أردوغان وأوهام حرب الاستقلال الاقتصادية

أردوغان وأوهام حرب الاستقلال الاقتصادية


25/11/2021

أكّد المحلل التركي طه آكيول في مقال له في صحيفة قرار التركية أنّه لأول مرة خلال عشرين عامًا في السلطة، تحدث الرئيس أردوغان عن "الاقتصاديين المنتدبين أو المفوضين". وقال إنّه إذا كان يفكر في مثل هذا المفهوم، فلماذا لم يقله حتى الآن، أو هل ظهر "الاقتصاديون المفوضون" في الأسبوع الماضي أو شيء من هذا القبيل؟

وأعرب الكاتب عن اعتقاده أن هذا المفهوم تم اقتراحه من قبل الاقتصاديين "اليساريين القدامى" في القصر الرئاسي وتبناه أردوغان على الفور. وأنّ هذا هو الخطاب الذي يذكر أحد أعداد مجلة كادرو اليسارية في العالم الثالث في الثلاثينيات.

ذكر آكيول أنّه اليوم، بما يزعم أردوغان أنّه يشن "حرب تحرير اقتصادية"، فلا بد من وجود "قوى خارجية" تريد تدمير اقتصادنا، و"اقتصاديون مفوضون" يدافعون عنها، وليس اقتصاد تركيا، أليس كذلك؟

وقال إنّه على أي حال، يتحدث أردوغان عن "أولئك المنتمين إلى الأوساط المالية العالمية الذين أبقوا بلادنا تحت نيرهم الاقتصادي لفترة طويلة وقاتليهم المحليين".

سعى الكاتب إلى شرح بعض التفاصيل المتعلقة بمزاعم أردوغان وأوهامه بما يخص حرب استقلال اقتصادية، وتساءل: إنّه بادئ ذي بدء، ما هي هذه "الدوائر المالية العالمية"؟ ثم أضاف إنّها معادية لبلدنا، ولسبب ما، كما قال أردوغان بفخر، قاموا بـ "220 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة في 17 عامًا" في بلادنا.

كما تساءل قائلاً: هل يمكن أن يهاجموا الآن لإفساد استثماراتهم؟ وعلّق على ذلك بالقول: قبل شهر ونصف فقط، كان الرئيس أردوغان ينقل الأخبار السارة في اجتماع أضنة وقال إنّ "اهتمام ورغبة الاستثمار في رأس المال العالمي تجاه بلدنا يتزايد يومًا بعد يوم، على الرغم من الظروف الوبائية". (9 أكتوبر 2021)

وهنا تساءل آكيول عن التناقض الذي يتسم به خطاب أردوغان قائلاً: إذا كان هذا جيداً، فماذا تعني "القوى الخارجية" و "الاقتصاديون المنتدبون"؟ إذا كان هذا سيئا، فلماذا يبشر أردوغان بقوله "شكرا"؟ حسنًا، ألا يرغب رأس المال العالمي في أسعار فائدة عالية أثناء إقراض تركيا؟

وقال آكيول إنه كذلك، لكن هذا بسبب زيادة علاوة المخاطرة في تركيا بسبب السياسات الخاطئة. على سبيل المثال لقد فعلها شوكت باموك قبل سبع سنوات؛ وقال إن المؤسسات أفسدها حزب العدالة والتنمية وإن سياسة النمو لن تنجح بدون زيادة الإنتاجية. (وول ستريت جورنال، 10 مارس 2014).

ولفت الكاتب إلى أنّها كانت علامة مهمة على التدهور أن المؤسسات العامة قد تم تشكيلها مع تفضيل "منا" من خلال تنحية مزاياها جانبًا.

أشاد الخبير الاقتصادي كمال درويش، الذي كان مهندس إصلاحات عام 2001 خلال رئاسة الوزراء أجاويد، بفترة 2002-2007 لحزب العدالة والتنمية، وتحدث بتقدير لعلي باباجان، لكنه وصف التدهور اللاحق على النحو التالي: "الثقة منخفضة للغاية. الاستثمار هو أولا وقبل كل شيء مسألة ثقة. من المهم جدًا لهذه الثقة أن تكون المؤسسات التي تنظم وتشرف على الاقتصاد بأكمله على مسافة متساوية من الجميع. إن استقلالية البنك المركزي واستقلالية المؤسسات مثل البورصة مهمان للغاية... هذا التوازن محطم". (5 أبريل 2015)

من هناك، أصبح البنك المركزي حديث اليوم، وكان الدولار 12 ليرة عند مستوى 2-3 ليرات في عام 2014، هذا الانهيار الخطير لليرة التركية، هذا الانهيار الخطير، هو التاريخ المحزن لاقتصادنا لمدة 6-7. سنوات.

وشدّد آكيول على أنّ تعديل السياسات الاقتصادية وفقًا للانتخابات بدلاً من العقلانية الاقتصادية، وهيكلة المؤسسات وفقًا للولاء وليس الجدارة، أدى إلى تقويض أمن الاستثمار. في النظام الرئاسي، بلغ انعدام الأمن القانوني وانعدام الأمن في بيئة الاستثمار ذروته، وتراجع الاقتصاد.

وذكر بتحليل لوكالة بلومبرغ يقول إنّ كل تعيين من قبل الرئيس للبنك المركزي، مع الصلاحيات الممنوحة من قبل نظام البنك المركزي، أدى إلى زيادة علاوة المخاطر لتركيا، حيث قوض ثقة البنك في استقلاليته.

وهنا قال آكيول: هكذا، أصبحنا أحد البلدان "الأكثر فائدة"!

وعاد الكاتب للحديث عن التناقضات التي تملأ كلام الرئيس التركي بقوله إنّ أردوغان يسمّي الاقتصاديين الذين يدافعون عن استقلال البنك المركزي ومحاربة التضخم برفع سعر الفائدة عند الضرورة بـ "الاقتصاديين المنتدبين". وهو يدعو إلى التنمية من خلال زيادة الصادرات بفائدة منخفضة وأسعار صرف مرتفعة.

وأضاف إنّه مع ذلك، فإن حقيقة أن قيمة الليرة التركية أقل من 1 سنت تؤدي إلى تصدير بضائعنا بتكلفة منخفضة جدًا. وكما رأينا في مثال بنك غارانتي، أحد الأصول الاقتصادية الأكثر قيمة في تركيا، لا يمكن "للقوى الأجنبية" شراء سهم 2 سنت مقابل سنت واحد.

وختم الكاتب مقاله بالقول: يبدو أننا يجب أن نتحدث عن القضايا الاقتصادية مع مفاهيم الاقتصاد. الكلمات السياسية والبطولية كالقوى الأجنبية والهجمات والفخاخ وحروب التحرير تتسبب في فقدان العقلانية الاقتصادية ولا تحل مشاكلنا بل على العكس تفاقمها.. وقال في النهاية: هذه الحقيقة أمامنا.. مستقبل بلادنا يكمن في العلم والقانون.

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية