الهجوم الإيراني على إسرائيل.. ما هي دوافعه وفي ماذا تتمثل انعكاساته؟

الهجوم الإيراني على إسرائيل.. ما هي دوافعه وفي ماذا تتمثل انعكاساته؟

الهجوم الإيراني على إسرائيل.. ما هي دوافعه وفي ماذا تتمثل انعكاساته؟


16/04/2024

في الثالث عشر من نيسان/إبريل الحالي، شنّت إيران ووكلاؤها ثلاث موجات من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية باستخدام أسراب من الطائرات الانتحارية بدون طيار بما في ذلك طائرات شاهد-136 بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وصواريخ كروز وصواريخ أرض-أرض. 

الهجوم لاقى اهتماماً إعلامياً وسياسياً كبيرا، إذ سعى مركز تريندز للداراسات والبحوث إلى استقراء حدود هذا التصعيد الإيراني-الإسرائيلي المتبادل واختبار تأثيراته الأمنية والاقتصادية، واستشراف انعكاساته على مآلات الحرب الدائرة في قطاع غزة، من خلال دراسة نشرها بعنوان "حدود وتأثيرات التصعيد الإيراني الإسرائيلي المتبادل"

أبعاد ودوافع التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران

استندت الدراسة إلى ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحرس الثوري الإيراني أطلق عمليته من مدينة كرمانشاه في محافظة كرمانشاه، ودوكوه في محافظة هرمزكان غربي إيران. وزعمت إيران أيضًا أنها أطلقت صواريخ باليستية في الهجوم، لكن لم يتم تأكيد هذه المزاعم.

ولفتت إلى أن الحرس الثوري الإيراني قال في بيان رسمي إن الهجوم جاء ردًّا على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، في الأول من إبريل، التي أسفرت عن مقتل كبار قادة ومسؤولي فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وشاركت في الهجوم الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني و”المقاومة الإسلامية في العراق” والحوثيون في اليمن، حيث أطلقت طائرات بدون طيار وصواريخ باتجاه أهداف في إسرائيل.

أسفرت الغارة الجوية على القنصلية الإيرانية في سوريا عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين

وفقًا لتصريحات دانييل هاغاري، المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي، فقد أطلقت إيران 170 طائرة مسيرة، وأكثر من 30 صاروخ كروز، وأكثر من 120 صاروخًا باليستيًّا.

من جهتها، أصدرت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بيانا أعلنت فيه أن الهجوم الإيراني على إسرائيل تم بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن الحق في الدفاع عن النفس. وأعلنت البعثة أيضًا أن “الأمر يمكن اعتباره منتهيًا”، في إشارة إلى أن إيران تريد تجنُّب تصعيد أوسع نطاقًا، رغم أنها حذَّرت من أن أي هجوم انتقامي إسرائيلي سيجبر إيران على الرد بشدة أكبر.

 

هذا الهجوم يعد أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل وهو الأكبر الذي تشنه إيران في المنطقة منذ غارات الطائرات بدون طيار على مصافي النفط السعودية عام 2019

 

في المقابل، قام تحالف من القوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والأردنية والإسرائيلية بالتصدي لهذا الهجوم، وإسقاط الغالبية العظمى من القذائف والطائرات المسيّرة قبل دخولها الأجواء الإسرائيلية أصلًا. وبحسب ما قال دانييال هاغاري، فإن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية بعيدة المدى من طراز “آرو” اعترضت معظم الصواريخ الإيرانية خارج المجال الجوي الإسرائيلي، على الرغم من أن الاعتراضات تسببت في أضرار للبنية التحتية في إحدى القواعد العسكرية الإسرائيلية.

نقاط جديرة بالنظر والتأمل 

ولفتت الدراسة إلى أن هذا الاستعراض العسكري الإيراني ضد إسرائيل يشير إلى عدة نقاط؛ منها أن هذا الهجوم يعد أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل، وهو الأكبر الذي تشنه إيران في المنطقة منذ غارات الطائرات بدون طيار على مصافي النفط السعودية عام 2019 والضربات التي استهدفت القواعد الجوية العراقية التي تستضيف القوات الأمريكية عام 2020 ردًّا على مقتل قاسم سليماني، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني.

كما أن هذا الهجوم الإيراني المباشر على إسرائيل وقبله استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، هو استعراض لقدرة الطرفين على تجاوز قواعد الاشتباك التي ميزت حرب الظل بينهما طوال عقدين من الزمن. الأمر الذي يزيد من احتمال حدوث أزمات أخرى مستقبلًا تنطوي على تبادل البلدين الضربات العسكرية مرة أخرى.

واعتبرت الدراسة أن إرسال إيران رسالة للولايات المتحدة تُعلمها فيها بالهجوم على إسرائيل مقدمًا بوقت طويل نسبيًّا، أعطى الإسرائيليين وحلفاءَهم متسعًا من الوقت لإعداد دفاعاتهم الجوية، وبالتالي النجاح في صدِّ معظم القذائف والطائرات المسيَّرة. وهي خطوة يمكن تفسيرها بوصفها جهدًا محسوبًا بعناية لتوجيه ردّ إيراني كان مطلوبًا داخليًّا، ولكن مع محاولة تقليل خطر حدوث مزيد من التصعيد مع إسرائيل.

تركيبة الهجوم الإيراني على إسرائيل تشبه تركيبة الضربات الروسية التي استهدفت أوكرانيا

واعتبرت أيضا أن تركيبة الهجوم الإيراني على إسرائيل تشبه تركيبة الضربات الروسية التي استهدفت أوكرانيا؛ فقد حاولت الضربات الروسية تحديد الحزمة المثالية لاختراق الدفاعات الجوية والصاروخية الغربية، وجربت روسيا مجموعات من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز إلى جانب الطائرات الإيرانية بدون طيار في أوكرانيا. ويُظهر استخدام إيران للطائرات بدون طيار إلى جانب الصواريخ، كيف تتعلم إيران من الروس لتطوير حزم ضربات فعالة بشكل متزايد ضد إسرائيل. 

فرص الترويج للإيديولوجية الإيرانية وانعكاساتها على أمن المنطقة

وفي التفاصيل أشارت الدراسة إلى المحور الإيراني في المنطقة، الذي يضم إضافة إلى إيران وسوريا والعراق، حلفاء ووكلاء من غير الدول. أما الوكلاء من التنظيمات الجهادية الشيعية، وهي حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن وقوات الحشد الشعبي في العراق، وقالت إنهم يرتبطون بعلاقة تحالف عضوية مع طهران. 

 

تأثرت البورصات الإقليمية بهذا الهجوم، ولاسيما بورصة لندن للمعادن التي حققت ارتفاعًا معدله 58.8 نقطة أي ما يوازي 1.45% خلال اليوم التالي لوقوع الهجوم

وبالنسبة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، فتربطهم علاقة تحالف استراتيجي بها. وتجد جماعة الإخوان المسلمين وفروعها أو تجلياتها في عددٍ من الأقطار العربية، بعد انحسار نفوذها وزيادة انقساماتها وأزماتها الداخلية وتخلي داعميها الإقليميين عنها وفي مقدمتهم تركيا، تجد نفسها تميل إلى المعسكر أو المحور الإيراني بعد أن كانت تكوّن محورًا إقليميًّا منفصلًا. والواقع أن العلاقة بين مكونات هذا المحور، وعلى عكس المحاور أو المعسكرات الأخرى التي تتنازع المنطقة، تُعبر عن تحالف عسكري، بالمعنى الذي تقره نظرية الأحلاف، وفقا للدراسة.

الدراسة اعتبرت أن الهجوم الإيراني على إسرائيل هدفه الإيديولوجي أكثر من واضح، ويتمثل في تعزيز التفاف الحلفاء والتوابع الإيرانية حول طهران، وإقناعهم بقوة الردع الإيراني، أو على الأقل وجوده. 

وسوف تُروج طهران ووكلاؤها وتوابعها في المنطقة السردية الإيرانية بنجاح هجوم 13 إبريل، وتحقيقه أهدافه العسكرية والسياسية.

التأثيرات الاقتصادية المحتملة للهجوم الإيراني على إسرائيل والتصعيد المتبادل

وقد أكدت الدراسة أن الهجوم الذي قامت به إيران على إسرائيل قد ترك عدة آثار فورية عالمية وإقليمية ومحلية في الدولتين، وقد كانت أبرز التأثيرات الاقتصادية لهجمات إيران على إسرائيل أن استمر التشاؤم حول اتجاهات أسعار الشحن البحري المار بالإقليم.

 وتشير البيانات إلى أن مؤشر الشحن بالحاويات قد ارتفع بمعدل يومي ناهز 11.6 نقاط بمعدل 0.67%، وهو ما يشكل ضغوطًا جديدة على حركة التجارة الدولية وعلى العوائد التي تحصلها دول الإقليم من هذه التجارة.

الهجوم الإيراني على إسرائيل هدفه تعزيز التفاف الحلفاء والتوابع الإيرانية حول طهران

كما تأثرت البورصات الإقليمية بهذا الهجوم، ولاسيما بورصة لندن للمعادن التي حققت ارتفاعًا معدله 58.8 نقطة أي ما يوازي 1.45% خلال اليوم التالي لوقوع الهجوم، وهو ما يعني ارتفاعًا محتملًا في الأسعار ناجمًا من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من هذه المعادن. 

في المقابل، ومع مخاوف عدم اليقين من السيناريوهات المتوقعة لهذا الهجوم، عمَّ التراجع المؤشرات الرئيسية لبورصات ألمانيا وإيطاليا وفرنسا بنسب تتراوح بين 0.13%-0.29%. كما تراجعت بورصات رئيسية في آسيا، بما في ذلك بورصة شنغهاي وبورصة الهند.

ومن المتوقع أن يعمِّق هذا الهجوم التأثير السلبي القائم بالفعل على حركة رؤوس الأموال من وإلى المنطقة، خصوصًا الاستثمارات عالية الحساسية للاستقرار الأمني والسياسي. مع تراجع محتمل في تنافسية المنطقة للأموال الساخنة مقارنة بمناطق إقليمية منافسة في آسيا وأمريكا اللاتينية.

 

أول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة بالنسبة لاقتصاد إيران تتمثل في فرض قيود إضافية على نفاذ الاقتصاد الإيراني على العالم

 

وفي ظل تهديد التجارة الخارجية وارتفاع أسعار الطاقة وبعض المعادن، من المتوقع أن تستمر الضغوط على موازنات الصرف الأجنبي في الدول المدينة بالإقليم، وهو ما يفاقم من مشكلات سعر الصرف والتحديات الاجتماعية، لتستمر حاجتها للدعم الخارجي والمساندة من المنظمات الاقتصادية الدولية.

وبحسب ما ورد في الدراسة فإن أول التأثيرات الاقتصادية المتوقعة بالنسبة لاقتصاد إيران تتمثل في فرض قيود إضافية على نفاذ الاقتصاد الإيراني على العالم، مع ما يعنيه ذلك من تدهور مستمر في سعر صرف العملة الإيرانية أمام العملات الرئيسية، وضغوط إضافية على الأسعار المحلية بفعل قناة سعر الصرف.

وفي ظل تباين الأداء الاقتصادي المحلي داخل إيران، ومع الانكشاف المستمر على التجارة الخارجية المقيدة، من المتوقع استمرار الفجوات المحلية في أنشطة الإنتاج وتعثر قدرات الاقتصاد الإيراني عن الخروج من دوامات الإنتاجية المنخفضة وضغوط البطالة في سوق العمل المحلي.

أما بخصوص التأثيرات المحتملة على اقتصاد إسرائيل، فمن المتوقع أن يواصل النظام المصرفي في إسرائيل تشدده في الائتمان من جراء مخاطر الإنتاج والتشغيل، وهو ما يعني ارتفاعًا محتملًا في تكاليف التمويل المحلي وتعثر جهود إخراج الاقتصاد الإسرائيلي من دوامات الانكماش التي بدأت بعد السابع من أكتوبر 2023.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية