هل تستغل روسيا الانتخابات الأمريكية وتفرض حلولها في سوريا؟

هل تستغل روسيا الانتخابات الأمريكية وتفرض حلولها في سوريا؟


27/09/2020

"زيارة الوفد الروسي لدمشق وتأكيده على احترام الدولة السورية لا يعني أنّه لا يعترف بالعملية السياسية وفق القرارات الدولية، استناداً لعدم اقتران أعمال اللجنة الدستورية بجدول زمني؛ بل إنّ تلك التصريحات تعبّر عن وجهة نظر الروس، بهدف تعزيز شرعية تدخلهم بسوريا، المستند، من وجهة نظرهم، إلى دعوتهم عن طريق حكومة شرعية، وهذا أمر طبيعي بالنسبة إليهم، خصوصاً أنّهم يحاولون الظهور بأنّهم أنجزوا الكثير بالملف السوري، ومن غير الوارد تقديم تنازلات مجانية".

اقرأ أيضاً: سوريا.. هل ينهي التصعيد الروسي الأخير "هدنة إدلب" الحساسة؟

هكذا علّق المستشار القانوني والعضو باللجنة الدستورية المصغرة، حسن حريري، لــ "حفريات"، على زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى دمشق، مطلع شهر أيلول (سبتمبر) الجاري.

 زيارة سيرغي لافروف إلى دمشق سبقها بعض التفاؤل من قبل قوى المعارضة السورية؛ إذ نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، على لسان مصدر دبلوماسي روسي رفيع المستوى؛ بأنّ "وفداً روسياً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً يضمّ "شخصيات بارزة" سيقوم، مطلع الأسبوع المقبل، بزيارة وصفت بـ "المفصلية" إلى دمشق، تجري خلالها جولات من المحادثات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وعدد من المسؤولين السوريين".

محاولات النظام السوري ومن خلفه روسيا، تمييع أعمال اللجنة الدستورية، بهدف نقل مسار الحلّ السياسي إلى خارج إطار الأمم المتحدة، لن تضعف موقف قوى الثورة والمعارضة

وأفاد المصدر؛ بأنّ "الوفد الروسي يمثّل أبرز المستويات المعنية بالملف السوري على الصعد الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية".

كما أشار تقرير الصحيفة إلى أنّ "مصادر دبلوماسية غربية أفادت بأنّ "زيارة لافروف ستتركز على مكافحة الإرهاب ومناقشة القيادة السورية حول نتائج عمل اللجنة الدستورية، وكذلك لبحث ملف مناطق شرق الفرات".

ماذا جرى بعد لقاء لافروف الأسد؟

وعقب لقاء سيرغي لافروف مع بشار الأسد، عقد مؤتمر صحفي جمع بين سيرغي لافروف ووزير الخارجية السوري، وليد المعلم، ونائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، حيث قال لافروف خلال المؤتمر: إنّه "من المستحيل وضع جدول زمني لعمل اللجنة الدستورية السورية"، مضيفاً أنّ "مسار "أستانا" تبلور بعد امتناع الأمم المتحدة عن لعب دور فعّال في الأزمة السورية".

اقرأ أيضاً: الأصابع الروسية تعبث في مالي رغم أنف فرنسا والولايات المتحدة

وبحسب موقع "روسيا اليوم"؛ قال لارفروف: "ناقشنا اليوم، وبصورة مفصلة، لدى محادثاتنا المطولة مع السيد بشار الأسد، الوضع على الأرض، وتوصّلنا إلى أنّ هناك هدوءاً نسبياً ساد في سوريا، ويجب العمل على ترسيخ هذا التوجّه".

وأضاف لافروف: "ثمّة جهات لا تقبل عودة سوريا إلى استقرارها، الأمر الذي يدفع بعض الأطراف الفاعلة إلى محاولة تأجيج "النزعات الانفصالية" في هذا البلد، واستخدام الإجراءات الأحادية غير الشرعية، الرامية إلى خنق البلاد اقتصادياً".

اقرأ أيضاً: هل تستخدم روسيا الأكراد لمناكفة تركيا؟

وتابع: "الجانب الروسي جدّد تمسّك موسكو بـ "سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي"، وبأنّ روسيا ستواصل جهودها لضمان تحقيق حقّ الشعب السوري في تقرير مصيره، سواء كان ذلك على المستوى القومي أو ضمن إطار ثلاثية الدول الضامنة لـ "مسار أستانا" (روسيا، تركيا، إيران)، وكذلك في سياق اللجنة الدستورية السورية التي بدأت أعمالها في جنيف".

"إعادة الإعمار"

كما أشار لافروف إلى أنّ "الأولوية في سوريا الآن لعملية "إعادة الإعمار".

وحول زيارة لافروف، قال المستشار القانوني والعضو باللجنة الدستورية المصغرة، حسن حريري، لـ "حفريات": إنّ "تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لا تتعدى كونها رسائل سياسية لرفع سقف التفاوض ضمن الإستراتيجية الروسية، القائمة على محاولة الإمساك بالوضع السوري كاملاً، ومن ثم التفاوض، انطلاقاً من ذلك".

وبسؤال الحريري حول مسألة محاولات النظام تمييع عمل اللجنة الدستورية ومحاولة إحباطها، أجاب: "محاولات النظام، ومن خلفه روسيا، تمييع أعمال اللجنة الدستورية، بهدف نقل مسار الحلّ السياسي إلى خارج إطار الأمم المتحدة، بالتالي، تطبيق الرؤية الروسية القائمة على إجراء تعديلات دستورية بسيطة، هذه المماطلة لن تضعف موقف قوى الثورة والمعارضة، إذا ما نظرنا إلى حالة  أكيدة؛ وهي أنّ اللجنة الدستورية تُمثِّل أول اتفاق سياسي يحمل الصبغة الرسمية، والذي تمّ توثيقه لدى الأمم المتحدة، وقد ساوى هذا الاتفاق بين قوى الثورة والمعارضة من جهة والنظام من جهة أخرى".

ما يخصّ الانتخابات القادمة في سوريا

أما ما يخصّ الانتخابات القادمة التي يتمّ الحديث عنها؛ فقال حريري إنّ "قوى الثورة والمعارضة لا تعترف بهذا النظام كممثل شرعي ورسمي للشعب السوري، وهذا ينسحب على جميع الاستحقاقات التي يقوم بها، ولو أنّ هناك آراء من بعض القوى الدولية التي تتغاضى عن تلك الممارسات، التي يقوم بها النظام ضمن إستراتيجية إدارة الفوضى، خلال الأعوام الماضية، مع علمنا أنّ القوى الدولية المتصارعة ذاتها متفقة في حجم الفوضى غير المسموح لها بأن تصل سوريا إلى دولة فاشلة".

الصحفي مالك الحافظ لـ"حفريات": موقف المعارضة مفهوم من اللجنة الدستورية باعتبار أنّها مفتاح الحلّ الوحيد، لكن يبدو أنّ توافقات المصالح الإقليمية والدولية تسير بما يتفق مع روسيا

ويرى الصحفي السوري، مالك الحافظ، أنّ "روسيا أرادت المماطلة في اللجنة الدستورية والعملية السياسية ككلّ في سوريا، حتى تفرض رؤيتها للحلّ بعد إتمام السيطرة العسكرية، وهذا ما تحقق خلال الأعوام ت الأربعة الماضية، وما تزال تنتهجه حتى الآن، ولا يعنيها مسار اللجنة الدستورية متى ينجز مهامه المعلنة ما دام يحقق لروسيا أقصى المكاسب السياسية".

استغلال فترة الفراغ السياسي في واشنطن

وأضاف الحافظ لـ "حفريات": "روسيا تريد الآن استغلال فترة الفراغ السياسي في واشنطن؛ بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما يدفع للتوقع أنّ اللجنة الدستورية قد تستمر في المعاناة طيلة الفترة المقبلة المنظورة".

ويرى الحافظ؛ أنّ ما يهم روسيا في هذه المرحلة  هو "إعادة الإعمار"، لكنّها تدرك أنّ ذلك لن يتمّ عبر اللجنة الدستورية فقط؛ فهي تقول إنّها الراعي للعملية السياسية ومؤسسها الحقيقي، عبر تشكيل اللجنة، وستُكمل ذلك وفق معلومات وردت إلينا من جنيف، عبر إقامة مؤتمر تدعى إليه جهات معارضة عديدة وأطراف موالية كذلك، لبحث آلية تنفيذ القرار الدولي 2254، ومن لا يلبي الدعوة سيستثنى من الوجود ضمن المرحلة الانتقالية التي ستصنعها موسكو عبر إدخال شخصيات معارضة في الحكم، وأما عن الدستور؛ فإنّ الروس يخططون لأن ينجز بعد الانتخابات الرئاسية في سوريا"، بحسب تعبيره.

اقرأ أيضاً: العلاقات التركية ـ الروسية: خلافات عميقة رغم التوافقات الظاهرة

وتابع الصحفي السوري: "السياسة الأمريكية حيال سوريا بعد نتائج الانتخابات مهمة جداً على مسارات العملية السياسية، والروس يحسبون حساباً لذلك، كما أنّ موسكو لم تعتمد في الأساس على إنجاح العملية السياسية وفق الرعاية الأممية بقدر ما سعت لتمهيد الجغرافيا، بتطويعها لخدمة علاقاتها مع الدول المتدخلة في الشأن السوري، وفي مقدمتها تركيا".

الروس يتوغلون

وأضاف الحافظ: "النظام السوري لا يهتم أيضاً باللجنة الدستورية، فهو بهذا الملف يتفق تماماً مع الروس الذين باتوا يتوغلون أكثر فأكثر في تسيير المشهد في سوريا وتحييد إيران، مقابل جنوح ركن الحكم الجديد لعائلة الأسد بذلك".

وفي تصور الحافظ، فإنّ "موقف المعارضة مفهوم من اللجنة الدستورية باعتبار أنّها مفتاح الحلّ الوحيد، وهو واقعي جداً ووطني، لكن يبدو أنّ الأمور وتوافقات المصالح الإقليمية والدولية تسير بما يتفق مع روسيا".

اقرأ أيضاً: تركيا وأذربيجان تطلقان مناورات عسكرية مشتركة... ما علاقة روسيا؟

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أكد، مؤخراً، خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الإيراني، محمد جواد ظريف؛ أنّه "تمّ تشكيل منصة أستانا للخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه محاولات زملائنا الأمميين لإطلاق حوار سوري سوري في جنيف، وبعد تأجيل المفاوضين الأمميين اللقاءات بين الحكومة والمعارضة، دون بروز أيّ أفق لحلّ هذا الوضع، اتفقت روسيا وتركيا وإيران على الاستفادة من الفرص المتوفرة وتسخير اتصالاتها مع مختلف القوى السياسية في سوريا لتجاوز هذا المأزق"، وذلك بحسب موقع "روسيا اليوم".

اقرأ أيضاً: كيف تباينت المواقف الأخيرة لفرنسا وروسيا داخل ليبيا؟

وأضاف لافروف: "متابعتنا باستمرار، وعن كثب، لعمل اللجنة الدستورية بالتنسيق الوثيق مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، السيد غير بيدرسن، تعود بالنفع على القضية، وهذا ما أكدته اتصالاتنا مع الأمم المتحدة في الأسابيع الأخيرة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية