مستقبل حركة النهضة في تونس..ماذا بعد إحالة الغنوشي إلى قاضي مكافحة الإرهاب؟

مستقبل حركة النهضة في تونس..ماذا بعد إحالة الغنوشي إلى قاضي مكافحة الإرهاب؟


21/07/2022

أُطلق سراح زعيم حركة النهضة التونسيّة، راشد الغنوشي، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، بعد استجواب قضائي دام (9) ساعات، في تحقيق بشأن تهم تتعلّق بغسيل الأموال عبر جمعية خيرية. 

وقال سمير ديلو، المحامي والمسؤول السابق في حزب النهضة، على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ إنّ الغنوشي غادر مركز مكافحة الإرهاب، وعاد إلى منزله مساء الثلاثاء.

بدوره قال المحامي مراد العبيدي، إنّ قاضي التحقيق، رفض طلب النيابة باحتجاز الغنوشي، لكنّه أبقى على حظر السفر الصادر بحقه على ذمة التحقيقات.

من جانبه، قال راشد الغنوشي، الذي كان محاطاً بعشرات من أنصاره، إنّه يأمل أن تكون لقضايا أخرى مماثلة ضده، نفس النتيجة، في محاولة لإرباك المؤسسة القضائية، وقد حملت تصريحاته لهجة عدائية، وتهديدات مبطنة.

جدير بالذكر أنّ الاستدعاء جاء قبل أيام فقط من استعداد تونس لإجراء استفتاء على دستور جديد، يرى مراقبون أنّه يقوّض إلى الأبد، مطامع حركة النهضة في العودة إلى الهيمنة على السلطة، ويمنح رئيس الجمهورية المزيد من الصلاحيات، التي تضمن توازن عمل المؤسسات، بعد سنوات من تغول حركة النهضة، وهيمنتها على مؤسسات الدولة.

ملفات شائكة تواجه حركة النهضة

ويخضع الغنوشي، رئيس البرلمان المنحل، للتحقيق منذ حزيران (يونيو) الماضي، بشأن اتهامات تتعلّق بغسل أموال، مرتبطة بأوعية مالية أجنبية مرسلة إلى منظمة مجتمع مدني مرتبطة بحركة النهضة، تسمى جمعية نماء تونس، كما أفادت وسائل إعلام محلية، أنّه سيتم التحقيق مع الغنوشي، بشأن صلات بعناصر إرهابية، ربما تورطت معها حركة النهضة في تسفير الشباب إلى سوريا؛ للقتال في صفوف داعش، وكذلك ملف الاغتيالات السياسية.

سمير ديلو: الغنوشي غادر مركز مكافحة الإرهاب

حركة النهضة زعمت عدم ارتكاب أيّ مخالفات، وأصرّت على أنّ الغنوشي لم يتلق أموالاً من الخارج، وأنّ أصوله المالية متاحة للمراجعة، منذ أن تولى منصباً عاماً لأول مرة، كما زعم الغنوشي في بيان له يوم الثلاثاء الماضي، قبيل التحقيق، أنّ "الاتهامات الكيدية، تدخل في إطار تمرير دستور يكرس الاستبداد". وأضاف أنّه حوكم وسجن في عهد الرئيسين السابقين زين العابدين بن علي والحبيب بورقيبة، وهو الآن "يتعرض لأبشع أشكال الظلم". بحسب إدعاءاته التي تهدف إلى التغطية على الأدلة الدامغة، على تورط الحركة في جلب أموال مشبوهة.

كان المدقق المالي التونسي، قد أمر بتجميد الحسابات المصرفية والأصول المالية لـ (10) أشخاص، بينهم اثنان من كبار المسؤولين. ومن بين الأشخاص المذكورين راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة الإخواني، إلى جانب ابنه معاذ، وصهره رفيق عبد السلام، ورئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي وابنتيه.

 

مراد العبيدي: إنّ قاضي التحقيق، رفض طلب النيابة باحتجاز الغنوشي، لكنّه أبقى على حظر السفر الصادر بحقه على ذمة التحقيقات

لجنة التحليل المالي التونسية أعطت بالفعل أوامرها للبنوك المحلية، وكذلك المكتب الوطني للبريد، بتجميد أموال الغنوشي ونجله معاذ، وسائر المتهمين، حيث قالت اللجنة في بيان لها: "أصدر قاضي التحقيق الأول، بالمكتب الثالث والعشرين للقطب القضائي لمحاربة الإرهاب، بالمحكمة الابتدائية بتونس، أمراً بتجميد الحسابات المصرفية والأرصدة المالية، للأشخاص المذكورين، ووضع أرصدتهم في حساب معلق؛ في انتظار نتيجة القضية".

وسائل إعلام تونسية كشفت أمس الأربعاء، أنّ القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، المختص بالتحقيق في قضية جمعية نماء تونس، المتهمة بغسل الأموال بالتعاون مع حركة النهضة، أصدر قراراً بمنع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، من السفر، بعد استجوابه في القضية يوم الثلاثاء.

تظاهرة استفزازيّة

كان وصول الغنوشي إلى مقر مكافحة الإرهاب، أشبه بتظاهرة استفزازية، وقد ظهر محاطاً بحوالي 200 من عناصر حركة النهضة، وعلى وجهه ابتسامة غامضة، وهو ويشير بعلامة النصر قبل دخول المبنى.

حازم القصوري: راشد الغنوشي، أصبح على ذمة التحقيق المتخصص في جرائم الارهاب

أعضاء حركة النهضة الذين تظاهروا خارج المبنى، حملوا لافتات كتب على إحداها "أوقفوا المحاكمات السياسية"، بينما كانت تتمركز في المنطقة قرابة 20 عربة أمنية بحسب التقارير المحلية، التي أكدت حصول تجاوزات من عناصر الإخوان، تضمنت استفزاز الشرطة، والتي من جهتها تحلّت بأقصى درجات ضبط النفس.

المحامي والناشط التونسي، المختص بالقانون الدولي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكد فيها أنّ راشد الغنوشي، أصبح على ذمة التحقيق المتخصص في جرائم الارهاب، لافتاً إلى أنّ ذلك لن يكون مروراً عادياً أو فسحة صيف، بحسب تعبيره، وأنّه سوف يحل من جديد أمام ذات القاضي، يوم 26 تمّوز (يوليو) الجاري، وبالتالي فإنّ موقفه صعب جداً، خاصّة أنّ التحقيق الحاسم سوف يأتي في اليوم التالي للاستفتاء، أي مع دخول البلاد عهد الجمهورية الثالثة، التي تمثل منعرجاً تاريخياً مهماً، يمنح القضاء الفرصة أخيراً؛ لمحاكمة الإخوان إستناداً لمبدأ سيادة القانون.

 

حازم القصوري: بعد مثول راشد الغنوشي أمام القاضي المتخصص في مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، يمكن القول إنّ هناك قرائن دامغة لا لبس فيها، بخصوص اقتراف جرائم ذات صبغة إرهابية، وممارسة الحركة أنشطة مشبوهة تتعلق بغسل الأموال

القصوري لفت إلى أنّه بعد مثول راشد الغنوشي أمام القاضي المتخصص في مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، يمكن القول إنّ هناك قرائن دامغة لا لبس فيها، بخصوص اقتراف جرائم ذات صبغة إرهابية، وممارسة الحركة أنشطة مشبوهة تتعلق بغسل الأموال ودعم الإرهاب، مضيفاً: "لا يمكننا أن ننسى أنّ الغنوشي له ارتباط وثيق بالتنظيم العالمي للاخوان المسلمين، وبالتالي فإنّ فتح الملف في تونس، يفترض تكثيف التعاون الأمني الدولي المشترك؛ لإماطة اللثام عن جرائم التنظيم، وكشف الأدوار التي تقوم بها أذرعه المنتشرة حول العالم؛ لتجنب المخاطر المحدقة بالأوطان؛ نتيجة تمدد هذا التنظيم عربياً ودولياً".

وكشف القصوري أنّ القاضي المتخصص في مكافحة الإرهاب، له من السلطة التقديرية، أن يُبقى المتهم، ويقصد الغنوشي، في حالة سراح، وذلك بعد أن يتخذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة، ومنها عرض بيان سجله العدلي، منذ بداية السبعينات، وما صدر ضدّه من أحكام متعددة، كذلك فإنّ القاضي الذي اتخذ ضد الغنوشي قراراً بحجر السفر، يمكنه أن يُصدر أمراً بتفتيش مقره السكني، ومكتبه الخاص إن اقتضت الضرورة ذلك، وأنّ وضع الغنوشي في حالة سراح، لا يعني انتهاء القضية لصالحه، كما حاول أن يزعم.

مواضيع ذات صلة:

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: دماء شكري بلعيد ومحمد البراهمي تطارد الغنوشي

اعترافات الغنوشي: إعلان هزيمة أم خداع سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية