كعك العيد... حلوى أفسدتها مرارة التضخم في مصر

كعك العيد... حلوى أفسدتها مرارة التضخم في مصر

كعك العيد... حلوى أفسدتها مرارة التضخم في مصر


04/04/2024

محمد مختار

بعد إقبال متواضع على حلوى رمضان الشرقية، يحل عيد الفطر في مصر هذا العام بتوقعات مماثلة في موسم كثيراً ما ميزه صغار المصريين بـ"عيد الكعك" الذي يسبق "عيد اللحم" (نسبة إلى الأضاحي في عيد الأضحى) بأكثر من شهرين، في بلد ظل مأزوماً بتضخم أسعار السكر ونقص توافره حتى وقت قريب، فيما تحافظ الحكومة على رعايتها لسلع الأسر متوسطة الدخل بما فيها الكعك على نحو مدعوم بأسعار مخفضة.

في حي المطرية بمحافظة القاهرة، تتذكر أم أسماء (59 سنة) كيف كانت الـ10 الأواخر من شهر رمضان موعداً سنوياً لاستعدادات عمل الكعك بأنواعه المختلفة، وظلت صناعته المنزلية ديدناً للأمهات وبناتهن والزوجات وحمواتهن لما تحظى به من جودة في الإعداد ووفر في السعر والكلفة، وتقول لـ"اندبندنت عربية" إن عادة الأعوام الماضية صارت اليوم متروكة في ظل غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومكونات تصنيع الكعك بأنواعه ومحتوياته.

صناعة الكعك في المنزل

وتضيف في حديثها أن كثيراً من الأسر كانت تعد في الماضي كعكاً يكفي لأفراد العائلة ويفيض للجيران والأقارب، وهي العادة التي مارستها كل عام في بيت والدها مع شقيقاتها، وبعد الزواج أيضاً، قبل أن تنحسر مع تقدمها في العمر، وتبنّي الجيل الحالي من الأبناء مقترح شراء الكعك جاهزاً، توفيراً للوقت والجهد والنفقات.

وتروي أم أسماء كيف كان الاتفاق في الماضي مع المخابز الخاصة على استلام "الصواني" بعد رصّ الأسر للكعك، لطهيه ثم تسلّمه جاهزاً، وتشير في حديثها إلى أن تلك المخابز كانت تشهد زحاماً كبيراً بالنظر إلى عدد الحاجزين وحجم "الصواني" المعدة بالكعك كل موسم، مضيفةً أن "الأمر صار مكلفاً للغاية، من سكر ودقيق وسمن وعجوة أو ملبن ومكسرات".

الشراء أفضل وبكمية محدودة

وللأسباب ذاتها، ترى منار إبراهيم، معلمة اللغة الإنجليزية في محافظة الدقهلية (شمال مصر) أن شراء كيلوغرام أو اثنين من الكعك الجاهز أفضل السبل وأوفرها وقتاً وجهداً وكلفة، ففي النهاية لا يعدو الأمر كونه "عادة سنوية" كما تقول لـ"اندبندنت عربية"، مشيرةً إلى أن الأسعار تضاعفت مقارنة بما كانت عليه خلال العامين الماضيين على نحو تعجز أسر كثيرة عن إعداد الكعك المنزلي بكميات الماضي نفسها.

وبحسب جولة لـ"اندبندنت عربية" في محال الحلويات بمنطقة وسط القاهرة، فإن متوسط سعر الكيلوغرام الواحد من الكعك 250 جنيهاً (5.25 دولار)، بينما علبة الكعك بالشوكولاتة فيصل سعرها إلى 175 جنيهاً (3.68 دولار) وكعك سادة (18 قطعة) بـ150 جنيهاً (3.15 دولار) وكعك عجمي (16 قطعة) بـ120 جنيهاً (2.52 دولار)، في حين يصل سعر الـ16 قطعة من كعك الفستق إلى 170 جنيهاً (3.57 دولار) وبسكويت البرتقال (36 قطعة) بـ110 جنيهات (2.31 دولار) وبسكويت مشكل بـ200 جني (4.20 دولار) للكيلوغرام الواحد و"بيتي فور" المكسرات (32 قطعة) بـ160 جنيهاً (3.36 دولار).

أسعار الكعك في منافذ الدولة

في المقابل، طرحت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية كميات من الكعك والبسكويت المدعم في منافذ الشركة العامة لمخابز القاهرة الكبرى التابعة لها بأسعار مخفضة بما يراوح ما بين 20 إلى 25 في المئة بسعر 150 جنيهاً (3.15 دولار) لعلبة الكعك السادة ومثلها للبسكويت و210 جنيهات (4.41 دولار) للكعك بالمكسرات، إضافة إلى منحها خصماً إضافياً بنسبة 10 في المئة لطلبات الجملة من الشركات والمؤسسات الخاصة والعامة.

وتطرح الوزارة علبة غريبة سادة بسعر 160 جنيهاً (3.36 دولار) للكيلوغرام و200 جنيه (4.20 دولار) لكيلو غريبة لوز و"بيتي فور" بـ170 جنيهاً (3.57 دولار) و"بيتي فور سابليه" وآخر "لوكس" بسعر 200 جنيه (4.20 دولار) لكل منهما، إلى جانب علبة كعك مشكل بسعر 155 جنيهاً (3.26 دولار) بوزن كيلوغرام واحد وكعك فاخر بالمكسرات وزن 1.5 كيلوغرام بسعر 235 جنيهاً (4.94 دولار)، وصولاً إلى علبة بوزن خمسة كيلوغرامات بسعر 945 جنيهاً (19.85 دولار).

كعك بالتقسيط

ومع عدول كثير من الأسر عن صناعة الكعك المنزلي وشراء الكعك الجاهز ولو بكميات أقل، بادرت بنوك مصرية العام الماضي بإتاحة شراء كعك العيد بالتقسيط في مسعى لتخفيف ضغوط الأسر وحاجتها إلى تدبير ما يلزم للشراء، في ظل ارتفاع أسعار السلع والمنتجات إلى مستويات قياسية عاناها المستهلك في البلاد.

وتراجعت القدرة الشرائية للجنيه المصري على خلفية تحرير سعر الصرف الأخير أمام الدولار في السادس من مارس (آذار) الماضي، فهوت على إثره العملة المحلية صوب 47 جنيهاً للدولار الأميركي من 30.93 جنيهاً، فيما عانت البلاد مستوى متقدماً من التضخم السنوي على نحو مرهق من ثمانية في المئة في يناير (كانون الثاني) 2022، وصولاً إلى الذروة في فبراير (شباط) 2023 عند مستوى 40.3 في المئة، قبل أن يتراجع إلى 35.7 في المئة في فبراير الماضي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

أسعار السكر والدقيق

وفي تصريحاته، يرى عضو الشعبة العامة للحلويات في الغرف التجارية ورئيس الشعبة الفرعية في الدقهلية مدحت الفيومي أن أسعار الكعك والبسكويت كان لها أن ترتفع بمستوى أكبر مما هي عليه، لولا تراجع أسعار الدقيق والسكر في الآونة الأخيرة، مقارنة بالمستويات التي سجلتها قبل أسابيع، موضحاً أن سعر الكيلوغرام قد يصل إلى 600 جنيه (12.59 دولار) في حال كانت من الأصناف التي تضاف إليها المكسرات.

ويلفت إلى أن الأسعار تتباين جغرافياً وأن الكيلوغرام الواحد من الكعك والبسكويت يختلف تبعاً للمنطقة، مشيراً إلى أن الأسعار في القاهرة هي الأعلى إذا ما قورنت ببقية المحافظات مع ارتفاع كلفة الإنتاج داخل العاصمة المصرية.

وقبل أيام، عقد رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي اجتماعاً بحضور وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي ووزير التجارة والصناعة أحمد سمير ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، مع عدد من المنتجين للمواد الغذائية في البلاد، مطالباً إياهم بالعمل على خفض أسعار السلع والمنتجات بصورة ملموسة للمستهلكين، بخاصة بعد الإفراج عن البضائع والمواد الخام المحتجزة في الموانئ عقب انفراجة أزمة الدولار، فيما يستهدف البنك المركزي المصري النزول بمعدلات التضخم المرتفعة إلى مستوى مستهدف عند سبعة في المئة (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024.

عن "اندبندنت عربية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية