هكذا استغل الإخوان "قانون الجمعيات" في تونس

هكذا استغل الإخوان "قانون الجمعيات" في تونس


09/03/2022

أجمع مراقبون تونسيون على أهمية الإجراءات القانونية والتعزيزات التشريعية التي أقرها الرئيس قيس سعيد، منذ 25 تموز (يوليو) الماضي، بصدد مواجهة الكيانات المشبوهة والتنظيمات المتطرفة في البلاد، وفي القلب منها جماعة الإخوان وذراعها السياسية "حزب النهضة"، وكذلك كافة المؤسسات التابعة لها أو المتحالفة معها.

اقرأ أيضاً: بعد تقارير عن "تجنيد قسري" لتونسيين بأوكرانيا... خارجية تونس تتخذ هذه الخطوة

وفي خطوة جديدة نحو تعزيز المنظومة التشريعية في مواجهة التمويلات الأجنبية والأنشطة التخريبية أقر سعيّد في 26 شباط (فبراير) الماضي، مرسوماً رئاسياً بتعديل مشروع قانون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية يستهدف قطع الأذرع التمويلية عن الجمعيات التابعة للتنظيم والتي تعمل على تنفيذ أجندته في الداخل بما يتعارض مع مصالح واستقرار البلاد، بحسب مراقبين.

ووصف الخبير القانوني التونسي، حازم القصوري، الإجراءات التي يتخذها الرئيس في الوقت الراهن، بأنّها "فرص مراجعات عميقة للتشريعات التي تم إقرارها منذ العام 2011؛ لأنّها فتحت الباب على مصراعيه للجمعيات والمنظمات الحكومية في تلقي تمويل أجنبي من الخارج.

   في خطوة إصلاحية أقر سعيد مرسوماً بتعديل مشروع قانون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية

وتابع القصوري، في حديثه لـ"حفريات"، أنّ تلك التجاوزات تسببت في تدخل مكشوف في الشأن الداخلي التونسي، وأصبحت لهذه الجمعيات واجهة لدعم الأحزاب في خرق واضح للمرسوم عدد 88 لسنة 2011 مؤرخ في 24 أيلول (سبتمبر) 2011 يتعلق بتنظيم الجمعيات والذي بات لزوماً مراجعته اليوم أكثر من أي وقت مضى.

لماذا عدّل سعيد قانون الجمعيات؟

وبشكل تفصيلي يوضح الخبير القانوني التونسي، الخلل في القانون، والذي دفع الرئيس لتعديله، قائلاً إنّ "ذات القانون في فصله الرابع والعشرين ينص على أنّه للجمعية الأجنبية أن تؤسس في تونس فروعاً لها وفق أحكام هذا المرسوم، كذلك تخضع الجمعيات الأجنبية في ما عدا أحكام هذا الباب لنفس نظام الجمعيات الوطنية".

اقرأ أيضاً: السلطات التونسية تحبط مخططاً إرهابياً... من وراءه؟

ويضيف القصوري: إنّ هذا التشريع فتح أبواباً ولم يضبط شروطاً بخصوص تجاوزه، وهذا ما سهّل على جماعة الإخوان فرع تونس أن يجعلوا من هذا النص مدخلاً أساسياً لخرق القانون واستغلاله لتدشين جمعيات تعمل لصالح أجندات التنظيم، وكذلك تدشين الفرع الخاص بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في داخل البلاد بالرغم من الرفض السياسي والشعبي له واعتباره جزءاً من كيان إرهابي ومتطرف.

ويؤكد أنّ دعوة الرئيس لتعديل القانون جاءت "مُسببَّة، وليست عشوائية تتعلق في المقام الأول برفض التمويل الخارجي للجمعيات؛ لما يمثله من تدخل سافر على الدولة والنظام وضرب السيادة الوطنية وفتح طريق للتدخل الخارجي".

 القصوري: تونس تحتاج إلى مراجعة كل القوانين الكارثية التي سنّها الإخوان للخروج من عقبات الإجراءات القانونية المعقدة والإفلات من العقاب

وبحسب القصوري، تستهدف قرارات الرئيس تعديل النصوص الخاصة بعمل الجمعيات غير الحكومية لتحقيق مبدأ النزاهة والشفافية، وفق ما يقرّه الدستور في البلاد، موضحاً أنّه: "على الجمعيات أن تحترم في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ دولة القانون والدّيمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان، وفق منطوق الفصل 3 من مرسوم الجمعيات كذلك الفصل 4  من ذات المرسوم يحجر على الجمعية أن تعتمد في نظامها الأساسي أو في بياناتها أو في برامجها أو في نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهيّة والتعصب والتمييز على أسس دينيّة أو جنسية أو جهويّة، كذلك أن تمارس الأعمال التجارية لغرض توزيع الأموال على أعضائها للمنفعة الشخصية أو استغلال الجمعية لغرض التهرب الضريبي أو أن تنخرط في تجميع الأموال لدعم أحزاب سياسية أو مرشحين مستقلين إلى انتخابات وطنية أو جهوية أو محلية أو أن تقدم الدعم المادي.

ويؤكد القصوري أنّ "تونس تحتاج إلى مراجعة كل القوانين الكارثية التي سنّها الإخوان للخروج من عقبات الإجراءات القانونية المعقدة والإفلات من العقاب كذلك تسهيل تحرك التمويلات، والنشاطات المشبوهة التي تصبّ في خانة ضرب الدولة وخدمة الجماعة واتحاد علماء المخربين نموذج والإسلام منهم براء ومن كل إجرامهم".

اجتثاث الإخوان؟

 من جانبه، يرى المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي أنّ "الطريق لاجتثاث الإخوان من تونس طويل، لكنّ الرئيس قيس سعيّد اختار أن يكون هذا الطريق بالقانون، لذلك جاءت في مجمل قراراته حزمة من القوانين والتشريعات التي تستهدف مكافحة الفساد السياسي والاجتماعي، وإصلاح ما أفسده الإخوان على نحو 10 سنوات من حكمهم للبلاد يطلق عليها التونسيون "العشرية السوداء"".

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول الجليدي إنّ القوانين التي أقرها الإخوان تسببت فيما يمكن وصفه بـ"فيضان" المؤسسات والكيانات التي عملت لصالح التنظيم، لذلك كانت هناك ضرورة للحد من التوغل الإخواني في تلك المؤسسات وأن يحدث ذلك تحت غطاء قانوني ويتسم بمبدأ الشفافية والنزاهة.

ويؤكد الجليدي أنّ الإجراءات التصحيحية والخريطة الإصلاحية تستهدف في القلب منها التمسك بهوية المجتمع التونسي والحفاظ على كينونته، التي حاول الإخوان بشكل كبير تشويهها وتحويلها إلى أيديولوجيا عنيفة وقناعات مسمومة خاصة ما يتعلق بمكتسبات المرأة التونسية أو مبادئ الدولة الوطنية التي تتعارض مع فكرة التنظيم أصلاً.

وكان الرئيس التونسي قال إنّه "سيحظر تلقي منظمات المجتمع المدني أي تمويل أجنبي"، وذلك في إطار مساعيه لإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، وهو ما اعتبره كثيرون ضربة قاصمة للأحزاب السياسية التي أثرت بفضل إمدادات مالية مشبوهة من الخارج، ومن بينها حركة النهضة.

 

الجليدي: القوانين التي أقرها الإخوان تسببت بفيضان المؤسسات والكيانات التي عملت لصالح التنظيم، لذلك كانت هناك ضرورة للحد من التوغل الإخواني وأن يحدث ذلك تحت غطاء قانوني يتسم بالشفافية والنزاهة

 

وأوضح سعيد في اجتماع بأعضاء الحكومة "يجب منع الجمعيات غير الحكومية من التمويلات الخارجية، وسنقوم بذلك، هم في الظاهر جمعيات، ولكنهم امتداد لقوى خارجية، لن نسمح بأن تأتي الأموال من الخارج للعبث بالبلاد، ولا مجال لأن يتدخل أحد في اختياراتنا تحت أي ضغط أو تأثير".

وينص مشروع المرسوم الجديد، الذي من المنتظر أن ينشر بالرائد الرسمي، على أنّه لا يمكن للجمعيات تلقي المساعدات والتبرعات والهبات من دول أجنبية لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية، كما أنّ هذه الجمعيات مدعوة للحصول على ترخيص من لجنة التحاليل المالية قبل تلقي أي تمويل أجنبي، وفق ما أوردت شبكة "سكاي نيوز".

كما ينص المشروع، وفق المصدر ذاته، على صيغة جديدة لحل الجمعيات، وهي الحل الآلي بقرار صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة، وهي صيغة تضاف إلى صيغة إصدار حكم قضائي لحلها.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية