بالونات غزة الحارقة تضغط على عصب الاحتلال الإسرائيلي

بالونات غزة الحارقة تضغط على عصب الاحتلال الإسرائيلي


16/08/2020

شهدت الفترة الماضية هدوءاً نسبياً على الحدود الشرقية لقطاع غزة، بعد تجميد فعاليات مسيرات العودة، وإلغاء كافة أشكال المقاومة الشعبية "الأدوات الخشنة"، وذلك تطبيقاً لبنود التهدئة غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، برعاية "جمهورية مصر العربية، وقطر، والأمم المتحدة".

وكان من المفترض أن يمنح الاحتلال الإسرائيلي سكان قطاع غزة تسهيلات اقتصادية، ورفع الحصار تدريجياً، مقابل تجميد المظاهرات الأسبوعية على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة "مسيرات العودة"، وكافة أدوات المقاومة الشعبية، ووقف إطلاق الصواريخ تجاه المستوطنات المحاذية للسياج الأمني الفاصل شرق القطاع، والتي يطلق عليها اسم "مستوطنات غلاف غزة".

اقرأ أيضاً: سلطتان في غزة ورام الله لحكم الفلسطينيين: أما لهذا العذاب من نهاية؟

وبسبب عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ كافة البنود المتفق عليها، فعّلت حركة حماس أبرز أساليب المقاومة الشعبية "البالونات الحارقة"، والتي تعدّ خطورتها أشدّ من الصواريخ.

 بالونات تحمل مواد متفجرة

وتسبّبت تلك البالونات، التي تحمل مواد متفجرة وحارقة، بحرائق في الأحراش، والأراضي الزراعية في المستوطنات، الأمر الذي يكبّد الاحتلال الإسرائيلي خسائر مالية كبيرة.

وتعدّ البالونات الحارقة من "الأدوات الخشنة"، التي استخدمها  المتظاهرون في مسيرات العودة، وكسر الحصار على حدود قطاع غزة، للضغط على الاحتلال الإسرائيلي برفع الحصار عن القطاع.

تسبّبت تلك البالونات بحرائق في الأحراش، والأراضي الزراعية في المستوطنات

وحذّر جيش الاحتلال الإسرائيلي  من استمرار إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، تجاه مستوطنات الغلاف، وقال وزير جيش الاحتلال الاسرائيلي، بيني غانتس، ورئيس أركانه، أفيف كوخافي، خلال جلسة نقاش بين الطرفين؛ إنّ ذلك سيؤدي إلى ردّ عنيف، حتى لو وصل إلى تصعيد.

أحد أعضاء وحدة البالونات الحارقة لـ "حفريات": تأسست وحدة البالونات الحارقة قبل عامين للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتخفيف الحصار عن سكان القطاع، وتوفير حياة كريمة للناس

وأوردت القناة الـ "12" العبرية؛ أنّ "إسرائيل" نقلت رسالة تهديد لحركة حماس، مفادها أنّها إذا لم تتوقف عن إطلاق البالونات، فإنّ "إسرائيل" ستصعّد من ردودها.

وقصفت الطائرات الإسرائيلية، خلال الأيام الماضية، مواقع تتبع للمقاومة الفلسطينية، وأراضٍ زراعية فارغة، رداً على استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع، إضافة إلى التحليق المستمر لطائرات الاستطلاع، التي لا تفارق سماء القطاع.

وأطلقت المقاومة في قطاع غزة، يوم الإثنين، عدة صواريخ تجريبية تجاه البحر، ورصدت وسائل إعلام عبرية إطلاق تلك الصواريخ ، وقالت إنّ حركة حماس تعمل على تعزيز قدراتها الصاروخيّة.

يُشار إلى أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت معبر كرم أبو سالم، ومنعت إدخال البضائع إلى القطاع، إضافة إلى إغلاق البحر  بسبب إطلاق البالونات الحارقة.

وسيلة ضغط

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي، رامي حلس، لـ "حفريات": إنّ "الفصائل الفلسطينية تحاول استخدام أيّ أسلوب من أساليب المقاومة الشعبية كوسيلة ضغط على الاحتلال الإسرائيلي، للالتزام باتفاقيات التهدئة، ومنح سكان قطاع غزة تسهيلات اقتصادية جديدة، وإدخال الأموال القطرية".

اقرأ أيضاً: هل فشل الإسلام السياسي في غزة.. ولماذا؟

ويضيف: "استخدام البالونات الحارقة للضغط على الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من  استئناف فعاليات مسيرات العودة؛ لأنّها أقل تكلفة في الأرواح والجهد، ولها تأثير أقوى بكثير من المسيرات الأسبوعية، لأنّها تسبب خسائر اقتصادية كبيرة، وعدم الاستقرار الأمني في "إسرائيل"".

تعدّ البالونات الحارقة من "الأدوات الخشنة"

ويتابع: "خيار شنّ حرب "إسرائيلية" مفتوحة على قطاع غزة أمر غير مستبعد، خاصة بالتزامن مع تهديدات قادة الجيش الإسرائيلي، لكنّه غير قابل للتنفيذ في الوقت الراهن، وذلك لعدم عرقلة سير خطة ضمّ الضفة الغربية التي كان من المقرر تنفيذها الشهر الماضي".

ويرى أنّ عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي بالتفاهمات يأتي في سياق سياسته المعروفة بعدم احترام المواثيق والعهود، إضافة إلى تشديد سياسة الخناق على القطاع، وارتباطها بالخلافات الشخصية داخل "إسرائيل"".

إرضاء الجمهور الإسرائيلي

من جهته، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، رياض العيلة، في تصريح لـ "حفريات": إنّ "تهديدات قادة الاحتلال الإسرائيلي بشنّ عدوان كبير على قطاع غزة، وتصفية قادة حركة حماس، رداً على إطلاق البالونات الحارقة، مجرد تصريحات  إعلامية لإرضاء الجمهور الإسرائيلي، خاصة سكان غلاف غزة، الذين عبّروا عن غضبهم من استمرار إطلاق البالونات دون إيجاد حلول".

المحلل السياسي أحمد عوض: التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع في أجواء غزة الأيام الماضية، يدلّ على أنّها تبحث على شخصية ذات وزن في فصائل المقاومة لتصفيتها

ويضيف: "من الواضح أنّ الردّ الإسرائيلي على إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، لن يصل إلى حدّ شنّ عدوان واسع على القطاع؛ حيث إنّ جيش الاحتلال يكتفي باستهداف أراضٍ زراعية، ومواقع عسكرية فارغة، وذلك لإرضاء المستوطنين الذين يتضررون بشكل مباشر من إطلاق البالونات".

ويلفت إلى أنّ حركة حماس تعمدت استئناف إطلاق البالونات الحارقة على المستوطنات الإسرائيلية، لتكون ورقة ضغط على  الاحتلال الإسرائيلي، لتنفيذ بنود التهدئة، مشيراً إلى أنّها تسعى لزيادة التوتر في منطقة غلاف غزة، لتحقيق أهدافها وإدخال الأموال.

لكنّ الكاتب والمحلل السياسي، أحمد عوض، يرى أنّه "في حال عدم توصل الاحتلال الإسرائيلي إلى حلّ نهائي  لإنهاء إطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة، فإنّه من المحتمل توجيه ضربة قوية لغزة، خاصة بعد التهديدات المتتالية من قِبل قادة الجيش، والحكومة الإسرائيلية".

اقرأ أيضاً: الانتظار في رام الله وشراء الوقت في غزة

ويشير، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع في أجواء غزة الأيام الماضية، يدلّ على أنّها تبحث على شخصية ذات وزن في فصائل المقاومة لتصفيتها، وجرّ قطاع غزة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، قد تستمر عدة أيام، أو حتى أسابيع".

حركة حماس تعمدت استئناف إطلاق البالونات الحارقة على المستوطنات الإسرائيلية، لتكون ورقة ضغط على  الاحتلال الإسرائيلي

حركة حماس أطلقت صواريخ تجريبية نحو البحر لإرسال رسالة للاحتلال الإسرائيلي بأنّه في حال ارتكاب جرائم بحقّ الفلسطينيين، فإنّ المسار الجديد لإطلاق الصواريخ تجاه المدن، والبلدات المحتلة سيكون من البحر"، يقول عوض.

وتنتشر مجموعات شبابية على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، يطلقون على أنفسهم وحدة البالونات الخارقة، يخفون أوجههم بالكوفية الفلسطينية، يجهزون البالونات المحملة بمواد حارقة وتحملها الرياح إلى المستوطنات المحاذية، لتلحق الضرر بداخلها. 

وحدة البالونات الحارقة

ويقول أحد أعضاء وحدة البالونات الحارقة لـ "حفريات": "تأسست وحدة البالونات الحارقة قبل عامين للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتخفيف الحصار عن سكان القطاع، وتوفير حياة كريمة، وبداية العام أوقفنا أنشطتنا بعد توقيع اتفاق التهدئة، لتخفيف الحصار عن أبناء شعبنا". 

اقرا أيضاً: هل تساءلت يوماً كيف أدارت حماس قطاع غزة؟ وهل هي شريكة بمأساة أهل القطاع؟

ويضيف الشاب، الذي فضّل عدم الإفصاح عن اسمه، لدواع أمنية: "بعد مماطلة الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ بنود اتفاق التهدئة تمّ استئناف العمل من جديد، ونتواجد بشكل يومي بهذا المكان لتجهيز البالونات، وتزويدها بالمواد الحارقة وإطلاقها نحو غلاف غزة، لإحداث حرائق بداخلها، حيث إنّنا نعمل بشكل تطوعي، ولا نحصل على مقابل مادي".

ويبين أنهم يريدون من خلال إطلاق البالونات الحارقة إيصال رسالة للاحتلال الإسرائيلي، بأنّه "كما يعاني سكان قطاع غزة من الحصار المفروض عليهم منذ ما يزيد عن ثلاثة عشر عاماً، فإنّ سكان مستوطنات غلاف غزة سوف يعانون من انعدام الأمن والخوف، وستتعرض حياتهم للخطر".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية