مؤتمر حركة البناء الإخوانية في الجزائر بشعار "التجدد"... فما القصة؟

مؤتمر حركة البناء الإخوانية في الجزائر بشعار "التجدد"... فما القصة؟

مؤتمر حركة البناء الإخوانية في الجزائر بشعار "التجدد"... فما القصة؟


02/05/2023

تعقد حركة البناء الوطني الجزائرية (ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار)، مؤتمرها الثاني يوم السبت 6 أيار (مايو) الجاري غربي العاصمة الجزائرية، وسط رهانها الكبير على "التجدّد"، فما القصة؟

تأسست حركة البناء الوطني في 22 آذار (مارس) 2013 في أوج صراع الزعامات الذي مزّق إخوان الجزائر، إثر الذي تردّد عن "انحراف" بعض "ورثة" الزعيم الراحل محفوظ  نحناح (1942ـ 2003)، فخرج من عباءة التشكيلة الأمّ "حركة مجتمع السلم" كلٌّ من جبهة التغيير وحركة البناء الوطني، تماماً مثل تشتّت "التيار النهضوي" في جماعة الإخوان بين حركة الإصلاح وجبهة العدالة والتنمية وحزب الجزائر الجديدة.

وتحت قيادة المراقب العام السابق للإخوان الراحل مصطفى بلمهدي، ثمّ وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، لم تحقّق حركة البناء الوطني نتائج كبيرة، حيث اكتفت بـ (15) مقعداً فحسب في تشريعيات 4 أيار (مايو) 2017، رغم تحالفها آنذاك مع جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة.

تأسست حركة البناء الوطني في 22 آذار (مارس) 2013

وفجّر عبد القادر بن قرينة (61) عاماً المفاجأة في رئاسيات 12 كانون الأول (ديسمبر) 2019، حين حلّ الوجه الجنوبي وصيفاً، مستبقاً أسماء وازنة مثل رئيس الوزراء السابق علي بن فليس، إضافة إلى الوزير السابق للثقافة عز الدين ميهوبي، وعبد العزيز بلعيد الذي حلّ ثالثاً في رئاسيات 2014.

وخلافاً لتهليل أتباع عبد القادر بن قرينة، واعتقادهم أنّ حركة البناء صارت "القوة السياسية الثانية" في الجزائر، كذّبت نتائج تشريعيات ومحليات 2021 الأمر رأساً، حيث اكتفى الإخوان المنشقون بــ (40) مقعداً فقط في البرلمان، و(1848) مقعداً في مجالس البلديات والمحافظات من مجموع المقاعد، وعددها (24801).  

رقص على وتر السلطة  

على نقيض حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وغيرهما من المتمسكّين بخيار المعارضة، تضع حركة البناء الوطني من تأييد السلطة والتواجد في الحكومة "خياراً استراتيجياً"، بينما يراه مراقبون "تكتيكاً براغماتياً".

واعتبر عبد القادر بن قرينة الموصوف بـ "أحد صقور تنظيم الإخوان" أنّ المؤتمر المرتقب لحركة البناء "سيضيف جداراً جديداً لحصننا الوطني، وبتماسكنا نسيجاً جديداً للّحمة الوطنية، وإلى إدراكنا فهماً جديداً لأولويات الوطن وتحديات الأمّة وحاجيات الحركة".

وتابع: "مؤتمرنا سنجعله محطةً كبرى للقراءة الصحيحة لواقعنا، وهو محطة إطلاق للتجديد والمبادرات لما يعود بالخير على هذا الوطن، ونأمل أن يكون إضافة لبناء الجزائر الجديدة والمضامين التي تؤطر المستقبل".

بدوره، أبرز أحمد الدان، الرقم الثاني في حركة البناء، ما سمّاه "الدور المنتظر من الحركة في تقوية بناء الدولة والعمل على تحديات التنمية باعتبارها ضمن أولويات عمل إطارات الحركة بمستوى عالٍ من الفعالية والجدية".

ووسط حالة من التكتّم بشأن لوائح المؤتمر، اكتفت حركة البناء بتعليق خاطف، حيث سجّلت أنّ الموعد سيكون لـ "تجديد الشورى ووضع المخططات القادمة الخادمة للوطن ومواطنيه"، ومنه صاغت الشعار الموسوم "بصمتنا في عالم جديد، مُواطن فاعل، وطن سيّد، مجتمع متماسك، ودولة محترمة".

القيادي في حركة البناء الوطني أحمد الدان

وفيما تصبّ كل المؤشرات لمصلحة عبد القادر بن قرينة، واستمراره رئيساً لحركة البناء، ذهب النائب السابق الذي مكث (13) عاماً في البرلمان إلى أنّ المؤتمر سيكون لـ "تغيير الأشخاص واللوائح والقوانين"، مضيفاً: "قدّمت (5) أعوام على رأس الحركة، ولا يُمكن أن أقدّم أكثر، وأمنيتي أن أستريح، وهناك من هُم أكفأ منّي خطابة وتداولاً".

بيد أنّ تغريدات عجّت بها منصة "فيسبوك" أجمعت على أنّ حديثه عن "الابتعاد" هو من "باب الاستهلاك ليس إلّا"، خصوصاً مع رغبة الرجل للترشح مجدداً إلى الانتخابات الرئاسية المزمعة في كانون الأول (ديسمبر) 2024.

جدل عارم

واظب عبد القادر بن قرينة على مدار أعوام طويلة في إثارة جدل عارم، امتدّ منذ توليه حقيبة السياحة بين 24 حزيران (يونيو) 1997 و23 كانون الأول (ديسمبر) 1999. وكانت آخر خرجة له حين دعا مواطنيه إلى العمل جميعاً كـ "مُخبرين لدى الأجهزة الأمنية والجيش ومؤسسات الدولة كافة، حفاظاً على "أمن واستقرار الجزائر"، على حدّ قوله.

لكنّ التصريحات التي أسالت الكثير من الحبر، هي تلك التي أطلقها عبد القادر بن قرينة حول عبد الحميد ملزي، المدير العام السابق لـ "إقامة الدولة الساحل"، وهو منتجع سياحي مخصّص لكبار شخصيات النظام، حيث قدّم الوزير الإخواني السابق أرقاماً مهولة لما سمّاه "إمبراطور الفساد السياحي"، وقال إنّه كبّد الجزائر خسائر ضخمة فاقت الـ (200) مليون دولار في صفقتي إنجاز فندقين من علامة "شيراتون" بالجزائر العاصمة ومحافظة وهران، كما ذهب إلى حدّ تحميل ملزي مسؤولية تضييع فرص استثمار مليارات الدولارات مع رجال أعمال خليجيين إبّان عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

لكنّ القضاء الجزائري أصدر في 9 نيسان (أبريل) الجاري حكماً ببراءة عبد الحميد ملزي الذي ظلّ محبوساً منذ العام 2019، حيث قضت الغرفة الجزائية السادسة لدى مجلس قضاء الجزائر بـ "إلغاء عقوبة (3) أعوام حبساً نافذاً التي أدين بها، وبطلان المتابعة الجزائية في ملف الفساد المتعلق بمخالفة قانون الصرف".

وأسقط القضاء أيضاً عن ملزي تهماً أخرى تخصّ "مخالفة الصرف واستيراد بضاعة مع تضخيم الفواتير بغرض تحويل أموال إلى الخارج بصفته ممثلاً للشركة العمومية للتسيير الفندقي وبصفته الرئيس المدير العام للشركة نفسها".

عبد الحميد ملزي، المدير العام السابق لـ "إقامة الدولة الساحل"

تبرئة عبد الحميد ملزي دفعت المغرّدين إلى مهاجمة عبد القادر بن قرينة، وقال محيي الدين: "لو كان لك يا بن قرينة بعض الشرف السياسي أو الكرامة أو بعض الحياء، لاستقلت فوراً من أيّ دور سياسي أو حزبي".

واستغرب ناشطون في شبكات التواصل الاجتماعي كيف أنّ وزيراً سابقاً يُستدعى للمشاورات مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يُطلق تصريحات حول الفساد تضعه بين "فكي كماشة".

وكتبت نصيرة: "إن كان كاذباً بشأن حديثه عن الفاسد الأكبر، وأخطبوط الفساد، فلا بدّ من التحقيق معه، خصوصاً بعدما قال إنّه عندما كان وزيراً عجز عن محاسبة عبد الحميد ملزي، وسُحبت منه كل الصلاحيات".

وفي مخاطبته عبد القادر بن قرينة، شدّد مختار: "إذا كان ملزي لم يكن فاسداً، في هذه الحالة أنت أكبر كذّاب وأكبر مُدعٍ يا بن قرينة، لذا لا بدّ من محاسبتك قانونياً بتهمة التشهير والإساءة، ونشر أخبار كاذبة من شأنها تعكير الأمن العام، وهي مصيبة كبيرة أن يقع سياسي ورئيس حزب في هذه الغلطة".

مواضيع ذات صلة:

"الإسلام السياسي" انتهى في الجزائر

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

تونس... دعم جزائري ودولي في مواجهة التحذيرات الغربية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية