ما الذي تعنيه سيطرة داعش على معاقل بوكو حرام؟

ما الذي تعنيه سيطرة داعش على معاقل بوكو حرام؟


31/05/2021

ترجمة: محمد الدخاخني

لأكثر من عقد من الزّمن، كافحت أجهزة الأمن النيجيريّة وداعموها الدّوليّون لإنهاء حكم بوكو حرام الإرهابيّ الوحشيّ في شمال شرق نيجيريا.

لكنّ قلّة من مراقبي الصّراع يحتفلون، رغم أنّه يبدو بشكل متزايد أنّ أبو بكر شكوي، زعيم الحركة الإسلامويّة المتطرّفة المعروف بعنفه سيّئ السّمعة، قد مات، ومعاقل الحركة تمّ اجتياحها، وتشتّت ما تبقّى من مقاتليها.

ربما تأثّر كثيرون بالضّعف النّسبيّ لبوكو حرام، التي عانت من ضربات جويّة عسكريّة على قواعدها في غابة سامبيسا وخسائر فادحة على يد القوّات في تشاد المجاورة

السّبب بسيط: لم تقاتل القوّة التي هزمت بوكو حرام، وزعيمها شكوي، تحت العلم الوطنيّ الأخضر والأبيض لنيجيريا، بل تحت أعلام داعش السّوداء.

جاءت معركة يوم الأربعاء تتويجاً لحملة تنظيم داعش، غرب أفريقيا، للقضاء على جماعة يراها قادته منافساً وتهديداً محتملاً.

سرايا داعش المتنقّلة

 انتقلت سرايا داعش المتنقّلة من قواعدها إلى الشّرق، حول بحيرة تشاد، واجتاحت الخمائل الكثيفة لغابة سامبيسا الشّاسعة، وحاصرت شكوي، الفعل الذي لم تتمكّن القوّات النّيجيريّة من القيام به على مدى 12 عاماً من القتال، بالرّغم من إرسال فرق العمل متعدّدة الجنسيّات الّتي شكّلتها الحكومات الغربيّة والمبالغ الهائلة من المساعدات.

هذا وأفادت بعض المصادر بأنّ مقاتلي بوكو حرام انضمّوا إلى المنتصرين. وبافتراض وفاته، سيحصل تنظيم داعش في غرب إفريقيا أيضاً على مخزون شكوي من الأسلحة والذّخيرة والأموال.

مقاتلو بوكو حرام انضمّوا إلى المنتصرين

على المستوى الإستراتيجيّ، سيؤدّي الاستيلاء على أراضي بوكو حرام في شمال شرق البلاد إلى ترسيخ إقليم يمتدّ آلاف الأميال عبر المنطقة، على طول الطّريق عبر نقاط ساخنة مثل مالي إلى الحدود الّليبيّة، حيث تسيطر الجماعات التّابعة لداعش.

دور "القاعدة"

لم تكن الجماعات المرتبطة بداعش هي المهيمنة دوماً في المنطقة، فلأعوام عديدة، كان تنظيم القاعدة المتطرّف هو الرّائد في معظم مناطق السّاحل، حتّى بعد صعود منافسه، عام 2014، لكن عندما بدأت الجماعتان في الاشتباك قبل 18 شهراً، بعد فترة طويلة من التّعايش، أثبتت داعش أنّها الأفضل في القتال، وسمح لها هذا التّفوق بالاستفادة القصوى من توسّع الإسلامويّة في كافّة أنحاء المنطقة.

لم تكن الجماعات المرتبطة بداعش هي المهيمنة دوماً في المنطقة، فلأعوام عديدة، كان تنظيم القاعدة المتطرّف هو الرّائد في معظم مناطق السّاحل

أفاد موقع "هَم آنغل"، الذي يديره صحافيّون نيجيريّون مطّلعون ولديهم مصادر داخل أجهزة المخابرات المحلّيّة والشّبكات المتطرّفة، أنّ هجوم تنظيم داعش في غرب أفريقيا على بوكو حرام قد تمّ بمساعدة كبيرة من قادة كبار داخل جماعة شكوي غيّروا ولاءهم، وشمل هؤلاء بعض الذين بقوا داخل بوكو حرام، وقاموا بتزويد قادة داعش بالمعلومات الاستخباريّة.

ربما تأثّر كثيرون بالضّعف النّسبيّ لبوكو حرام، التي عانت من ضربات جويّة عسكريّة على قواعدها في غابة سامبيسا وخسائر فادحة على يد القوّات في تشاد المجاورة.

أيضاً، يعدّ انشقاق هؤلاء القادة مقياساً للمشاعر المتطرّفة في أماكن أخرى، ومن المرجّح أن يشير إلى زيادة الدّعم للفروع التّابعة لداعش في أماكن مثل النّيجر وبوركينا فاسو وساحة المعركة الرّئيسة في مالي.

موت شكوي أو عجزه المحتمل

في نيجيريا، سيكون موت شكوي، أو عجزه المحتمل، بمثابة نهاية حقبة.

لقد سيطر شكوي على بوكو حرام، المعروفة رسميّاً باسم جماعة "أهل السّنة للدّعوة والجهاد"، بعد مقتل مؤسّسها، محمّد يوسف، على يد الشّرطة، عام 2009، ونقل عنفها إلى مستويات جديدة.

وفي ظلّ قيادته، أصبحت الجماعة رائدة في استخدام الأطفال والنّساء كمفجّرين انتحاريّين وحوّلت مساحات شاسعة من الشّمال الشّرقي إلى منطقة محظورة على المسؤولين الحكوميّين والقوّات الحكوميّة، وأعلنت الجماعة عن "خلافة" لم تدم طويلاً في مدينة غوزا في ولاية بورنو عام 2014.

وأدّت حملة تشنّها القوّات النّيجيريّة منذ عام 2015، بدعم من جنود من الكاميرون وتشاد والنّيجر، إلى طرد الجهاديّين من معظم المنطقة الّتي كانوا يسيطرون عليها من قبل.

منشقون ينفصلون

دفعت تكتيكات شكوي منشقّين داخل بوكو حرام للانفصال، عام 2016، لتشكيل تنظيم داعش في غرب إفريقيا بدعم من قادة داعش في العراق وسوريا، وتطوّرت الجماعة الجديدة بسرعة إلى قوّة أكثر قدرة وانضباطاً، مع سياسة تهدف إلى كسب قلوب وعقول المجتمعات المحلّيّة بشكل أكثر تطوّراً ممّا نفّذه شكوي في أيّ وقت مضى.

اقرأ أيضاً: تطور خطير... جماعة "بوكو حرام" تستحدث وسائل إرهابية جديدة

قد يكون هذا أيضاً أحد أسباب تحوّل ميزان القوى بين المتطرّفين، وسيُنظَر إليه كذلك على أنّه درس للجماعات الإسلامويّة المتشدّدة الأخرى في كافّة أنحاء القارّة.

بالرّغم من أنّها غالباً ما تكون ضعيفة، فإنّ الرّوابط الّتي أقامها "تنظيم داعش المركزيّ" مع حركات التّمرّد في موزمبيق وأجزاء من منطقة البحيرات العظمى الوسطى سمحت للتّنظيم بإعطاء الانطباع بأنّ المكاسب التي تحققت في أفريقيا قد عوضت بعض خسائره في قلب الشّرق الأوسط. وبالاستيلاء الفعّال على حملة تمرّد مستمرّة في الدّولة الأكثر اكتظاظاً بالسّكان في القارّة، اكتسبت هذه البروباغندا الآن شيئاً من جوهرٍ حقيقيّ.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جايسون بيرك، "الغارديان"، 22 أيار (مايو) 2021



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية