هل بريطانيا جادة بمراجعة نشاط الإخوان؟

هل بريطانيا جادة بمراجعة نشاط الإخوان؟

هل بريطانيا جادة بمراجعة نشاط الإخوان؟


27/08/2023

لا تعكس إجراءات الحكومة البريطانية، الحاضنة الكبرى لجماعة الإخوان داخل أوروبا، جدية فيما يتعلق بمراجعة أنشطة وأفكار التنظيم، المصنف على قوائم الإرهاب بعدة دول عربية، رغم التحذيرات الأمنية والاستخباراتية المتصاعدة مؤخراً من مخاطر إرهابية محتملة لنشاط التنظيم داخل القارة الأوروبية. 

وبحسب دراسة حديثة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ما تزال لندن وأنقرة تمثلان ملاذاً آمناً لعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من مصر منذ عام 2013، وتُعدّ الدولتان المعقل الأكبر للتنظيم داخل أوروبا. 

منظومة المصالح

تُرجع الدراسة استمرار الدعم البريطاني للتنظيم، رغم المخاوف المتزايدة من الإرهاب، إلى ارتباط الحكومات البريطانية بمصالح واسعة مع جماعة الإخوان. 

ووفق الدراسة، يرتبط الإخوان المسلمون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح، التي ترتبط بأمور سياسية وأمنية واجتماعية، جعلت لهم أهمية كبرى لدى الحكومات المتعاقبة، ويتم ذلك من خلال نظام مؤسسي مُحكَم، يشمل منظومة من الجمعيات وصلت إلى ما يقارب (60) منظمة داخل بريطانيا. 

كذلك تنامى حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة لجماعة الإخوان في بريطانيا. وتشير التقديرات إلى أنّ تنظيم الإخوان المسلمين يمتلك ثروات مالية تتراوح بين (8 ـ 10) مليارات دولار. 

يرتبط الإخوان المسلمون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح

وقد حصلت شركات الإخوان المسلمين ومؤسساتها على الوضع القانوني، ويرجع ذلك إلى تخوف بريطانيا من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السري لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها، بحسب الدراسة. 

خارطة التواجد 

فندت الدراسة خارطة للتواجد الإخواني داخل بريطانيا، وأوردت أنّ هناك حوالي (60) منظمة داخل بريطانيا ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي، بينها منظمات خيرية، ومؤسسات فكرية، وقنوات تلفزيونية،  ومن أبرز هذه المؤسسات:

ـ الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB): وتمثل أبرز كيانات الإخوان بالمملكة، وأسسها كمال الهلباوي، وهو عضو سابق في مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين المصري، والمتحدث الرسمي السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، وقد انشق فيما بعد عن الجماعة، وتضم قيادة حزب (MAB) قيادات إخوانية مثل عزام التميمي، الناشط السابق في جبهة العمل الإسلامي (الحزب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية)، ومحمد صوالحة، العضو السابق في حماس، وأسامة التكريتي نجل زعيم الفرع العراقي لجماعة الإخوان المسلمين.

لا ترغب بريطانيا في وقف الدعم أو الإعلان عن موقف واضح تجاه التنظيم الذي يتخذ من لندن مقراً رئيسياً له، وتشير غالبية المؤشرات إلى استمرار الدعم المقدم من السلطات البريطانية لجماعة الإخوان

ـ منظمة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا: مؤسسة إسلاموية بارزة، مرتبطة بشكل وثيق بشبكة الإخوان المسلمين، ولها فروع في أكثر من (20) دولة. تمتعت بقدر كبير من الوصول إلى المسؤولين الحكوميين البارزين، وتضمنت فعاليات الإغاثة الإسلامية خطابات للأمير تشارلز. 

كما أصبحت هيئة الإغاثة الإسلامية أول جمعية خيرية إسلامية متخصصة تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية لمشاريع في القارة الأفريقية عام 1994. 

وفي عام 2012، أغلق العملاق المصرفي السويسري UBS حسابات الإغاثة الإسلامية، و"منع التبرعات القادمة من عملائه إلى المؤسسة الخيرية"، حسبما ورد، بسبب مخاوف من تمويل الإرهاب، وبعد (4) أعوام  فعل HSBC  الشيء نفسه.

في عام 2012 أغلق العملاق المصرفي السويسري UBS حسابات الإغاثة الإسلامية

ـ المجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB): أكبر منظمة دعم سياسي تعمل باسم المسلمين في بريطانيا، تأسست عام 1997 على يد قيادات جماعة الإخوان المسلمين،  وهي منظمة جامعة لأكثر من (500) مؤسسة إسلامية منتشرة في جميع أنحاء بريطانيا، وفي عام 2009 قررت بريطانيا وضعها تحت الرقابة على خلفية دعمها لعمليات العنف. 

ـ الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية: أسسه عصام يوسف في التسعينيات، ويمتلك الصندوق (11) فرعاً في بريطانيا. 

ودخل الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية ضمن التصنيف الذي أطلقته الحكومة البريطانية في 2017؛ حيث اعتُبر كجزء من البنية التحتية لفرع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس في بريطانيا. 

يقوم التعاون بين الإخوان والنظم السياسية بشكل عام على البراغماتية وتحقيق المصالح المشتركة

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فقد وجهت وزارة الخزانة الأمريكية أصابع الاتهام إليه، واعتبرت أنّ الصندوق ما هو إلا كيان إرهابي أنشئ لتقديم الدعم المالي لحركة حماس. وقرر بنك (HSBC) وقف التعامل بالحوالات البنكية المجدولة من المتبرعين لصالحه  منذ 17 أيار (مايو) 2020.

ـ مؤسسة قرطبة (TCF): هي "مؤسسة شرق أوسطية للفكر"، يديرها أنس التكريتي، المتحدث الرئيسي باسم لوبي جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، رغم أنّه يدعي أنّه ليس عضواً فيها. وفي شهر آب (أغسطس) 2014 أغلق بنك (HSBC) الحساب المصرفي لأنس التكريتي، فضلاً عن حسابات أقاربه ومؤسسة قرطبة، حسبما جاء في (الغارديان).   

تحذيرات متواترة 

تلقي الدراسة الضوء أيضاً على التقارير التي حذّرت مؤخراً من نشاط التنظيم داخل بريطانيا، وتذكر على سبيل المثال ما كشفت عنه وثيقة تضمنت مراجعة مهمة لبرنامج (بريفينت) الحكومي  (Prevent) لمكافحة التطرف في بريطانيا، في 29 كانون الأول (ديسمبر) 2022  أنّ أموال دافعي الضرائب البريطانيين استخدمت لتمويل جماعات تروّج للتطرف. 

وبالكشف عن شخصيات بارزة تعمل في منظمات يموّلها برنامج (بريفينت) Prevent لمكافحة التطرف، يشتبه بأنّها دعمت حركة (طالبان)، ودافعت عن جماعات متشددة محظورة في المملكة المتحدة، واستضافت دعاة يروّجون "خطاب كراهية"، وفقاً لمسودة مسرّبة للوثيقة اطلعت عليها.

هل تتخذ بريطانيا خطوات جادة لمراجعة نشاط الإخوان؟ 

بحسب الدراسة، لا ترغب بريطانيا في وقف الدعم أو الإعلان عن موقف واضح تجاه التنظيم، الذي يتخذ من لندن مقراً رئيسياً له، وتشير غالبية المؤشرات إلى استمرار الدعم المقدم من السلطات البريطانية لجماعة الإخوان، وربما المؤشر الأهم هو استضافة بريطانيا لعدد من العناصر الذين غادروا تركيا، واستضافة منصات التنظيم الإعلامية بديلاً عن إسطنبول.

كما يقوم التعاون بين الإخوان والنظم السياسية بشكل عام على البراغماتية وتحقيق المصالح المشتركة، وهو ما يمكن فهمه من قراءة طبيعة العلاقات بين التنظيم وبين تركيا وبريطانيا، لذلك ليس من السهل أن تتخلى حكومتا الدولتين عن دعم الإخوان بشكل سريع.

مواضيع ذات صلة:

بعد خطط بريطانيا بترحيلهم... هل تعيد أوروبا حساباتها تجاه المهاجرين؟

الإخوان في بريطانيا: علاقات متشعبة واستثمارات كبيرة واللعب على وتر الانتخابات

الشبكة الإخوانية في بريطانيا.. توسع رغم الحصار الأوروبي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية