كيف أثر خلط الدين بالسياسة على الحرب في غزة؟

كيف أثر خلط الدين بالسياسة على الحرب في غزة؟

كيف أثر خلط الدين بالسياسة على الحرب في غزة؟


29/02/2024

الحركة عن الوضع السياسي للمنطقة من منظور واقعي، بل تحدث من رؤية "من ليس معنا، فهو عميل"، وبلسان: "من كان الله معه، فهو منتصر"، فهل خذل الله حماس في الحرب الجارية اليوم؟ أم أنّ على الحركة عدم الخلط بين الديني والسياسي لتكون أجدر في حساب تبعات خطواتها؟

الديني قبل السياسي

يقول مدير (منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية)، المحلل السياسي الفلسطيني عبد المُهدي مطاوع: إنّ الخلط فيما يتعلق بين السياسة والدين هو جزء أساسي من الإسلام السياسي، وحماس هي أحد أفرع جماعة الإخوان المسلمين، لذلك لا يمكن أن يكون هناك فصل ما بين الروايات الدينية وبين السياسة. مضيفاً لـ (حفريات) أنّه في الغالب عندما لا يوجد تبرير منطقي لأيّ قرار أو سلوك لدى جماعات الإسلام السياسي، على الفور يتم استحضار قصة تاريخية من زمن النبي والصحابة بهدف إحباط أيّ نقاش جاد حول قرارات تلك الجماعات.

عبد المُهدي مطاوع: فكر حركة حماس يبدأ من التصورات الدينية

وذكر أنّ حماس استخدمت الدين ومنصات المساجد وخطبة الجمعة كمكون أساسي في الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006، وتبرير المشاركة في تلك الانتخابات، رغم عدم اعترافها باتفاقية أوسلو، ثم وظفت الفتاوى الشرعية التي طُبعت ونُشرت بشكل عام للتحريض على قتل الضباط الفلسطينيين التابعين للأجهزة الأمنية في السلطة الوطنية في انقلاب عام 2007. وتابع أنّ توظيف الدين حاضر في تاريخ الحركة منذ تأسيسها، وخلال تاريخها السياسي، ثم بعد فرض حكم الأمر الواقع على قطاع غزة، ومن ذلك توظيف الدين لقمع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية ضد سلطتها في القطاع.

 

الخلط فيما يتعلق بين السياسة والدين هو جزء أساسي من الإسلام السياسي.

 

ويوضح مطاوع أنّ فكر حركة حماس يبدأ من التصورات الدينية ولا يقوم على أسس سياسية، بمعنى أنّ الانتماء لها يستدعي التواجد في المسجد لفترة زمنية، وخصوصاً في صلاة الفجر، ثم بعد ذلك تبدأ عملية المبايعة، لافتاً إلى أنّ المواظبة على الطقوس الدينية هي مفتاح الوصول إلى المراكز العليا في الحركة. وبحسبه، فحتى التقسيمات الإدارية لمنظومة سلطة الحركة المدنية تعتمد على أسس دينية لا جغرافية أو سكانية وحضرية؛ حيث تتبع تلك التقسيمات أماكن تواجد المساجد. يقول مطاوع: "عندما تكتب عنوانك لأيّ مؤسسة حكومية يجب أن تكتب اسم المسجد المجاور لك، فمن خلاله تنطلق نقاط التحري لحماس".

طوفان الأقصى كرؤية دينية

وأضاف أنّ جهاز الدعوة في حماس هو أكبر الأجهزة في الحركة، ويشرف على الانتخابات داخلها، ويشكل جزءاً كبيراً من مجلس الشورى، لافتاً إلى أنّ عدداً كبيراً من قادة الحركة تخرجوا من هذا الجهاز الدعوي. ونوّه مطاوع إلى أنّ الحركة خلال مدة سيطرتها على القطاع والتي بلغت (17) عاماً لم تنظم انتخابات بلدية، بل قامت باختيار مجموعة من الشخصيات في البلديات، تُقدر بنحو (20-25) كمجلس مُصغر، اشترطت أن يكون الصلاح الديني صفة فيهم، وأوكلت إليهم مهمة اختيار رئيس البلدية، في تطبيق لمفهوم الشورى الديني ومفاهيم البيعة.

وفي 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي قامت حركة حماس بعملية عسكرية استهدفت مستوطنات غلاف قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل المئات من المدنيين والجنود الإسرائيليين والأجانب، فضلاً عن أسر المئات، لتندلع بذلك الحرب الجارية على القطاع. 

وبحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، حتى تاريخ يوم الإثنين الموافق 26 شباط (فبراير) الجاري، ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى (29782) منذ بدء الحرب، وبلغ عدد الجرحى (70043)، فضلاً عن ذلك بات أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني بلا مأوى في القطاع، ويعاني مئات الآلاف من انعدام الأمن الغذائي الذي يصل إلى حدّ الجوع.

غفير مان

ويرى مراقبون أنّ الهدف الإسرائيلي هو دفع سكان القطاع إلى الهجرة خارجه، سواء كان ذلك قسراً أو طوعاً، ووفق مجريات الأحداث، فمن المؤكد أنّ الكثيرين من سكان القطاع يفضلون الخروج منه، ليس تخلياً عن الأرض، بل هرباً من جحيم الحرب. 

يقول المحلل السياسي عبد المُهدي مطاوع: إنّه كان واضحاً في هذه الحرب الخلط بين السياسي والديني في كل مراحلها، ومنذ بدايتها كانت حماس تبرر القيام بالهجوم برغم فظاعة وفداحة المقابل بأمثلة من المعاناة التي عاشها الرسول، على الرغم من اختلاف السياق التاريخي. وأشار مطاوع إلى كلمة يحيى السنوار على قناة (الميادين) قبل الحرب، التي قال فيها: "سنبقى وسنضحي حتى آخر طفل، ولن نستسلم ونتراجع، فلسنا أفضل من أصحاب الأخدود". 

 

المحلل السياسي عبد المُهدي مطاوع لـ (حفريات): حماس، كباقي حركات الإسلام السياسي، ليس لديها قدرة على الحوار والنقاش إلا بتوظيف الدين.

 

ويلفت مطاوع إلى أنّه منذ عملية "طوفان الأقصى" تعرّض كل من ناقش تبعات العملية، وتبنّى وجهة نظر مختلفة عن التأييد المطلق، إلى حملات تخوين وتشنيع، بل وتكفير من اللجان الإلكترونية للإخوان المسلمين. ويعتقد مطاوع أنّ حماس، كباقي حركات الإسلام السياسي، ليس لديها قدرة على الحوار والنقاش إلا بتوظيف الدين، لوأد أيّ نقاش حول الطريقة المثلى للنضال ونيل الحقوق الفلسطينية.

قمع النقاش

وتتشابه حركة حماس في توظيف الآيات القرآنية للتبشير في اقتراب النصر مع العديد من جماعات العنف الدينية في المنطقة، والتي تصرّ على اقتراب تحقيق النصر دون اعتبار للواقع البعيد عن تلك الأماني كل البُعد. يقول المحلل السياسي عبد المُهدي مطاوع: إنّ تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية دينية تسبب في خسائر كبيرة لها، وأدى لتحقيق مكاسب لصالح اليهود، لأنّ الصهيونية هي الأخرى مبنية على رواية دينية، وبالتالي إذا دخلنا في صراع ديني، فستجد الصهيونية دعماً من طوائف مسيحية كبيرة مثل المسيحية الصهيونية والطوائف التي تستعجل عودة المسيح من خلال دعم وجود دولة يهودية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية