هل يؤرِّخ رمضان 2019 لانتكاسة الدراما المصرية؟

هل يؤرِّخ رمضان 2019 لانتكاسة الدراما المصرية؟


30/05/2019

شهدت الساحة الفنية عقب أحداث "الربيع العربي" العام 2011،  صعوداً للدراما الرمضانية المصرية، على مستوى الكم والكيف، مما دفع النقاد للتبشير بمواسم مقبلة أكثر تميزاً، غير أنّ ذلك الصعود ما لبث أن استحال إلى هبوط كبير في موسم الدراما الرمضاني للعام الجاري، مما دفع النقاد لمحاولة البحث عن أسباب ذلك التراجع غير المتوقع.
موسم رمضان 2019 يمكن اعتباره عام الانتكاسة للدراما المصرية بعد الانتعاش السابق

خيبة درامية
الكاتب الصحفي والناقد الفني رامي المتولي يقول إنّ الدراما التلفزيونية المصرية، منذ موسم رمضان 2011 شهدت تحولاً لافتاً، لم يقف عند حدود الخروج من قالب المسلسل الاجتماعي بالشكل الذى أصبح نمطياً متوقعاً، أو الوجوه التي تتكرر سنوياً بنفس الشكل والطبيعة، "بل حدثت طفرة موازية في عناصر الديكور والموسيقى التصويرية والملابس والخدع، بالتزامن مع صعود عدد كبير من الممثلين الجيدين والكتاب والمخرجين".

شهدت الدراما التليفزيونية المصرية هذا الموسم إنتاج 26 مسلسلاً 15 منها لشركة واحدة

ويستدرك المتولي، في حديثه لـ"حفريات": "لكن موسم رمضان 2019 يمكن اعتباره عام الانتكاسة للدراما المصرية بعد الانتعاش السابق، مع موسم كشف الجميع من الناحية الفنية على كل المستويات، فخرج بأكمله على ذوق ورغبة شركة واحدة تظهر كعلامة تجارية في تترات كل المسلسلات على قلة عددها، ليفقد موسم 2019 أهم ما كان يميز المواسم الماضية ألا وهو التنوع"، موضحاً: "المسلسلات تشبه بعضها البعض لحد كبير وأحداثها تسير في مساحة محددة يمكن اعتبارها هي الذوق الشخصي لمهندس الموسم والمتحكم فيه؛ ففي النهاية هذه المسلسلات هي ما وافق عليه وما يحمل اسم شركته".

اقرأ أيضاً: لماذا اختفت الدراما الدينية؟
ويذهب المتولي حد القول إنّ "هذا الموسم فاشل على أكثر من صعيد؛ لا سمح بأن يشاهد الجمهور المسلسلات عبر يوتيوب، ولا استعد بشكل كافٍ بالتطبيق الإلكتروني المحتكِر للمسلسلات، والذي لم يراعِ طبيعة الجمهور الذي يتوجه له، ولم ينجح حتى أن يضاهي تطبيق "شاهد"، على سبيل المثال، الذي يتيح المشاهدة المجانية مقابل مشاهدة عدد محدد من الإعلانات"، مبيناً أنّ حالة الفتور التي قوبل بها التطبيق "هي انعكاس لمشاكله وطبيعة تقديمه وهو ما انعكس على المسلسلات التي أهملها الكثيرون، وانخفضت نسبة مشاهدتها بسبب عدم وجود وسيلة لذلك بعيداً عن مواعيدها الثابتة عبر شاشة التلفزيون؛ الوسيلة التي لا تناسب الشريحة الأكثر عدداً وهي الشباب والمراهقون".

الموضوعات التي تناولتها المسلسلات لم تأتِ من خارج المقرّر

نتائج متشابهة

من جهته، يرى الكاتب الصحفي والناقد الفني زين خيري شلبي أنّه ليس من الإنصاف إطلاق أحكام عامة، مستدركاً: "المعطيات تشابهت فتشابهت النتائج، وهو ما حدث مع موسم الدراما المصرية لرمضان 2019، الذي تشابهت ظروف إنتاج أغلب أعماله، بل كان الكم الأعظم من إنتاج شركة بعينها، وتعرض الكم الباقي للظروف نفسها الخاصة بشروط الإنتاج والعرض فكانت المخرجات متقاربة للأسف، وكأنّ الجميع كانوا ينقلون إجاباتهم من كراسة إجابات نموذجية واحدة".

نقاد اعتبروا موسم رمضان 2019 عام الانتكاسة للدراما المصرية بعد الانتعاش السابق

يضيف شلبي: شهدت الدراما التلفزيونية المصرية هذا الموسم إنتاج 26 مسلسلاً تقريباً، 15 منها لشركة واحدة، وواحد منها يتم إنتاجه منذ ثلاثة أعوام"، أما الموضوعات التي تناولتها المسلسلات فلم تأتِ من خارج المقرّر، وكأنّها إجابات لسؤال تعبير في أحد الامتحانات المدرسية "اكتب في واحد من الموضوعات التالية"، موضحاً أنّ عدد هذه الموضوعات لم يكن كبيراً فكان التنوع نادراً: "صعبانيات أو استعطافيات ورحلات صعود (أبو جبل/ مصطفى شعبان، ولد الغلابة/ أحمد السقا، زلزال/ محمد رمضان، حدوتة مرة/ غادة عبد الرازق، لمس أكتاف/ ياسر جلال، ابن أصول/ حمادة هلال، بركة/ عمرو سعد، حكايتي/ ياسمين صبري)، تشويق وغموض وجريمة (قابيل/ محمد ممدوح، لآخر نفس/ ياسمين عبد العزيز، علامة استفهام/ محمد رجب، قمر هادي/ هاني سلامة، زي الشمس/ دينا الشربيني، زودياك/ مجموعة شباب)، بجانب المسلسل المستمر للعام الثالث على التوالي وأعتبره المتحدث الرسمي باسم الدراما المصرية والذي يحمل كل الإجابات النموذجية وكل الخطابات المراد ترويجها (كلبش3/ أمير كرارة).

اقرأ أيضاً: الدراما السورية تعود من الحرب ببطولات جماعية
ويتابع شلبي:"يتبقى 10 مسلسلات من المفترض أن تصنيفها كوميدي، اثنان منها بطولة مطلقة لبطلين من أبطال مسرح مصر المنتشرين في كل المسلسلات الكوميدية وغير الكوميدية (فكرة بمليون جنيه/ علي ربيع، طلقة حظ/ مصطفى خاطر) وثلاث لآل سمير غانم (بدل الحدوتة تلاتة/ دنيا سمير غانم، سوبر ميرو/ إيمي سمير غانم، الزوجة 18/ حسن الرداد)، بجانب (الواد سيد الشحات/ أحمد فهمي وحرمه) و(البرنسيسة بيسة/ مي عظ الدين)، ويتبقى (هوجان/ محمد إمام مع كريم محمود عبد العزيز)، و(شقة فيصل/ كريم محمود عبد العزيز وحده) ويمكن اعتبارهما دراما اجتماعية كوميدية، والاثنان بالصدفة لمؤلف واحد هو محمد صلاح العزب".
مسلسل قابيل

موسم مرهق جداً لصنّاعه
يوضح شلبي أنّ المستويات متفاوتة بلا شك، "ولكني تعمدت الإجمال لأن التفاوت لم يكن كبيراً، وينبغي من باب الإنصاف الإجمال أيضاً بالقول إنّ الموسم كان مرهقاً جداً لصناعه من الفنانين والفنيين؛ الذين كان مطلوباً منهم الالتزام بمعادلة: أضعف الإمكانيات وأضيق وقت وبأقل عدد من الممثلين، ويفضل الحد الأدنى من أماكن التصوير مع الإكثار من المشاهد الداخلية واستخدام المشاهد الخارجية في أضيق الحدود، ويا حبذا لو اكتفينا بحادث واحد أو مطاردة سيارات واحدة أو لا داعي لها، فكانت النتيجة مسلسلات منزوعة الدسم، تلف وتدور حول محورها فيما لا يقل عن 20 حلقة من حلقات المنتصف، بعد بدايات مكثفة الأحداث في انتظار النهاية بأكبر كم من الأحداث غير المتوقعة.. وحتى نبلغ هذه النهايات علينا أن نتحمل هذه المأساة باسم الموضوعية والمهنية.."!
مسلسل فكرة بمليون جنيه

الاحتكار يدمر الموسم
ويتفق الكاتب الصحفي والناقد الفني محمد سيد عبد الرحيم مع شلبي في حكمه على هذا الموسم، "مع قرب نهاية شهر رمضان نقترب من نهايات مسلسلات هذا الموسم. وبالفعل نجد أن بعض المسلسلات بدأت في تجميع خيوط الأحداث التي نثرتها طوال الأيام أو الحلقات الماضية. لكن وبشكل عام نحن أمام موسم ضعيف للغاية لعدة أسباب؛ منها المعتادة، وهي أن موسم شهر رمضان يجعل كل صناع الدراما في مصر يهرولون من أجل إنجاز الحلقات المطلوبة منهم، فلا يهتمون بجودة هذه الحلقات، على كل المستويات، من ناحية التمثيل، والإخراج، والديكور، والسيناريو، والأزياء، والمونتاج. ولكن توجد أسباب أخرى تخص هذا الموسم وحده، وهي فكرة الاحتكار التي مارستها شركة واحدة هذا العام على المنتجين والنجوم؛ حينما استحوذت على القنوات المصرية، وبالتالي فهي التي تحدد ما الذي ستشتريه من ضمن المسلسلات لعرضه".

موضوعات المسلسلات لم تتجاوز الاستعطافيات ورحلات الصعود والكوميديا المكررة

يرى عبد الرحيم أنّ ذلك الاحتكار قد دمر هذا الموسم، وأنه وسوف يدمر المواسم المقبلة إذا ما استمر؛ "ورغم ذلك نجد مسلسلين حاولا أن يقدما مضموناً جيداً برغم كل الصعوبات وهما "زي الشمس" و"قابيل"، وكلاهما تدور أحداثه في إطار من التشويق والإثارة، ويتميزان بسيناريو محكم إلى حد كبير، وإخراج وأداء تمثيلي جيد. أما عن المسلسلات الكوميدية، وهي المسلسلات الرابحة دائماً في رمضان فقد خسرت خسارة فادحة هذا الموسم بسبب عدم استطاعة أي منها الخروج من دائرة كوميديا الاسكيتشات التي ساعد على سيطرتها على الدراما المصرية؛ "مسرح مصر" إلى دائرة الكوميديا المعتمدة على سياق درامي أو ما يطلق عليه بكوميديا الموقف. وبذلك نجد موسماً ضعيفاً مع غياب نجوم كبار مثل؛ عادل إمام ويسرا ومحمد هنيدي وأحمد مكي وغيرهم وشبه غياب لآخرين؛ بسبب سوء أعمالهم هذا الموسم رغم نجاحهم في مواسم سابقة مثل؛ دنيا سمير غانم وياسر جلال وعمرو سعد وايمي سمير غانم ومصطفى شعبان".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية