3 أعياد يهودية تخنق المقدسيين وتشلّ حركة الحياة اليومية

3 أعياد يهودية تخنق المقدسيين وتشلّ حركة الحياة اليومية


01/10/2020

القدس الشريف، مدينة الجمال والسلام، لكنّها لم ترَ سلاماً يوماً واحداً، بفعل ممارسات الاحتلال، التي تنغّص حياة المقدسيين، وتُعدم مظاهر الحياة اليومية لديهم، في الوقت الذي يعيش فيه المستوطنون وجماعات اليمين المتطرف رخاءً لأبعد الحدود؛ حيث تتيح لهم القوات الحماية، ويعيثون في الأرض تهويداً وتدميراً، دون رادع يوقفهم.

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحظر ممارسة الأعمال اليومية خلال فترة الأعياد، وتمنع تحرّك المركبات في المدينة المقدسة، إضافة إلى نصب الحواجز والبوابات الحديدية، على مداخل الأحياء ومخارجها

وإذ انتقلنا للفترة الزمنية الممتدة من يوم ١٨ من شهر أيلول (سبتمبر) الجاري، وصولاً إلى يوم ١٣ من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، فإنّ مدينة القدس، بكافة أحيائها وبلداتها ومعالمها وسكانها، تشهد أقسى سياسات الظلم والاعتداء الإسرائيلي وأمرّها؛ فعلى مدار هذه الأيام يحتفل اليهود بثلاثة أعياد متتالية، وهي: "رأس السنة العبرية، ويوم الغفران، وعيد العرش"، والتي تعدّ بمثابة سيف يسلَّط على رقاب سكان المدينة المقدسة، ويتحوّل إلى جحيم يعكّر صفو حياتهم، ويتسبّب بشلل تامّ لكافة مظاهر حياتهم اليومية.

تعيش مدينة القدس الشريف خلال أعياد اليهود أياماً شديدة القسوة

وتعيش مدينة القدس الشريف خلال أعياد اليهود أياماً شديدة القسوة، حيث تحاصر بلداتها، ويشدد الخناق على سكانها، فقوات الاحتلال تغلق كافة الأحياء، وتفرض عليها طوقاً أمنياً مشدداً، وتمنع السكان من الدخول أو الخروج.

فيما تسمح قوات الاحتلال للمستوطنين، واليمين المتطرف، بالتنقّل واقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، بذريعة ممارسة طقوسهم الدينية.

إغلاق واعتداء

في الوقت الذي يستبيح فيه اليهود المتطرفون قدسية المسجد الأقصى المبارك وحرمته، لتأدية طقوسهم التلمودية، خلال أعيادهم الثلاثة، تمعن قوات الاحتلال بفرض إجراءات أمنية مشدّدة، وممارسة اعتداءات متصاعدة ضدّ المقدسيين داخل البلدة القديمة، وكافة البلدات والأحياء المقدسية، وحتى الوصول إلى المسجد الأقصى.

اقرأ أيضاً: لماذا أضحى جيل التسعينيات في غزة جيلَ التعساء والمنكوبين؟

وأكثر الأحياء والبلدات المقدسية الكبيرة تضرراً من ذلك، الواقعة بمحاذاة المستوطنات في مدينة القدس، منها: قرى العيسوية، وصور باهر، وحي جبل المكبر، وبلدة سلوان.

ويؤكّد عضو لجنة الدفاع عن أهالي بلدة سلوان المقدسية، فخري أبو دياب، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ الأعياد اليهودية هي كابوس يؤرق مدينة القدس الشريف، والمسجد الأقصى المبارك، لكثرة أعداد المقتحمين من المستوطنين واليهود المتزمتين، الذين يأتون للصلاة في البلدة القديمة وداخل حائط البراق.

السلطات الإسرائيلية تحظر ممارسة كافة الأعمال اليومية خلال فترة الأعياد

ويمضي أبو دياب قائلاً: "خلال الأعياد يغلق الجيش الإسرائيلي الشوارع بالحواجز والمكعبات الإسمنتية، ولا نستطيع التحرك، سواء سيراً على الأقدام أو من خلال المركبات، لإتاحة الفرصة أمام المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق بشكل مكثف، وبأعداد كبيرة؛ ففي بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، حيث أعيش، ويقتحم المستوطنون في عيد رأس السنة العبرية منطقة عين سلوان التاريخية، لإلقاء ذنوبهم في نبع العين، كما يزعمون".

اقرأ أيضاً: ما تداعيات العلاقة بين حماس وحزب الله على القضية الفلسطينية؟

وتقتحم قوات الاحتلال منازل المقدسيين، لاعتلاء أسطحها، خاصة القريبة من مستوطنات الاحتلال الجاثمة على أراضي بلدات وأحياء المدينة المقدسة، وذلك لتشديد الحماية الأمنية للمستوطنين والمقتحمين، وذلك بحسب أبو دياب.

ويشير عضو لجنة الدفاع عن أهالي سلوان إلى أنّ الاحتلال يضع الأعلام على أسوار القدس، والمسجد الأقصى المبارك، لمحاولة فرض الصبغة التهويدية، واللون الإسرائيلي داخل البلدة القديمة، والحرم القدسي الشريف خلال فترة الأعياد.

شلل تامّ

ممارسات الاحتلال خلال الأعياد لا يقتصر جحيمها على السكان المقدسيين، ومنعهم من التنقل، وإغلاق بلدانهم يشكل كامل، بالحواجز والمكعبات الإسمنتية، بل تتحوّل لسيف مسلَّط على رقاب التجار، وأصحاب المحلات التجارية في البلدة القديمة بمدينة القدس، وكافة البلدات والأحياء المقدسية.

 يجبر الاحتلال تجار القدس على إغلاق محالهم، ومغادرة الأسواق والبلدة القديمة حتى تنتهي فترة الأعياد اليهودية

عضو لجنة تجار القدس، أحمد دنديس، يمتلك محلاً تجارياً في أزقة وممرات باب العامود، أهم أبواب سور المسجد الأقصى وأبرزها، يجبره الاحتلال، هو وتجار القدس، على إغلاق محالهم، ومغادرة الأسواق والبلدة القديمة، حتى تنتهي فترة الأعياد اليهودية، التي يصفها تجار القدس باللعنة، لما تسبّبه من حركة شلل تامّ للأنشطة الاقتصادية، وانعدام الحركة التجارية، إلى جانب الاعتداءات اليومية، لمنعهم من الوصول إلى أسواق القدس العتيقة العريقة.

اقرأ أيضاً: بالونات غزة الحارقة تضغط على عصب الاحتلال الإسرائيلي

ويبين دنديس؛ أنّ شرطة الاحتلال تغلق شوارع البلدة القديمة، مع بداية الأعياد اليهودية، وذلك بداية من حائط البراق، وحتى منطقة باب الأسباط، فيما تجبر التجار وأصحاب المحلات التجارية في هذه المناطق على إغلاق المحلات التجارية، وذلك لتأمين تنقّل المستوطنين واليهود المتطرفين.

ويقول التاجر المقدسي: إنّ "الأعياد اليهودية تشلّ الحركة التجارية داخل أسوار البلدة القديمة، نتيجة إغلاق شوارع البلدة القديمة، وأكثر الأسواق تضرراً من الإغلاق، الموجودة داخل أبواب أسوار المسجد الأقصى المبارك، وأبرزها: أسواق السلسلة، والواد، وسوق القطانين، وطريق المجاهدين".

معاناة التنقل في مدينة القدس

ومن جهته، يقول الناشط المقدسي، عبد الرحمن الخطيب، في حديثه لـ "حفريات": "خلال فترة الأعياد اليهودية نعاني كثيراً أثناء التنقل في مدينة القدس؛ حيث إنّ الشرطة الإسرائيلية تنتشر بشكل كثيف داخل شوارع، البلدة القديمة وأحيائها، وتمنع حركة المقدسيين، ومغادرتهم منازلهم، خاصة سكان المناطق القريبة من البؤر الاستيطانية، لتسهيل حركة المستوطنين لاقتحام الحرم القدسي، للاحتفال بأعيادهم، وأداء الصلوات التلمودية داخله.

المواطن المقدسي عمار محمود، يقول لـ"حفريات" إنّه لم يتمكّن من الذهاب إلى عمله وبيع الكعك، نتيجة إغلاق الطرقات بين الأحياء في مدينة القدس تزامناً مع الأعياد اليهودية

 ويضيف: "هذا العام تختلف الأعياد اليهودية عن كافة الأعياد خلال الأعوام الماضية، خاصة أنّها تزامنت مع قرار الحكومة الإسرائيلية فرص حظر التجوال ٣ أسابيع لمواجهة فيروس كورونا، وبدأ تنفيذ الحظر مع بدء الاحتفال بالأعياد، مما يزيد قسوة الإجراءات، والممارسات الإسرائيلية، ومضاعفة سياسة تشديد الإغلاقات، وقيود الحركة على التجار والمواطنين، وأصحاب الدخل اليومي بالمدينة".

 الشرطة الإسرائيلية تنتشر بشكل كثيف داخل شوارع البلدة القديمة وأحيائها

وينوّه إلى أنّ السلطات الإسرائيلية تحظر ممارسة كافة الأعمال اليومية خلال فترة الأعياد، وتمنع تحرّك المركبات في شتى مناطق المدينة المقدسة، إضافة إلى نصب الحواجز والبوابات الحديدية، على مداخل الأحياء ومخارجها، وسط انتشار الجنود على مداخل خارج المدينة.

عمار محمود، مواطن مقدسي يبيع الكعك في منطقة باب العامود منذ ما يزيد عن (20 عاماً)، إلا أنّه لم يتمكّن من الذهاب إلى عمله وبيع الكعك، نتيجة إغلاق الطرقات بين الأحياء في مدينة القدس تزامناً مع الأعياد اليهودية.

اقرأ أيضاً: خبراء لـ "حفريات": غزة أصبحت بيئة خصبة للانتحار

ويقول في حديثه لـ "حفريات": "نحن نعتمد على الدخل اليومي، واليوم الذي لا نعمل به لا نأكل، ومنذ بدء الأعياد اليهودية لم أتمكّن من الذهاب إلى المكان الذي أبيع به الكعك، نظراً لصعوبة الوصول إليه، بسبب الحواجز المنتشرة وفرص قيود على حركة المواطنين المقدسيين، بذريعة إفساح المجال أمام المستوطنين للاحتفال بأعيادهم."

ويضيف بائع الكعك الفلسطيني: "معاناتنا لا تنتهي، فالسلطات الإسرائيلية تسعى إلى إفراغ المدينة من سكانها الأصليين، من خلال تشديد الخناق علينا، وتعطيل أعمالنا اليومية، وتجويعنا، لإجبارنا على ترك مدينة القدس، والبحث عن مكان آخر، لكنّنا لن نسمح لهم بتنفيذ تلك المخططات، وسوف نصمد أمام كافة المحاولات الساعية لتهجيرنا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية