هل ينتظر اليمنيون أخباراً سارة قبل عيد الفطر؟

هل ينتظر اليمنيون أخباراً سارة قبل عيد الفطر؟

هل ينتظر اليمنيون أخباراً سارة قبل عيد الفطر؟


10/04/2023

منير بن وبر

قالت مصادر لوكالة الأنباء البريطانية “رويترز”، إن وفداً سعودياً عمانياً يعتزم زيارة العاصمة اليمنية صنعاء، عما قريب؛ للتفاوض بشأن اتفاق وقف إطلاق نار دائم مع الحوثيين. وفقاً للمصادر؛ فإن الإعلان عن الاتفاق -في حالة نجاح المفاوضات- سيتم قبل عيد الفطر المبارك، الذي يصادف العشرين من أبريل الجاري.

تأتي التطورات الحالية في الصراع اليمني بعد أشهر من دخول النزاع الطويل مرحلة جديدة تظهر استعداداً للتوصل إلى اتفاق سلام بين الأطراف المتحاربة؛ وهو استعداد مدفوع بعدة عوامل، منها شعور الأطراف المتنازعة بمستويات مختلفة من عدم إمكانية الاستمرار في القتال نتيجة استنزاف الأموال والإمدادات والخسائر البشرية. 

لقد كان استهداف الحوثيين موانئ تصدير النفط الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، أواخر العام الماضي، مؤشراً على يأسهم، ومحاولة لإجبار الحكومة على تلبية مطالبهم أو تحقيق انتصار رمزي. كان ذلك مؤشراً على أن النزاع يمكن أن يتصاعد بشكل عنيف، أو أن تلجأ الحكومة وداعميها إلى مفاوضات أكثر فعالية، مع زيادة جهود الوساطة الخارجية؛ وهو ما حدث بالفعل وقاد إلى المرحلة الحالية.

سياق آخر مهم أفضى إلى تزايد الزخم للمضي قدماً نحو حل الأزمة؛ هو الاتفاق السعودي- الإيراني لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وهو ما رفع الآمال بتسريع عملية السلام في اليمن عندما يكون الحوار بين الرياض وطهران مباشراً، ومبنياً على حسن النيَّات والاستعداد لتحقيق تقدم يفيد جميع الأطراف في المنطقة من أجل تحقيق تطلعات الدولتَين المهيمنتَين والمتنافستَين. 

لقد كان اللقاء التاريخي الذي جمع وزيرَي الخارجية السعودي والإيراني، الخميس، دليلاً واضحاً على ارتباط الأمور ببعضها، وأن جميع أدوات حل الأزمة اليمنية يتم استخدامها بالتوازي. ومع ذلك، حتى لو كانت جميع الأطراف مستعدة للتفاوض، فهذا لا يعني أنه سيتم التوصل إلى اتفاق سلام بسهولة أو بسرعة؛ حيث يمكن أن تكون المفاوضات طويلة وصعبة، وهناك حاجة مستمرة إلى مساعدة خارجية من الوسطاء؛ من أجل التوصل إلى اتفاق سلام طويل، وضمان استدامته، قبل الشروع في بناء اليمن المنهار.

جهود طويلة وصبورة

على الرغم من دخول الصراع في اليمن عامَه المؤلم الثامن؛ فإن الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي، ودول الجوار، لحل الأزمة، تزداد زخماً مؤخراً رغماً عن تحديات الحروب الداخلية -مثل اليمن- والتي من أبرزها تعرُّض جهود السلام إلى الانتكاسات المتكررة. عادة ما تكون عمليات السلام في الصراعات الشبيهة بالصراع اليمني عرضة للنكسات والارتداد إلى مربع الصراع من جديد ما لم يتم جمع المكونات المطلوبة جميعاً لتحقيق سلام مستدام، وهي مهمة شاقة وتتطلب تآزراً دولياً وإقليمياً، وشمولاً محلياً وسلاماً عادلاً.

يُعد التغلب على تطلعات توسُّع الحوثيين وقطع الدعم الخارجي عنه أحد أبرز العوامل التي يمكن أن تفضي إلى جمع أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات؛ من أجل إيجاد اتفاق سلام طويل، يلحقه سلام مستدام. لقد بذلت جميع الأطراف الداخلية والخارجية المنخرطة في الأزمة شوطاً كبيراً في هذا الشأن؛ حيث نجحت الحكومة الشرعية والقوات التي تم تشكيلها في الجنوب والتحالف العربي، في منع الحوثيين من التوسع جنوباً بعد سيطرتهم السريعة على أغلب شمال البلاد. كانت معارك عدن الضارية لإخراج الحوثيين منها، ومعارك مأرب الشرسة لإيقاف تقدمهم مؤخراً، أبرز الأمثلة على كيف تم رفع تكاليف النصر على الحوثيين لدرجة يصعب تحمُّلها.

من جانب آخر، لا شك أن تدفق الأسلحة إلى الحوثيين من إيران أحد العوامل الأكثر حسماً وحساسية في زيادة أمد النزاع ونطاقه. ولسنوات، بذل المجتمع الدولي والإقليمي جهوداً لمكافحة تهريب الأسلحة بحراً وبراً. كما نقلت التقارير، مؤخراً، وعوداً إيرانية بعدم تشجيع الحوثيين على شن المزيد من الهجمات العابرة للحدود، وذلك ضمن مساعي السعودية وإيران لإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما. تعد مسألة تزويد الحوثيين بالسلاح من إيران، على الرغم من نفي طهران، إحدى العُقد الأكثر صعوبة في نزع فتيل الأزمة بين الرياض وطهران والنزاع في اليمن. لكن التطورات الأخيرة في العلاقة بين البلدَين، ومسار الأزمة الحالي في اليمن، يُنبئ بأن تفاهماً مرضياً تم التوصل إليه بشق الأنفس.

ما الخطوة التالية؟

تشير المصادر إلى إن المناقشات المزمع القيام بها قريباً مع الحوثيين سوف تركز على إعادة فتح الموانئ والمطارات اليمنية بالكامل، ودفع أجور الموظفين العموميين، وعملية إعادة البناء، والانتقال السياسي. وفي حين أن تلك أهداف طموحة حقاً، إلا أن تحقيقها على الأمد المتوسط إلى الطويل ليس مستبعداً إذا ما تواصلت الجهود في السياق الصحيح، وإلى الاتجاه العادل لحل جميع القضايا الأخرى المرتبطة بالأزمة اليمنية.

إن الهدف الجوهري لتدخل المجتمع الدولي في الأزمة اليمنية هو حماية الناس ومساعدة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً على القيام بوظائفها؛ ومن أهمها القدرة على حماية مواطنيها وسيادتها. لذلك، فإن تحقيق سلام مستمر، والقضاء على مخاوف الانتكاسة، يتطلب القضاء على الأسباب التي قادت إلى التدخل. إن التأكد من معالجة جذور المشكلات التي تسبب الصراع في المقام الأول، هو الهدف النهائي للحرب والسلام العادل. 

يُرجح أن تركز المفاوضات التالية على إثبات حسن النيَّات؛ من خلال إيقاف التصعيد وإعادة فتح المطارات والموانئ، وتشجيع مستوى معقول من الأمن والنشاط الاقتصادي والحوكمة. وعلى الأغلب، سيتم إرجاء القضايا الأكثر حساسية؛ مثل مشكلة السلاح بيد الحوثيين، وشكل الدولة المستقبلي، والقضية الجنوبية، إلى مراحل متقدمة مبنية على الالتزامات التي سيتم الحصول عليها ومراقبة مدى نجاحها. أما مسألة إعادة الإعمار والبناء الاقتصادي والاجتماعي فهي التزام أخلاقي عالمي وليست مكسباً تفاوضياً. ومع ذلك، لن يكون ذلك فعالاً، ولن يسهم في بناء دولة مستقرة؛ ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للنزاع ومحفزاته، وهو أمر يتطلب الكثير من الوقت والجهد والنزاهة والمسؤولية، كما ينبغي أن يكون مبنياً على العدالة والشمول.

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية