أزمة إخوان تونس... مناورات البحث عن مداخل جديدة للعودة إلى المشهد

أزمة إخوان تونس... مناورات البحث عن مداخل جديدة للعودة إلى المشهد

أزمة إخوان تونس... مناورات البحث عن مداخل جديدة للعودة إلى المشهد


23/10/2023

لا يبدو أنّ مناورات الإخوان وحساباتهم قد تتوقف بانتهاء حركة النهضة التي خسرت وجودها البرلماني وامتدادها السياسي، وخاصة حضورها الشعبي، بعد فتح ملفاتها التي أوصدت كل الأبواب المؤدية إليها خلال فترة حكمها، بإيقاف أغلب قياداتها المتورّطة في قضايا إرهابية واغتيالات سياسية وفساد مالي.

فقد وجدت بعض العناصر الإخوانية في الانضمام إلى حزب (العمل والإنجاز)، الذي أسسه قبل عام القيادي المنشق عن حركة النهضة الإخوانية عبد اللطيف المكي، والذي يعرّف نفسه بأنّه حزب وطني محافظ اجتماعي ديمقراطي، وجدت باباً للعودة إلى المشهد السياسي بثوب جديد، فيما يضم الحزب وجوهاً مستقيلة من حركة النهضة، على غرار زبير الشهودي ومحمد بن سالم ومعز بلحاج رحومة إضافة إلى ريم التومي.

مناورة إخوانية جديدة

هذا الحزب أحد أبرز مكونات جبهة الخلاص الوطني المعارضة للرئيس قيس سعيّد، وبعد مشاركته في أغلب التحركات الاحتجاجية الداعية إلى إسقاط النظام، وعدم الاعتراف بالدستور الجديد وبنتائج الانتخابات البرلمانية، دعا مؤخراً إلى الحوار مع السلطة في مناورة جديدة من أجل التموقع من جديد.

وقال المكّي في تصريحات صحفية: إنّ حزبه مستعد للحوار بخصوص الوضع الاقتصادي الدقيق للبلاد، لكنّه لن يشارك في انتخابات المجالس المحلية المقرّرة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

القيادي المنشق عن حركة (النهضة) الإخوانية عبد اللطيف المكي

دعوة اعتبرها عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي مناورة جديدة بعد فتح الملفات والقضايا التي يتورط فيها قيادات الإخوان.

وأشار في تصريحات صحفية لموقع "العين" إلى أنّ تأسيس حزب "العمل والإنجاز" كان بمثابة البحث عن بديل في المرحلة المقبلة، لأنّ إخوان تونس يعتقدون أنّهم سيعودون إلى الحكم، وأنّ حزب النهضة انتهى، ولا بدّ من بديل جديد، خاصة مع اقتراب تصنيفه حزباً إرهابياً، وحلّه نهائياً.

وكانت حركة النهضة قد خسرت منذ حوالي عام دعم أكثر من (100) قيادي، استقالوا منها، بعدما أقرّوا بمسؤوليتها عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، ومسؤولية قيادتها، ممثلة في راشد الغنوشي، عن العزلة التي وصلت إليها الحركة في المشهد السياسي، واعترفوا بفشلهم في إصلاحها من الداخل.

محلل سياسي: من الصعب على هذه القيادات، حتى وإن صرحت بأنّها قطعت مع الحركة، أن تقطع مع (النهضة) والمرجعية الإخوانية التي تمثلها

ويرى المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أنّه "من الصعب على هذه القيادات، حتى وإن صرحت بأنّها قطعت مع الحركة، أن تقطع مع (النهضة) والمرجعية الإخوانية التي تمثلها".

وتابع العبيدي في تصريح لصحيفة "العرب اللندنية": "نحن نعرف مثلاً أنّ المكي كان في خلاف كبير مع الغنوشي لخلافته في (النهضة)، ما الذي تغير؟ أعتقد أنّ هذه مناورة جديدة من الحركة في ظل المستقبل المجهول الذي تواجهه، خاصة بعد فتح بعض الملفات المتعلقة بها على غرار ما يعرف بالجهاز السري".

وأكد أنّه "لذلك يبدو أنّ الحركة، والشق الكبير من قياداتها البارزة، بدأت تبحث عن بديل يمثل طوقَ نجاة سياسياً لها في المرحلة المقبلة، لا أعتقد أنّ هؤلاء قطعوا مع المرجعية الإخوانية، ولا أعتقد أنّهم سينجحون في إقناع التونسيين بأيّ شيء".

الإخوان يحاولون تبديل جلدهم

الباحث في شؤون التنظيمات المتطرفة إبراهيم ربيع قال في تصريح لصحيفة (اليوم) السعودية: "إنّ قيادات حركة النهضة الإخوانية في تونس زعموا أنّهم قطعوا علاقاتهم مع الإخوان، لكنّ كافة المواقف تؤكد أنّهم ما زالوا مرتبطين بأجندة التنظيم، وينفذون أفكار الجماعة".

وشدد على أنّ التنظيم الإخواني الدولي يصدر تعليمات بضرورة إقصاء بعض الرموز الذين فقدوا شعبيتهم، ويكلفهم بدور آخر بديل، ويرتدي منهم أحياناً ثوب المعارض لإظهار أنّ جماعة الإخوان تقبل الرأي الآخر، حتى من داخلها، ولكن في الحقيقة يكون هذا القيادي مكلفاً بدور آخر مستتر.

كانت حركة (النهضة) قد خسرت منذ حوالي عام دعم أكثر من (100) قيادي

ويُعتبر عبد اللطيف المكي أحد أبرز القيادات العليا لحركة النهضة الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان، وكان وزيراً للصحة، ويُعرف بأنّه من صقورها، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة، لولا إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021 التي عصفت بالحركة.

وبعد 25 تموز (يوليو)، حينما بدأت إجراءات الرئيس التونسي تجاه الإخوان، استقال المكي من حركة النهضة رفقة (113) من أعضاء الحزب، مطلع آب (أغسطس) 2021، وبرر القيادي الإخواني استقالته بأنّها تأتي بسبب ما وصفه بـ "السياسات الفاشلة، وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار الأعوام الماضية."

قيادات إخوانية تتملّق

في المقابل، اختارت قيادات سابقة في (النهضة)، مثل الوزير السابق عماد الحمامي، الدخول في دعم المسار الذي يقوده الرئيس سعيّد، وانتقاد الحركة وبقية مكونات المشهد السياسي، وبدا كأنّه بصدد تغيير جلدته السياسية بعد أكثر من عقد قضاه في حركة (النهضة) التي دعمته بقوة لتقلد مناصب عدة على غرار وزارة الصحة.

قادت حركة النهضة الحكم في تونس خلال العقد الماضي، الذي شهد انهياراً اقتصادياً وسجالات سياسية قوية

وقال الحمامي في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية: إنّ "وضع تونس الاقتصادي الآن في فترة حكم قيس سعيّد أفضل (10) مرات من وضعنا العام الماضي"، وقد دأب على انتقاد الغنوشي وقيادة الحركة.

وكان الحمامي الذي استقال من (النهضة) في وقت سابق، قد صرّح بأنّ "راشد الغنوشي يمثل حالة مَرَضية لا حل لها".

وقادت حركة النهضة الحكم في تونس خلال العقد الماضي، الذي شهد انهياراً اقتصادياً وسجالات سياسية قوية، انتهت بإطاحة قيس سعيد بالبرلمان والحكومة معاً عام 2021، ليدشن بذلك مساراً انتقالياً مثيراً للجدل.

تشتت الإخوان

وقد انقسمت قيادات حركة النهضة؛ فمنهم من ابتعد نهائياً عن الشأن العام مثل لطفي زيتون وحسين الجزيري وغيرهم، ومنهم من اتجه لتأسيس أحزاب جديدة كسمير ديلو وعبداللطيف المكي، ومنهم من ذهب إلى تدشين منظمة كعبد الحميد الجلاصي".

 الوزير السابق عماد الحمامي: وضع تونس الاقتصادي الآن في فترة حكم قيس سعيّد أفضل (10) مرات من وضعنا العام الماضي

لكنّ من بقي داخل (النهضة) مهدد اليوم بالملاحقة القضائية في قضايا حقيقية كالإرهاب والتسفير والاغتيالات السياسية، كراشد الغنوشي ونور الدين البحيري وعلي العريض، الذين يقبعون في السجن منذ أشهر.

وتزعم قيادات حركة النهضة أنّها قطعت علاقاتها مع الإخوان، لكنّ خصومها يصرون على أنّها ما زالت مرتبطة بأجندة التنظيم.

جدير بالذكر أنّ الحركة خسرت كثيراً من خزانها الانتخابي مقارنة بأوّل انتخابات دخلتها عام 2011، وهي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي تولى صياغة دستور البلاد، وهو ما يجعل الغموض يلفّ مستقبلها حالياً، لا سيّما في ظلّ تراجع التنظيم في المنطقة ككل.

مواضيع ذات صلة:

إخوان تونس يزعمون "اختطاف الديمقراطية".. من فعل ذلك حقاً بعد الثورة؟

"النهضة" تنهار... ماذا بقي من إخوان تونس؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية