ما أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية؟

ما أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية؟

ما أهمية مضيق هرمز خلال الحروب والتوترات الإقليمية والدولية؟


29/10/2023

في ظل تتالي التوترات الإقليمية والدولية، سلّط المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI الضوء على أهمية مضيق هرمز، خصوصاً خلال الحروب؛ فهو يُعدّ من الممرات المائية المهمة والاستراتيجية، ولا يوجد مكان في العالم أكثر أهمية لإمدادات النفط العالمية من المضيق، لا سيّما بعد حرب أوكرانيا.

وقد شهد مضيق هرمز حالياً، وخلال الأعوام الماضية، العديد من التوترات بين إيران والدول الغربية ودول الخليج، وتعرّض العديد من السفن وناقلات النفط لهجمات وعمليات احتجاز، وغالباً ما تهدد إيران بإغلاق المضيق كورقة ضغط سياسية؛ لأنّ إغلاق المضيق يكون بمثابة تهديد كبير للاقتصاد، والأمن الدولي والإقليمي.

مضيق هرمز وأهميته

يقع مضيق هرمز في جنوب الخليج العربي، ويفصله عن مياه خليج عُمان وبحر العرب. يحده من الشمال إيران ومن الجنوب سلطنة عُمان. ويحمل المضيق اسم جزيرة (هرمز) التي تقع في مدخله، كما يوجد أيضاً في مدخل المضيق عدة جزر متنازع عليها إقليمياً. يبلغ عرض المضيق (50) كيلومتراً، وعمق المياه فيه (60) متراً، وعرض ممرّي الدخول والخروج فيه (10.5) كيلومترات.

يمرّ حوالي (40%) من الإنتاج العالمي من النفط عبر مضيق (هرمز)، ويستوعب من (20 إلى 30) ناقلة نفط يومياً، ويُعتبر في نظر القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.

 شهد مضيق هرمز حالياً، وخلال الأعوام الماضية، العديد من التوترات بين إيران والدول الغربية ودول الخليج،

وتصف إدارة معلومات الطاقة الأمريكية مضيق (هرمز) بأنّه "أهم ممر عبور للنفط" في العالم، وأنّ المضيق لن يفقد أهميته، وأنّ امتلاك إيران لمنفذ بديل لتصدير البترول جعلها أكثر جرأة في بحر العرب، بحسب ما نشره المركز.

تصاعد التوتر في مضيق هرمز دولياً

مركز الدراسات أشار في التقرير إلى المناورات البحرية والجوية والبرية المشتركة التي أجرتها طهران في الخليج في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2022، بالقرب من مضيق (هرمز) الاستراتيجي، وقد شمل التدريب عمليات جمع المعلومات، وعمليات الاستطلاع، كذلك أجرت تجارب على طائرات مسيّرة هجومية جديدة في المنطقة الساحلية.

يُعدّ مضيق هرمز من الممرات المائية المهمة والاستراتيجية، ولا يوجد مكان في العالم أكثر أهمية لإمدادات النفط العالمية من المضيق

وأكدت الولايات المتحدة الأمريكية في 3 آب (أغسطس) 2023 أنّ وزارة الدفاع الأمريكية تدرس نشر جنود على متن السفن التجارية المبحرة عبر مضيق (هرمز)، وهو ما سيكون عملاً غير مسبوق، بهدف منع الاحتجاز والهجوم على السفن، كما يعمل الأسطول الخامس على تعزيز التعاون الأمني البحري الدولي بين هيئة الأمن البحري الدولي والتوعية البحرية الأوروبية في مضيق (هرمز).

وقد حذّر الاتحاد الأوروبي من احتمال هجوم على السفن التجارية في مضيق (هرمز) في 12 آب (أغسطس) 2023. ووجّهت اتهامات لطهران بتنفيذ موجة هجمات استهدفت السفن منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، خاصةً مع فرض عقوبات عليها.

تلك الهجمات عادت إلى الواجهة في نيسان (أبريل) 2023 عندما احتجزت إيران سفينة تحمل النفط لشركة "Chevron Corp"، ومن ثم احتجزت ناقلة "Niovi" في أيار (مايو) 2023. 

توتر إقليمي في مضيق هرمز

وبحسب ما نشره المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI، فإنّ جزر (طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأبو موسى) تشكّل نقطة توتر بين طهران وأبوظبي، وقد جددت دولة الإمارات العربية المتحدة مطالبها لإيران لإنهاء أزمة الجزر الإماراتية الـ (3).

كما شكّلت قضية الجزر ملفاً بالغ الحساسية بالنسبة إلى طهران، وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية في 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 أنّ الجزر الـ (3)؛ أبو موسى، وطنب الكبرى وطنب الصغرى، هي جزء لا يتجزأ وأبدي من الأراضي الإيرانية"، رافضة أيّ ادعاءات بشأنها بشكل قاطع.

شهد مضيق هرمز حالياً وخلال الأعوام الماضية العديد من التوترات بين إيران والدول الغربية ودول الخليج، وتعرّض العديد من السفن وناقلات النفط لهجمات وعمليات احتجاز

يأتي ذلك ردّاً على البيان الختامي للاجتماع المشترك بين وزراء الخارجية الـ (27) للاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بأنّ الجزر الـ (3) جزء لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة.

تنامي القلق من توسيع نفوذ الصين في مضيق هرمز

وفي 4 شباط (فبراير) 2023 تصاعدت التحذيرات من أنّ الشركات الصينية تعزز وجودها بالقرب من مضيق هرمز في الشرق الأوسط،؛ ممّا قد يزيد من مخاطر حدوث صراع مع الولايات المتحدة في أحد أكثر ممرات نقل النفط ازدحاماً في العالم.

وقد استثمرت بكين مليارات الدولارات في خطوط أنابيب النفط، ومحطات التخزين على طول الخليج العربي، ممّا أثار مخاوف لدى مسؤولي الأمن القومي الأمريكي الذين يخشون أن يمنح ذلك بكين تأثيراً خطيراً في نقطة الالتقاء الرئيسية لشحنات البترول.

هذا، وتملك الصين مصالح كبرى في مضيق هرمز، فهي تُعدّ من أكبر مستوردي النفط. فنحو (25%) من النفط الذي يتم تصديره يومياً عبر المضيق، يذهب إلى الصين؛ ممّا يجعله منطقة جغرافية مهمّة للغاية بالنسبة إليها.

من هنا يمكن فهم أبعاد برنامج التعاون الإيراني ـ الصيني الذي وُقّع في آذار (مارس) من العام 2021، والذي هو عبارة عن اتفاق تعاون تجاري واستراتيجي لمدة (25) عاماً بين البلدين، والذي لا توجد الكثير من التفاصيل حوله، سوى أنّ الصين تستثمر (400) مليار دولار في الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الزمنية للاتفاق، مقابل أن تمدها إيران بإمدادات ثابتة وبأسعار منخفضة للغاية من النفط، بحسب المصدر ذاته.

تقارب خليجي إسرائيلي

وتشير التقديرات في 9 آب (أغسطس) 2023 إلى أنّه من غير المرجح أن تتسرع دول الخليج العربي، لا سيّما المملكة العربية السعودية، في عقد صفقة مع الحكومة الإسرائيلية وإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، وأفادت التقارير أنّ من أهم شروط التفاوض والتقارب السعودي الإسرائيلي:

ـ إعداد منصة جديدة للصواريخ الباليستية، وشراء رؤوس نووية، إضافة إلى اليورانيوم الذي تودّ السعودية تخصيبه في المملكة.

ـ تخفيض السعودية علاقاتها مع الصين، وخاصة منع إنشاء قواعد عسكرية صينية على الأراضي السعودية.

ـ تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين، وتعزيز مبدأ حلّ الدولتين، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

الاتفاق النووي وإغلاق مضيق هرمز

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI أشار أيضاً إلى أنّ أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكية أكد أنّ "إيران تبدو إمّا غير راغبة، وإمّا غير قادرة على القيام بما هو ضروري للتوصل إلى اتفاق"، وأنّ طهران "تواصل محاولة إدخال قضايا خارجة عن الاتفاق في المفاوضات تجعل الاتفاق أقلّ احتمالاً".

لكن من المؤكد أنّ ما رأيناه مؤخراً هو خطوة إلى الوراء بعيداً عن احتمال وجود أيّ نوع من الاتفاق على المدى القريب في 20 أيلول (سبتمبر) 2022. بينما أكدت إيران في 20 أيلول (سبتمبر) 2023 أنّ على الولايات المتحدة أن تثبت "حسن نواياها" وعزمها على إحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني المبرم في 2015.

رجح تقرير المركز الأوروبي في حال فشل الاتفاق النووي من الناحية النظرية، أن تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز، من خلال نشر سفنها الحربية أو زراعة الألغام

إلى ذلك، أبقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 إجراءاتها التقييدية على إيران بموجب نظام عقوبات منع الانتشار النووي.

واتخذ المجلس الأوروبي خطوات قانونية للإبقاء على العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في بادئ الأمر على أفراد وكيانات ضالعة في أنشطة نووية، أو صواريخ باليستية، أو مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

المركز رجح، في حال فشل الاتفاق النووي من الناحية النظرية، أن تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز، من خلال نشر سفنها الحربية أو زراعة الألغام، والذي من شأنه أن يؤدي إلى فقد إمكانية الوصول إلى الأسواق بطريقة شبه كليّة.

 كما رجح أن يؤدي إلى انخفاض إمدادات شحنات النفط المصدرة بنحو (30%)، فيما ستنخفض إمدادات النفط الإجمالية بنحو (20%). ومن المتوقع أن يحوّل مسار بعض شحنات النفط ونقلها عبر خطوط أنابيب تمّت توسعتها على خلفية المخاوف من وقوع صراع بين الغرب وإيران، لكنّ قدرات الأنابيب الاستيعابية تبقى محدودة، وهي أكثر تكلفة، ممّا يساهم في ارتفاع أسعار النفط.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية