لماذا تعادي قطر الإمارات؟

لماذا تعادي قطر الإمارات؟


06/12/2020

في تموز (يوليو) الماضي، خرج وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مهاجماً الإمارات، ومطلقاً تهديدات جوفاء تعكس قلقاً من تصدي أبو ظبي لمخططات أنقرة في المنطقة، عبر قناة الجزيرة القطرية، وفيما يُعدّ العداء التركي للإمارات له أسباب عدة، فإنّ ما أثار التعجب حينها إصرار الدوحة على الانغماس في المعسكر التركي، بل أن تصبح مسرح مواجهة شركاء الدم والجغرافيا والعرق.

النهج القطري لا يقتصر على مجرّد استخراج تصريحات تحاول النيل من الإمارات، بل تحمل السجلات ما هو أكبر

التصريحات التي ردّت عليها الإمارات في حينها ظلت مواقد يشتعل عبرها الحقد القطري على الإمارات لأيام، في محاولة ليست الأولى، ولم تبدأها الجزيرة أو وزير الدفاع التركي، لدسّ السمّ في العسل، وصوغ العداء للإمارات عبر شركاء أو في صور أخرى، غير أنّ عمليات أمنية إماراتية كشفت بعض تلك المحاولات، لتتجاوز دلالتها الوقائع أو مخططاتها، إلى مخططات الدولة ومحاولتها تشويه صورة جارتها.

النهج القطري لا يقتصر على مجرّد استخراج تصريحات تحاول النيل من الإمارات، بل تحمل السجلات ما هو أكبر، فقد وصل البغض القطري للإمارات إلى  حدّ إرسال ضابط قطري إلى الإمارات لبث شائعات حول الدولة، تظهر كما لو أنّ ضباط الإمارات ناقمون على حكامها.

القضية التي تعود إلى العام 2013، والشهيرة باسم "بوعسكور"، نسبة إلى الحساب الذي استخدمه الضابط القطري من داخل الإمارات لبث الشائعات، ثم استخدام حسابات وهمية أخرى للتعليق وإثراء التفاعل، قبل أن تتلقفها آلة الإعلام القطرية، للعمل عليها وإعادة تدويرها مرات ومرات، تكشف عن عداء متجذر ومخططات تتجاوز النقد أو رد الفعل.

النيابة علقت على قضية بوعسكور قائلة: القضية تختلف عن مثيلاتها من قضايا جرائم الشبكة المعلوماتية، لأننا ظننا أنّ المتورطين فيها أشقاء وأنهم حصن ودرع

وعادة ما تبرر قطر موقفها المعادي للإمارات ضمن إطار من المظلومية على اعتباره رد فعل للمقاطعة العربية من "الإمارات والسعودية والبحرين ومصر" للدوحة منذ 5 حزيران (يونيو) 2017، بسبب دعم الدوحة للتطرف.

وإذا كانت قضية بوعسكور تكشف عن تاريخ العداء وتجذره، والتي استطاعت قوات الأمن الإماراتية كشفها، وتوقيف الضابط القطري، حمد علي محمد علي الحمادي، وهو ملازم أول في جهاز الأمن القطري ومحاكمته و5 آخرين، فإنّ قضايا تالية تثبت استمرار النهج القطري بعد المقاطعة كما قبلها، ما يعني عدم وجود نية لدى الدوحة لتغيير نهجها صوب جيرانها.

 

وكانت النيابة الإماراتية قد علقت على قضية بوعسكور قائلة: "القضية تختلف عن مثيلاتها من قضايا جرائم الشبكة المعلوماتية، لأننا ظننا أنّ المتورطين فيها أشقاء وأنهم حصن ودرع، إلا أنّ قلوبهم الضعيفة امتلأت بالحقد والكراهية فسوّلت لهم أنفسهم، وهم ضباط مخابرات بجهاز أمن الدولة القطرية، أن يشكلوا فيما بينهم فريق عمل لتنفيذ مخططهم الإجرامي، فأنشؤوا مواقع إلكترونية نشروا فيها معلومات وشائعات وصوراً مسيئة لرموز وقيادات إماراتية بغرض دنيء، وهو السخرية والإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة، ولإحكام تنفيذ مخططهم الإجرامي بشق صف المجتمع الإماراتي قاموا باستخدام أرقام هواتف إماراتية عبر تلك الحسابات والمواقع الإلكترونية للإيهام بأنّ مستخدمي تلك الحسابات هم أشخاص إماراتيون".

وقد حكمت المحكمة بعدها بالسجن 10 أعوام وغرامة مليون درهم والإبعاد عن الدولة بعد انتهاء العقوبة بحق الملازم أول حمد محمد علي الحمادي حضورياً، فيما أصدرت حكماً غيابياً بالسجن المؤبد بحق باقي الضباط المتهمين وتغريم كل منهم مليون درهم والإبعاد عن الدولة.

ورغم ما تكنّه الدوحة من عداء للإمارات، فقد واجهته أبو ظبي بالصفح، فأصدر رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قراراً بالعفو عن الملازم حمد الحمادي.

ولم يشمل قرار العفو بوعسكور فقط، بل أيضاً الإخواني القطري محمود الجيدة، الذي وجّهت له الإمارات تهمة "دعم الإرهاب".

بوعسكور ليس الأخير

أوقفت الإمارات "الجيدة" بعد الكشف عن قضية "بوعسكور"، حيث أوقفته في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2014، أثناء مروره عبر الإمارات للتحقيق، ثم قضت المحكمة في حقه بالسجن 7 أعوام، بناء على ما توافر لديها من أدلة عن دعمه للإرهاب.

وفيما بعد، وتحديداً في تموز (يوليو) 2017، تحدّث القيادي السابق بالتنظيم السري للإخوان المسلمين في الإمارات عبد الرحمن خليفة بن صبيح السويدي، عمّا قدمه القطري محمود الجيدة من دعم للإرهاب.

وقال السويدي، بحسب ما أورده موقع البيان آنذاك، كنت مع محمود الجيدة قبل القبض عليه بأسبوع، وكنا مستمعين في تايلاند لأعضاء التنظيم السري للتنسيق الخليجي، وكان الجيدة هو الموكل بنقل نتائج هذا الاستماع إلى الإمارات، وتم إلقاء القبض عليه متلبساً أثناء محاولته إعادة تجميع بقايا التنظيم السري في الإمارات بعد القبض عليهم، بتعيين مسؤول جديد لإدارة التنظيم، بالإضافة إلى نقل أموال للتنظيم، ونقل أموال من قطر إلى عناصر التنظيم الهاربين في الإمارات، مشيراً إلى أنّ تحركاته لا يمكن أن تكون دون علم النظام القطري.

وتابع: إنّ قطر قدّمت جميع التسهيلات واحتضنت الإخوان المسلمين، وقد دعمت التنظيم بطريقة علنية، وسهلت تحركات عناصره، ودعمت الهاربين في تركيا مادياً ومعنوياً وإعلامياً.

واستطرد: قطر لم تترك الإخوان تائهين، بل دلتهم على الأبواب التي يمكن طرقها لتفريغ الحقد والكراهية والبغض لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ولم يتوقف التنكيل بالإمارات أو المحاولات القطرية للنيل منها عند هذا الحد، فقد تواصلت المحاولات والدعوات وتسليط الأبواق الإعلامية العلنية، أو الخفية عبر لجان إلكترونية تدعو حيناً إلى مقاطعة البضائع الإماراتية، وهي الحملة التي انتشرت في نهاية العام الماضي، أو انتقاد حقوق الإنسان، وهو الادعاء باضطهاد الإمارات للقطريين على أراضيها، وهو ما ردّ عليه السفير الإماراتي في هولندا،  سعيد علي النويس، قائلاً: إنّ القطريين الذين يعيشون في الإمارات يتمتعون بكل الميزات التي يتمتع بها الإماراتيون.

الصفحة الرئيسية