مفرج عنهم في غزة لـ"حفريات": تعرضنا لأبشع صور التعذيب داخل معسكر "سديه تيمان"

مفرج عنهم في غزة لـ"حفريات": تعرضنا لأبشع صور التعذيب داخل معسكر "سديه تيمان"

مفرج عنهم في غزة لـ"حفريات": تعرضنا لأبشع صور التعذيب داخل معسكر "سديه تيمان"


كاتب ومترجم فلسطيني‎
09/01/2024

روى بعض المعتقلين المفرج عنهم من داخل معسكر (سديه تيمان) في منطقة بئر السبع القريبة من قطاع غزة، في حوارات منفصلة مع (حفريات)، عن تعرضهم لفصول من التعذيب والإهانة الجسدية من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة الاعتقال، والتي تنوعت ما بين الصعق بالكهرباء وتركهم عراة في الهواء البارد، وتجويعهم لأيام وإطلاق الكلاب عليهم، وجميع هذه الفصول تمثل انتهاكاً صارخاً لكافة الأعراف والقوانين الدولية، التي تكفل حماية المدنيين العزّل خلال الحروب والصراعات.

وأقام جيش الاحتلال الإسرائيلي معتقل (سديه تيمان) مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وذلك لاستقبال كافة المعتقلين من داخل قطاع غزة والتحقيق معهم تحت التعذيب. ويصف المفرج عنهم، إلى جانب مراكز حقوقية، المعتقل بالأشبه بغوانتانامو، من حيث حجم الانتهاكات وتعدد أنواع التعذيب الجسدي، وتجاوز كافة الأعراف والقوانين الدولية.

وقال نادي الأسير الفلسطيني: إنّه تلقى مزيداً من الشهادات عن حالات تعذيب مروعة لفلسطينيين اعتقلهم الجيش منذ بداية الحرب وأفرج عنهم مؤخراً، وتتضمن الشهادات تفاصيل مروعة لعمليات تعذيب وتنكيل وأجسادهم شاهدة على ذلك، في حين أفاد النادي بأنّ سلطات الاحتلال تواصل تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحق عدد من المحتجزين، وترفض الإفصاح عن مصيرهم وأماكن احتجازهم وأعدادهم، وطالب النادي كافة المؤسسات الحقوقية الدولية بالضغط على الاحتلال للكشف عن مصير المحتجزين، ووقف عمليات التعذيب والتنكيل التي يتعرض لها الأسرى.

تحقيق محايد

دعا (المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان) إلى تحقيق دولي محايد في تصفية الجيش مدنيين بعد اعتقالهم من مناطق متفرقة من مدينة غزة، وأوضح المرصد أنّه جرى اعتقال (1200) مدني فلسطيني عقب اقتحام الجيش الإسرائيلي منازل ومراكز نزوح في مناطق متفرقة من مدينة غزة، في حين أكد المركز أنّ قوات الاحتلال أجبرت بعض المعتقلين على حمل أسلحة بغرض التقاط صور تسوق لهم تبرير حملات الاعتقال وما يتضمنها من تعذيب وضرب مبرح، وأشار المرصد إلى أنّ تطابق شهادات جمعها مع ما كشفته صحيفة (هآرتس) العبرية بشأن جرائم إعدام ميداني نفذت بحق معتقلين، في حين قضى آخرون جراء التعذيب الشديد وسوء المعاملة خلال احتجازهم داخل معسكر (سديه تيمان) الإسرائيلي، الذي وصفه المركز بغوانتانامو جديد يتم فيه احتجاز المعتقلين في ظروف سيئة داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء والبرد الشديد. 

عدد من الأسرى المعتقلين من داخل قطاع غزة فقدوا حياتهم نتيجة ظروف الاعتقال القاسية

صحيفة (هآرتس) العبرية أشارت إلى أنّ عدداً من الأسرى المعتقلين من داخل قطاع غزة فقدوا حياتهم نتيجة ظروف الاعتقال القاسية التي واجهوها، ولم تحدد الصحيفة أرقاماً رسمية عن حصيلة من توفوا نتيجة التعذيب من قبل الجيش، ووفقاً للصحيفة فإنّ أحد المعتقلين تطلبت حالته عناية طبية منذ لحظة اعتقاله، لكن رفض الجيش عرضه على العيادة الطبية وإهمال وضعه الصحي أدى إلى وفاته.

انتهاك صارخ

يقول الشاب حنفي شاهين إنّه "تعرض لأبشع صور التعذيب على أيدي الجنود الإسرائيليين داخل معسكر الاعتقال (سديه تيمان)، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد اعتقال دام أسابيع، تعرض خلالها للضرب المبرح والحرمان من تناول الطعام والنوم، ويزداد قلق الشاب شاهين على أشقائه الـ (3) الذين تم اعتقالهم جميعاً، وما زال مصيرهم مجهولاً ولا يعلم عن حياتهم أيّ شيء، نتيجة العزلة القاسية التي يتعرض لها المعتقلون داخل المعسكر، الذين يتم تعصيب أعينهم بقطع من القماش طوال الوقت، ولا يسمح لهم برفعها إلا عند الذهاب إلى دورات المياه وعند الإفراج عنهم".

الفلسطيني المفرج عنه شاهين: فصول التعذيب التي تعرضت لها تمثلت في تعصيب العينين وتكبيل اليدين والقدمين طوال الوقت، والرش بالماء البارد خلال فترة المساء وتقديم الطعام الفاسد

 

 ويوضح شاهين في حديثه لـ (حفريات): بعد أنّ اجتاحت قوات الجيش الإسرائيلي معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، اقتحمت مجمع مدارس تابع للأونروا فيه الآلاف من النازحين، وقام الجيش بإطلاق الأعيرة النارية على المباني بشكل مباشر، محدثاً حالة من الرعب والصراخ في صفوف الأطفال والنساء، وطلب من الرجال من فوق عمر (16) عاماً التعري والخروج مشياً على الأقدام إلى منطقة رملية فارغة قريبة من المدرسة، وقام باقتيادنا مكبلين ومعصوبي الأعين إلى معسكر اعتقال داخل غزة، ومن ثم نقلنا في اليوم التالي إلى معسكر (سديه تيمان) الأشبه بمعتقل غوانتانامو، الذي بدأ بداخله تعذيبنا بشتى أصناف التعذيب المروعة".

وأشار إلى أنّ "فصول التعذيب التي تعرض لها على الصعيد الشخصي، تمثلت في تعصيب العينين وتكبيل اليدين والقدمين طوال الوقت، والرش بالماء البارد خلال فترة المساء وتقديم الطعام الفاسد، عدا عن الصعق بالكهرباء خلال التحقيق والمعاملة المهينة، ورفض فك اليدين والقدمين عند الذهاب إلى الحمام، والسماح للمعتقلين النوم فقط لمدة ساعتين خلال فترة الليل".

تدهور أوضاع المعتقلين الصحية

أمّا الشاب أشرف الكردي، فلم يكن حاله مغايراً كثيراً عن سابقه، لكن ما زاد قلقه كثيراً أنّه "يعاني من تدهور حاد في صحته، من جراء تعمد الجيش تجويعه وعدم السماح له بشرب الماء لأيام، وتعرضه لمضاعفات صحية خطيرة على جسده، مع غياب الرعاية الصحية من مستشفيات مدينة غزة، نتيجة تعمد الجيش استهداف المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، عدا عن قتل واعتقال عدد كبير من الممرضين والأطباء".

العنف والتعذيب أفقد عشرات المعتقلين حياتهم داخل المعتقل

وبين في حديثه لـ (حفريات) أنّ "العنف والتعذيب أفقد عشرات المعتقلين حياتهم داخل المعتقل، وأنّ ما يزيد من خطورة الوضع داخل المعتقل، عدم سماح الجيش بالكشف عن مصير المعتقلين لذويهم، كما لا يسمح للمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية بزيارة المعسكر، والكشف عن مصير المعتقلين وما يتعرضون له من انتهاكات صارخة".

ويتابع  حديثه: "يتعامل الجيش مع المعتقلين بشكل وحشي، حيث تسمع صراخ النساء والشباب نتيجة التعذيب خاصة مع ساعات الليل، وأبرز ما يتم استخدامه إجبار البعض على خلع ملابسهم ورشهم بالمياه الباردة في هذا الطقس البارد، عدا عن تجميع أعداد كبيرة من المعتقلين داخل مكان رملي فارغ والانهيال بالضرب عليهم". 

التنكيل بالمعتقلين

ويرتاد الشاب عبد الله جمال مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس بشكل شبه يومي، وذلك لمعالجة الجروح التي تعرض لها خلال فترة اعتقاله، التي استمرت لأيام داخل معسكر تيمان الإسرائيلي، وتظهر على يدي الشاب ورجليه بروز كتل اللحم، بعد أن رفض الاحتلال فك الكلبشات الحديدية التي مزقت جلده طوال فترة اعتقاله أو حتى تقديم الرعاية الصحية له.

ولفت في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّه "طوال فترة اعتقاله واجه أصنافاً عديدة من التعذيب، عدا عن التهديد المتواصل من قبل عناصر جيش الاحتلال بقتله، إلى جانب رفضهم عرضه على العيادة الطبية لتضميد الجروح التي تعرض لها بفعل رفضهم فك القيود الحديدية".

المفرج عنه الكردي: يتعامل جيش الاحتلال مع المعتقلين بشكل وحشي، حيث تسمع صراخ النساء والشباب نتيجة التعذيب خاصة مع ساعات الليل

 

ويتعمد الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عن المعتقلين بشكل مباشر دون إبلاغ الصليب الأحمر بالإفراج عنهم، وذلك مشياً على الأقدام من خلال بوابة كرم أبو سالم التجارية جنوب شرق قطاع غزة، حيث يلجأ المفرج عنهم إلى النزوح داخل مراكز الإيواء في مناطق جنوب قطاع غزة أو الذهاب إلى أقاربهم، لصعوبة الرجوع إلى مدينة غزة التي يواصل الاحتلال فصلها عن جنوب القطاع، ونتيجة صعوبة الاتصال بسبب الانقطاع المستمر، يجد عوائل المعتقلين في كثير من الأحيان صعوبة في معرفة ظروف اعتقال ذويهم، وهذه معاناة أخرى تواجه المعتقلين إلى جانب أقاربهم.

أقام الاحتلال معتقل (سديه تيمان) مع بداية الحرب مطلع أكتوبر الماضي لاستقبال المعتقلين من داخل غزة والتحقيق معهم تحت التعذيب

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي هجماته البرية والجوية على قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، موقعاً مجازر دامية وبشعة بحق المدنيين العزّل، وسط إصرار إسرائيلي على مواصلة حرب الإبادة بحق المدنيين، مع عجز الاحتلال عن تحقيق أيّ من الأهداف والإنجازات على أرض الواقع.

مواضيع ذات صلة:

إلى هذه الدول... عودة الحديث عن مخططات تهجير الفلسطينيين من غزة

هكذا تحاول جماعة الإخوان وحركات الإسلام السياسي الاستفادة من حرب غزة

خبير بيئي فلسطيني لـ"حفريات": إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية