كيف نقرأ انتخابات الرئاسة الإيرانية قبل شهر من إجرائها؟

كيف نقرأ انتخابات الرئاسة الإيرانية قبل شهر من إجرائها؟


24/05/2021

تستعد إيران لإجراء انتخابات رئاسية جديدة الشهر المقبل، بعد الانتهاء من عملية تسجيل الراغبين بالترشح في مقر لجنة الانتخابات بالعاصمة طهران.

ويتوقع أن تؤدي الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران (يونيو) المقبل إلى ترسيخ كامل للانقسام في معسكر المحافظين، بعد عملية تفكك طويلة عرفها الجناح اليميني في الخريطة السياسية لإيران، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس".

 

231 ناشطاً من 50 مدينة و25 محافظة إيرانية يوجهون رسالة إلى الشعب الإيراني، يدعون فيها إلى مقاطعة الانتخابات

 

وحتى قبل مصادقة مجلس صيانة الدستور وإعلان اللائحة النهائية لأسماء المرشحين المتنافسين في الانتخابات المقبلة، ترجح وسائل الإعلام الإيرانية أن يكون السباق الرئاسي ثنائياً بين المحافظ "التقليدي" علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى بين العامين 2008 و2020، والمحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي يشغل منصب رئيس السلطة القضائية منذ 2019.

ومع اقتراب الانتخابات، وفي ظل مباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي، يبدو أنّ المتشددين، ومنهم رئيسي الذي نال 38% من الأصوات لدى خوضه الانتخابات الرئاسية لعام 2017، يميلون إلى العنوان العريض بتأكيد أولوية رفع العقوبات الأمريكية، وضمنياً عدم فك الارتباط بشكل كامل مع اتفاق العام 2015 المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة.

ويتوقع أن يتمحور تباين الرؤى بين رئيسي ولاريجاني بشكل أكبر على الاقتصاد وموقع إيران في العالم، مع ميل الأول إلى نظام اقتصادي مركزي وتوجّس من الغرب، في مقابل جنوح الثاني نحو الانفتاح ونظام اقتصادي أكثر حرّية.

 

الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل ترسخ الانقسام في معسكر المحافظين

 

وأبرز لاريجاني الأربعاء الماضي انفتاحه على نقاش "الحرّيات الاجتماعية"، معتبراً أنّ هذه المسألة، التي تشكل ملفاً حساساً للمتشددين، أمر "في غاية الأهمية".

ويبدو أنّ خطوة ترشح إبراهيم رئيسي تعكس مخاوف خامنئي من تدني نسب التصويت على غرار الانتخابات البرلمانية التي قوبلت بمقاطعة شعبية كبيرة، مطلع العام الماضي.

ويواجه الثلاثي البارز إبراهيم رئيسي، وعلي لاريجاني الذي يتولي منصب مستشار خامنئي حالياً، وإسحاق جهانجيري النائب الأول للرئيس الإيراني حسن روحاني، اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان على مدار الأعوام الماضية، والتحريض على قمع وتصفية المعارضين للنظام الديني في إيران.

وأدرجت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي على قائمة عقوباتها، بسبب ضلوعه في عمليات إعدام جماعية لآلاف السجناء السياسيين عام 1988.

ويُعتبر رئيسي مسؤولاً عمّا تعرف بمذبحة السجناء السياسيين، بصفته نائب المدعي العام في طهران في ذلك الوقت.

ومنذ تولي إبراهيم رئيسي منصب رئيس القضاء الإيراني أمر بإعدام حوالي 251 شخصاً في عام 2019، و267 شخصاً في عام 2020، ونفذ عشرات الإعدامات في عام 2021، حسب تقارير حقوقية.

 

مؤسسات حقوقية دولية تؤكد أنّ الانتخابات في إيران ليست حرّة، وتشهد أجواء غير تنافسية بسبب التدخل الواسع لمجلس صيانة الدستور

 

وأفادت منظمة العفو الدولية بأنّ "عقوبة الإعدام استخدمت بشكل متزايد كسلاح للقمع السياسي ضد المتظاهرين المعارضين وأفراد الأقليات العرقية، خلال فترة رئيسي".

ومن المتوقع أن يخوض إبراهيم رئيسي السباق على منصب الرئيس بالدورة الحالية كسياسي متشدد (الفصيل المؤيد لخامنئي).

وألمحت صحيفة كيهان المقربة من مكتب خامنئي إلى أنّ رئيسي المعروف بـ"قاضي الموت" يُعدّ المرشح الرئاسي الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ومن المقرر أن يعلن مجلس صيانة الدستور القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية عقب الانتهاء من مراجعة مؤهلاتهم السياسية، بداية من أمس ولمدة 5 أيام.

ومن المنتظر أن يختار مجلس صيانة الدستور، الذي يعين المرشد الإيراني علي خامنئي بعض أعضائه، عدداً محدوداً من المرشحين الذين سجلوا أسماءهم، وذلك على غرار تأييد أهلية 6 مرشحين فقط من إجمالي 1630 مرشحاً للانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2017.

ويثير العدد المتزايد للشخصيات العسكرية التي دخلت المنافسة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مخاوف "عسكرة" السياسة.

وعلى الرغم من أنّ ترشح شخصيات طبع الميدان العسكري مسيرتها العامة، ليس أمراً جديداً في إيران، إلا أنّ عدد العسكريين المتقدمين للانتخابات الرئاسية، وينحدر أغلبهم من الحرس الثوري، يفوق ما تمّ تسجيله في دورات سابقة.

 

وسائل الإعلام الإيرانية ترجح أن يكون السباق الرئاسي ثنائياً بين لاريجاني، والمحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي

 

ومن أبرز الأسماء التي سجلت في آخر أيام الترشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية، إسحاق جهانجيري، ومحسن هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس بلدية طهران، وعباس أخوندي وزير الطرق والتنمية الحضرية في حكومة حسن روحاني، ومسعود بزشكيان النائب السابق لرئيس البرلمان.

وسجل أيضاً عزت الله ضرغامي الرئيس السابق للإذاعة والتلفزيون، وسكرتير المجلس الأعلى للفضاء السيبراني أبو الحسن فيروزآبادي، ووزير الاقتصاد السابق شمس الدين حسيني، بالإضافة إلى رئيس مركز البحوث البرلمانية علي رضا زاكاني.

وزاكاني هو صاحب المقولة الشهيرة: إنّ إيران باتت تسيطر على 4 عواصم عربية، بعد سيطرة الجماعة الحوثية "أنصار الله" على صنعاء في اليمن، وفق "روسيا اليوم".

وبما يتعلق بالإقبال على الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ الإقبال الشعبي على التصويت في الدورة الحالية لانتخابات الرئاسة المقرر لها 18 حزيران (يونيو) 2021 سيكون عند أدنى مستوى له على الإطلاق.

ووصفت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية، بحسب ما نقلت "إيران إنترناشيونال"، انتخابات الرئاسة الإيرانية في دورتها الـ13، بأكثر الانتخابات الرئاسية بروداً منذ تأسيس ما يُعرف بنظام الجمهورية الإسلامية في البلاد عام 1979.

ودعت جماعات معارضة، بينها منظمة مجاهدي خلق التي تمثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومقرّه باريس، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي وصفتها بالمسرحية، وفق تعبيرها.

 

صحيفة كيهان المقربة من مكتب خامنئي: رئيسي المعروف بـ"قاضي الموت" يُعدّ المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية

 

واعتبرت مؤسسات حقوقية دولية مراراً الانتخابات في إيران غير حرّة، وتشهد أجواء غير تنافسية، بسبب التدخل الواسع لمجلس صيانة الدستور في جميع مراحلها.

وقد تصاعدت وتيرة التحذيرات في إيران من انخفاض قياسي في نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المُقرر تنظيمها الشهر المقبل بسبب طريقة اختيار المرشحين إلى الاستحقاق المذكور، علاوة على الواقع الصعب الذي يعيشه الإيرانيون على وقع تفشي وباء كورونا وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

وفي إطار هذه التحذيرات، قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس علي كدخدائي: إنّ الموافقة على مجموعة متنوعة من المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية قد تساعد في تعزيز الإقبال على التصويت الذي تشعر السلطات بالقلق بالفعل من أنه قد لا يشهد سوى القليل من الحماس.

ولم يتردد كدخدائي، في تصريحات أوردتها وكالة "أسوشيتد برس" في تحذير مركز الاقتراع المملوك للدولة "إسبا" من احتمال انخفاض نسبة المشاركة إلى 39%، وهي الأدنى منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ويتوقع مراقبون أن يُحاول المسؤولون إثارة اهتمام الناخبين المتعبين بسبب تفشي الوباء والاقتصاد المتدهور بسبب العقوبات التي سلطتها الولايات المتحدة على طهران، وذلك باعتبار أنّ النظام الإيراني يبني شرعيته بشكل جزئي على نسبة المشاركة في الانتخابات.

 

استطلاعات الرأي: الإقبال الشعبي على التصويت في الدورة الحالية لانتخابات الرئاسة سيكون عند أدنى مستوى له

 

هذا، وتواصلت الدعوات والحملات لمقاطعة الانتخابات الرئاسية في إيران، فقد وجه 231 ناشطاً مدنياً وسياسياً، من 50 مدينة و25 محافظة إيرانية، رسالة إلى الشعب الإيراني، دعوه فيها إلى مقاطعة هذه الانتخابات، "حتى لا يستمر النظام المناهض للشعب"، واصفين الانتخابات لعام 2021 بأنها "استعراض"، وفق ما أوردت "إيران إنترناشيونال".

وذكر هؤلاء الناشطون في رسالتهم أنّ الغرض من مقاطعة هذه الانتخابات، هو انتقال غير عنيف وسلمي من نظام ولاية الفقيه إلى تحقيق "دستور ديمقراطي وعلماني قائم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وتمّ التأكيد في الرسالة على الأوضاع التي تعيشها إيران في ظل عقود من قمع المعارضة والشعب الإيراني.

وقد سُجّل ترشح أكثر من 590 شخصاً خلال فترة 5 أيام الأسبوع الماضي، وهو عدد أقلّ بكثير من 1630 شخصاً سجلوا في العام 2017.

الصفحة الرئيسية