5 محللين جزائريين يصرحون لـ "حفريات" بمخاوفهم من انقلاب مالي

5 محللين جزائريين يصرحون لـ "حفريات" بمخاوفهم من انقلاب مالي


01/09/2020

يرى 5 محللين جزائريين أنّ الانقلاب الأخير في دولة مالي يشي بمناورة وحزمة تداعيات، ويذهب من تحدثوا لـ "حفريات" إلى أنّ عدم حلحلة الأزمة المالية، ينذر بانعكاسات خطيرة على الجزائر ودول الجوار.

يبدي الوزير الجزائري السابق للسياحة، عبد القادر بن قرينة، قلقه إزاء الوضع في مالي، معتبراً أنّ الاضطراب الحاصل "يمسّ الأمن الإقليمي ويعطي الفرصة لأجندات الاختراق والتلاعب والتدخّل، والمسّ بسيادة الدول واستقلالها ونهب ثرواتها"، وعليه يؤكّد بن قرينة أنّه لا بدّ على أطراف النزاع في دولة مالي "من احترام النظام الدستوري والاحتكام إلى الشرعية الشعبية والتعاون المشترك بين دول المنطقة، في ظلّ الشرعية والقانون". 

يبدي الوزير الجزائري السابق للسياحة، عبد القادر بن قرينة، قلقه إزاء الوضع في مالي، معتبراً أنّ الاضطراب الحاصل "يمسّ الأمن الإقليمي ويعطي الفرصة لأجندات الاختراق والتلاعب والتدخّل

وركّز بن قرينة على أنّ الانقلاب العسكري في الجارة مالي وعلى ضوء تطور الأحداث بالدولة الصديقة، وأمام التجاذبات والصراعات المتفاقمة، فإنّه مرشّح لإفراز آثار سلبية على استقرار وأمن مالي وجيرانها بكلّ ما يشكّله ذلك من تداعيات خطيرة، ليس على الجزائر فحسب، بل على دول المنطقة.

معارضو كيتا عبّروا عن استيائهم من مواقف نظامه إزاء قضايا كثيرة

وتفادياً لأيّ انزلاق خطير من شأنه أن يضرّ بمالي وشعبه، دعا بن قرينة، الذي يقود حركة البناء الوطني، أبناء المجتمع المالي بكلّ أطيافه إلى ترجيح الحكمة وتحكيم العقل، ومباشرة حوار شفاف قائم على الاحترام والثقة المتبادلة، يشكّل قاعدة للمصالحة، وينزع فتيل النزاع، في سبيل استرجاع استقرار مالي والحفاظ على وحدتها. 

من جانبه، يذهب الدكتور عبد الله طمين، سفير النوايا الحسنة في مجال السلم وحقوق الإنسان في العالم، إلى أنّ شرح تداعيات الانقلاب العسكري الأخير على الرئيس المالي وحكومته، في 18 آب (أغسطس)، يفرض الرجوع قليلاً إلى الوراء، وتحديداً الصراع المسلح الذي عاشته منطقة شمال مالي، منذ 16 كانون الثاني (يناير) 2012، وشمل الأجزاء الشمالية والجنوبية لمالي، وانتهى بإطاحة الرئيس أمادو توماني توري، إثر انقلاب عسكري قاده النقيب مادو سانوغو، الذي أعلن آنذاك إقامة دولة أزواد مستقلة ذات مرجعية دينية اسلامية بتأييد من الجماعات الإسلاموية وبمعارضة فرنسية، جعلتها تتدخل عسكرياً بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، وانتهت الحرب في العشرين من شباط (فبراير) 2015، بعد وقف إطلاق النار، في الثامن عشر من حزيران (يونيو) 2013.

اقرأ أيضاً: سلطة الظل في مالي.. تعرف إلى الداعية محمود ديكو

ويسجّل طمين: "في 18 آب (أغسطس) 2020 حدث انقلاب عسكري جديد في ظرف سياسي عالمي متميز، والأمر غير مفصول عن موجات متتالية من المظاهرات بقيادة حركة "5 يونيو" المعارضة وعدد من المستقلين، منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت في آذار (مارس) الماضي، وفاز فيها حزب الرئيس كيتا ورفضتها المعارضة".

المتضرّر الأكبر 

يحيل طمين إلى أنّ معارضي كيتا عبّروا عن استيائهم من مواقف نظامه إزاء قضايا كثيرة، وعلى رأسها تدهور الوضع الأمني، وعجز حكومته عن وقف العنف في البلاد، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي، وفشل خدمات الدولة، وتفشي الفساد، ما يفسّر خروج عشرات آلاف المتظاهرين، منذ حزيران (يونيو) الماضي، إلى شوارع بماكو، مطالبين كيتا بالاستقالة، بسبب ما يقولون إنّها إخفاقاته في معالجة تدهور الوضع الأمني وتفشي الفساد، وجاء الانقلاب بناءً على أحداث بدأت بتمرّد جنود داخل ثكنة عسكرية في مدينة كاتي، الواقعة على بعد 15 كيلومتراً من بماكو، ليتحول في ما بعد إلى انقلاب على السلطة التنفيذية القائمة.

ويشرح طمين أنّ الانقلاب الحاصل في مالي تبقى تداعياته جدّ محدودة بالنسبة إلى الجزائر، لأنّ الإفرازات الجديدة التي ستنتهي بانتخاب مؤسسات جديدة ستتعامل مع الجزائر بالوتيرة نفسها، أو بوتيرة أكثر إيجابية، خصوصًا أنّ الجزائر تحظى بتعاطف أزواد مالي.

يلفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، عبد الحق بن سعدي، إلى أنّ الأمر يتعلق بحالة تغيير كبيرة قد تشهدها دولة مالي بعد حراك شعبي قوبل بالقمع والتجاهل

ويجزم طمين بأنّ المتضرر الأكبر من هذا الانقلاب، الذي زكّاه الرئيس المنقلب عليه بالاستقالة وحلّ الحكومة والبرلمان، هي فرنسا في المقام الأول؛ كونها ترى نفسها "وصية على الشعب المالي وصاحبة البلد"، ويضيف: "فيما يخصّ روسيا ودول الجوار؛ فبميولهم ومساندتهم للشعب المالي، فإنّ تداعيات الانقلاب ستكون إيجابية في عديد المحطات المقبلة، وفي هذا الظرف الانتقالي بالذات يبقى الصراع في الكواليس قائماً بين الدول الكبرى في العالم، من أجل صناعة قيادة جديدة لخدمة مصالحها، في حين أنّ الجزائر ستبقى صاحبة دور محوري، وعلى المسافة نفسها من الجميع".

اقرأ أيضاً: مالي بين 7 تنظيمات إرهابية... هذه هي

من جانبه، يلفت عبد الحق بن سعدي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إلى أنّ الأمر يتعلق بحالة تغيير كبيرة قد تشهدها دولة مالي بعد حراك شعبي قوبل بالقمع والتجاهل، ملاحظاً أنّ الانقلابيين قرّروا حركتهم مع الانهيار العام الذي يعيشه الماليون على كافة المستويات، رغم وفرة عوامل التقدم والنجاح، وتحدثوا عن الفساد وضعف تسيير شؤون البلاد والظلم وغيرها من السلبيات، بالتزامن، حرصوا على إعلان التزامهم بالاتفاقيات الدولية التي تربط مالي بالدول والمنظمات الدولية، وأكدوا على وجه الخصوص التزامهم باتفاق الجزائر المتعلق بمعالجة الأزمة الداخلية لمالي.

نحو تغيير جيو إستيراتيجي عميق

يرى بن سعدي: "هذا مؤشر إيجابي يتضمن رسالة ايجابية قوية للجزائر، في المقابل تظهر فرنسا الخاسر الأكبر من هذه الحركة التي أطاحت بإحدى أنظمتها الخاضعة لها، ويهدّد جهوداً كبيرة بذلتها طيلة سبعة أعوام ماضية للارتكاز أكثر على مستويات مختلفة، وهي التي أرسلت حوالي خمسة آلاف جندي إلى هناك بحجة دعم مالي، وهذا ما يفسّر حالة القلق والارتباك التي تعيشها فرنسا حالياً، وعليه؛ إذا نجحت الحركة الانقلابية بالشكل المعلن عنه، فيمكننا أن نتحدث عن تغيير عميق على المستوى الجيو إستراتيجي".

 الانقلاب الحاصل في مالي تبقى تداعياته جدّ محدودة بالنسبة إلى الجزائر

على النقيض؛ ينفي الخبير السياسي الجزائري، هيثم رباني، وجود أية تداعيات، قائلاً: إنّ الأمر "ينبغي أن يبقى محصوراً في حدود أنّ الشعب المالي كره عصابته"، كما يعارض رباني الطرح المتضمن "نهاية باريس في بماكو"، ويشدّد على أنّ "فرنسا باقية"، فيما "ستكتفي الجزائر بالتنديد لا أكثر"، على حدّ تعبيره.

ويتصوّر رباني أنّ "الأمور ستسير بسلاسة في مالي، عبر اختيار المجلس العسكري لمرشح ستتمّ تزكيته في الانتخابات الرئاسية المتوقعة بحر العام 2021"، ويبرز محدثنا وجود تجاذبات قبلية في مالي ستبقى هي نفسها، ولن يتغير شيء، والتجاذبات القبلية ستستمر".

تحفظات  

يبدي المحلل علي الزاوي تحفظات بشأن السعي الفرنسي الدائم لـ "التعفين" في مالي، أعوام بعد ما فعلته باريس شمال بماكو والأزمة الخطيرة التي تجرعتها مالي، وتنامي الخلافات داخل السلطة التنفيذية المالية وفي أوساط المعارضين والقبائل، بعد إبرام اتفاق السلام بين فرقاء مالي في 2015.

ويقرأ الزاوي التحركات الفرنسية في الكواليس على أنّها "مناورة متجددة لإضعاف موقف الجزائر"؛ حيث يسعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لعقد قمة جديدة لـ "جي 5 الساحل"، والمريب أنّ هذا الحراك الباريسي المتسارع، تجاهل الجزائر كلية، رغم أنّها تملك شريطاً يربو عن 3000 كيلومتراً مع دول الساحل، علماً بأنّ الجزائر هي من قادت مبادرات الحل السلمي للنزاع في شمال مالي منذ عدة أعوام، بما في ذلك تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر".

اقرأ أيضاً: لماذا لا يرى الشعب المالي في إطاحة الرئيس انقلاباً عسكرياً؟

ويهتمّ الفرنسيون بإحياء مشروع قديم طرحه وزير الخارجية السابق، لوران فابيوس، بشأن "تكوين قوات إفريقية منظمة وقادرة على مواجهة مسلحي الساحل"، وهو المخطط الذي ظلت الجزائر تعارضه؛ تبعاً لانعكاساته غير المحمودة على الأمن في شمال مالي وعلى حدودها الجنوبية.

وسبق لفرنسا أن غاصت في المستنقع المالي، خلال شتاء 2013، لكنّ "حرب الأشباح" التي خاضتها باريس على نحو غامض، فشلت على طول الخط، وأثبتت قصور المقاربة الأمنية الفرنسية.

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث في مالي؟.. آخر تطورات الانقلاب

ولعلّ ما تقدّم يفسّر إيفاد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، لوزيره للخارجية، صبري بوقدوم، إلى مالي، ساعات بعد مكالمة هاتفية بين الرئيسَين ماكرون وتبون.

وأكّد قائد الدبلوماسية الجزائرية في ختام زيارته الخاطفة إلى مالي، أنّ الأخير "في غاية الأهمية بالنسبة إلى الجزائر، وكلّ ما يعني هذا البلد الجار هو يعني الجزائر أيضاً"، وتحدّث بوقدوم عن بحثه مع عدة فاعلين ماليين "سبل مرافقة هذا البلد الشقيق والجار لمواجهة التحديات الراهنة"، وتأكيده على "استعداد الجزائر لمرافقة مالي في ظلّ هذه الظروف الاستثنائية"، وإيمان الجزائر بأنّ "الحوار بين أبناء البلد باعتباره السبيل السلمي الوحيد القادر على تحقيق مسار حقيقي يسمح بتجاوز الصعوبات الحالية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية