أشعلوا الحرب ويديرونها... ورطة "إخوان السودان" الداخلية والخارجية

أشعلوا الحرب ويديرونها... ورطة "إخوان السودان" الداخلية والخارجية

أشعلوا الحرب ويديرونها... ورطة "إخوان السودان" الداخلية والخارجية


05/10/2023

لا أحد في السودان يساوره مثقال ذرة من شك في ضلوع الإخوان المسلمين وحزبهم المؤتمر الوطني وميليشياتهم المسلحة من الدفاع والأمن الشعبي إلى البراء بن مالك في الحرب الراهنة.

لم يكن لأحد أن ينتظر تصريحات حاكم دارفور مني أركو مناوي لصحيفة (سودان تربيون) الأسبوع الماضي؛ التي أُريد لها إدانة قوات الدعم السريع بالبدء في إشعال الحرب، لكنّ لسانه زلّ فأدان طرفاً آخر، الجيش أو الإخوان المسيطرين على قيادته، إذ قال: "اجتمعنا مع البرهان الساعة الـ (1) و(20) دقيقة صباح يوم 15 نيسان (أبريل)؛ على أن نلتقي حميدتي عند الـ (10) صباحاً، لكن عند الساعة الـ (9) صباحاً أيقظني مرافقي الأمني على أصوات الرصاص التي بدأت في المدينة الرياضية، جنوب الخرطوم".

ومعلوم أنّ قوات الدعم السريع تتخذ من المدينة الرياضية معسكراً لها؛ فلا يمكنها أن تشعل الحرب وتطلق الرصاصة الأولى على نفسها في معسكرها؛ إذاً فإنّ من بدأ الحرب أراد استباق لقاء حميدتي، فأشعل الحرب قبله بساعة، فمن هو هذا الطرف يا تُرى؟

روايتان حقيقيتان

رويداً رويداً؛ بدأت رواية قوات الدعم السريع، وبعض أطراف المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، تبدو الأكثر صدقاً ودقة، وهي أنّ قوات الدعم السريع لم تطلق الرصاصة الأولى، وأنّ الإخوان متورطون حتى أخامص أقدامهم في الحرب الماثلة.

قائد الجيش السوداني عبد الفتّاح البرهان

ولم يكن السودانيون أيضاً بحاجة إلى المزيد من الأدلة والمؤشرات لإثبات ذلك، فإعلام حزب المؤتمر الوطني المتمثل في قناة (طيبة) الفضائية التي تبث من تركيا، والمملوكة لإخوان المتطرف عبد الحي يوسف، ويديرها آخر وزير إعلام في حكومة البشير حسن إسماعيل، رفقة الإخواني المتشدد الطاهر التوم، وحزمة من المواقع الإلكترونية والصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن شخصيات مجهولة الهوية وبأسماء مستعارة، مثل الانصرافي، البعشوم، تبث سمومها وتدقّ طبول الحرب ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي متبنّية خطاب الإخوان الدموي والداعي إلى الحرب، خير دليل وشاهد على أنّ هذه هي حرب الإخوان الأخيرة لاستعادة حكم السودان، أمّا بقية المساهمين فيها، بما فيهم قادة الجيش، فمحض أدوات سيتم التخلص منها، ما إن يتحقق لهم النصر.

تقويض الديمقراطية

 بالنسبة إلى قرار وزارة الخزانة الأمريكية القاضي بفرض عقوبات على رئيس الحركة الإسلامية (إخوان) ووزير الخارجية السابق ومؤسس ميليشيا الدفاع الشعبي الإخوانية سيئة السمعة، علي كرتي، فإنّه لا يحمل إدانة لدور الرجل في تقويض التحول الديمقراطي، ولا في إشعال الحرب والحيلولة دون إيقافها عبر المفاوضات فحسب، وإنّما يدين جماعة الإخوان ككيان، لكون الرجل رئيس الحركة الإسلامية الحالي، وبالتالي فهو ممثلها ويعبّر عنها.  

 حرب السودان هي حرب الإخوان الأخيرة لاستعادة حكم السودان، أمّا بقية المساهمين فيها، بما فيهم قادة الجيش، فمحض أدوات سيتم التخلص منها، ما إن يتحقق لهم النصر

بطبيعة الحال، حاول الإخوان تجيير القرار الأمريكي لصالحهم، من خلال تصويره على أنّه صادر عن (الشيطان الأكبر)، وبالتالي ينطوي على انتصار لوطنيتهم ووقفتهم مع جيش بلادهم ضد قوى متمردة.

ومع ذلك؛ فإنّ ما يصدر عن القوى الكبرى في العالم، وعن المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، له أهمية خاصة، فبجانب أنّه يعضد رواية القوى المدنية التي تؤمن بالتحول الديمقراطي وترفع شعارات الثورة، فإنّه يكشف عن مدى تورط الإخوان في إراقة دماء السودانيين وتشريدهم في الآفاق، من أجل العودة إلى سلطة احتكروها (30) عاماً، لم ينجزوا فيها شيئاً غير تقسيم البلاد وتوريطها في الإرهاب الدولي وسرقة مقدراتها.

حكومة حرب وبيعة

يوماً بعد آخر تتكشف الحقيقة عارية، فقد أصدر يوم الإثنين الماضي حزب المؤتمر الوطني المحلول بياناً، نشره على صفحته بـ (فيسبوك)، يدين فيه نفسه بنفسه، ويعلن صراحة تورطه في الحرب، بل يؤكد  أنّ الإخوان يسيطرون على قيادة الجيش؛ حيث كشف البيان عن التزام الجماعة بتوفير الإسناد الإعلامي والمالي والدبلوماسي والشعبي لما سمّاها بمعركة الكرامة الوطنية، وطالب بضرورة تشكيل حكومة تصريف أعمال، أي (حكومة حرب)، وأعلن عن بيعة ميليشيات الإخوان (كتائب) لمشروع الحرب، وأنّهم يقومون بجمع المال والرجال والاستنفار من أجل ذلك.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

حاول البيان إدانة قوى الحرية والتغيير، معتبراً إيّاها الظهير السياسي لقوات الدعم السريع، الأمر الذي يتناقض مع الواقع إلى حدّ الاصطدام، فهذه القوات أنشأها الجيش في عهد (الإخوان)، وهم من وضع لها قانوناً أجازه برلمانهم الصوري بالإجماع عام 2017، وهم من خصصوا لها الأموال من مناجم ذهب (جبل عامر) في  دارفور (غرب السودان)، وهم من أجازوها لتشارك في حرب اليمن، وأن توقع اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

ما إن تغيرت مواقف قائد قوات الدعم السريع، وتناقضت مع توجهات الإخوان المسلمين وقائد الجيش، حتى قرروا شنّ الحرب عليها وشيطنتها، وتحميل المسؤولية لمنافسيهم السياسيين في المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير

كما أنّ البرهان هو من اختار قائد الدعم السريع نائباً له في المجلس العسكري الانتقالي، عقب سقوط نظام عمر البشير، قبل أن تدخل قوى الحرية والتغيير المشهد الحكومي، وهو الذي فرضه نائباً لمجلس السيادة لاحقاً، بعد انضمام قوى الحرية والتغيير إلى الحكومة الانتقالية المكونة من عسكريين ومدنيين.

المادة الخامسة

وفيما كانت قوى الحرية والتغيير تطالب بدمج قوات الدعم السريع في الجيش، كان البرهان يلغي بدم بارد المادة الخامسة من قانون قوات الدعم السريع، والتي تنصّ على تبعيتها للقوات المسلحة، وبالتالي منحها هامشاً من الاستقلال والتصرف بمعزل عن قيادة الجيش.

لكن ما إن تغيرت مواقف قائد قوات الدعم السريع، وتناقضت مع توجهات الإخوان المسلمين وقائد الجيش، حتى قرروا شنّ الحرب عليها وشيطنتها، وتحميل المسؤولية لمنافسيهم السياسيين في المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير.

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية