هل ينجح الصومال بالقضاء على حركة الشباب بعد الدعم الإقليمي والأمريكي؟

هل ينجح الصومال بالقضاء على حركة الشباب بعد الدعم الإقليمي والأمريكي؟

هل ينجح الصومال بالقضاء على حركة الشباب بعد الدعم الإقليمي والأمريكي؟


26/04/2023

يلعب الدعم الدولي والإقليمي، لا سيّما الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للصومال مؤخراً، دوراً محورياً في عملية المواجهة الأمنية ضد حركة الشباب، وقد بدت آثاره تظهر جلية خلال الأشهر الماضية، من خلال توسيع العمليات الأمنية والضربات الاستباقية لعناصر الحركة في مناطق مختلفة ونجحت بتحجيم تواجدهم داخل مساحات واسعة من البلاد، وتشير التقديرات إلى تقدم أكثر قوة للقوات العسكرية المحلية خلال الأشهر المقبلة بمواجهة الحركة الإرهابية التي تمر بحالة خفوت عملياتي كبير.

والسبت الماضي، قتل ما لا يقلّ عن (18) شخصاً من عناصر الحركة، خلال مواجهة مع الأمن إثر إحباط هجوم شنته الحركة على إحدى المناطق النائية، بحسب مسؤول بالجيش، تحدث لوكالة (أسوشييتد برس).

ويواصل الجيش الصومالي في الوقت الراهن تنفيذ عمليات واسعة في كافة أرجاء البلاد، بدعم من قوات أمريكية وإقليمية، لمواجهة تمدد الحركة، وفق خطة استراتيجية أعلن عنها منذ عدة أشهر تهدف لتقليص العمليات ونقل المواجهة إلى المناطق النائية بعد أن نفذت الحركة عدة عمليات بقلب العاصمة.

وفي هذا الصدد تناولت دراسة حديثة صادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة فرص نجاح الجهود العسكرية والأمنية في دحر نشاط الحركة، في ضوء الدعم الأمريكي والإقليمي المقدم لها مؤخراً.

تطور عملياتي

تحت هذا العنوان استعرضت الدراسة أهم خطوط المواجهة الأخيرة بين الجيش الصومالي والقوات الدولية، مع حركة الشباب، ونتائج العمليات الاستباقية التي نفذتها القوات، مشيرة إلى أنّ مقديشو، في المرحلة الحالية، تستعدّ لبدء المرحلة الثانية من هذه الحملة العسكرية، مع التركيز على الانتقال نحو معاقل الحركة في الجنوب الصومالي.

يواصل الجيش الصومالي في الوقت الراهن تنفيذ عمليات واسعة في كافة أرجاء البلاد

وفي هذا الصدد، تشير الدراسة إلى التقدم الميداني الملحوظ الذي حققته القوات على الأرض، وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية نهاية آذار (مارس) الماضي خسارة حركة الشباب نحو ثلث المناطق التي كانت تسيطر عليها، في مؤشر على نجاح المرحلة الأولى من الحرب التي تشنها القوات الصومالية، المدعومة من واشنطن والميليشيات العشائرية، كما شهدت الفترة الأخيرة استسلام عدد من قادة وعناصر حركة الشباب.

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، نهاية آذار (مارس) الماضي، خسارة حركة الشباب نحو ثلث المناطق التي كانت تسيطر عليها

وبحسب الدراسة، ساعدت عدة عوامل في تهيئة الظروف أمام تقدم القوات الحكومية؛ أبرزها مبالغة حركة الشباب في التمدد تجاه مقديشو، واستعداء العشائر في وسط الصومال من خلال فرضها ضرائب باهظة على المجتمعات المحلية، غير أنّ القوات الحكومية قد تواجه في إطار استعدادها للمرحلة الثانية من الحرب ضد الحركة تحديات متزايدة، خاصة أنّ العشائر الجنوبية لا تبدي الاستياء ذاته من حركة الشباب، لذا تعمل مقديشو حالياً على الاستعانة بالدعم الإقليمي والدولي لتعزيز فرص نجاحها في هذه المرحلة.

تحديات أمام العمليات الأمنية

على الرغم من سيطرة القوات الحكومية على مناطق استراتيجية في وسط الصومال، على غرار مركز عمليات الحركة بـ "أدان يابال" بشبيلي الوسطى، وبلدتي "سيل دهيري" و"هاراردير" الاستراتيجيتين بغلجدود وغيرها من المناطق المهمة، إلا أنّ الهجمات المستمرة التي تشنها حركة الشباب ما تزال تُظهر أنّها قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالمناطق التي فقدتها، وفق ما أوردته الدراسة.

على سبيل المثال، شنّت الحركة أكثر من (12) هجوماً إرهابياً تسببت في خسائر كبيرة في بلدات وسط الصومال في كانون الثاني (يناير) الماضي.

كما استهدفت الحركة مطلع نيسان (أبريل) الماضي قافلة لقوات بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)، وذلك بعد أيام من الكمين الذي نصبته الحركة لمجموعة من قوات النخبة الصومالية (داناب)، الذين تم تدريبهم من خلال القوات الأمريكية، وهو ما أسفر عن مقتل عدد منهم.

من ناحية أخرى، ما تزال حركة الشباب تتمتع بقدرة على التحول نحو حرب العصابات التي تجيدها حال تعرضها لضغوط عسكرية كبيرة.

شنّت الحركة أكثر من (12) هجوماً إرهابياً تسببت في خسائر كبيرة في بلدات وسط الصومال في كانون الثاني (يناير) الماضي

وفي هذا السياق، أشارت تقارير إلى أنّ حركة الشباب تبدي درجة كبيرة من المرونة والتكيف مع الحملة العسكرية التي تشنها الحكومة الصومالية، فإلى جانب تكثيف هجماتها العسكرية ضد المناطق التي استعادها الجيش الصومالي في الوسط، وكذا على العاصمة مقديشو، بدأت حركة الشباب في تغيير نهجها تجاه السكان، من خلال تبنّي سياسات تصالحية معهم لضمان عدم مشاركتهم في دعم القوات الحكومية ضدهم.

أبعاد الدعم الدولي والإقليمي

اتجهت مقديشو لتشكيل تحالف موسع يضم قوى إقليمية ودولية لمحاصرة حركة الشباب، وقد عقد رؤساء دول الجوار الصومالي، إثيوبيا وجيبوتي وكينيا، قمة رباعية استثنائية في مقديشو مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مطلع شباط (فبراير) الماضي.

ساعدت عدة عوامل في تهيئة الظروف أمام تقدم القوات الحكومية، أبرزها مبالغة حركة الشباب في التمدد تجاه مقديشو، واستعداء العشائر في وسط الصومال، من خلال فرضها ضرائب باهظة على المجتمعات المحلية

وكان مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي حسن شيخ علي قد أعلن في آذار (مارس) الماضي أنّ دول الجوار الـ (3)، إثيوبيا وكينيا وجيبوتي، سترسل قوات أخرى، خارج مشاركتها في قوات بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (أتميس)، لدعم القوات الصومالية في المرحلة الثانية من الحرب ضد حركة الشباب.

وفي هذا السياق، أعلنت تقارير محلية فعلاً وصول بضعة آلاف من القوات الإثيوبية إلى الصومال خلال الأيام الأخيرة، بنهاية الشهر نفسه، في إطار مساعدة أديس أبابا للجيش الصومالي في المرحلة الثانية للحملة العسكرية الشاملة ضد حركة الشباب، وتتركز القوات الإثيوبية في منطقة هيران.

تنامي الدعم الأمريكي

الولايات المتحدة كثفت أيضاً خلال الفترة الأخيرة من دعمها العسكري للحكومة الصومالية في حربها ضد حركة الشباب، فقد استقبل مطار مقديشو مطلع آذار (مارس) طائرة تابعة للقوات الجوية الأمريكية تحمل شحنة كبيرة من المعدات العسكرية. كما زادت القوات الصومالية من ضرباتها الجوية ضد معاقل الحركة، وهو ما أدى إلى استعادة مناطق واسعة في هيران وشبيلي الوسطى وغلجدود ومودوغ، بحسب الدراسة.

يتوقع أن يتمكن الصومال من محاصرة حركة الشباب في الجنوب الصومالي من عدة جهات، في ظل التنسيق الراهن بين الصومال وجيرانها في القرن الأفريقي، فضلاً عن الدعم الأمريكي المتزايد، الأمر الذي سيزيد من الضغوط العسكرية على الحركة ويضعف نفوذها

ورجحت تقديرات وجود تنسيق بين بعض دول القرن الأفريقي وواشنطن بحيث تزيد الأخيرة من ضرباتها الجوية ضد حركة الشباب، بالتزامن مع الهجمات الشاملة المرتقبة ضد معاقل الحركة في الجنوب، يدعم ذلك وصول عدد من عناصر القوات الخاصة الأمريكية إلى بلدة (محاس) بإقليم هيران، نهاية آذار (مارس) الماضي، وانضمامهم إلى الجيش الصومالي.

 دعم إماراتي واسع

من جهتها، تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة دعماً للحكومة الصومالية في حربها ضد حركة الشباب، فقد حضر الرئيس حسن شيخ محمود في 19 آذار (مارس) حفل تخرج دفعة جديدة من القوات الصومالية التي حصلت على تدريبات عسكرية في أوغندا، تمهيداً لانضمامها للمرحلة الثانية من الحرب ضد حركة الشباب، ووجّه شيخ محمود الشكر إلى أبوظبي على تحملها تكاليف تدريب هذه القوات الصومالية، والتي تم إرسال الكثير منها خلال الأشهر الأخيرة للتدريب في الدول المجاورة.

ما الانعكاسات المحتملة

تشير الدراسة إلى جملة من السيناريوهات المتوقعة انعكاساً للجهود الأمنية الراهنة ضد الحركة؛ أبرزها تطويق حركة الشباب، وتمتاز الحرب الراهنة ضد الشباب عن الحملات السابقة بأنّها تتسم بتعاون واسع بين القوات الحكومية والميليشيات العشائرية المحلية، وهو ما سمح للجيش الصومالي بالتغلغل داخل المناطق الريفية، بخلاف الحملات السابقة التي ركزت فيها القوات الحكومية على تأمين المدن بالأساس.

الولايات المتحدة كثفت خلال الفترة الأخيرة من دعمها العسكري للحكومة الصومالية في حربها ضد حركة الشباب

كما يتوقع أن يتمكن الصومال من محاصرة حركة الشباب في الجنوب الصومالي من عدة جهات، في ظل التنسيق الراهن بين الصومال وجيرانها في القرن الأفريقي، فضلاً عن الدعم الأمريكي المتزايد، الأمر الذي سيزيد من الضغوط العسكرية على الحركة ويضعف نفوذها.

وختاماً؛ ترى الدراسة أنّ هناك تحركات دولية وإقليمية جادة لتقويض نفوذ حركة الشباب في الصومال، ولذا يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو ضمان الاستقرار طويل المدى في المناطق التي تستعيدها من الحركة، إذ أنّ الميليشيات العشائرية التي تنخرط في دعم القوات الحكومية تتوقع التزام مقديشو بتنفيذ تعهداتها الخاصة بتوفير كافة الخدمات وتطوير هذه المناطق، لذا فإنّ أيّ نكوص حكومي عن هذه التعهدات سيقوض كثيراً من ثقة العشائر فيها، وسيفتح المجال أمام تركها القتال ضد حركة الشباب، بما يفتح الباب أمام عودة الحركة إلى هذه المناطق مرة أخرى.

مواضيع ذات صلة:

الصومال وتغيير النظام الانتخابي: ماذا في جعبة الرئيس؟

أزمة الصومال على طاولة مجلس الأمن الدولي.. هذه أبرز الملفات

الصومال: الإرهابيون يخترقون أجهزة الأمن والمخابرات



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية