لماذا غادر باشاغا اجتماعاً مع الأتراك في حالة غضب شديد؟

لماذا غادر باشاغا اجتماعاً مع الأتراك في حالة غضب شديد؟


05/09/2022

بعد فشله في استعادة السيطرة على طرابلس؛ بسبب الدعم التركي للميليشيات الموالية لخصمه عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها بموجب الاتفاق السياسي، شارك فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار الوطني، المكلفة من قبل البرلمان الليبي في طبرق، في اجتماعات مع مسؤولين أتراك في الأراضي التركية، غير أنّه غادر أحد الاجتماعات وهو "في حالة غضب شديد"، على حدّ قول الصحفي التركي فهيم تاشتكين.

وفي تقرير لموقع "المونيتور" أول من أمس، قال تاشتكين: إنّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس المخابرات هكان فيدان اجتمعوا بالدبيبة وباشاغا، في لقاءين منفصلين كشفا عن تحذير أنقرة لباشاغا من مغبة دخول طرابلس بالقوة، في انعكاس جديد لمدى الدعم الذي تقدّمه تركيا لحكومة الدبيبة.

 موقع الاجتماعات

عقدت الاجتماعات بين الطرفين بشكل منفصل في "مقر المخابرات التركية"، حيث تجنب باشاغا والدبيبة الإقامة في الفندق نفسه، على حدّ قول تاشتكين، الذي كشف أنّ الصديق الكبير محافظ البنك المركزي الليبي رافق الدبيبة خلال الزيارة.

وأشار تاشتكين إلى صورة تسربت للصحافة الليبية تظهر جاويش أوغلو وأكار وفيدان سوياً مع الدبيبة، ممّا أثار "تكهنات بأنّ أنقرة قدّمت دعماً للدبيبة في الصراع المستمر على السلطة"، غير أنّ تكهنات الصحفي التركي أكدتها قناة "ليبيا 24" بعد أيام قليلة من الاشتباكات الدامية، التي خلفت (32) قتيلاً وأكثر من (150) مصاباً، فقد أكدت القناة الليبية أنّ القوات التركية ساهمت في وقف تقدّم القوات الداعمة لباشاغا، وصد هجومهم على الميليشيات الموالية للدبيبة عبر الطيران المسيّر التركي و"قوات تركية".

ونشرت القناة، على موقعها الرسمي على الإنترنت صور قذائف، قالت إنّ الطائرات المسيّرة التركية أطلقتها على أهداف عسكرية معادية للميليشيات المسلحة الموالية للدبيبة.

 غضب شديد

غادر باشاغا الاجتماع مع المسؤولين الأتراك وهو في حالة غضب شديد، وفقاً للصحفي التركي، الذي أكد أنّ ذلك جاء بعد تحذير نائب رئيس وكالة المخابرات الوطنية التركية عمر جيليك الأطراف المحلية من أنّ أيّ محاولة لدخول طرابلس بالقوة سيتم اعتبارها "عملاً عدائياً"، وهو ما رفضه باشاغا، واعتبره دعماً غير مشروط من قبل أنقرة للدبيبة.

وكان باشاغا قد قام خلال الأشهر الأخيرة بزيارات متتالية إلى أنقرة، وذلك لدفعها إلى وقف دعمها لحكومة الدبيبة، حيث تعتبر أنقرة من أكثر الدول الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

تاشتكين: صورة تسربت للصحافة الليبية أثارت تكهنات بأنّ أنقرة قدّمت دعماً للدبيبة في الصراع المستمر على السلطة

ونقلت صحيفة "العرب اللندنية" عن مراقبين قولهم: إنّ باشاغا دعا مراراً الجانب التركي إلى وقف دعم ميليشيات موالية للدبيبة، خاصة أنّ تركيا ما تزال تملك قوات ومرتزقة في المنطقة الغربية، وهي قادرة على التأثير في المشهد خاصة في العاصمة طرابلس.

ورغم أنّ باشاغا أكد مراراً أنّ علاقته بتركيا جيدة، وهي تعود إلى أعوام مضت، خاصة إبّان توليه وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج، لكن يبدو أنّ هذه العلاقات بدأت تتأثر سلباً مع إصرار تركيا على دعم حكومة الوحدة الوطنية.

 من يدير حكومة الوحدة؟

تجاوز الموقف التركي ممّا يجري في الأراضي الليبية دعم حكومة الدبيبة، فإنّ أنقرة أدارت ظهرها لغيره من الأطراف السياسية، وقد قام رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بزيارات متتالية إلى أنقرة، والتقى الشهر الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعدداً من المسؤولين الأتراك للبحث في ملف الأزمة، غير أنّه عاد خالي الوفاض.

ورغم الانتقادات التي وجهها عقيلة صالح في مراحل سابقة للتدخل التركي، خاصة إبّان جهود الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لدخول طرابلس وإنهاء سطوة الميليشيات، بدا أنّه بات على دراية بحجم وتغلغل أنقرة في المشهد، لا سيّما في الغرب والعاصمة، على حدّ قول "العرب اللندنية".

 ويبدو أنّ عقيلة صالح سعى لإقناع الأتراك بسحب دعمهم لحكومة الوحدة الوطنية دون المساس بمصالح أنقرة، لكنّه على الأغلب لم ينجح في تحقيق مبتغاه مع إصرار الأتراك على دعم الدبيبة.

ورأى المراقبون أنّ تركيا قادرة، بحكم علاقاتها بمختلف أجنحة تيارات الإسلام السياسي وبما تمتلكه من قوات، على وقف القتال في طرابلس، لكن يبدو أنّها لا تقوم بما يلزم، في محاولة على ما يبدو لإبقاء الضغوط على مختلف القوى، وتظل بالتالي مسيطرة على كلّ خيوط اللعبة.

 وفشل فتحي باشاغا في الإطاحة بحكومة منافسه الدبيبة، بعد أن فقدت جماعات مسلحة موالية له السيطرة على الأرض في المعركة التي تجددت ليل الجمعة وصباح السبت، مع تعيين السنغالي عبدالله باتيلي مبعوثاً أممياً خلفاً لستيفاني ويليامز التي أخفقت في تسوية الملف.

ومن المتوقع أن يواجه باتيلي الكثير من التعقيدات لإنهاء الخلافات السياسية والصراع العسكري مع تصاعد التدخلات الأجنبية، خاصة التركية وحالة الانقسام المزمنة.

ويرى المراقبون أنّ المشهد الراهن هو تكرار للأزمة التي عاشتها ليبيا خلال فترة المواجهة بين خليفة حفتر وحكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة السراج.

الصفحة الرئيسية