هل تستطيع إسرائيل وحدها مهاجمة إيران؟

هل تستطيع إسرائيل وحدها مهاجمة إيران؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
28/12/2021

تصعّد إسرائيل من لهجة تهديداتها بتوجيه ضربة ضدّ مفاعلات إيران النووية، عشية استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى العظمى في فيينا، وقلق إسرائيل من تصاعد نشاط إيران النووي، والخشية من وصول إيران لامتلاك القنبلة النووية، في حين تتزايد الدعوات بألّا تتصرف إسرائيل بمفردها في الدخول بمواجهة عسكرية مع إيران.

اقرأ أيضاً: ما هي خيارات إسرائيل تجاه إيران بعد فشل محادثات فيينا؟

وتسود حالة من عدم اليقين داخل جهاز الأمن في إسرائيل رغم كلّ برامج الجيش وتدريباته المتقدمة، في حين يدرك جهاز الأمن بأنّ عملية عسكرية ضدّ إيران، يتوقع أن يترتب عليها ردّ في عدة جبهات من جانب المنظمات الموالية لإيران، التي تعمل في أرجاء الشرق الأوسط، ويقتضي ذلك الاستعداد براً وبحراً وجواً.

حكومة بينيت لابيد باتت تدرك وتسلّم بأنّ أمريكا ماضية في سعيها لتوقيع اتفاق نووي مع إيران

وفي خضم النقاشات الإسرائيلية الدائرة حول كيفية تصرف إسرائيل مع إيران النووية، تحدثت أوساط عسكرية عن أنّ هناك إجماعاً إسرائيلياً على تبني قرار تنفيذ عملية عسكرية ضدّ المنشآت النووية الإيرانية، سواء بصورة مستقلة أو بالشراكة مع الجيش الأمريكي، لكن تواجه القيادة العسكرية الإسرائيلية تحذيرات من واشنطن من مغبة الذهاب إلى الخيار العسكري ضدّ إيران بصورة انفرادية، فالحديث يدور عن قدرات تبدو متواضعة أمام دولة قوية مثل إيران.

عقوبات أمريكا لم تجدِ نفعاً

ولا يرى الإسرائيليون في سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أيّة بوادر لكبح جماح خامنئي والدولة الإيرانية النووية، ويستذكر الإسرائيليون في ذلك اعتماد رئيس الحكومة السابقة، بنيامين نتنياهو، على دونالد ترامب، الذي رغم حرصه على تقديم الدعم لإسرائيل، إلا أنّه لم يتمكن من منع إيران في التقدم بالبرنامج النووي، بل زادت إيران من نسبة التخصيب وأنشأت مفاعلات نووية جديدة رداً على العقوبات التي فرضت عليها.

صحيفة "هآرتس" العبرية: إسرائيل تسرّع استعداداتها لخيار عسكري يمنع طهران من التوصل إلى السلاح النووي، وهذه الاستعدادات تشمل توسيع بنك الأهداف، وزيادة وتيرة التدريب وشراء معدات متطورة

وكشفت زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، لإسرائيل عن هوّة بين موقفي إسرائيل والولايات المتحدة حول الموضوع النووي الإيراني، فتباحث الطرفان الخلافات بشأن توصل المحادثات بين الدول العظمى وإيران في فيينا إلى اتفاق نووي مرحلي، كما أنّ إسرائيل أبلغت المستشار جيك بأنّ الاتفاق لن يلجم بالشكل الكافي البرنامج النووي الإيراني، لكنه في المقابل سيرفع العقوبات عن طهران.

 ضرورة التنسيق

صحيفة "معاريف" العبرية، قالت إنّ على إسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة دون التصرف المستقل في مواجهة إيران، لعدم وجود حليف بديل عن الولايات المتحدة؛ لذلك فإنّ طريقة التفكير الإسرائيلية الحالية، ينبغي أن تكون مختلفة في التعامل مع التهديد الإيراني.

وأضافت الصحيفة: هناك جملة من المخاطر الأمنية الناجمة عن عملية عسكرية ضدّ البرنامج النووي الإيراني، فإيران تعدّ قوية ويتطلب العمل العسكري إزاءها التفكير مرتين.

لا يرى الإسرائيليون في سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أيّة بوادر لكبح جماح خامنئي والدولة الإيرانية النووية

أما صحيفة "هآرتس" العبرية، فتحدثت عن أنّ إسرائيل تسرّع استعداداتها لخيار عسكري يمنع طهران من التوصل إلى السلاح النووي، وهذه الاستعدادات تشمل توسيع بنك الأهداف، وزيادة وتيرة التدريب وشراء معدات متطورة، مع ذلك يدرك جهاز الأمن أنّ الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تصبح هذه الاحتمالية واقعية.

اقرأ أيضاً: هل تلجأ إسرائيل لهجمات السايبر ضد إيران لتجنب الخيار العسكري؟

وأوضحت الصحيفة؛ أنّ سيناريو مهاجمة إسرائيل لجميع المنشآت ذات الصلة بالمشروع النووي، لا يعني أنه لا يمكن للإيرانيين استعادة المعرفة والقدرات بعد تنفيذ أية هجمات، لذلك فإنّ أية عملية عسكرية يجب ألا تنفّذ إلا إذا أدّت إلى عدم استطاعة إيران استعادة برنامجها النووي.

التأثير على محادثات فيينا

وفي تعليقه على هذه السيناريوهات، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش إنّ "إسرائيل ألمحت أكثر من مرة إلى نيتها توجيه ضربة عسكرية لإيران، وأعلنت عبر وسائل إعلامها، وعلى لسان عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين؛ أنّها تدرس اتخاذ خطوات منفردة، لكن كلّ هذه الحملة هدفها التأثير على محادثات فيينا، وانتزاع تنازلات لصالح إسرائيل وفرض قيود مشددة جديدة على إيران، خاصة على قدرات إيران في الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، وكذلك محاولة تحجيم نفوذ إيران الإقليمي".

الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نهاد أبو غوش: إسرائيل ألمحت أكثر من مرة إلى نيتها توجيه ضربة عسكرية لإيران

وأكد أبو غوش، لـ "حفريات"، على أنّ "إسرائيل سوف تواجه صعوبات كبيرة في محاولتها توجيه ضربة عسكرية لإيران، لأنّها تحتاج بشكل خاص لمحطة وسيطة وحليفة تتوسط المسافة بين إسرائيل والأهداف الحيوية الإيرانية وعلى الأقل لمحطات تزود بالوقود، وهذا غير متاح الآن، لذلك التقديرات في إسرائيل تقول إنّها تستطيع توجيه ضربة، لكنّها لا تستطيع وقف البرنامج النووي الإيراني المنتشر على مساحات شاسعة في إيران، وضمن عدد من المفاعلات المعروفة والسرية".

المختص في الشأن الإيراني، يوسف عزيزي لـ"حفريات": إسرائيل ليس باستطاعتها توجيه ضربة لإيران، لأنّها ستتلقى ضربات قاسية إن أقدمت على ذلك، من إيران أو حلفائها في المنطقة

وأشار إلى أنّ "واشنطن ترغب في إنجاز اتفاق نووي، لتخفيف تورّطها في قضايا الشرق الأوسط والتفرغ لمشكلات أخرى سواء داخلية أو تتصل باشتداد التنافس الأمريكي الصيني، وما يرتبط به من تصعيد في مناطق المحيطَين الهادىء والهندي، خاصة مع تعزيز نفوذ الصين في بحر الصين الجنوبي، لذلك الولايات المتحدة غير معنية بفتح جبهة جديدة، وليس من المرجح أنّ إدارة مثل إدارة الرئيس بايدن يمكن أن تسمح لإسرائيل بتحديد أولويات السياسة الخارجية الأميركية".

مراقبة النشاط النووي

وأضاف: "واشنطن تدرك الطابع التحريضي من التهديدات الإسرائيلية، كما أنّ إسرائيل لديها حساباتها الخاصة من تضخيم وتهويل مخاطر النووي الإيراني، وفي طليعة هذه الحسابات رغبة إسرائيل في إبقاء الهاجس الأمني والعسكري حاضراً ومسيطراً، لتبرير نزعاتها التوسعية في الضفة الغربية والجولان، إضافة إلى أنّ أمريكا تعرف من التجربة أنّ الاتفاق مع إيران، هو خير وسيلة لمراقبة نشاطات إيران النووية ومنعها من امتلاك سلاح نووي".

اقرأ أيضاً: هل تتجاهل إسرائيل تحذيرات واشنطن وتتقارب أكثر مع الصين؟

ولفت إلى أنّ "ما تخشاه إسرائيل هو بروز قوة إقليمية ذات قدرات عسكرية وعلمية وصناعية واقتصادية، وفي الوقت نفسه تمتلك خياراً مستقلاً رافضاً، كما يمكن لبعض القوى العربية، مثل العراق وسوريا ومصر والجزائر، أن تطمح بأن تدخل النادي النووي، فإسرائيل تطمح لفرض هيمنتها وسيطرتها في المنطقة".

تعطيل الاتفاق النووي

من جهته، بيّن المختص في الشأن الإيراني، يوسف عزيزي أنّ "إسرائيل ليس باستطاعتها توجيه ضربة لإيران، لأنّها ستتلقى ضربات قاسية إن أقدمت على ذلك، من إيران أو حلفائها في المنطقة، لذلك أفضل الخيارات لإسرائيل هو تعطيل الاتفاق النووي وإبقاء العقوبات ضدّ إيران".

المختص في الشأن الإيراني، يوسف عزيزي: إسرائيل باتت على قناعة بأنّ إيران تستغل كلّ وقت يمرّ في ظلّ موقف أمريكي ضعيف

وأشار عزيزي، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ إسرائيل باتت على قناعة بأنّ إيران تستغل كلّ وقت يمرّ في ظلّ موقف أمريكي ضعيف، ويبدو أنّ حكومة بينيت لابيد باتت تدرك وتسلّم بأنّ أمريكا ماضية في سعيها لتوقيع اتفاق نووي، ومن غير المجدّي معارضة هذا الاتجاه الأمريكي".

اقرأ أيضاً: لماذا تخشى إسرائيل من انسحاب أمريكي آخر؟

وأكّد أنّ إسرائيل تريد قوى إقليمية ودولاً ضعيفة ومعتمدة عليها وعلى الولايات المتحدة، وإيران ذات اتجاه معاكس لكلّ ذلك، فهناك مسألة أخرى تتمثل في توجه كلّ دول العالم لتطوير وسائل الطاقة المتجددة، ومنها الطاقة النووية التي باتت تشغل مصانع وسفناً، وغواصات ومشاريع زراعية وتحلية مياه، بالتالي، فإنّ العالم يقرّ بحقّ كلّ دولة، بما فيها إيران، بالحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية".

اقرأ أيضاً: كيف ستواجه إسرائيل محاولات حزب الله تغيير قواعد اللعبة؟

وبسؤاله في حال تمكنت إسرائيل من توجيه ضربة ضدّ إيران، كيف ستكون طبيعة الردّ الإيراني، أجاب عزيزي بأنّ قدرات إيران أكبر بآلاف المرات من قدرات حماس وحزب الله، التي أدخلت في حروبها مع إسرائيل آلاف الإسرائيليين إلى الملاجئ وعطلت الحياة في إسرائيل، كما أنّ حلفاء إيران، مثل أنصار الله في اليمن وبعض الميليشيات في العراق، يمكن أن يعطلوا طرق النقل البحري الدولية، أو يوجهوا ضربات لإسرائيل من خلال صواريخ أو مسيّرات، كما يمكن لإيران أن تغلق مضيق هرمز بسهولة شديدة وتوقف إمدادات النفط العالمية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية