ما الحقائق التي يكشف عنها العدوان الإسرائيلي على غزة؟

ما الحقائق التي يكشف عنها العدوان الإسرائيلي على غزة؟


20/05/2021

حرب جديدة يشنها نتنياهو على غزة مستخدماً فيها كل ما يملك من أسلحة، ضمن حسابات من أبرز أهدافها إخراجه من مأزقه السياسي بعد فشله المتكرر في تشكيل حكومة إسرائيلية، لكنّ هذه الحرب بلا خطة باستثناء التغطية على ما جرى في القدس وحي الشيخ جراح.

الاعتداء الحالي على غزة، والرد المفاجئ من المقاومة الفلسطينية هناك بالقدرة على الصمود، وعنوانها تحقيق مفهوم "توازن الرعب" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أربك نتنياهو ومعه الجيش الإسرائيلي، بكل ما يملكه من قوة وقبب حديدية تم الترويج لها بوصفها قادرة على إفشال الهجمات الصاروخية من غزة، وهو ما لم يثبُت في هذه المواجهة، التي كشفت عن جملة حقائق جديدة.

مفهوم الأمن الإسرائيلي التاريخي القائم على التفوق والقوة وأنّ أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات، أصبح مفهوماً قديماً لا معنى له

أولى تلك الحقائق، أنّ الجيش الإسرائيلي مبني على عقيدة قتالية تقوم على مواجهة جيوش نظامية، والمؤكد أنّ هذا الجيش لم يتعلم من الحروب التي شنّها سابقاً على غزة، ولا من حربه مع حزب الله عام 2006، فهذا الجيش الذي يمتلك أحدث الأسلحة يواجه خصماً لا يملك إلا صواريخ وطائرات مسيرة، ويدرك ردة فعل هذا الجيش التدميرية، ولديه خطة جوهرها توازن الرعب، غير أنّ حرب غزة الحالية أبرزت معطى جديداً وهو أنّ المقاومة في غزة لم تعد بحاجة لعمليات انتحارية ولا أنفاق، في ظل قدرة صواريخها على تغيير موازين القوى.

ثاني تلك الحقائق أنّ مفهوم الأمن الإسرائيلي التاريخي القائم على التفوق والقوة وأنّ أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات، أصبح مفهوماً قديماً لا معنى له، وأنّ هذا المفهوم ترنح وأصبح أمام تساؤلات حول قدرة إسرائيل على حماية حدودها في الشمال والجنوب، سيما بعد أن أثبتت المقاومة في غزة في هذه الحرب قدرتها على أن تشمل صواريخها كل مساحة فلسطين التاريخية، وأنها لم تعد مقصورة على مستوطنات غلاف غزة.

اقرأ أيضاً: كيف استعادت مصر دورها الإقليمي عبر بوابة فلسطين؟

ثالث تلك الحقائق توحد الفلسطينيين في مناطق 48 مع الضفة الغربية وغزة، وهو ما لم يحدث منذ عام 1948 وتحديداً بالنسبة للفلسطينيين في مناطق 48، والذين تم عدهم بوصفهم مواطنين إسرائيليين، ليس من قبل إسرائيل فحسب، بل من قبل العرب الآخرين.

المواجهة الحالية بكل مخرجاتها تشير إلى هزيمة مدوية لنتنياهو، فقد أعيدت القضية الفلسطينية إلى واجهة التفاعل الدولي بتضامن دولي غير مسبوق مع القضية الفلسطينية، وإدانات لإسرائيل ومطالبتها بوقف الحرب، فيما ذهب اعتراف ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل أدراج الرياح، ونمّت هذه المواجهة الفجوة بين العرب واليهود، ووضعت التطبيع على طاولة المساءلة داخل فلسطين وخارجها، وأعادت التأكيد على حل الدولتين، بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة التي تشهد جدلاً في أوساط مؤسسات الدولة العميقة، تتضمن مطالبات بوقف الانحياز الأعمى إلى جانب إسرائيل.

هناك فرصة ما زالت قائمة لتحقيق سلام بفعل الأصوات المتزايدة المؤيدة للحق الفلسطيني في أوساط اليهود والإسرائيليين

ربما يدرك الإسرائيليون بعد أكثر من 70 عاماً من الاحتلال أنّ مصير احتلالهم سيكون كمصير أي احتلال بنهايته المحتومة بالزوال، ورغم ما تبدو عليه إسرائيل اليوم من زيادة اتجاهات التطرف وخطابات الكراهية، إلا أنّ هناك فرصة ما زالت قائمة لتحقيق سلام بفعل الأصوات المتزايدة المؤيدة للحق الفلسطيني في أوساط اليهود والإسرائيليين، يقابل كل ذلك بروز اتجاهات عربية أسقطت ما كان قائماً بالقبول بوجود إسرائيل، ضمن حل الدولتين، وعادت المطالبة بفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وهو ما يجيب عن جملة أسئلة حول نتائج ذهاب نتنياهو مع الأحزاب المتطرفة منذ أكثر من 10 أعوام.

ليس هناك حرب تستمر إلى ما لا نهاية، فالمرجح أنّ الوساطات العربية والإسلامية ستنجح في وقف المواجهة، سيما وأنّ قائمة التحديات أمام نتنياهو أصبحت في ازدياد، والمرجح أيضاً ما بعد ما يجري في فلسطين اليوم في الضفة وغزة ومناطق 48 ستكون له تبعاته على مستقبل إسرائيل ومستقبل احتلالها للأراضي العربية في فلسطين، ولن يكون بمقدورها مواجهة العالم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية