هل اتفقت فاغنر مع النظام السوري لتأمين حقوق النفط؟

هل اتفقت فاغنر مع النظام السوري لتأمين حقوق النفط؟

هل اتفقت فاغنر مع النظام السوري لتأمين حقوق النفط؟


18/07/2023

تتوالى التفاصيل المتصلة بتمرد مجموعة فاغنر، إذ نقلت وكالات الأنباء عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قوله إنّ مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة غير موجودة ككيان قانوني، مضيفاً: "لا يوجد قانون بشأن المنظمات العسكرية الخاصة، إنه ببساطة غير موجود".

وأضاف بوتين في تصريحات لصحيفة "كوميرسانت" الروسية، في تعليقات على محاولة التمرد التي حاولت فاغنر تنفيذها يومي 23 و24 حزيران (يونيو) الماضي، أنّ فاغنر رفضت خلال المحادثات التي جرت عقب ذلك بخمسة أيام، عرضاً للإبقاء على قواتها تحت إمرة قائد آخر من هذه المجموعة، وذلك بعدما لعبت أدواراً رئيسة في ساحة المعركة بأوكرانيا، تحت إشراف مؤسس المجموعة يفغيني بريغوجين.

وأضاف بوتين للصحيفة: "كان بإمكانهم التجمع في مكان واحد، والاستمرار في الخدمة، ولن يتغير شيء بالنسبة لهم. كان من الممكن أن يقودهم الشخص نفسه الذي كان قائدهم الحقيقي طوال الوقت"، في إشارة إلى شخص يدعى "سيدوي" كان يقود فعلياً عناصر المجموعة على الجبهة الأوكرانية في الأشهر الـ16 الأخيرة.

ونقلت كوميرسانت عن بوتين قوله، إنّ الكثير من قادة الحركة الذين حضروا الاجتماع أومأوا برأسهم بعد سماع اقتراحه، لكنّ بريغوجين الذي كان يجلس في المقدمة لم يوافق، وقال بعد الاستماع: "لا.. الرفاق لن يوافقوا على مثل هذا القرار".

وفي سياق متعلق بذلك، وبينما كان مقاتلو فاغنر في طريقهم نحو العاصمة الروسية، موسكو، للسيطرة عليها ضمن تمردهم العسكري، نهاية الشهر الماضي، باشر القادة العسكريون في دمشق من السوريين والروس مهامهم السريعة لإنهاء أي تمرد مماثل يهدد مصالح روسيا.

 الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة غير موجودة ككيان قانوني

مشهد، ربما، لم يكن بنفس الاتساع الذي حظيت به زوايا أخرى في أزمة تمرد فاغنر، كان قائماً في سوريا، حيت تتواجد القوات العسكرية التابعة لموسكو في عدة مناطق استراتيجية هناك، لا سيّما المناطق الغنية بالنفط، منّها حقول الفوسفات، الواقعة شرق مدينة حمص، وكذا حقول نفطية بريف دمشق.

مقاتلو فاغنر.. المسار والمصير

قوات فاغنر الروسية، التي تنخرط عسكرياً في عدة مناطق بالشرق الأوسط، كما في ليبيا، مثلاً، لحماية نفوذ ومصالح بوتين السياسية، يرجع تاريخها بدمشق إلى أيلول (سبتمبر) عام 2015، وذلك بالتزامن مع الوجود العسكري الروسي الذي جاء لإنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، فقد اعتمدت القوات الروسية على فاغنر "لتقليل الخسائر ضمن صفوفها النظامية ولتنفيذ المهام الأمنية في سوريا، إضافة إلى المهام العسكرية ضد الفصائل المعارضة وتنظيم داعش".

وتابع المرصد: "توزعت مجموعات فاغنر، خلال السنوات الماضية في عدة مناطق سورية ومنها اللاذقية وحماة وحمص وتدمر ودير الزور وحلب والحسكة ودمشق، إبان العمليات العسكرية في تلك المناطق، وكانت لا تزال تحتفظ بمواقع لها هناك حتى حدوث التمرد في روسيا قبل أيام. عدد عناصر فاغنر من الجنسيات غير السورية يبلغ أكثر من ألفي عنصر، غالبيتهم من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً والبلقان".

قوات فاغنر الروسية، التي تنخرط عسكرياً في عدة مناطق بالشرق الأوسط، لحماية نفوذ ومصالح بوتين السياسية، يرجع تاريخ نشاطها في دمشق إلى سبتمبر 2015

كما نجح فاغنر في استقطاب وتعبئة "أكثر من ثلاثة آلاف سوري تحت إمرتها داخل وخارج سوريا، وفق المرصد السوري، بينما تتراوح رواتب المقاتلين الشهرية بين 1200 و4000 دولار. كما يتقاضى موظفون وعاملون في الخارج أجوراً أعلى".

في عام 2016 شاركت وحدات من قوات فاغنر في السيطرة على أجزاء كبيرة بريف اللاذقية، بحسب قناة "الحرة"، وأنشأت مركزاً لها في مدينة سلمى أصبح اليوم يستخدم كمعسكر لتدريب المقاتلين السوريين في صفوفها قبل إرسالهم إلى مناطق الصراع في العالم. وفي بلدة ربيعة أيضاً تمركزت مجموعات من فاغنر إلى جانب الروس في عدة مواقع وضمن معسكرات خاصة بهم، كما تتواجد في منطقة القامشلي في أقصى الشمال الشرقي من سوريا، وفي ريف حلب الشمالي، ومواقع أخرى.

عقود جديدة

وبالعودة إلى قمع فاغنر الذي باغت عناصرهم في سوريا، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن 6 مصادر، منهم مسؤولون أمنيون سوريون ومصادر متمركزة بالقرب من القوات الروسية في سوريا ومسؤولون إقليميون، الخطة التي تم تنفيذها، وبدأت بقطع خطوط الاتصالات الهاتفية، واستدعاء نحو 10 من قادة فاغنر إلى قاعدة عسكرية روسية، ثم إصدار أوامر لمقاتلي المجموعة بتوقيع عقود جديدة مع وزارة الدفاع الروسية، أو مغادرة سوريا على الفور.

ويقول مصدران سوريان لوكالة الأنباء العالمية، إنّ الإجراء القمعي الذي تم ضد قوات فاغنر كان بهدف إنهاء أي أزمة تعيق دور القوات الروسية في دمشق في ظل الاضطرابات التي جرت في العاصمة الروسية موسكو على خلفية التمرد.

الباحث وائل علوان: قضية فاغنر في سوريا لا تبدو معقدة

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإنّ نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، ذهب إلى دمشق وشدد على الرئيس السوري بضرورة "منع مقاتلي فاغنر من مغادرة سوريا دون إشراف موسكو".

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أنّ الأوامر صدرت لقوات فاغنر بسوريا، ومفادها "الذهاب لقاعدة جوية تديرها وزارة الدفاع الروسية في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، وامتثلوا لذلك".

في حديثه لـ"حفريات" يقول الباحث الرئيسي في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، إنّ قضية فاغنر في سوريا لا تبدو معقدة بالدرجة الكبيرة كما في أفريقيا مثلاً، موضحاً أنّ "نشاط فاغنر في سوريا كان بمرافقة أو بمساعدة القوات الأمنية والعسكرية والاستخبارية الروسية، وذلك إلى جانب النظام السوري وأجهزته الأمنية".

ويقول علوان: "بالفعل هناك وجود لفاغنر ونشاطاته في سوريا، وذلك بخلاف مزاعم النظام السوري بأنّه لا وجود لهم. بل إنّ تلك القوات تقوم بمهمة تتصل بحماية آبار النفط والفوسفات والغاز، فضلاً عن توفير الحماية للشركات الروسية والمساهمة في النقل والتأمين لهم".

كما أنّ مشاركتهم في الأعمال العسكرية والقتالية انخفض بشكل كبير في سوريا وذلك يعود لعاملين، وفق الباحث الرئيسي في مركز جسور، والعامل الأول هو أنّ "المعارك والمشهد العسكري في سوريا أساساً كان في انخفاض منذ عام 2020، والعامل الثاني هو الاعتماد الكبير على فاغنر في أوكرانيا، الأمر الذي جعل روسيا تسحب الكثير من مجموعات فاغنر من سوريا وخاصة المقاتلين غير المحليين".

هل سيتم التخلص من فاغنر نهائياً؟

هناك أكثر من 20 الف مقاتل ضمن قوات فاغنر من الجنسية السورية، أي عناصر محلية، وهؤلاء لم يتم الاعتماد عليهم في الحرب الأوكرانية، بحسب علوان، بل تم الاعتماد على الأكثر خبرة وتدريباً وقد نقل بعضهم إلى أفريقيا.

ويختتم علوان حديثه قائلاً إنّ "مصير قوات فاغنر في سوريا مرتبط بسكل أساسي بالشركة الأم وطبيعة نظرة الاستخبارات الروسية لهم. وعلى الأرجح سيتم استبدال القيادات وإضعاف الشركة شيئاً فشيئاً لصالح القوات الروسية الرسمية، الأمر الذي كشف عنه قرار بوتين باحتواء قوات فاغنر وضمهم للجيش الروسي، أي سيكون هناك حالة استقطاب لكل قوات فاغنر لكي ينضموا للجيش الروسي، وربما يحدث ذلك بشكل سريع في سوريا مع وجود الاستخبارات الروسية والقوات الروسية في سوريا وتحكمهم بشكل أكبر بالمشهد الميداني والسياسي في سوريا".

الباحث وائل علوان لـ"حفريات" نشاط فاغنر في سوريا كان بمرافقة أو بمساعدة القوات الأمنية والعسكرية والاستخبارية الروسية، وذلك إلى جانب النظام السوري وأجهزته الأمنية

إلى ذلك، يرى الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية الدكتور سامح مهدي، أنّ قوات فاغنر لها دور مهم في سوريا، وبخاصة في حقول النفط والفوسفات، مؤكداً أنّ هناك اتفاقاً بين فاغنر والنظام السوري بتأمين حقوق النفط وتأخذ فاغنر جزءاً من الأرباح. ويتابع لـ"حفريات": "كما لفاغنر دور لافت في تأمين مناطق غير آمنة وفيها مستوى عالٍ من الخطورة، فضلاً عن مهام أساسية لتأمين شخصيات معينة لدى النظام السوري".

ويشير مهدي إلى خلافات سابقة سوف تفاقم الأزمة القائمة على خلفية التمرد، وذلك عندما انسحب قوات فاغنر من مدينة تدمر بالبادية السورية في محافظة دير الزور لصالح تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث كان هناك خلاف بين يفغيني بريغوجين ووزير الدفاع الروسي آنذاك، ويبدو أنّ الخلافات السابقة لن يتم نسيانها، مرجحاً أنّ "شركة فاغنر سيطاولها تغييرات جمّة في موسكو، لكن سيتم الاحتفاظ بالقوات في سوريا وليبيا وبعض مناطق أفريقيا مثل مالي السودان، فليس من السهل التخلص منهم على نحو تام ونهائي".

مواضيع ذات صلة:

بعد نفي زعيمها: ما مصير شبكة فاغنر في أفريقيا؟

باحثان روسيان يسردان لـ"حفريات" سير تمرد فاغنر ومغزاه

تمرد فاغنر في روسيا... الحقائق والمآلات



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية