مؤشر الإرهاب 2019: لماذا أفريقيا الأكثر تضرراً؟

مؤشر الإرهاب 2019: لماذا أفريقيا الأكثر تضرراً؟


24/11/2019

سجّل الإرهاب العالمي خلال العام الجاري تراجعاً ملحوظاً، مقارنة بالعام الماضي، لكنّه لم يتراجع بشكل نهائي، وإذا كان عدد ضحايا العمليات الإرهابية هذا العام قد تقلّص مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية، فإنّ دائرة انتشاره اتسعت أكثر هذا العام؛ حيث ما يزال أبرز عوامل عدم الاستقرار العالمي، فإذا كانت تسعون بلداً قد شهدت تحسّناً ملحوظاً فيما يتعلق بتقلص الجريمة الإرهابية فيها، فإنّ هناك أربعين بلداً ساءت ظروفها بسبب الإرهاب، بينما هناك 71 بلداً شهدت خلال العام الماضي قتيلاً واحداً، على الأقل، بسبب العمل الإرهابي، 19 بلداً منها تجاوز عدد ضحايا الإرهاب فيها المئة قتيل.

اقرأ أيضاً: لماذا تحول الإرهاب في الساحل الأفريقي إلى أزمة عالمية؟
ذلك بعض ما خلص إليه مؤشر الإرهاب العالمي، الذي يصدر سنوياً عن منظمة الاقتصاد والسلام، منذ عام 2000، ويرمي إلى تقديم صورة مفصلة عن الأحداث الإرهابية التي تحصل سنوياً في العالم، سواء كانت من جماعات إسلامية مسلّحة أم من جماعات تنتمي إلى إثنيات وديانات أخرى، أو كان من اليمين المتطرف، الذي أصبح منذ التقرير الحالي جزءاً من هذا المؤشر.

مؤشر الإرهاب الذي صدر مؤخراً يعدّ الأول من نوعه في مرحلة ما بعد القضاء على داعش، ومقتل زعيمه البغدادي

المؤشر، الذي صدر يوم 20 الشهر الجاري، يعدّ الأول من نوعه الذي يقدم نظرة شاملة عن تداعيات الإرهاب العالمي في مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش، ومقتل زعيمه، أبي بكر البغدادي، وخلافاً لما هو متوقع، يؤكّد المؤشر؛ أنّه بعد عامين من تفكيك التنظيم، الأكثر تطرفاً في تاريخ الجماعات الإرهابية، لم يتراجع الإرهاب والعنف المسلّح في العالم، فخلال العام الجاري، وحتى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، خلّفت العمليات الإرهابية ما مجموعه 16 ألف قتيل، علاوة على آلاف الجرحى والمعطوبين وذوي العاهات، غير أنّ هذا الرقم لا يعدّ رقماً كبيراً في نظر معدّي هذا المؤشر؛ لأنّ عدد قتلى الإرهاب تراجع هذا العام بنسبة 15%، مقارنة بالعام الماضي، والذي قبله، وكشف المؤشر أنّ هذا التراجع تمّ تسجيله طوال الأعوام الأربعة التي مضت.
النقطة الأبرز في المؤشر أنّ العمليات الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش، في مجموع المواقع التي يتواجد بها، سواء في سوريا أو العراق أو أفغانستان، أو بعض المناطق في القارة الأفريقية، أو في البلدان الأوروبية؛ حيث نفّذ التنظيم في الأعوام الماضي تفجيرات إرهابية، تراجعت بنسبة كبيرة جداً، تقدَّر بـ 69%، فيما تراجع عدد ضحايا هذا التنظيم بنسبة 63%.

اقرأ أيضاً: الإرهاب غرب أفريقيا.. كيف يمكن مواجهته؟
بيد أنّ تراجع العمليات الإرهابية لهذا الأخير دفع إلى الواجهة حركة طالبان الأفغانية، لتصبح بذلك التنظيم الأكثر عنفاً اليوم؛ إذ يبرز المؤشر أنّ طالبان مسؤولة خلال العام الجاري عن أكثر الأعمال وحشية؛ فقد ارتفع عدد ضحايا العمليات التي تقوم بها بنسبة 71%، وهو ارتفاع منذر بالخطر، كما أنّ 38% من مجموع ضحايا الإرهاب على الصعيد العالمي يوجدون على قائمة الحركة خلال العامين الماضيين، ومن خلال المعطيات التي يبرزها المؤشر، تسجل هناك مفارقة، وهي أنّ العراق الذي شهد أبشع التنظيمات الإرهابية، منذ عام 2014، مع ظهور تنظيم داعش، بات اليوم أكثر استقراراً مقارنة بأفغانستان التي احتلتها الولايات المتحدة الأمريكية، عام 2001، وطردت حركة طالبان ولاحقت تنظيم القاعدة؛ أي إنّ الإرهاب عاد بعد 18 عاماً إلى المكان نفسه؛ إذ إنّه إضافة إلى العمليات التي تنفذها حركة طالبان، ذات الغالبية البشتونية، هناك العمليات التي تنفذها جماعة خراسان، التابعة لتنظيم داعش.

هناك ارتفاع بالجرائم الإرهابية لليمين المتطرف خلال العام الماضي حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 320% خلال الأعوام الخمسة الماضية

وعلى العكس من المقولة الرائجة، التي تقول: إنّ الإرهاب يستهدف المناطق الأكثر استقراراً، يوضح المؤشر أنّ هذا التصور ليس صحيحاً، وأنّ العمليات الإرهابية تحدث أكثر في مناطق التوتر والنزاع؛ حيث إنّ 95% من هذه العمليات على الصعيد العالمي تحصل في هذه المناطق غير المستقرة، وهو ما يعزز فرضية أنّ الجماعات الإرهابية تبحث عن الاستيطان والتمركز أكثر في المناطق التي تشهد القلاقل والصراعات، مستغلة الأوضاع التي يعيشها السكان والحكومات المركزية، وتوجد على رأس هذه المناطق المشتعلة أربعة بلدان، كلّها موجودة في القارة الأفريقية، وهي: مالي وموزمبيق وبوركينا فاسو ونيجيريا، وتعدّ منطقة الساحل في أفريقيا، اليوم، أكثر المناطق المتفجرة؛ حيث يستغلّ الإرهابيون غياب الاستقرار واتساع الرقعة الترابية للصحراء وعدم التنسيق بين البلدان المتاخمة.
وفيما يتعلق بأوروبا، فقد تراجع ضحايا الإرهاب خلال العام الماضي؛ حيث لم يسجل سوى 62 قتيلاً في خمسة بلدان أوروبية، ويرجع هذا أساساً إلى القضاء على تنظيم داعش، رغم المخاطر التي ما تزال تظلّل سماء أوروبا، بسبب ملفّ العائدين من ميادين القتال.

اقرأ أيضاً: هل تكون إسبانيا مثالاً لأوروبا الحائرة تجاه الإرهاب؟
لكنّ الإرهاب ليس ذا طابع ديني فحسب؛ بل هناك الإرهاب الناتج عن اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويلفت النظر أنّ المؤشر العالمي لا يستخدم عبارات مثل الجريمة في وصف أعمال العنف التي يقوم بها هذا اليمين، بل يلحقها بصفّ العمليات الإرهابية، وبحسب منظمة الاقتصاد والسلام؛ فإنّ هناك ارتفاعاً فيما يتعلق بالجرائم الإرهابية لليمين المتشدد خلال العام الماضي؛ حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 320% خلال الأعوام الخمسة الماضية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية