هل تكون الفيروسات الفتاكة أسلحة مقاتلي داعش؟

هل تكون الفيروسات الفتاكة أسلحة مقاتلي داعش؟


10/12/2020

ترجمة: محمد الدخاخني

حذّر خبراء أمنيّون من أنّ جائحة فيروس كورونا تُهدّد بتأجيج التطرّف والنّشاط الإرهابيّ؛ حيث ينجذب مستخدمو الإنترنت من مختلف الأطياف السياسيّة إلى عمليّات الرّدكلة عبر الإنترنت وانتشار نظريّات المؤامرة.

وفي حين أنّ عمليّات الإغلاق المستمرّة والقيود المفروضة على السّفر هذا العام قد حدّت من إمكانيّة تنفيذ هجماتٍ إرهابيّة، فقد أثارت وكالات الاستخبارات مخاوف من تجدّد أعمال العنف مع رفع القيود.

وقال إد بتلر، القائد السّابق لقوات المملكة المتّحدة في أفغانستان، للصحفيّين، الشّهر الماضي، "تعمل وتستفيد القاعدة وبوكو حرام من جرّاء تشتيت انتباه الحكومات بسبب إجراءات الكوفيد"، وحذّر جيل دي كيرشوف، منسّق الاتّحاد الأوروبيّ لمكافحة الإرهاب، من أنّه "من دون جهود إعادة بناءٍ كبيرةٍ في أعقاب الجائحة، يمكن أن تتطوّر حالة الطّوارئ الصحيّة العامّة إلى أزمةٍ أمنيّة".

الجماعات اليمينيّة المتطرّفة نشرت مئات الآلاف من منشورات وسائل التّواصل الاجتماعيّ المتعلّقة بجائحة كورونا، في الفترة من كانون الثّاني (يناير) إلى نيسان (أبريل)

ويعتقد الخبراء أنّ العزلة والاكتئاب وانعدام الأمن الماليّ النّاجمين عن الإغلاق وفُقدان الوظائف، كلّها أشياء تجعل الأفراد أكثر عُرضةً لتبنّي أفكار جديدة، وربما يصبحون مردكلين.

أكبر التّهديدات

ومن بين أكبر التّهديدات؛ زيادة العمل عن بعد والتّعليم المنزليّ اللذان جعلا المراهقين والبالغين فريسةً أسهل للمجموعات المتطرّفة النّشطة على منتديات وسائل التّواصل الاجتماعيّ، مثل: تليغرام، وغاب، وديسكورد، وموقع مشاركة ألعاب الفيديو "ستيم".

اقرأ أيضاً: داعش وأردوغان.. فزاعة للداخل وسلاح في الخارج

ومن جانبه، قال كولين كلارك، الباحث في شؤون الإرهاب في مركز "صوفان"، وهو مؤسّسة فكريّة أمريكيّة: إنّ "الأزمة منحت المُجنِّدين الإرهابيّين "مائدةً مفتوحة" من الحجج المحتملة لتعزيز قضيّتهم، وأضاف: "تمكّنت كلّ جماعة أو مجموعة متطرّفة من استخدام "كوفيد-19" لشرح سبب منطقيّة أيديولوجيّتها، كلّ الجماعات الموجودة عبر الطّيف الأيديولوجيّ، من الجهاديّين إلى متطرّفي أقصى اليمين وحتّى أقصى اليسار".

وبينما يصف مقاتلو داعش الفيروس؛ بأنّه انتقام إلهيّ لمعاناة المسلمين، يُلقي النّازيّون الجدد بالّلوم على المهاجرين واليهود في انتشار المرض، ويستخدمون الجائحة كدليلٍ على تهديد العولمة والتّعدّديّة الثّقافيّة، وقد توصّلت دراسة أجراها معهد الحوار الإستراتيجيّ إلى أنّ "الجماعات اليمينيّة المتطرّفة نشرت "مئات الآلاف" من منشورات وسائل التّواصل الاجتماعيّ المتعلّقة بالجائحة، في الفترة من كانون الثّاني (يناير) إلى نيسان (أبريل).

كيف نجح المتطرفون اليمينيون؟

ويتّفق معظم الخبراء في أنّ المتطرّفين من الجناح اليمينيّ المتطرّف قد حقّقوا أقصى استفادة، بعد أن اختبروا ما أسماه كلارك بـ "خليط الشّباب" من خلال تجنيد المراهقين الّذين يدرسون في المنزل، والذين غالباً ما يُتركون بمفردهم لساعاتٍ يوميّاً مع أجهزة الكمبيوتر والهواتف.

خبير بالأسلحة البيولوجية: يُعتقَد أنّ مقاتلي داعش قد أبدوا اهتماماً بالتسلّح بفيروسات أقلّ خطورة شبيهة بـ "كوفيد-19". وهذا هو بالضّبط ما يودّ الإرهابيّ تقليده

وتُعدّ ألعاب الفيديو واحدةً من الآليّات المستخدمة لتعريف الشّباب بالأيديولوجيّات المناهضة للتّيّار الرّئيس؛ فقد منحت إحدى الألعاب الجديدة على الإنترنت في ألمانيا نقاطاً للّاعبين لإطلاقهم النّار على جورج سوروس، رجل الأعمال السّخيّ، الّذي لطالما كان شخصيّةً مكروهةً من جانب أقصى اليمين، والمستشارة أنجيلا ميركل.

وقال دي كيرشوف، منسّق الاتّحاد الأوروبيّ لمكافحة الإرهاب، إنّه يشعر بقلقٍ متزايدٍ بشأن الأدلّة المتزايدة على وجود صلةٍ بين أولئك الّذين يستسلمون لنظريّات المؤامرة وأولئك الّذين يواصِلون تبنّي سياساتٍ متطرّفة.

اقرأ أيضاً: عمليات عسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي... الحصيلة

وكانت جماعات من أقصى اليمين، مثل: "نيو بريتش يونيون"، وموقع "ديلي ستورمر" النّازيّ الجديد، نَشِطة بشكلٍ خاصٍّ في التّرويج لنظريّات المؤامرة المتعلّقة بالفيروس، من قبيل أنّ "كوفيد-19" خدعة من فعل الحكومات، أو أنّ الّلقاح سيزرع رقائق دقيقة.

كما تظهر سرديّة تشتبه في التّكنولوجيا الجديدة؛ فقد  شرع أشخاص اعتقدوا أنّ الفيروس ينتشر عن طريق إشارات الـ "فايف جي" في سلسلةٍ من هجمات الحرق المتعمّد هذا العام لأبراج الاتّصالات، من هولندا وأيرلندا إلى قبرص، ممّا يُثبت أنّ الأفكار المتداولة عبر الإنترنت تنتقل إلى عدوانٍ في العالم الحقيقيّ. وقال دي كيرشوف: "غالباً ما يتمسّك المتطرّفون اليمينيّون واليساريّون العنيفون بهذه السّرديّات ويعزّزونها"، ويضيف: "هذا المزيج المتفجّر يمكن أن يُلهم المزيد من الأشخاص الّذين ينفّذون أعمال عنفٍ بمفردهم".

زيادة المعتقدات المتطرّفة

وما يزال من غير الواضح ما إذا كانت زيادة المعتقدات المتطرّفة ستُلهم أعمالاً إرهابيّة، لكن العديد من مسؤولي مكافحة الإرهاب في المملكة المتّحدة، الّذين اتّصلت بهم "فاينانشيال تايمز"، قالوا إنّهم يحيلون عدداً أكبر من المعتاد إلى برامج مكافحة الرّدكلة.

اقرأ أيضاً: تفكيك شيفرة "داعش": هكذا اشترى التنظيم أسلحته من دول تحاربه

في غضون ذلك، مثلما قلّلت عمليّات الإغلاق التجمّعات الكبيرة التي يستهدفها الإرهابيّون عادة، وجد الجواسيس صعوبةً أكبر في إجراء مراقبة سرّية في الشّوارع الخالية.

وقد وقعت الهجمات الجهاديّة القاتلة الأخيرة في كلٍّ من فيينا ونيس عشية عمليّات الإغلاق الجديدة، ممّا أثار مخاوف من أنّ المتطرّفين سيتطلّعون إلى ضرب الحشود مجدّداً بمجرّد تخفيف القيود.

أيضاً، ثمّة خطر أن يكون الفيروس قد ألهم الإرهابيّين لتبنّي أساليب أكثر فتكاً، قال هاميش دي بريتون-غوردون، القائد السّابق لوحدة الأسلحة الكيماويّة والبيولوجيّة في المملكة المتّحدة؛ إنّه بينما كان الإرهابيّون مهتمّين دائماً بصنع أسلحة بيولوجيّة، فقد اعتقدوا سابقاً أنّهم في حاجةٍ إلى الوصول إلى مسبّبات أمراض فتّاكة، مثل الجمرة الخبيثة أو البوتولينوم، لقتل الكثير من النّاس بسرعةٍ كبيرة، ويُعتقَد الآن أنّ مقاتلي داعش قد أبدوا اهتماماً بالتسلّح بفيروسات أقلّ خطورة شبيهة بـ "كوفيد-19".

وأضاف دي بريتون-غوردون: "لقد أخذت مسبّبات الأمراض غير الفتّاكة  العالم إلى الأمام - طبيّاً وماليّاً"، وتابع: "وهذا هو بالضّبط ما يودّ الإرهابيّ تقليده".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

هيلين واريل، "فاينانشيال تايمز"، 4 كانون الأوّل (ديسمبر) 2020



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية