتّاريخية” عن الإسلام، وانحرافه عنها لخدمة “سياسات بعض الدّول الخاضعة للنّفوذ الأجنبي” و “مقتضيات المنافسة الحزبية الدّاخلية” و “سياسة المحاور «السّلبية المعروفة للخدمات المتخصّصة.

اللّه في كلّ مكان من الجمهورية

وأكّد بيان منير، في تحدّ للرؤية الجمهورية التي عبّر عنها إيمانويل ماكرون، على العقيدة الطائفية للإخوان فيما يتعلق بـ “سيادة أحكام الله على أحكام العباد”، مردّدا في “تناقض صارخ” ما أثبته الرّئيس ماكرون في خطابه عن الانفصالية أنّ “أي مقارنة بين الفكر الإسلامي ومبادئه ودرجة ارتباط أنصاره به والتزامهم به، وبين الواقع والإرث التاريخي للثورة الفرنسية سيكون على حساب ورثة الثورة وأبنائها.

ويستخدم البيان الصّحفي للمرشد العام، مع ذلك، “الخطاب المزدوج” المعتاد و “المعايير المزدوجة” لأدب الإخوان المسلمين. وهكذا، وبينما يؤكّد البيان على سمو أحكام الإسلام على شريعة الجمهورية، ويؤكد اليان أنّ “أنصار الفكر الإخواني” ملتزمون بـ “احترام الوعود واليمين، في الانخراط في مفهوم المواطنة” وشروطها في كل بلد يقيمون به، ويحترمون القوانين التي تشكل أساس الحياة على أراضيها “وأن” واجباتهم لا تقتصر على هذا الالتزام، ولكن أيضًا للحفاظ على أمنها لأنّ صاحب هذا الفكر الإسلامي أصبح فردا من أفراد هذا البلد.

لكنّ التأكيد على هذا الاحترام المزعوم لقوانين وأحكام المواطنة لا يمنع المرشد الأعلى للإخوان المسلمين من توجيه تهديدات خفيّة لفرنسا في البيان الصحفي ذاته: “نود أن نؤكّد لكم. – حتى [للرّئيس ماكرون]، وللشّعب الفرنسي ولجميع شعوب الأرض، أنّ فكر الإخوان المسلمين، المنبثق من الدّين الذي يرتبط به أنصاره، كان دائمًا قادرًا على الانتصار على بعض الأنظمة بسبب أخطائها، والتي تعمل عمدا لدفعهم إلى التخلّي عن دينهم، وتستخدم التجاوزات غير القانونية واللاإنسانية من أجل تشويه هذا الدين”. وختاما نقول” إنّ الجميع يتابع ويعرف هذه التّجاوزات”.

دليل توجّه تكفيري

والمعلوم أنّ الموقّع على هذا البيان التّهديد، إبراهيم منير، يشغل منصب المرشد العام على أساس مؤقت فحسب. وقد تم تعيينه في 4 سبتمبر بعد اعتقال مرشد الإخوان محمود عزّت في مصر، وهو القائد الثاني، يبلغ من العمر 83 عامًا، يمثّل جناح التيّار التكفيري الذي تأسس على يد كبير منظري الإخوان المسلمين في الخمسينات من القرن الماضي (الذي أعدمه عبد الناصر سنة 1966).

وكان إبراهيم منير المتهم رقم 35 في محاكمة سيد قطب ورفاقه عام 1965. وحكم عليه بالإعدام ثمّ خُفف الحكم فيما بعد إلى السجن المؤبد. وأُطلق سراحه بموجب قانون فقدان الذَاكرة الذي أصدره الرئيس السادات عام 1975، ونُفى في الكويت، ثم إلى لندن حيث أصبح منذ عام 1982 المتحدّث باسم جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا والأمين العام لهذه “المنظمة الدّولية”، وهي هيئة ظلّت سريّة منذ فترة طويلة، توّحد مختلف الجماعات التي تدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء العالم.

عن موقع "التونسيون"

الصفحة الرئيسية