ماذا تريد الإمارات من الإدارة الأمريكية الجديدة؟.. السفير العتيبة يجيب

ماذا تريد الإمارات من الإدارة الأمريكية الجديدة؟.. السفير العتيبة يجيب


04/11/2020

يؤكد يوسف العتيبة، الذي يشغل منصب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة على مدى السنوات الـ 12 الماضية وهو أحد أكثر الدبلوماسيين نفوذاً في أمريكا، أنّ "الانتخابات الأمريكية تعكس وجهتي نظر مختلفتين إزاء دور الولايات المتحدة في العالم". وأضاف في حديث لصحيفة The National: "هل يجب أن تشارك (أمريكا) وتحاول أن تجعل منطقة الشرق الأوسط مستقرة أم أن تنفصل فقط؟".

 

العتيبة: هناك الكثير من القضايا المحلية الكبيرة في الداخل الأمريكي التي سوف تستهلك كل الطاقة والأولويات بحيث يصبح باقي العالم فكرة متأخرة

 

وحسب السفير الإماراتي، فإنّ منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى الاستقرار، وهو ما تدركه الإدارة الأمريكية الجديدة، ومع ذلك، قد يكون التعامل الأمريكي مع العالم في خطر بسبب عوامل أخرى، مثل تفشي وباء كورونا والقضايا الصحية والاقتصادية التي أثارها في الولايات المتحدة. ويوضح العتيبة هذا بالقول "هناك الكثير من القضايا المحلية الكبيرة في الداخل الأمريكي التي سوف تستهلك كل الطاقة والأولويات؛ بحيث يصبح باقي العالم فكرة متأخرة. لذلك هذا هو قلقي، أن التركيز المحلي يؤدي إلى إهمال قضايا السياسة الخارجية". وبالفعل فإنّ المحللين يلفتون الأنظار إلى أنّ أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية الثقيلة جداً على أمريكا، وتنامي الانقسامات العرقية والثقافية، إلى جانب تصاعد مواجهة الصين وروسيا وكوريا الشمالية، ومحاولات ترميم العلاقة مع أوروبا ستأخذ نصيب الأسد من أولويات واهتمامات وموارد الإدارة الأمريكية الجديدة، ما سيجعل قضايا الشرق الأوسط، ربما، تتراجع، ومع ذلك، لا يمكن أن تنتظر بعض المشكلات.

اتفاق نووي إيراني رقم "2"

ويرى العتيبة أنّ "أكبر خط خطأ الآن هو كيفية التعامل مع إيران. لا يتعلق الأمر بما إذا كانت إيران تشكل تحدياً أم لا. هناك إجماع على ذلك. هناك خلاف حول كيفية التعامل معها"، من جانب الديمقراطيين والجمهوريين. وأضاف: "هذا هو المجال الوحيد الذي يختلف فيه الجانبان، في تكتيكات التعامل مع إيران. لقد كنا ننادي بوقف التصعيد والاستقرار. (ومع الإدارة الأمريكية الجديدة)، فإنّ نهجنا سيكون ثابتاً". ويتضمن هذا النهج الدعوة إلى صفقة أفضل من خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية، التي تم توقيعها بين دول (5+1) في 2015.

العتيبة: منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى الاستقرار

وأوضح العتيبة أنّ "العالم بأسره يدرك الآن أن هناك عيوباً معينة في اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) مع إيران، سواء كانت المدة وشروط انقضاء المدة القصيرة جداً، أو ما إذا كان ذلك بسبب عدم وجود صوت عربي على الطاولة أثناء إجراء هذه المفاوضات".

اقرأ أيضاً: قرقاش: أشعر بالإهانة كمسلم من الرسوم الكاريكاتورية.. ولأردوغان "قصّة أخرى"

وحول ما تريده دولة الإمارات من الإدارة الأمريكية الجديدة يشير العتيبة إلى أنّ أحد العناصر المهمة هو أن نأخذ في الاعتبار "كل القضايا الأخرى التي نعاني منها في المنطقة: برنامج الصواريخ الإيرانية، والوكلاء والميليشيات، والتدخل، ونوع الموقف العدواني الذي نشهده من إيران"، وتابع "نحتاج إلى إجراء محادثة حول كيفية تعزيزJCPOA ، وكيفية معالجة أوجه القصور هذه، وإنشاء خطة JCPOA 2.0 أكثر فاعلية".

 

العتيبة: العلاقات الإماراتية الأمريكية ستكون قوية في كل الأحوال، وأنها ستعمل بشكل جيد مع الرئيس الجديد

 

ولدى سؤاله من جانب صحيفة "ذا ناشونال" عما إذا كان الديمقراطيون في أمريكا يرون أوجه القصور هذه، قال العتيبة بثقة: "أعتقد ذلك، نعم". وأكد أنّ العلاقات الإماراتية الأمريكية ستكون قوية في كل الأحوال، وأنها ستعمل بشكل جيد مع الرئيس الجديد، لافتاً النظر إلى أن "الإمارات العربية المتحدة كانت ثابتة. لا يحب الجميع مواقفنا طوال الوقت"، قال، لكن الانتقال من إدارة بوش الابن إلى إدارة أوباما ثم إلى البيت الأبيض لترامب كانت كلها سلسة للغاية، "إذا حدث الشيء نفسه، فلا شك لدي أن الإمارات ستكون قادرة على العمل" مع الإدارة الجديدة. لكنه أضاف: "أعتقد أنّ الولايات المتحدة أكثر استقطاباً مما كانت عليه في السابق. لكني أعتقد أنّ هذا سؤال للأمريكيين وليس للإماراتيين".

إقناع الولايات المتحدة بوقف الابتعاد عن المنطقة

قد يعني تصاعد المطالب المحلية في الداخل الأمريكي أن الولايات المتحدة تتراجع بشكل متزايد عن المنطقة. وبالفعل، أعلنت إدارة ترامب عزمها سحب قواتها من أفغانستان بحلول عيد الميلاد، وقالت إنها تريد تقليص وجودها في العراق. وفي هذا يقول العتيبة: "هناك طلب (أمريكي) ثابت على وجود بصمة أصغر"، في الخارج. وحول رد الفعل المطلوب عربياً حيال ذلك قال الدبلوماسي الإماراتي "علينا أن نظهر للشعب الأمريكي أنّ الوجود الأمريكي في المنطقة يحقق فوائد بالفعل".

اقرأ أيضاً: دول الخليج العربية والانتخابات الأمريكية.. ترامب أم بايدن؟

من جانب آخر، فإنّ الحقيقة الأخرى هي أنه مع التحول الإستراتيجي الأمريكي باتجاه بصمة عسكرية أخف في المنطقة، فإنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى دعم حلفائها بطرق عدّة. ويأتي طلب الإمارات للحصول على طائرات عسكرية متطورة من طراز F-35 ضمن هذا السياق. ويعلّق العتيبة على ذلك بأنّ "المزيد من البلدان أصبحت أكثر استقلالية، وتتحمل المزيد من المسؤولية وأعباء المنطقة. وسواء كانت طائرات F-35 أو تجارة محسّنة وزيادة الاستثمار مع الشركاء الإقليميين، فإنّ المزيد من الدول ستتحمل المزيد من العبء بأنفسها. من المهم للولايات المتحدة أن تفهم أننا نأخذ منطقتنا وأمننا على محمل الجد".

واستدرك السفير الإماراتي "نحاول الحصول على F-35 منذ ست سنوات"، مضيفًا أنها "ليست جزءاً من الصفقة" للاتفاق مع إسرائيل.

اقرأ أيضاً: "المونيتور": حتى مع صفقة الـ25 عاماً بين بكين وطهران..الإمارات تعزز مكانتها

وتابع "هناك أشياء أخرى كنا نحاول الحصول عليها منذ أن كان السيد (جورج بوش الابن) في منصبه، والتي تم تعليقها ببساطة، إلى حد كبير إما بسبب ضمان التفوق العسكري النوعي [لإسرائيل] أو مشكلات أخرى تتعلق بقدرة الإدارة على اتخاذ قرار بشأنها. أعتقد أننا قمنا الآن بإزالة عنق الزجاجة هذا. إنه يفتح الباب أمامنا في محاولة الحصول على معدات دفاعية أكثر تطوراً. أعتقد أن إخطار الكونغرس يجب أن يكون وشيكاً."

اقرأ أيضاً: ما دلالات الحوار الإستراتيجي الإماراتي-الأمريكي ؟

وأكد يوسف العتيبة أنه "ليس من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لديك شركاء أمنيون أكثر قوة واستقراراً فقط، ولكن إذا كانت الولايات المتحدة تريد فعلاً بصمة وحضوراً أقل في المنطقة، فسيتعين عليك أن تجعل أصدقاءك يفعلون المزيد. ولكي يقوم أصدقاؤك بالمزيد، عليك تعزيز قدراتهم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية