ما طبيعة التنسيق الأمني بين مصر وتركيا؟ وكيف يؤثر على الإخوان؟

ما طبيعة التنسيق الأمني بين مصر وتركيا؟ وكيف يؤثر على الإخوان؟

ما طبيعة التنسيق الأمني بين مصر وتركيا؟ وكيف يؤثر على الإخوان؟


14/08/2023

كان الملف الأمني أحد أبرز المحاور الحاضرة على أجندة المباحثات التي جرت بين القاهرة وأنقرة على مدار نحو عام ونصف العام، ورغم إتمام تلك المفاوضات دون التطرق رسمياً لطبيعة المباحثات الأمنية أو التنسيق بين البلدين في هذا الصدد، إلّا أنّ المعلومات المسرّبة من كلا الطرفين، فضلاً عن التحليلات والتقديرات والنتائج فيما بعد، تؤكد إجراء مباحثات دقيقة بين مصر وتركيا فيما يتعلق بالملفات الأمنية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها جماعة الإخوان التي تحظى بدعم أنقرة منذ أعوام.

وفي خضم تحضيرات مرتقبة لتبادل الزيارات، على مستوى رئاسي بين البلدين، ممّا يمثل أعلى مستوى للعلاقات، التي عادت بعد أعوام من القطيعة بسبب خلافات عميقة، عاد الحديث مجدداً عن طبيعة التنسيقات الأمنية بين البلدين، سواء في الملفات الإقليمية مثل الملف الليبي، أو فيما يتعلق بمستقبل الدعم التركي المقدم لجماعة الإخوان.

ما طبيعة التنسيق الأمني بين مصر وتركيا؟

بحسب الباحث في شؤون الأمن الإقليمي محمد فوزي، فقد مثّل يوم 4 تموز (يوليو) الماضي، وهو تاريخ إعلان القاهرة وأنقرة رفع مستوى علاقاتهما الدبلوماسية إلى مستوى السفراء، نقطة تحول مهمة على مستوى العلاقات المصرية التركية في الأعوام الأخيرة، إذ أنّه مثل تتويجاً لسلسلة من الجهود الدبلوماسية على مدار العامين الأخيرين هدفت إلى تلطيف الأجواء بين مصر وتركيا وإنهاء عقد من العلاقات المتوترة.

ويتوقع فوزي، بحسب تصريحات لـ (حفريات)، أن يكون لهذا المسار انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية بطبيعة الحال، لكنّ ماهية وطبيعة التنسيق والتعاون بين البلدين في كل ملف من الملفات السابقة سوف تختلف بشكل نسبي، وفقاً لبعض المحددات الرئيسية التي تحكم ذلك، بمعنى أنّ هذا المسار قد يكون له انعكاسات كبيرة ومهمة على مستوى التعاون الاقتصادي الثنائي، في الوقت الذي قد يظل فيه التنسيق الأمني محدوداً في ضوء استمرار تباين وجهات النظر بخصوص بعض القضايا.

كان الملف الأمني أحد أبرز المحاور الحاضرة على أجندة المباحثات التي جرت بين القاهرة وأنقرة على مدار نحو عام ونصف

ويقول فوزي: إنّه على الرغم من أنّ بعض الملفات الأمنية كانت حاضرة على طاولة المفاوضات بين الجانبين المصري والتركي في المباحثات التي جرت على مدار العامين الماضيين، إلّا أنّ هناك بعض الاعتبارات التي تدفع باتجاه عدم حدوث تغيير جذري على مستوى طبيعة التنسيق والتفاهمات الأمنية بين الجانبين، على المدى القريب وربما المتوسط، ومنها أنّ السلوك الأمني التركي في بعض المناطق مثل سوريا والعراق وليبيا وشرق المتوسط، ما يزال يمثل مصدر قلق ومحل رفض من مصر في ضوء ما يمثله من تهديد للأمن القومي المصري والعربي.

محمد فوزي: على الرغم من أنّ بعض الملفات الأمنية كانت حاضرة على طاولة المفاوضات بين الجانبين المصري والتركي في المباحثات التي جرت على مدار العامين الماضيين، إلا أنّ هناك بعض الاعتبارات التي تدفع باتجاه عدم حدوث تغيير جذري على مستوى طبيعة التنسيق والتفاهمات الأمنية بين الجانبين

ويشير الباحث المصري إلى أنّ أنقرة ما تزال تسمح لبعض المنصات والأذرع الإعلامية الإخوانية بالنشاط على أراضيها، ومهاجمة الدولة المصرية، وبث الشائعات وتوجيهها إلى الداخل المصري، وذلك على الرغم من اتخاذ أنقرة بعض الخطوات لتحجيم أنشطة تنظيم الإخوان على أراضيها، لكنّ هذه الخطوات ما تزال غير كافية، ولا تعبّر عن تغيير جذري على مستوى الدعم والرعاية التركية لتنظيم الإخوان.

سياقات التنسيق الأمني

وعلى الرغم من "محدودية" عملية تحقيق اختراق فيما يتعلق بطبيعة التنسيق الأمني بين الجانبين المصري والتركي حتى اللحظة، إلّا أنّ هناك بعض السياقات والمتغيرات التي يمكن أن تساهم في دفع دفة هذا التعاون والتنسيق، خصوصاً ما يتعلق بما تصفه بعض الدوائر بـ "الاتجاه التصالحي الإقليمي"، في إشارة إلى التوجه الإقليمي نحو تحسين العلاقات وتهدئة أجواء الاضطراب، وتسوية الأزمات الموجودة في المنطقة، كما في الحالة السورية، وهي متغيرات ربما يكون لها انعكاسات على مستوى التعاون الأمني بين مصر وتركيا.

وتحدثت مصادر تركية حول زيارة وفد أمني تركي للقاهرة في نيسان (أبريل) العام الماضي، قبيل جولة من المباحثات بين البلدين، وذكرت المصادر بحسب (العربية) أنّ الاستخبارات التركية تريد زيادة التنسيق والتعاون الأمني مع مصر حول الملفات المختلفة، ومن بينها الملف الليبي والتنظيمات الإرهابية المختلفة في المنطقة.

كيف يؤثر التنسيق على الإخوان؟

يقول محمد حامد مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة: إنّ أنقرة تسعى في الوقت الراهن للتخلص من عناصر تنظيم الإخوان وكافة المتطرفين الذين تورطوا بالعمليات الإرهابية في مصر، من بينهم علاء السماحي ويحيى موسى، المتهمان بقضية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، والمدرجان على قوائم الإرهاب الأمريكية.

محمد حامد: أنقرة تسعى في الوقت الراهن للتخلص من عناصر تنظيم الإخوان وكافة المتطرفين الذين تورطوا بالعمليات الإرهابية في مصر

ويشير حامد في تصريح لـ (حفريات) إلى الإجراءات التركية الأخيرة بتضييق الخناق على عناصر التنظيم، بالقبض على بعض عناصره ورفض تجديد الإقامات لعدد منهم، باعتبارها مؤشراً على نية أنقرة للتخلص من عناصر التنظيم بطردهم خارج البلاد أو محاصرة نشاطهم.

وبحسب حامد، فإنّ عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية والعسكرية بين البلدين سيؤثر بشكل كبير على تقزيم وجود الإخوان على الأراضي التركية وتحجيم نشاطهم، ومن المتوقع أنّ تركيا ستلفظ تنظيم الإخوان قريباً، وهذا ما بدأت مؤشراته تظهر بالفعل خلال الأشهر الماضية في إطار حرص أنقرة على تعزيز علاقاتها بالقاهرة وتجاوز خلافات المرحلة الماضية.

ويرى الباحث المصري أنّ التفاهمات بين البلدين تسير بشكل سريع وبنّاء، وأنّ هناك رغبة من جانب الطرفين لإنهاء الخلاف وتجاوز الأزمات والمرور نحو مرحلة من التفاهم والتنسيق على مختلف المستويات، بدأت ملامحها تظهر على زيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين.

وتشهد الفترة الحالية، بحسب بيانات رسمية مصرية، زيادة في حجم التبادل التجاري السلعي بين مصر وتركيا والذي تخطى حاجز الـ (7) مليارات دولار للمرة الأولى خلال عام 2022، بالرغم من التحديات الاقتصادية التي شهدها العالم، وهو ما يعكس مستوى طموحات البلدين والاستغلال الأمثل للمقومات للإمكانيات المتاحة.

وتجاوز عدد الشركات التركية المستثمرة في مصر (790) شركة، ويُقدّر حجم الاستثمارات التركية بنحو (2.5) مليار دولار، بالإضافة إلى الاستثمارات الجديدة التي تم ضخها عام 2020 بقيمة (400) مليون دولار، وذلك في قطاعات الصناعات الطبية ومستحضرات التجميل والصناعات الكيماوية وصناعة الأثاث، والصناعات الغذائية، والصناعات الهندسية.

مواضيع ذات صلة:

خطوة جديدة في التقارب بين مصر وتركيا...السعودية والإمارات تعلقان

هل تُعجِّل تسمية السفيرين بالقمة الرئاسية بين مصر وتركيا؟

مصر وتركيا ترفعان العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء... ما الجديد؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية