كيف نستثمر ليالـي رمضان؟

كيف نستثمر ليالـي رمضان؟

كيف نستثمر ليالـي رمضان؟


12/04/2023

محمد إفرخاس بني أحمد

مخلوق عظيم من مخلوقات الله، يتعاقب مع النهار على الكون، إنه الليل الذي يغطي بظلمته ما بين السماء والأرض، فهو أشبه بثوب أسود، يلقى على الأرض، فيغطيها.

وما من ليلة ينقشع ظلامها من ليالي رمضان إلا وقد سطرت فيها قائمة تحمل أسماء (عتقاء لله من النار)، وذلك كل ليلة! ألا يحدونا الأمل أن نكون أحدهم؟ وما من يوم من أيام رمضان إلا وتفتح أبواب السماء فيه لدعوة لا تردّ، فللصائم عند فطره دعوة لا تردّ! فهلّا كنّا ممن له دعوة مجابة كل يوم؟ وفي رمضان ليلة خيرٌ من ألف شهر! أي إن العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في 83 سنة و4 أشهر! فهلّا نلنا هذا الثواب العظيم؟

ولا يخفى أن النافلة وسيلة اتصالٍ دائم بالله، يعيش معها العبد المؤمن أجمل لحظات القرب من الله، فيفيض عليه من فضله وكرمه ما يعجز المرء عن وصفه. وصلاة الليل؛ من أهمّ النوافل التي لها أثرٌ كبيرٌ في نيل مقام القرب الإلهي، وتزكية النفس، ومحو السيئات.

وروي أنه لما هزم الروم أمام المسلمين، قال هرقل لجنوده: ما بالكم تنهزمون؟! فقال أحد حكماء الروم: من أجل أنّهم يقومون اللّيل ويصومون النّهار، وقال الأمراء الصليبيون: إنّ القسيم بن القسيم يعنون نور الدين زنكي له مع الله سرٌّ! فإنّه لم يظفر وينصر علينا بكثرة جنده وجيشه، وإنّما يظفر علينا وينصر بالدعاء وصلاة اللّيل، فإنّه يصلي باللّيل، ويرفع يده إلى الله ويدعو، فيستجيب له، ويعطيه سؤاله، فيظفر علينا!

أجل، إنّ قيام الّليل شريعة ربانية، وسنّةٌ نبوية، ومدرسة تربوية.. دموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، خلوة برب البرية، روضة ندية، سعادة روحية، قوة جسمانية، تعلق بالجنان العلية.

وثواب القيام لا تحيط به العقول، بل تقصر عنه العبارات، ويكفي الحديث الصحيح: «إذا استيقظ الرجل من الّليل، وأيقظ أهله، وصلّيا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات». فيزيدهم ذلك شرفاً ونعماً، ففي الحديث الحسن: «واعلم أنّ شرف المؤمن قيامه بالّليل».

إنّ كثيرين يحبّون أن ينالوا شرف قيام الليل، وأداء هذه النافلة المباركة، ويتشوّقون إلى ذلك! لكن سرعان ما تراهم لا يبادرون إلى ما أحبّوه، فيأتي رمضان ليربطنا بقيام الليل من خلال صلاة التراويح، التي اتّفق العلماء على أنها سنّة مؤكّدة.

فهي من سنة النبي التي تركها خشية أن تفرض على الأمّة، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى زالت هذه الخشية! وكان أبو بكر الصديق منشغلاً بحروب المرتدّين، وخلافته قصيرة (سنتان)، فلما كان عهد عمر بن الخطّاب، واستتبّ أمر المسلمين، جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان كما اجتمعوا مع النبي.. فقصارى ما فعله عمر بن الخطاب العودة إلى تلك السنة وإحياؤها. تقبل الله منا ومنكم؛ الصيام والقيام.. وجعلنا من عتقائه في شهر رمضان.

عن "البيان" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية