كم مرة قالها الخبراء: حيث يكون خراب فثمة حزب الله؟

كم مرة قالها الخبراء: حيث يكون خراب فثمة حزب الله؟

كم مرة قالها الخبراء: حيث يكون خراب فثمة حزب الله؟


12/08/2023

حيث يكون خراب ودمار وفساد في لبنان، فإنّ لحزب الله يداً فاعلة ومؤثرة فيه. هذا رأي استقر عليه الخبراء والمراقبون الدوليون. وإغماض العين عن هذا الأثر الفادح سيقود لبنان إلى الهاوية.

في تقرير نشره، الشهر الماضي، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، للباحث والخبير الأمني الأمريكي ماثيو ليفيت، مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، يجري إعادة النتيجة المتكررة منذ سنوات: "مشاكل لبنان الحالية تنبع من الفساد الاقتصادي والسياسي المستمر، ولا يزال حزب الله هو المسؤول الفعلي عن هذا الوضع الراهن الذي يشبه المافيا".

ما جرى في الكحالة

آخر الأحداث التي تؤكد تورط حزب الله في تمزيق السلم الأهلي في لبنان ما جرى في منطقة الكحالة نهاية الأسبوع الماضي. تقول الكاتبة اللبنانية نور الهاشم في "المدن": التفاصيل الميدانية المصورة، وتعدد الروايات التي أخذت حيزاً كبيراً في مواقع التواصل، ليست حدثاً مستجداً على التقليد اللبناني الباحث عن تعزيز رواياته إعلامياً.. الجديد في الأمر، هو الانقسام الطائفي العمودي، حيث أظهر الحدث اصطفافاً مسيحياً بالكامل ضد حزب الله، تعزّز بخصوم الحزب من الطوائف الاخرى، ومن بينهم نواب كتلة التغيير المفترض أنها حليفة. ثمة انقلاب في المشهد السياسي والشعبي، لا يقبل انتظار التحقيق، ولا الاحتكام للجيش والقضاء.

وكان حزب الله أعلن أنّ شاحنة تابعة له انقلبت في منطقة الكحالة أثناء قدومها من البقاع الى بيروت.

ولفت حزب الله إلى أنّ أحد عناصره "استشهد" عقب اندلاع اشتباكات بين مسلحين في المنطقة وبين طاقم الشاحنة.

تورط حزب الله في تمزيق السلم الأهلي في لبنان

وقال الحزب في بيانه: "أثناء قدوم شاحنة لـحزب الله من البقاع إلى بيروت انقلبت في منطقة الكحالة، وفي‏ ما كان الإخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ‏ورفعها من الطريق، لمتابعة سيرها إلى مقصدها، تجمع عدد من المسلحين من ‏الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة ‏للسيطرة عليها، حيث بدأوا برمي الحجارة أولاّ، ثم بإطلاق النار، ما أسفر عن ‏إصابة أحد الإخوة المكلفين بحماية الشاحنة، وتم نقله بحال الخطر إلى المستشفى ‏حيث استشهد لاحقاً".

في فم العاصفة

التوترات هذه تجعل لبنان دائماً في فم العاصفة، من الأمن إلى السياسة إلى التشريعات القانونية، إلى حال العيش وعدم القدرة على تسديد الديون، فبحسب الخبير الأمني الأمريكي ماثيو ليفيت، عقد "مجلس سياسة الشرق الأوسط" (MEPC) مؤتمره الـ113 في "الكابيتول هيل" (الكونغرس الأمريكي) في 20 تموز(يوليو)، مع لجنة ضمت الباحث الذي قدم ملاحظاته عما يجري في لبنان.

يقول ليفيت: علينا أن نكون واضحين جداً: إنّ الأزمات الاقتصادية والأمنية في لبنان متشابكة بشكل وثيق. على سبيل المثال، لنأخذ تخلف الحكومة اللبنانية عن سداد ديونها السيادية في آذار(مارس) 2020، وبعد ذلك بفترة قصيرة حدوث مأساة انفجار بيروت في آب (أغسطس). لقد نتج الحدثان من ظاهرة فاسدة ومدمِرة رئيسية واحدة، وهي استمرار زعماء المافيا السياسية عبر الطيف السياسي والطائفي اللبناني إعطاء الأولوية لسلطتهم الخاصة وأنظمة محسوبيتهم على حساب احتياجات الشعب اللبناني.

كاتبة لبنانية: حادث منطقة الكحالة كشف الانقسام الطائفي العمودي، حيث أظهر الحدث اصطفافاً مسيحياً بالكامل ضد حزب الله، تعزّز بخصوم الحزب من الطوائف الاخرى

وعلى الرغم من كل ما حدث، يواصل هؤلاء القادة السياسيون أنفسهم عرقلة الإصلاحات السياسية، وحتى الأساسية منها، الضرورية لكسر الجمود السياسي في البلاد وتسهيل الدعم المالي الدولي. وفي إشارة إلى هذه الحالة المؤسفة، وصف "البنك الدولي" الأزمة المالية اللبنانية بأنها "كساد متعمد من تدبير قيادات النخبة في البلاد على حساب استقرار لبنان والسلام الاجتماعي على المدى الطويل".

وليس من المفاجئ أنه عندما تم استطلاع رأي اللبنانيين، أعربت نسبة ساحقة منهم عن استيائها من تجاهل حكومتهم لاحتياجات المواطنين العاديين. على سبيل المثال، كشفت نتائج استطلاع أُجري في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 بتكليف من معهد واشنطن، أنّ 91 في المائة من المستطلعين أفادوا بأنّ الحكومة اللبنانية لم تفعل سوى القليل للاهتمام بآراء المواطنين العاديين. وبصورة عامة، أجمع الشباب وأولئك الأكبر سناً من السنّة والشيعة والمسيحيين والدروز على هذه النظرة المتشائمة. وقال سبعة وتسعون في المائة من المستطلعين إنّ الحكومة اللبنانية لا تبذل جهوداً تُذكر لمعالجة ثلاثة مخاوف اقتصادية رئيسية، وهي أولاً، الحد من مستوى الفساد في الحياة الاقتصادية والقطاع العام، وثانياً، تلبية احتياجات الشعب من أجل تأمين ظروف حياة كريمة، وثالثاً، تخفيف عبء الضرائب والالتزامات الأخرى بصورة عادلة.

الفساد الاقتصادي والسياسي متجذر

ولسوء الحظ، يقول الباحث الأمريكي، لا يقوم نهج الزعماء السياسيين اللبنانيين على الإصلاح السياسي أو الاقتصادي لمعالجة هذه المخاوف، بل على تعزيز سلطتهم وأنظمة المحسوبية الخاصة بهم. ولا بد من التأكيد على أنّ الفساد يستشري في قلب الأزمات الاقتصادية والسياسية في لبنان. وهذا الفساد الاقتصادي والسياسي متجذر بعمق ويحميه زعماء نافذون من مختلف الانتماءات السياسية، ومن طرفَي الشرخ السياسي والطائفي في لبنان، وكل هذا يهدد أمن لبنان واستقراره على المدى القريب والمتوسط ​​والبعيد.

التوترات تجعل لبنان دائماً في فم العاصفة

 ولا يقتصر الفساد بأي حال من الأحوال على طرف واحد في لبنان، ولكن التهديد الأمني الأكبر الذي يتعرض له لبنان على الصعيد المحلي وتتعرض له أيضاً دول الجوار يأتي من حزب الله أكثر من أي حزب لبناني آخر، ويُعزى السبب جزئياً إلى أنّ حزب الله هو بحكم الأمر الواقع الجهة المسلحة المنفذة للنظام السياسي الفاسد الذي يستفيد منه هو والأحزاب السياسية الطائفية الأخرى.

الباحث الأمني ليفيت يتابع ذكر الأمثلة على الطرق الفريدة التي يقوّض بها حزب الله الأمن والاستقرار في لبنان ويهدد بحرب إقليمية، موضحاً: يضم حزب الله «الوحدة 121» المتخصصة بالاغتيالات وتنطوي مهمتها الوحيدة على "اغتيال الأشخاص الذين لا يروقون لها في لبنان، على غرار [رئيس الوزراء السابق] رفيق الحريري، و[ضابط الاستخبارات] وسام عيد، و[الناشط] لقمان سليم، والكثير من الأسماء الأخرى التي ليس لدينا الوقت الكافي للتحدث عنها".

باحث أمني أمريكي: يضم حزب الله «الوحدة 121» المتخصصة باغتيال الأشخاص الذين لا يروقون لها في لبنان كرفيق االحريري ووسام عيد ولقمان سليم، وغيرهم

وينفذ "حزب الله"، بمساعدة "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني، برنامجاً فعّالاً لتزويد الصواريخ القديمة بأنظمة توجيه وبناء صواريخ جديدة موجهة بدقة. فقد ظهر [الأمين العام] للحزب حسن نصرالله بنفسه على شاشة التلفزيون، وهو يعرض خريطة لإسرائيل ويحذر من أنّ صواريخ حزب الله يمكن أن تضرب أي جزء من إسرائيل. وتقع المنشآت التي يتم فيها تعديل هذه الصواريخ في الأحياء السكنية، بالقرب من المدارس والمستشفيات والمساجد، وتستخدم المدنيين اللبنانيين بشكل فعال كدروع بشرية.

"جمال ترست بنك"

وتقوّض الأنشطة المالية غير المشروعة لحزب الله بشدة النظام المالي في لبنان، الذي لطالما شكّل العمود الفقري الرئيسي للاقتصاد. لنلقِ، يقول الباحث، على سبيل المثال، نظرة على إجراءات وزارة الخزانة الأمريكية ضد كيانات مثل "جمال ترست بنك". عندما اتخذت وزارة الخزانة هذا الإجراء في عام 2019، أشارت إلى أنّ نشطاء حزب الله كانوا يهددون المصرفيين اللبنانيين، وعائلاتهم أيضاً، إذا جمّدوا حسابات عناصر الحزب.

ولكن بصرف النظر عن التهديدات الأمنية التي يتعرض لها لبنان من جراء أنشطة حزب الله، كما يقول الخبير الأمني الأمريكي، يمثل الحزب أيضاً تهديداً داخلياً للحكم الفعال في لبنان، من خلال إنشائه اقتصاد الظل الذي يستفيد منه مواطنو الظل المؤيدون له، ويأتي نجاحه على حساب الاقتصاد الرسمي والحكومة اللبنانية.

وفي ختام ملاحظاته يؤكد ماثيو ليفيت أنّ "الفساد يشكّل جوهر المشكلة في لبنان، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية، مما يمنع تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الضرورية لإنقاذ البلاد من أن تصبح دولة فاشلة، علماً أنني لا أستخف بهذه الكلمات. ولا يُعد حزب الله بأي حال من الأحوال الحزب السياسي الوحيد الذي يطرح إشكالية في هذا الصدد، ولكن نظراً لكونه الفصيل الوحيد الذي تمسّك بسلاحه بعد اتفاق الطائف، فهو الجهة المنفذة الفعلية لحكم المافيا الفاسدة".

مواضيع ذات صلة:

حزب الله في مأزق... حملة دولية جادّة تلاحق ممولّيه.. ما الجديد؟

لبنان: تفاهم "مار مخايل" بين حزب الله والتيار الوطني على المحك

هل تطيح الثورة الإيرانية بحزب الله اللبناني؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية