هل يعزز زخم الحوارات الليبية احتمالات حل الأزمة؟

هل يعزز زخم الحوارات الليبية احتمالات حل الأزمة؟


14/10/2020

بعد انسداد لشهور في المسار السياسي، تدفق الحوار الليبي ـ الليبي على نحو غزير وغير مسبوق، فمن الرباط إلى الغردقة إلى بوزنيقة إلى القاهرة إلى تونس، تتلاحق الحوارات في ملفات عدة، وعلى الرغم ممّا قد تؤدي إليه الدوائر المتعددة والعواصم الكثيرة المشاركة من تطويل أمد الحوار، فإنها تعكس في الوقت الحالي دلالة ربما تتجاوز أهميتها حدوث اختراق آني، إذ تؤكد على "نية التوصل إلى حل"، لن يكن سهلاً رغم حسن النوايا.

 

أعرب الوفدان عن رغبتيهما في عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات "البنّاءة" حول الترتيبات الدستورية

 

واختتمت القاهرة، أمس، جولة حوار بين مجلسي النواب الليبيين ومجلس الدولة (هيئة مستقلة انبثقت عن اتفاق الصخيرات ذات مهام تشريعية ورقابية)، استمرّ 3 أيام، للمناقشة حول الدستور الليبي، "وقد أبدى الطرفان مرونة فائقة في الحوار"، بحسب البيان الختامي، واتفقا على الاستمرار في المناقشات.

 كما أعرب الوفدان عن رغبتيهما في عقد جولة ثانية في مصر لاستكمال المناقشات "البنّاءة" حول الترتيبات الدستورية، ولكي يُجري مجلس النواب حواراً مجتمعياً للوصول إلى توافقات دستورية تسمح للبلاد بالمضيّ قُدُماً في المسار الدستوري، بحسب ما أوردته بوابة "الوسط" الليبية.

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل إرسال مرتزقته إلى ليبيا وأذربيجان.. تعنت واستخفاف بالقرارات الدولية

وإلى جانب المسار الدستوري، فإنّ القاهرة تتولى أيضاً إدارة الملف الأمني، فقد استضافت مدينة الغردقة الساحلية في 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، وعلى مدار يومين، وفدين عسكريين يمثلان الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق، لاستئناف حوارات سبق أن فتحتها القاهرة قبل سنوات بين الطرفين، قبل أن ينسدّ المسار السياسي لصالح المسار العسكري.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين حوارات الليبيين في المغرب ومصر وتونس؟

ووسط الأجواء الدافعة للحوار، والتي أطلق فتيلها الأول الاتفاق بين رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، بوقف إطلاق النار في 21 آب (أغسطس) الماضي، تمهيداً لاستئناف المسار السياسي، فإنّ مخرجات اتفاق الغردقة لاقت صدقية وقوة دفع أكثر من سابقيها، وحتى أبرز ممّا انتهى إليه استئناف المفاوضات العسكرية برعاية الأمم المتحدة (5+ 5) في جنيف، في 19 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.

 

يمثل الملفان الدستوري والأمني عصب أيّ اتفاق سياسي قد تنتهي إليه الأطراف الليبية

 

وعلى الرغم من الأدوار المحورية التي تلعبها قوى إقليمية عدة، وتبرز فيها تحديداً برعاية ودفع فرنسي دول الجوار الليبي "مصر، تونس، المغرب"، فإنّ دور القاهرة هو الأبرز، إذ يمثل الملفان الدستوري والأمني عصب أيّ اتفاق سياسي قد تنتهي إليه الأطراف الليبية، لأنّ الدستور هو الذي سيحدّد شكل الانتخابات وتقسيمات السلطة، أمّا الشق العسكري، فيفترض أن ينتهي إلى دمج الجبهات العسكرية المتصارعة في جيش واحد للدولة، يتجاوز فكرة المحاصصة ويُعلي قيم الوطنية، مقابل تجفيف منابع الميليشيات.

ومن ثمّ، فإنه على الرغم من تعدّد دوائر الحوار، غير أنها تبقى متصلة، تناقش الأمور نفسها من زوايا مختلفة، ويصبّ أيّ اتفاق في جانب منها في نواحيها الأخرى، لذا فإنّ تلك النقاشات لا تعدو أن تكون قنوات لـ"الحديث" وتبادل وجهات النظر، واستماع كل طرف إلى الآخر، بعد فترات من الانقطاع والمواجهة، فيما لا يتوقع أن تسفر مباشرة عن حل أو اختراق آني؛ إذ إنّ الاختراق الوحيد الآن هو وجودها.

ويعزّز تعدد الدوائر كذلك ديمومة مبدأ الحوار والحل السلمي؛ إذ من السهل الانقضاض وقلب طاولة أيّ مفاوضات، لا سيّما في ظل رغبات لبعض الدول بذلك تحقيقاً لمصالحها، إذا ما كان الحوار منصباً على طاولة واحدة، فيما تصعب استراتيجية تقسيم الأدوار من إفشالها.

الحوار الدستوري

يختلف المتفاوضون حول المحور الدستوري في القاهرة حتى الآن على مسودة الدستور المقترحة، فضلاً عن الطريقة التي يتمّ تمريرها بها، حيث جرت مُناقشات قانونية حول إمكانية الاستفتاء على مشروع الدستور الحالي من عدمه، وطُرِحت على طاولة المفاوضات آراء ومقترحات عِدّة، وفق البيان الختامي.

ونقلت العربية عن مصادر أنّ أبرز المواد الخلافية تتعلق بالحكم المحلي (إدارة شؤون البلديات)، وشروط الترشح للانتخابات، بالإضافة إلى توزيع الموارد والثروات.

 

تلك النقاشات لا تعدو أن تكون قنوات للحديث وتبادل وجهات النظر، واستماع كل طرف إلى الآخر، بعد فترات من الانقطاع والمواجهة، فيما لا يتوقع أن تسفر مباشرة عن حل أو اختراق آني

 

في غضون ذلك، أعلنت المبعوثة الأممية للدعم لدى ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أنّ الأمم المتحدة تدرك أهمية الترتيبات على المستوى الدستوري لليبيا، لما لذلك من تأثير وأهمية نحو إيجاد حل سياسي شامل للتوصل إلى دستور شامل للبلاد. وقالت في كلمتها بالفيديو خلال اجتماع وفدي مجلس النواب ومجلس الدولة في القاهرة: إنّ الأمم المتحدة حرصت على تسهيل كافة العقبات أمام تلك اللقاءات لإخراج ليبيا من الأزمة الدستورية التي تشهدها، مشيرة إلى أنّ الأمم المتحدة تدعم كل الجهود التي تهدف إلى جعل الحوار السياسي هو السبيل للتوصل لحلّ الأزمة الليبية بعيداً عن الاحتكام لقوة السلاح.

تونس

ومن مصر إلى تونس، ترنو الأنظار نحو منتدى الحوار الليبي الشهر المقبل، والذي تناقش فيه الجبهتان المتصارعتان المسار السياسي.

وفي تطوّر لافت، طالبت الأمم المتحدة الوفدين المشاركين في الحوار بالتوقيع على تعهّد بعدم المشاركة في أيّ مناصب أو هيئات ينتهي الحوار إلى اقتراحها، في تدعيم للنزاهة، واستبعاد لشبهة المصالح الشخصية.

وبحسب صحيفة "بوابة الوسط" الليبية، فإنّ التعهد الكتابي يشترط على المشاركين في منتدى الحوار السياسي "عدم الترشح أو قبول منصب رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، ورئيس وأعضاء الحكومة، والمناصب السيادية التي يكلف الملتقى بتقريرها، وذلك خلال الفترة التمهيدية التي تسبق الانتخابات... نزولاً عند رغبة الليبيين، ولإضفاء أكبر قدر من المصداقية، ولضمان عدم تضارب المصالح، وترسيخاً لمبدأ التداول السلمي للسلطة"، وفق ما جاء في التعهد.

اقرأ أيضاً: هل حُلّت أزمة النفط في ليبيا؟ وما موقف الإخوان؟

وقد أوضحت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنّ ملتقى الحوار السياسي الليبي يهدف بشكل عام إلى تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن، من أجل استعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية، بحسب بيان للبعثة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية